Submit to FacebookSubmit to Google PlusSubmit to TwitterSubmit to LinkedIn

 

اصطادوا الثعالب ٤ inside

 

بقلم: سامي يعقوب

المزيد من هذه السلسلة:

"اصطادوا الثعالب" ١         "اصطادوا الثعالب" ٢        "اصطادوا الثعالب" ٣       "اصطادوا الثعالب" ٤       

"اصطادوا الثعالب" ٥         "اصطاوا الثعالب" ٦          "اصطاوا الثعالب" ٧

 

 نأتي هذه المرة إلى سؤال محوري جدًا في موضوعنا.. هل يمكن أن تساعد الزوجة رجلها ليتغلب على إدمانه للميديا الإباحية؟ سؤال صعب تحتاج إجابته لتواضع من الزوج ليقبل المساعدة من آخر شخص يريده أن يعرف حقيقة غرقه في هذه المشكلة.. أو ممَنْ يظن أنها لا تعرف، مع أنها في الواقع تدرك بإحساسها كامراة ما يعاني منه، ويفصله عنها. كما يحتاج نفس السؤال لشجاعة أدبية من الزوجة لتسمع زوجها بدون توتر وهو يتحدث عن ضعفه، فتتقبله بدون أن تدينه أو تلومه.. ثم تغمره بمحبتها، وتعبر له عن تفهمها للأزمة التي يمر بها، وعن رغبتها في الوقوف بجواره، مؤكدة أن احترامها له لم ولن يتغيرأبدًا. هكذا بالحكمة تبني المرأة بيتها، وتجدد علاقتها مع شريك حياتها، بدلا من أن تخسره فيبتعد عنها أكثر. وفي كل الأحوال لا غنى عن عمل النعمة الإلهية، التي تكمل قوة الله في ضعفنا، وتغطي عجزنا فنشفى، وتعطينا، رجالا كنا أو نساء، القوة لنغفر لبعضنا البعض، فنستطيع أن نتعامل مع كل ما يهدد زواجنا بفيض من الرحمة والقبول.

لماذا الزوجة؟ من البدء قصد الله للزوجة أن تكون المعين الأول لرجلها.. «قال الرب الإله: ليس جيدًا أن يكون آدم وحده، فأصنع له مُعينًا نظيره» (تكوين ٢ : ١٨). نحن كثيرًا ما نركز على كلمة «نظيره» عند استشهادنا بهذا النص في حديثنا عن العلاقة بين الرجل والمرأة في الزواج.. ولا بأس من ذلك، لأننا نعيش في مجتمع يسوده فكر قوامة الرجل على المرأة، وكلمة» نظيره« تعلن فكر الله عن «مكانة» المرأة مقابل الرجل في العلاقة الزوجية. أما كلمة «معين» فهي التوصيف الوظيفي لدور المرأة في الزواج.. الكلمة تعني: «الشريك القوي، وصاحب القدرات».. «المنقذ والذي يعرف كيف يدافع».. «الذي يُحيط بالآخر عن قرب، والجاهز دائمًا للتحرك». هذه المعاني تجعلني أعتقد أن الزوجة أفضل مَنْ يمكن أن يساعد رجلها على تحطيم قيود البورنو؛ حتى يعود من جديد للاستمتاع بحرية أن يُحب الله من كل القلب والقدرة، ويتخلص من الأنانية التي حصرته في إشباع ملذاته، فيُحب من جديد كرجل حر ليس زوجته وأبناءه فقط، بل كل الذين يتعامل معهم. على أية حال، هذا لا يعني ألا يطلب الزوجان مساعدة أحد المشيرين الذي يثقان فيه، بعد اتفاقهما على أن هذه الخطوة ستعينهما على النصرة في معركتهما مع الميديا الإباحية.

