Submit to FacebookSubmit to Google PlusSubmit to TwitterSubmit to LinkedIn

بقلم: جاري تشبمان

 

"والدة زوجي تريد أن تعلمني كيف أطبخ.كنتُ أطبخ في بيت والديّ  لمدة ٥ سنوات قبل أن أتزوج. لا أحتاج إلى مساعدة."

"والدة زوجتي ووالدها يعطيانها أموالاً لتشتري أشياءً لا نستطيع نحن تحمُّل تكلفتها. أشعر بالاستياء من هذا. وأتمنى أن يتركانا ندير أمورنا بأنفسنا."

"والدة زوجي ووالده كثيرًا ما يحضران إلى منزلنا دون إبلاغنا مسبقًا. وأحيانًا يأتيان بينما أكون مشغولة بعمل شيء لم أنتهي منه. أتمنى أن يحترما مواعيدنا."

 

لمدة ٣٠ عامًا، كان الناس يجلسون في مكتبي ليحصلوا على مشورتي ويصرحون بأشياء كهذه. المشكلات مع أهل شريك الحياة شائعة جدًا، وكثيرًا ما تتضمن أمورًا تتعلق بالتدخل في حياة الزوجين، وإزعاجهم، والرغبة في التحكم، وتصادم القيم والعادات والتقاليد.

الانفصال عن الوالدين

يوصي الكتاب المقدس بنصيحتين متوازيتين في العلاقة مع الوالدين بعد أن تتزوج. النصيحة الأولى: علينا أن ننفصل عن والدينا: "لذلك يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكونان جسدًا واحدًا" (تكوين ٢: ٢٤). إن ما رَسمه الله للزواج يتضمن "الانفصال" عن الوالدين و"الالتصاق" بين الزوجين. ومِن ثَم يؤدي الزواج إلى تغيير في الانتماءات. قبل الزواج ينتمي الرجل أو المرأة إلى الوالدين، لكن بعد الزواج يتحول انتماء الفرد إلى رفيقه في الحياة الزوجية.

على سبيل المثال، إذا حدث تضارب في المصالح بين زوجتك وأمك، عليك أن تقف في صف زوجتك. هذا لا يعني أن تُعامل الأم بطريقة خالية من اللطف. بل يعني أنها لم تعد الأنثى الأولى في حياة الرجل. ولن يحقق أي زوجين إمكانياتهما بالكامل في الزواج بدون هذا الانفصال النفسي عن الوالدين.

هذا المبدأ المتعلق بالانفصال ربما يمثل أهم عامل في صناعة القرار. ربما تستمد من والديك أو أهل شريك الحياة بعض الاقتراحات المتعلقة بجوانب كثيرة في حياتك الزوجية. ولابد من وضع هذه الاقتراحات في الاعتبار. ومع ذلك، يجب عليكما أن تصنعا قرارتكما بأنفسكما. من الهام ألا تسمحا لوالديكما أن يجبركما على اتخاذ قرار لا تتفقان بشأنه.

إكرام الوالدين

المبدأ الأساسي الثاني في الزواج يتعلق بضرورة إكرام الوالدين (خروج ١٢: ٢٠). هذه الوصية لا تبطل بمجرد أن نتزوج.

كلمة إكرام تعني إظهار الاحترام. وتتضمن التعامل بلطف وتقدير مع الآخرين. قالت إحدى الزوجات: "والديَّ لا يعيشان حياة تستحق الاحترام. كيف أستطيع أن أحترمهما بينما لا أتفق مع ما يفعلانه؟" لا يعيش كل الآباء والأمهات حياة تستحق الاحترام، وقد لا تستحق أفعالهما أي تقدير، ولكن لسبب الدور الذي منحهما الله أن يلعباه في حياتنا، من اللائق دائمًا أن نحترم والدينا ووالديّ شريك حياتنا.

كيف نعبِّر عن احترامنا لوالدينا في الحياة اليومية؟ بالمحافظة على خطوط التواصل مفتوحة بالزيارات، والتليفونات، والرسائل، والخطابات. مثل هذا النوع من التواصل يبعث رسالة مفادها: "لازلت أحبكما وأريدكما أن تكونا جزءًا من حياتي". والفشل في مثل هذا التواصل يعني في الواقع "لم أعد أهتم بكما".

