Submit to FacebookSubmit to Google PlusSubmit to TwitterSubmit to LinkedIn

بقلم: سامي يعقوب

بهذه المناسبة أعود للحديث عن متعة وأهمية التقاليد الأسرية، خاصة تلك التي ترتبط بالأعياد التي نحتفل بها كمسيحيين. فبعض الممارسات البسيطة يمكن أن تقود الأسرة إلى حوار شيق حول المعاني الأعمق التي تذهب بالمناسبة إلى أبعد مما اعتدنا أن نختبره في الأعوام الماضية.. فتقربنا نحن الكبار مما يريد الله أن ينعش به ذاكرتنا، ويجدد به رجاءنا، في الوقت الذي يمكن لهذه الممارسات أن تؤكد الكثير من المفاهيم الإيمانية لدى الأبناء، تلك التي بالرغم من محوريتها ربما تكون قد تاهت عن أذهانهم بسبب انشغالهم عن معرفة كلمة الله.. بالصراع للحصول على الدرجة النهائية في العلوم والحساب، أو لعلها اختلطت عليهم تحت تأثير ضجيج التشكيك المحيط بهم .

قصة علاقة البشر بالله منذ القديم هي أكبر "قصة نسيان" في التاريخ؛ من أجل ذلك أراد الله من شعبه أن يحتفلوا بالأعياد بقصد أن يعطيهم فرصة متجددة لمعايشة أحداث غيرت مجرى حياتهم، والتي بدونها لم يكن لهم وجود في هذه الدنيا. ومن أجمل ما يمكن أن نفكر فيه اليوم، ونحن نحتفل بعيد القيامة، هو ما اعتاد الشعب في القديم أن يفعلوه كأسرة في كل عيد للفصح، وهو العيد الذي كان يشير إلى مستقبل آلام وموت المسيح على الصليب من أجل أن ينقذ شعبه من عبودية وعقاب الخطية. وكان الاحتفال بعشاء الفصح يبدأ عادة بسؤال من أصغر الأبناء: "لماذا نحتفل اليوم بالفصح؟" فيحكي رب الأسرة، سنة بعد الأخرى، قصة خروج الشعب من مصر والخلاص من العبودية. وقد كان حمل الفصح يشوى على أعشاب مرة ليقرب مذاقه المر معنى ذل العبودية للآكلين منه.. ثم يستمر الاحتفال بالعيد وهم يشعرون بقيمة الحرية .

في حوارنا العائلي خلال الأيام الماضية عما تعنيه القيامة لكل واحد منا، قال ابننا الأصغر: "القيامة هي الإعلان الأخير لإمكانية النصرة على الخطية، والوعد بأن أعيش الأبدية معه!" وقال الأكبر : "المسيح قد غلب فأصبحت حرًا! وهذا ليس مني، بل بفضل ما فعله هو لأجلي." أما زوجتي فقالت: "القيامة هي التحرير، والانتصار على قوة الخطية!" لا أعرف أي إجابة ستسمعها من أبنائك عندما تسألهم اليوم بينما تجلسون حول المائدة الخاصة التى أعددتموها لهذا العيد: "ماذا تعني قيامة المسيح بالنسبة لك اليوم؟" لكني متأكد أنك ستفاجأ بما سيقال، ولعل هذا الحوار يكون مصدرًا لتشجيع نحن في أشد الحاجة إليه في هذه الأيام .

تقليد آخر كان الشعب في القديم يمارسونه مع عشاء كل فصح، وهو أن يضيفوا مكانًا إلى المائدة أكثر من عدد الذين يلتفون حولها، ويتركونه خاليًا، وعندما كان الصغار يسألون: "لمَنْ هذا المكان؟ وهل تنتظر الأسرة حضور غير متوقع لضيف ما؟" كان الكبار يحكون لهم عن وعد الله بأن يرسل المسيَّا الذي سيخلص شعبه من خطاياهم. وأبناؤنا اليوم يعرفون أن المسيَّا يسوع المسيح قد جاء، ومات على الصليب، لكنه قام حيًا منتصرًا على الموت.. فما أروع أن نتذكر كبارًا كنا أو صغارًا أن المسيح الذي قام من الأموات قد وعد قبل صعوده بأن يأتي مرة أخرى ليأخذنا على السحاب لنكون معه كل حين في السماء !