أشعر كرجل بالتعاطف مع كل زوجة تعاني آلام الشعور بالوحدة والخوف لمعرفتها أن زوجها منزلق في مستنقع البورنو.. ولابد أن ما يزيد من معاناتها هو عدم قدرتها على مواجهته بحقيقة ما تشعر به تجاه هذا الأمر، وكيف أن هذا السلوك السري غير الطاهر لا يجرح مشاعرها فقط، بل ويهدد حياته هو شخصيًا؛ لأنه يأخذه إلى عالم خيالي يبلد مشاعره، ويفقده القدرة على التفكير السوي في مواجهة تحديات الحياة، والقيام بدوره كمسؤول عن أسرة تحتاج منه لأكثر من مجرد توفير موارد مادية لها لتعيش.. فليس بالخبز وحده تشبع الزوجة، وليس بوفرة المال فقط يُضمن مستقبل الأبناء. من أجل هذا أكتب هذه المرة لأشجع كل ابنة وزوجة تعيش هذا الصراع مع زوج تحبه أن تبادر بالتعامل مع هذه المشكلة قبل أن يفسد هذا الثعلب زواجها وأسرتها. المعروف أن كثيرين ممَنْ أفلتوا من فخ البورنو قد بدأوا رحلة الحرية والشفاء عندما وجدوا زوجة تواجههم بصراحة وهدوء، وبحب لا يخلو من الدفء والتقدير، أن هناك ما يهدد علاقتهما ومستقبل زواجهما.. نعم، قد يحتاج الأمر في البداية لطلب المعونة من آخرين، لكن ليس هناك دواء يمكن أن يشفي القلب المهزوم بالخطية، ويحرر الفكر المسبي بالبورنو مثل الحب الممزوج بالمغفرة المتجددة الذي تغمر به المرأة المؤمنة زوجها كل يوم؛ حتى يقف على قدميه ليُعيد تكريسه للرب ولها من جديد.. «الحديد يَصقل الحديد، وكذلك العشرة بين الناس (وبين الزوجين أيضًا)» (أمثال ٢٧ : ١٧).

للزوجة أقول إن إدمان زوجك للبورنو لا علاقة له بكِ كامرأة! فالأمر لا يتعلق بمقدار جمال الجسد ولا شكله أو حجمه، كما لا يرتبط بالجاذبية الجنسية. بالطبع امتناعك غير المبرر عن زوجك قد يحبطه، فيلجأ إلى البورنو، ومع أن هذا لا يبرر خطأه، إلا أن هذا ليس سببًا شائعًا. السبب في أغلب الحالات هو الشعور الداخلي بالفراغ، وعدم وجود هدف أسمى للحياة. هذا ما يفقد الإنسان إحساسه بقيمته؛ فيصبح روتين الحياة "لنأكل ونشرب لأننا غداً نموت!" فلا تجربي أي سلوك غريب لتجذبي انتباهه، أو تشتري ملابس لا تتناسب مع تكوينك الجسدي، أو سنك وظروفك الاجتماعية، أو ترهقي نفسك بالرجيم القاسي أملا في أن يصبح مقاسك أقل نمرتين.. كل هذه المحاولات سواء نجحت في تغيير هيئتك الخارجية أو فشلت لن تحل المشكلة.. وأسوأ ما فيها أنها تضعك دون أن تدري في منافسة مع صناعة عالمية شريرة، أنيابها قوية وشرسه لا يكسر شوكتها إلا عمل الروح القدس في حياة الشخص.

إذا كنت تشعرين بالمهانة والغضب من واقع إحساسك بالرفض أو الاستهانة بقيمتك كإنسانة، حاولي بكل جهدك أن تصبي غضبك على الميديا الإباحية ومَنْ يروجون لها، وليس على زوجك.. أعرف بخبرتي أن أغلب الأزواج الذين ساروا لمدة طويلة في طريقها كانوا يشتاقون للعتق من عبودية هذه الخطية، والتخلص من الشعور بالقذارة والذنب المصاحبين لها، وكل ما كانوا يترجونه هو وجود مَنْ يقف على أرض ثابتة ليمد يده ويساعدهم على الخروج من بحر الرمال المتحركة للبورنو.. وليس هناك أفضل منك كزوجة محبة لتكوني هذا الحليف القوي، الذي يمد يد العون لشريك حياته ليتخطى هذه الأزمة.. فقط تسلحي بالصلاة وبمعونة مواعيد كلمة الله لتربحيه، دون الهجوم عليه أو احتقاره، وبحرص شديد على حفظ خصوصية ضعفاته.. فلا تفضحيه أمام الآخرين، خاصة أبنائه أو والديه. إذا استطعت أن تفعلي هذا بصبر وبدون تذمر، فإن النصرة على هذه العادة القبيحة على بعد خطوات قليلة منكما.

أما الزوج فليس لدي ما أقوله له هذه المرة سوى كلمات النبي ملاخي: «… الرب كان شاهدًا بينك وبين امرأة شبابك التي غدرت بها، وهي قرينتك والمرأة التي عاهدتها على الوفاء. أمّا هو الله الذي خلق منكما كائنًا واحدًا له جسد وروح؟ وماذا يطلب هذا الكائن الواحد؟ إنه يطلب نسلا له من الله (أن يُربي أبناءً في مخافة الله). فاحذروا لروحكم ولا يغدر أحد بامرأة شبابه» (ملاخي ٢ : ١٤، ١٥- الترجمة العربية المشتركة). يمكنك التواصل معنا على الإيميل عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. لطلب الإرشاد.

وللحديث بقية..


(نُشر بجريدة وطني بتاريخ ١٥ يوليو/ تموز ٢٠١٨)

Copyright © 2018 Focus on the Family Middle East. All rights reserved