اكتساب الاحترام المتبادل

الانفصال عن الوالدين مع احترامهما يمهد الطريق إلى علاقة تتسم بالاحترام المتبادل مع والديك ووالديّ شريك حياتك. دعني أقترح أربعة جوانب قد تحتاج إلى مزيد من الاجتهاد في سعيك لبناء الاحترام:

تقاليد عائلية في العطلات والإجازات. وأهمها في الكريسماس وعيد القيامة. كل واحد منكما يريد والداه أن يأتيا إلى منزلكما في العيد. إذا كانوا يسكنون في نفس المنطقة، يمكن عمل الترتيبات للاجتماع كلاهما معًا لتناول الطعام سويًا. وإذا لم تتمكن من هذا، يمكن التفاوض للوصول إلى اقتراح مرضٍ وعادل ويظهر الاحترام لكل من والديّ الزوجين. وقد يعني هذا قضاء ليلة العيد عند والديّ أحدكما، ونهار العيد عند والديّ الآخر. وإذا كانوا يسكنون في منطقتين متباعدتين مما يضطرك إلى السفر، يمكن قضاء الكريسماس عند والديّ أحدهما، وقضاء عيد القيامة عند والديّ الآخر

الاختلافات العقائدية. أحيانًا يتزوج اثنان من خلفيات روحية ودينية مختلفة. كلاهما مسيحيان، لكن لديهما بعض التقاليد والعقائد المختلفة. وقد يكون للوالدين عقائد يتمسكون بها بشدة وتختلف عن عقائدكما. ليس كل العقائد الدينية صحيحة. وربما تتناقض مع بعضها البعض. لكن علينا أن نظهر الاحترام، ونمنح بعضنا البعض الحرية التي منحنا الله إياها. عندما تُظهر احترامًا للاختلافات العقائدية، فأنت تبني علاقة إيجابية تستطيع من خلالها مناقشة الأمور العقائدية بانفتاح. وربما نتعلم من بعضنا البعض.

الخصوصية. قال زوج شاب: "نريد بكل صدق أن نساعد أمي وأبي. ولا نريد أن نجرحهما، لكن علينا أن نفعل شيئًا. نحن لا نعرف متى سيمرون لزيارتنا، وأحيانًا يأتون في أوقات غير مناسبة."

"في الواقع، في الأسبوع الماضي اتفقتُ مع زوجتي أن ينام الأطفال مبكرًا لنقضي مزيدًا من الوقت معًا. ومع حلول الثامنة كان الأطفال قد ناموا، لكننا فوجئنا بجرس الباب يرن، وقد حضرت أمي وأبي. تستطيع أن تتخيَّل كيف دَمَّر هذا أحلامنا بأمسية رومانسبة."

أخبرتُ هذا الزوج الشاب أن أهله لا يحترمون خصوصيته.

وقلت له: "أقترح أن تتحدث مع والدك على انفراد وتخبره بما حدث الأسبوع الماضي. وإذا تشاركت معه بهذا، فعلى الأرجح سيشرح الأمر لوالدتك، ويتعودان على الاتصال قبل الزيارة."

ثم تقابلت مع هذين الزوجين بعد عدة شهور، وقالت الزوجة: "د. تشمبان، أشكرك كثيرًا. تضايقت أمه لمدة ثلاثة أسابيع، ولم تأتِ لزيارتنا. ثم تحدثنا في الأمر، وأكدت لها أننا نرحب بهما دائمًا، وشرحت لها أنه سيكون جيدًا إذا اتصلا وتأكدا من أن الوقت مناسب لمجيئهما. ولم تحدث مشكلة منذ ذلك الوقت."

كثير من المتزوجين ينتظرون حتى يصلون إلى أقصى درجة من الإحباط بسبب أهل شريك الحياة ثم ينفجرون بكلمات قاسية وغاضبة مما يؤدي إلى شروخ في العلاقة. لكننا عندما نتحدث باحترام، فعلى الأرجح سنُعامل نحن باحترام في المقابل.

الآراء والأفكار المختلفة. يوصينا الكتاب المقدّس بضرورة طَلب المشورة من الآخرين للوصول إلى قرارات صائبة (أمثال ١١: ١٤؛ ١٩: ٢٠). ربما يمتلك أهل شريك الحياة حكمة وخبرة أكثر منك- على الأقل في جوانب معينة في الحياة. لذا اطلب نصيحتهم ثم اتخذ القرار الذي تراه أنت وشريك حياتك مناسبًا.

