Submit to FacebookSubmit to Google PlusSubmit to TwitterSubmit to LinkedIn

بقلم: هنري كلود          
                 

في جلسة مشورة مع "ﭼيرمي" و"راتشيل"، كان الواحد يلقي باللوم على الآخر، والآخر يرد مباشرة عليه بعنف. هذه المباراة تحديدًا كانت عن "عدم تحمُّله للمسؤولية"، طبقًا لوصف راتشيل.

سألتها: "ماذا تقصدين بذلك؟"

أجابت: "دائمًا ما يخذلني. في كل مرة أعتمد عليه لا يكمل العمل المفترض أن يقوم به، ويتركني في موقف محرج للغاية، ويكون عليّ أن أصلح الأمر بدلاً منه. إنه يفعل هذا مرارًا وتكرارًا."

يبدو أن "الموقف" الذي أشارت إليه هذه المرة بالغ الأهمية.. لقد نَسي "ﭼيرمي" أن يدفع فاتورة الكهرباء، وانقطع التيار عن المنزل، وهي لم تكن سعيدة بهذا.

أما هو فلم تعوزه الكلمات ليرد قائلاً: "أنا أفعل مئات الأشياء، لكنك تركزين فقط على الشيء الذي أنساه. لا أستطيع أن أرضيكِ. أنا أنفق عليكِ، وأعتني بكِ، ومتاح للأطفال الثلاثة؛ وعندما يحدث شيء واحد خطأ، فهذا كل ما ترينه!" كان يتكلم بنفس حدة الغضب الذي كان عندها. واستمرا هكذا يوجه كلٌ منهما الاتهام إلى الآخر بعبارات عادة ما تبدأ بكلمة: "لكنك" أو "لأنك". كل منهما يرى الآخر سببًا للمشكلات كلها. وقد وجدتُ أن هذه المباراة في إلقاء اللوم لن تفيد شيئًا؛ لذا قاطعتهما.

"يا راتشيل، توقفي لثوانٍ. بماذا تشعرين؟"

"أشعر أنه لا يتحمل المسؤولية ولا يهتم..."

قلت: "توقفي.. "أشعر أنه"، لا تعبِّر عن مشاعر. ما الذي تشعرين به عندما ينقطع التيار الكهربائي؟"

"أشعر أنه ينبغي.."

"توقفي! هذه الكلمات أيضًا لا تعبر عن مشاعر.. بم تشعرين؟ توقفي للحظات لتري ما الذي تشعرين به حقًا عندما يحدث هذا."

قالت: "حسنًا. أعتقد أنني أشعر بالغضب."

أجبتها: "لا، أنتِ تظلين غاضبة لفترات طويلة لتتجنبي مشاعركِ الحقيقية. أنتِ تنفجرين بالغضب سريعًا، وهذا رد فعل وليس مشاعر. لو لم تكوني غاضبة، ماذا كنتِ ستشعرين؟ أنت تغضبين لتتجنبي الشعور بشيء آخر. ما هو هذا الشيء؟"

قالت: "لا أعرف.

"حسنًا، فكري قليلاً لنكتشف."

وفي لحظة اهتز ذقنها وارتعش، وأصبح من الصعب عليها أن تتكلم.

سألتها: "ماذا بكِ؟"

قالت: "نفس إللي كان بيحصل" ثم بدأت تجهش بالبكاء، "نفس إللي كان بيحصل." وبينما كانت تتكلم، كان الكلام يقف في حلقها واستسلمت للبكاء.

سألتها لأعرف: "أخبريني."

 

بعد ذلك حكت "راتشيل" أن ما يحدث مع زوجها يتطابق تمامًا مع ما اختبرته ألف مرة وبألف طريقة خلال سنوات نشأتها. كانت أمها مريضة بالاكتئاب، وكان أبوها مدمنًا للكحوليات؛ وكانت معتادة على انقطاع التيار الكهربائي. كانت معتادة على خيبة الأمل؛ لأنها عاشت في بيت مليء بالفوضى، لأن والديها كثيرًا ما تغيبا عن تناول الطعام معًا، ولقاءات أولياء الأمور في المدرسة، والعروض الرياضية، وجوانب أخرى لدور الوالدين في حياتها.

