Submit to FacebookSubmit to Google PlusSubmit to TwitterSubmit to LinkedIn

 اصطادوا الثعالب ٦ inside

 

بقلم سامي يعقوب

المزيد من هذه السلسلة:

"اصطادوا الثعالب" ١         "اصطادوا الثعالب" ٢        "اصطادوا الثعالب" ٣       "اصطادوا الثعالب" ٤       

"اصطادوا الثعالب" ٥         "اصطاوا الثعالب" ٦          "اصطاوا الثعالب" ٧

 

 

لابد من الاعتراف بأن النصر في المعركة مع الميديا الإباحية ليس أمرًا سهلا؛ فإدمانها يماثل في طبيعته إدمان المخدرات.. من المعروف أن الاستثارة الجنسية التي تصاحب مشاهدة البورنو تُحدث في المخ نفس التفاعل الكيميائي الناتج عن تعاطي المخدر؛ فتفرز فيه ما يجعل الشخص يشعر بالنشوة، ومع تكرار المشاهدة تتكون في المخ مسارات عصبية تجعله يطلب المزيد والمختلف من البورنو ليحصل على نفس مستوى استثارة المرات السابقة.. وتدريجيا تتغير أحاسيس الرجل وأفكاره، وبالتالي تتغير دوافعه وسلوكياته. كما أن الامتناع عن المشاهدة له أعراض تشبه تلك الناتجة عن انسحاب المخدر من جسم المدمن. من أجل ذلك لا سبيل من الإفلات من مصيدة البورنو بدون مساعدة من آخرين. الإدمان، بجميع صوره، يمكن تشبيهه بالوقوع في منطقة رمال متحركة.. المجهودات الشخصية للخروج منها تجعل الشخص يغوص أكثر فيها.. في هذه الحالة لابد من وجود مَنْ يقف على أرض ثابتة ليمد يده للغريق ويسحبه خارجًا.

لا بأس من طلب مساعدة أحد المرشدين من أجل مشورة متخصصة تُعين المدمن علي معرفة سبيل الخروج من مستنقع البورنو الزلق.. لكن لا غنى عن معونة مَنْ يشاركني حياتي اليومية، منْ يأكل لقمتي، ويقاسمني فراشي.. مَنْ ينظر مباشرة إلى عينيّ، ويستطيع أن يقرأ ما بداخلي دون أن أنطق بكلمة! ليس هناك أفضل من حبيبة القلب، ورفيقة العمر لتقوم بمهمة الإنقاذ هذه.. فأنا بالنسبة لها لست حالة في قائمة مَنْ ينتظرون المساعدة من خبير أو مشير.

«ما هو الدور الذي يمكن أن تقوم به الزوجة لمعاونة رجلها ليتغلب على تحدي إدمانه للميديا الإباحية؟ وما المطلوب من الزوج أن يفعل ليُسهل عليها مهمة الإنقاذ هذه؟» حديثي هذه المرة مُوجه للزوجة، لعلي أشد من أزرها فلا تتردد أن تقبل المسؤولية، وتقف في ثغر لا يمكن لسواها أن يملأه.. والمطلوب من الزوج أن يشارك معها هذه الكلمات؛ فقد تكون هذه المشاركة هي الخطوة الأولى في طريق التوحد معًا للنجاة من الفخ، واستعادة حلاوة عشرتكما من جديد.

بداية.. أقول لكل زوجة تعاني من آلام هذه المشكلة: ”لست وحدكِ!“ فالمعركة ضد وحش البورنو محتدمة في كل العالم بغض النظر عن تنوع البيئات والثقافات.. البورنو هو «داعش الميديا» الذي يتسلل إلى البيوت التي بلا أسوار تحميها من غزواته عبر الإنترنت وغيره من وسائل الإعلام، وقد أصبح اليوم أكثر ما يهدد استقرار الأسر، ويسلب المجتمع فرصته من أن يحقق حلمه لمستقبل أفضل. الفرق أن «داعش العراق وسوريا» عدو معروف وظاهر يمكن أن تتوحد مجهودات الدول في مقاومته، على أمل سحقه في عقر داره، وتخليص العالم من شره.. أما »داعش الميديا« فهو عدو ناعم وخبيث؛ يكمن وراء كل شاشة صغيرة في اليد أو كبيرة على "الحِجر"، ملتمسًا من يبتلعه! الأمر ليس سهلا، لكنه غير مستحيل. من جانب آخر، لا تعتقدي أنك السبب بأي حال في هروب زوجك إلى البورنو؛ فهناك أسباب مختلفة لوقوع الرجال في شباكها، ربما أكثرها شيوعًا أنه كان يدمنها قبل زواجه، وظن أنه بالزواج سيتخلص منها، لكن هذا لا يحدث عادة!