في عيد الفصح الأول، قبل خروج الشعب من مصر، كان رب الأسرة بينما يمد يده ليعطي كل ابن وابنة جزءًا من حمل الفصح يقول: "اليوم نأكله في أرض العبودية، وفي العام القادم سنحتفل به ونحن أحرار." وما أروع الرجاء في المستقبل الذي تضمنته تلك الأنشودة.. الرجاء الذي افتقدناه مع تلاحق أحداث الوطن، وإحباطات الحياة، فنسينا وعد مجيئه، وأصبحنا دون أن ندري نعتقد فيما كان البعض يرددونه في أيام الرسول بطرس: "أين هو وعد مجيئه؟ آباؤنا قد ماتوا وبقي كل شيء منذ بدء الخليقة على حاله." (2 بطرس 3:3).

من المعروف أن أسبوع الآلام وعيد القيامة من المناسبات التي تأخذ أهمية قصوى في الشرق أكثر مما يفعل الغربيون عادة. ولعل صلوات البصخة المقدسة، وخميس العهد، والجمعة العظيمة من أروع أيام السنة؛ لأنها تأخذنا معًا لنعايش رحلة آلام الرب يسوع من زيارته الأخيرة للهيكل، وبكائه على أورشليم، وصولاً إلى الجلجثة، مرورًا ببستان جثسيماني الرهيب. ومع أن تطور تلك الأحداث قد بدت للمحيطين بيسوع آنذاك أنها كانت بلا أمل.. إلا أنها غيرت التاريخ، وفتحت لكل الذين يؤمنون بالقيامة بابًا للرجاء في سماء جديدة وأرض جديدة (رؤيا 21: 1). ولايزال هذا الباب مفتوحًا لكل من يريد أن يدخل منه .

إجابة السؤال "ماذا تعني القيامة بالنسبة لك؟" لابد أن تأتي إلى بيتك بروح جديد.. روح من التشجيع والرجاء المتجددين أن الذي أقام يسوع المسيح من الأموات هو نفس الإله الذي يمكنه أن يعيد الدفء إلى علاقتك مع شريك حياتك التي فترت منذ زمن، ويصالحك مع ابن أو ابنة أهنته في لحظة غضب ولم تعتذر له بعد، ويعينك لتغفر لنفسك أو للآخرين إساءة مزمنة مرت عليها سنوات ولاتزال تشتعل داخلك، أو قد يأخذك لزيارة قريب لم يتوقع من أحد أن يسأل عنه، أو لتسدد احتياجًا لشخص تراه أمامك كل يوم لكنك لم تبال به.. القيامة تجدد عزيمتك لتنفض عنك كسل الحياة، فتكف عن لوم الظروف، وتبدأ من جديد حياة الاجتهاد لتبني مستقبلاً أفضل. القائمة طويلة لما يمكن أن يجعل عيدك هذا العام مخلتفًا عن أي عيد آخر.. فقط تحتاج لأن تتوقف للحظة أمام السؤال: "ماذا تعني لك شخصيًا قيامة المسيح اليوم؟" وما يضعه الروح القدس في قلبك لا تتردد أن تفعله قبل أن تفوتك الفرصة .

المسيح قام.. حقًا قام !



(نُشر بجريدة وطني بتاريخ 15 أبريل/ نيسان 2012)

Copyright © 2012 Focus on the Family Middle East. All rights reserved

 

 

 

 

 

 

 

 التربية المقدسة بالطول