 

وبينما كانت تواصل حديثها، بدأت تجهش بالبكاء أكثر. وفي أثناء ذلك، حدث شيء مع "ﭼيرمي".. لقد تغيّرت هيئته تمامًا، وكذلك وضعية جسمه نحوها.. فقد أسرع ومال إليها، ومَدّ ذراعيه واحتضنها بينما كانت تبكي.

وقال: "لم أعرف أبدًا أن هذا يؤلم مشاعركِ هكذا. أنا آسف.. آسف جدًا. لم أكن أعلم."

الحب والاعتراف بالضعف

من هذه النقطة بدأنا في كشف أسباب الفوضى التي وضع ﭼيرمي وريتشل أنفسهما فيها. اعتاد هو على ارتكاب بعض الأخطاء؛ فهو يغفل متابعة أي شيء وعد أنه سيفعله. واعتادت هي أن تتفاعل بغضب منه متهمةً إياه بأنه "غير مسؤول"، ثم يتجاوب هو معها متهمًا إياها بأنها "مسيطرة"، وأنها لا ترى الأشياء الصائبة التي يفعلها. هي تشعر بأن غضبها مبرر، وهو يشعر بأن الاتهامات الموجهة له غير مبررة.

لا يُخرجهما من هذه الدائرة إلا شيء واحد.. ما اكتشفتُ أنه من أهم الأشياء في أي علاقة: الاعتراف بالضعف. لزم الأمر أن أقاطع غضب راتشيل لأصل إلى هذا الضعف المتخفي، لكن حين انفتح قلبها انطلقت أعظم قوة في الكون: الحب. عندما بدأت بإظهار ضعفها، تجاوب ﭼيرمي بحب معها. وبمجرد أن توقفت عن حالة الغضب والإدانة، تولدت لديه قوة تعاطف، وبدأ في التحرك نحو هذا الضعف بحب.

ها هو السر: الزواج يُبنى على الثقة، ويشترط الاعتراف بالضعف حتى تأتي الثقة ثمارها.

من المثير أنه حين سألوا السيد المسيح عن الطلاق (متى ١٩)، كشفت إجابته عن سبب سماح موسى بالطلاق: قساوة القلب. عندما يجرح الناس بعضهم بعضًا، إذا استطاعوا أن يعودوا بقلوبهم إلى رقتها، يمكن حينها أن تُرمم العلاقة المجروحة. المشكلة تتلخص في أنه حين يجرح الأشخاص بعضهم البعض، غالبًا ما يسعون لحماية أنفسهم من المزيد من الجراح عن طريق تقسية قلوبهم. وهذا يجعل الترابط والثقة من المستحيلات.

لذلك، الدرس الهام في كل هذا هو عمل تعهد مع أحدنا الآخر بألا نقسي قلوبنا. لا تتشبثا أبدًا بالجراح القديمة أو تتوقفا عن العمل على خلافاتكما. اعترف بضعفاتك من جديد أمام شريك حياتك.

الحدود

عندما يكون لك قلب رقيق هذا ليس معناه أن تظل منفتحًا وضعيفًا أمام الإيذاء والهجوم والخيانة وسلوكيات إدمانية مدمرة. هذه الأشياء تتطلب حدودًا متينة. الحدود هي وسيلة لمنع الخطر والجُرح عندما يكون الآخر في حالة إنكار، ولا يريد أن يعترف بمسؤوليته في المشكلة. الجميع يحتاج هذا النوع من الحماية.