كذلك آراؤنا الفلسفية والسياسية تختلف كثيرًا عن الآراء التي يعتنقها أهل شريك الحياة، لذا ليس عليك أن تتفق دائمًا مع أفكارهم. لكن بمقدورنا أن نثري حياة بعضنا البعض عندما نتشارك بأفكارنا ونتأمل فيما يشاركنا به الآخرون. بمقدورنا أن نحترم آراء كل أحد حتى إذا لم نتفق معها. ويمكن أن نقول شيئًا كهذا: "أتفهم ما تقوله، وأظن أنه كلام منطقي من جهة ما، لكن دعني أشارك بوجهة نظري". ولأنك أصغيت للآخر، فهو على الأرجح سيصغي لأفكارك. وبالتالي يستطيع كل أحد أن يقيِّم ما يُقال. وجهة النظر المخالفة تساعدنا على تنقيح أفكارنا لتشكل مدخلاً للحياة أكثر عمقًا، ويصبح الاحترام المتبادل أساسًا لعلاقة صحيّة مع أهل شريك الحياة.

حل المشكلات مع أهل شريك الحياة

قدِّم طلبك بطريقة لطيفة: "هل سيكون ممكنًا أو متاحًا لك أن ..." بدلاً من القول: "إذا لم تفعل ...، فإننا ...".
تحدّث عن نفسك فقط: "أشعر بـ ... عندما أسمعك تقول ..." بدلاً من القول: "أنت تصرفت بعدم إنصاف لنا."

اسعَ للتفاوض، ابدأ باقتراحات: "هل هذا مناسبًا لك؟"، وإذا لم يكن مناسبًا له أو لها قُل: "ماذا تقترح؟". كُن مستعدًا دائمًا للوصول إلى أرضية مشتركة.

عبِّر عن تقديرك لأفكارهم: "أنا أقدِّر حديثك معي تقديرًا كبيرًا. أعتقد أنني أفهمك جيدًا، وما تقوله معقول جدًا. اسمح لي أن أشاركك بوجهة نظري". ولأنك تصغي لأفكارهم، فعلى الأرجح سيصغون لك.

اسأل لتستوضح معنى الكلام: "هل هذا ما تعنيه؟"

كُن منفتحًا على التغيير: "هذا ما نفضله، لكن إذا كنت تفضّل شيئًا مهمًا بالنسبة لك، فنحن مستعدون لتغيير الخطة لأننا نحبك."

 

كلمة لأهل الزوج أو الزوجة

كنتم تربون أبناءكم على الاستقلالية منذ طفولتهم. وعلمتوهم كيف يطبخون ويغسلون الأطباق، ويرتبون فراشهم، ويصنعون قرارات تتسم بالمسؤولية. والآن بعد أن تزوج أبناؤكم، حان الوقت لتجنوا ثمار استقلاليتهم. لابد أن تحترموهم كأشخاص مستقلين تمامًا عنكم.

هذا لا يعني أن تتوقفوا عن مساعدة أبنائكم المتزوجين. لكن يعني أن تسألهم أولاً هل يريدون مساعدتك أم لا. الهدية غير المرغوب فيها لست هدية بل عبئًا. ولا يجب استخدام الهدايا للتأثير على ابنك أو ابنتك المتزوجة. عبارة مثل "سنشتري لكِ سيارة جديدة إذا فعلتما ..." لا تعتبر هدية بل محاولة للتلاعب.

القاعدة المهمة للوالدين الذين يريدان تقديم نصيحة لأبنائهما المتزوجين هي ألا يقدما النصيحة إلا بعد أن تُطلب منهما. فإذا لم يطلب أبناؤكما مشورتكما، وتريدان أن تشاركاهم بحكمتكما، على الأقل اطلب الإذن لذلك. ربما تقول: "هل تحب أن أشاركك بوجهة نظري في الأمر؟". عندما تقدِّم نصيحة غير مرغوب فيها لأبنائك المتزوجين لن يؤدي هذا إلى علاقة إيجابية.

يحتاج أبناؤك المتزوجون للدفء العاطفي الذي ينتج عن علاقة سوية معكما ومع أهل شريك حياته. الحياة لا تتحمل أن نعاني من علاقات مفككة. لن نتفق دائمًا مع أبنائنا المتزوجين، لكن بمقدورنا أن نقدِّم الاحترام ونمنح لهم الحرية في اتخاذ قراراتهم الخاصة.


دكتور جاري تشبمان مؤلف كتاب "لغات الحب الخمسة" وهو من الكتب الأكثر مبيعًا حسب جريدة نيويورك تايمز.

From the Focus on the Family website at focusonthefamily.com © 2015 Gary Chapman. Used by permission.