ثلاث «لاءات» قد تكون عونًا لكل زوجة تريد أن تبدأ رحلة معاونة زوجها للخلاص من انغماسه فيما يختلي به في السر. الأولى.. «لا» تخدعي نفسك بإنكار وجود المشكلة إذا اكتشفتِ أن زوجك يتعاطى الميديا الإباحية. قد يدفعك هول المفاجأة، والإحساس بالخيانة، أو الاشمئزاز، للإنكار أو عدم التصديق لفترة ما. ثم عندما تتطابق الظنون مع الواقع تصابين بخيبة أمل قد تفقدك الرغبة في استمرار العلاقة الزوجية، أو تجعل من ردود أفعالك وقودًا يُسكب على النار فيزيدها اشتعالا بدلا من أن يهدئها! على أية حال، إنكار وجود المشكلة لا يحلها، والأفضل هو مواجهتها بأمانة وشجاعة بدلا من أن تتركي التساؤل «كيف يفعل بي هذا؟» يطحنك، ويُفقدك القدرة على الحديث مع زوجك، لتُعبري له عن مشاعرك، وتأثير البورنو على علاقتكما كزوجين. أما أنتَ فما دمت تريد أن تُبقي على العِشرة، فاقبل بتواضع أن تسمع منها، واحترم صدق مشاعرها. هذه المواجهة لابد منها لتُتيح لها فرصة مساعدتك أن تنجو بنفسك من هذا الوحش الذي يفترسك كل يوم.. لا تنكر أمامها حقيقة مشكلتك مع البورنو؛ فهي تعرف، وإنكارك لا يحل المشكلة أيضًا.

«لا» الثانية.. لا تخافي من المواجهة، ما دامت تتم في إطار من الحب والاحترام. الكلمات القاسية التي قد تخرج من فمك كطلقات الرصاص في ساعة الغضب، والانفجار في وجه زوجك بقائمة من الاتهامات، تُخسرك المعركة قبل أن تبدأ. يقول الرسول يعقوب في الإصحاح الثالث من رسالته عن اللسان إنه بالرغم من صغره لكنه مثل شعلة النار الصغيرة التي يمكن أن تحرق غابة كبيرة.. وفي هذه القرينة اجتهدي ألا يحرق لسانك أسرتك الصغيرة. ثم يكمل حديثه عن الحكمة التي تحتاجين لطلبها من إلهك عند مبادرتك بهذه المواجهة، فيقول: «أما الحكمة النازلة من فوق فهي طاهرة قبل كل شيء، وهي مسالمة متسامحة، وديعة، تفيض رحمة، وعملا صالحًا». ثم يوازن الرسول هذه التوجهات في حكمة الحديث بمقياسين لا يحتاجان لتعليق: "الحديث الحكيم يجب أن يكون بلا محاباة، ويخلو من النفاق!" بعض الزوجات يعتقدن أن متابعة الزوج للميديا الإباحية ربما أفضل من أن تكون له علاقة عاطفية أو جسدية مع امرأة أخرى! هذا ليس صحيحًا، كما أنه ليس أفضل طريقة للتعامل مع المشكلة.. فإذا كان زوجك يبحث عن شبع عاطفي أو جنسي من مصدر بعيد عنكِ سيؤثر هذا سلبيًا على علاقتك معه بشكل أو آخر، والبورنو ليس استثناءً. أما أنت أيها الزوج فضبطك لرد فعلك عندما تشاركك بمخاوفها، حتى وإن كانت ظنونًا لا أساس لها من الصحة، سيضع الأمور في حجمها الطبيعي، وباستمرار الحوار بعد المواجهة الأولى ستجدان سهولة في أن يُفصح كل منكما عما يعتقده سببًا في المشكلة، ويُعبر عما يتوقعه من الآخر، لعبور ساحة الخطر إلى ميدان الحرية.. "ببطء الغضب يُقنع الزوج زوجته.. طول البال، واللسان اللطيف يعطي الزوجة قوة تُلين عظام الزوج القاسية" (قراءة شخصية لأمثال ٢٥: ١٥).

أما «لا» الثالثة فهي شخصية جدًا، لكني لا أجد غضاضة في أن أشارك بها لأجل المنفعة.. لا تقبلي شيئًا في علاقتك الحميمية مع زوجك لا تستريحين له، ظنًا بأن هذا سيساعده أن يتوقف عن متابعة البورنو. من الطبيعي أن يرغب الرجل الذي يتابع الميديا الإباحية في تجربة بعض الممارسات الشاذة التي يشاهدها، وهو لا يعلم أنها زائفة، ولا علاقة لها بالحميمية الحقيقية في العلاقة الزوجية. التعبير عن الحب، والرغبة في الشعور بشبع التوحد مع الآخر بممارسة الجنس بين الزوجين يجب ألا تشتمل على ما يجعل أيًا من طرفي العلاقة غير مستريح.. أما أنت يا صديقي الزوج، ففي كل مرة تأخذ زوجتك في حضنك تذكر أنها إنسان مثلك!

وحتى نلتقي في المرة القادمة لأكمل حديثي لكل بطلة تجاهد لكي تربح زوجها، وتحرره من أسر «داعش الميديا الإباحية» أشارك بعبارة من أجمل ما قرأت: ”المسافة بين المشكلة والحل هي المسافة بين ركبتينا والأرض أمام عرش نعمة إلهنا!“


 

(نُشر بجريدة وطني بتاريخ ١٢ أغسطس/ آب ٢٠١٨)

Copyright © 2018 Focus on the Family Middle East. All rights reserved.