الحدود ليست هي قساوة القلب.. القلب القاسي هو قلب يختزن مشاعر قديمة، ويرفض أو غير قادر على الانفتاح عندما تتوفر ظروف آمنة لذلك. القلب الليّن يقدِّم الغفران والمصارحة والرغبة في العمل على تجاوز الجُرح الذي تسبب نتيجة خلاف ما.

وبالتالي، اعمل في زواجك على التمثُّل بما فعلت راتشيل.. لقد هدأت من غضبها، وبدأت تعبّر عن ضعفها، والجُرح المتخفي. وهذا فتح الباب أمام زوجها ﭼيرمي أيضًا. عندما يغضب الزوجان على أحدهما الآخر، فإنهما يتمسكان بموقف القوة، ولا يتخذان موقف الاعتراف بالضعف. لقد تطلب الأمر طرفًا خارجيًا ثالثًا حتى يُنزع فتيل الغضب، ويساعد راتشيل وﭼيرمي للوصول إلى هذه الحالة من الاعتراف بالضعف والقلب اللين.

نصيحتي أن تتحدث مع شريك حياتك عن ضعفاتك. تحدث عن الأوقات التي تجد فيها صعوبة أن تكون منفتحًا- أي المواقف المؤلمة التي تغلق أبواب قلبيكما. القلب المنغلق سيبحث عن الراحة في مكان آخر.. سواء في الوحدة، أو الإدمان، أو علاقة غرامية، أو العمل والهوايات. لذا اجعلا قلبيكما منفتحين على أحدكما الآخر.

شريك الحياة غير المتعاون

بعضكم يسأل: "ماذا لو كان شريك حياتي غير قابل لهذا الحوار؟ ماذا لو لم يفتح شريك حياتي قلبه؟" أسئلة رائعة. الإجابة هي أن تفعل أمرين: تجنَّب قساوة القلب التي ترفض المصارحة والحب لتصفية الأمور بينكما. بمقدورك أن تفعل هذا عندما تتحلى بالأمانة في الحديث عن وجعك، وتسمح للآخرين بمساعدتك في ذلك. كذلك يمكنك وضع حدود لتجنُّب المزيد من الجُرح أو الإيذاء.

الأمر الثاني: كُن واضحًا بشأن توقعاتك من شريك حياتك. لابد أن يكون مستعدًا لتحمل مسؤولية سلوكه المدمر، وللتعبير عن أسفه، والإقرار بتفهمه بمدى تأثير هذا السلوك عليك. لابد لشريك حياتك بعد ذلك أن يلتزم بخطوات محددة لتغيير طريقته. ببساطة هذا يعني الاعتراف والتوبة.. إنهما يجعلان العلاقة تتحرك إلى الأمام، ويؤكدان على عدم تقسي قلب أيّ منكما.

إذا لم يرضخ شريك حياتك لهذا النوع من رقة القلب، استمر في فعل الأمرين السابقين: ضع الحدود مع قلب منفتح، واطلب تغيير السلوك قبل تجديد الثقة فيه. يمكنك التمسك بهذا الموقف، لأنه يمنع المزيد من الجُرح في المستقبل، ويُسمي السلوك الجارح باسمه الصحيح، وفي نفس الوقت يتحلى بالانفتاح على إمكانية المصالحة.

تتقسى القلوب بسبب الجُرح والشر.. أحيانًا نغلق قلوبنا أمام بعضنا البعض لأننا جُرحنا، أو لأن شريك حياتنا قد ضغط على جُرح قديم لم يلتئم بعد. هذا أمر طبيعي. لكننا مدعوون للتعامل مع هذا الأمر، عدم السماح له بأن يتحول إلى مرارة. كذلك نغلق قلوبنا عندما نتمرد على وصية الله لنا بأن نتواضع ونغفر للآخرين كما غفر لنا.

إذا حافظنا على قلوبنا لينة وقوية ومحمية، فإن هذا سيعود بالنفع كثيرًا على زواجنا.


From the Focus on the Family website at focusonthefamily.com © 2015 Henry Cloud. Used by permission.