Submit to FacebookSubmit to Google PlusSubmit to TwitterSubmit to LinkedIn

 هل انا سي السيد في بيتي ٣ inside

 

بقلم سامي يعقوب

 

المزيد من هذه السلسلة:

هل أنا ”سي السيد“ في بيتي؟! (١)         هل أنا ”سي السيد“ في بيتي؟! (٢)     هل أنا ”سي السيد“ في بيتي؟! (٣)

هل أنا ”سي السيد“ في بيتي؟! (٤)         هل أنا ”سي السيد“ في بيتي؟! (٥)     هل أنا ”سي السيد“ في بيتي؟! (٦)

 

 

       التفسير الحرفي لوصية الرسول بطرس للزوجات بالخضوع لأزواجهن كان ولايزال مثيرًا للجدل، وأحيانًا الغضب، خاصة في ظل ثقافة تسيء تعريف هذا المفهوم! بالطبع مناقشة التطبيق العملي لهذه الوصية، مع الأخذ في الاعتبار لمكانة ودور المرأة في المجتمع اليوم، لا تعني أبدًا التعدي على وصية كتابية كما ظن البعض. على العكس من ذلك، فإن الهدف هنا هو دعوة للتحرر من صورة نمطية وسلبية عن مفهوم للخضوع ظل لقرون طويلة مضت يسيء للمرأة، ولا يجد قبولاً الآن إلا في المجتمعات التي يسودها الفكر الذكوري. الغريب هو ألا نسمح لأنفسنا بالتوقف للتفكير لنقرأ مثل هذه الوصية مجددًا من منظور صحيح مع تطبيقات معاصرة، دون مساومة على الحق الكتابي، أو ما تعنيه الكلمة المقدسة؛ حتى يأخذ أبناؤنا ما نوصيهم به مأخذ الجدية.

 

       عندما نصح الرسول بطرس الزوجات بأن يتبعن مثال سارة في الخضوع كان قصده كرازيًا: «أيتها النساء، كن خاضعات لرجالكن، حتى وإن كان البعض لا يطيعون الكلمة،يُربحون بسيرة النساء بدون كلمة» (١بطرس ٣: ١). لقد كُتبت هذه الرسالة إلى المؤمنين في مقاطعات روما وآسيا الصغرى، ولعل الكثيرين منهم كانوا من الذين آمنوا بالمسيح تجاوبًا مع عظة بطرس في يوم الخمسين، ثم عادوا بإيمانهم الجديد ليعيشوا في عالم وثني لا يتفق في تقاليده وسلوكياته الأسرية مع مقاييس الإيمان المسيحي. في ذلك الوقت، كان من الطبيعي وجود الكثير من الزيجات المختلطة التي تجمع بين زوج غير مؤمن بزوجة آمنت بالمسيح.

 

       من واقع هذه الخلفية جاءت النصيحة للزوجة المؤمنة بأن تستميل زوجها للإيمان بالمسيح بالكيفية التي تتصرف بها في معيشتها معه، بما في ذلك ألا تمنع نفسها عنه، وتطيعه فيما يتعلق بالعلاقة الزوجية الحميمية غير خائفة من شيء. ولعل اقتباس عبارة "يا سيدي" في الوصية له علاقة مباشرة بالسياق الذي وردت فيه، عندما تساءلت سارة: «أيكون لي تَنَعُّمٌ (متعة) مع زوجي؟وهي بذلك تقول هل يمكن أن يكون لي علاقة حميمية مع زوجي بعد أن شاخ؟ وهكذا لم تكن لهذه المناداة دلالة على الخضوع بمفهوم "لا تخالفي أمره ولا رأيه".

 

       عندما رأت سارة أنه من الأفضل لابنها إسحق أن يترك هاجر وإسماعيل بيتها، لم يكن طلبها هذا متفقًا مع رأي زوجها.. بل وساءه كلامها؛ لأن إسماعيل كان ابنه أيضًا، لكن الله قال لإبراهيم «لا يسوؤك هذا الكلاماسمع لكل ما تقوله لك سارة» (تكوين ٢١: ١١ - ١٢). الخلاف في الرأي بين الزوجين إبراهيم وسارة لم يُبطل الدور الذي عينه الله لكليهما.. فهي كزوجة لم تنفذ ما كانت تريده بنفسها، لكنها شاركت زوجها برغبتها، وهو كقائد للأسرة اتخذ القرار ونفذه طاعة لكلام الرب له، مع أنه كان مخالفًا لرأيه. الخضوع في الأسرة ليس موقفًا من شخص بعينه تجاه الآخر، لكنه اتجاه قلبي لقبول وجهة نظر الآخر ولو اختلفت معها؛ فقد يكون مضمونها هو ما يريده الله لكلينا.

 الزواج المقدس

       على أية حال، لقد وازن الرسول بطرس تعليماته للزوجات بتعليمات للأزواج أيضًا.. «أيها الرجال، كونوا ساكنين (أي عيشوا) بحسب الفطنة مع الإناء النسائي كالأضعف، معطين إياهن كرامة، كالوارثات أيضًا معكم نعمة الحياة؛ لكي لا تعاق صلواتكم» (١بطرس ٣: ٧). كلمة «كرامة» في هذا النص مترجمة عن كلمة يونانية تعني "يُوقر أو يُجل"، والتي تشير إلى نوع من التقدير والاحترام لا يحظى به سوى هذا الشخص. أما عبارة «الإناء النسائي كالأضعف» فلم يُقصد بها الضعف أخلاقيًا أو فكريًا، بل تشير إلى الكيفية التي كان يُنظر بها للمرأة في حضارة الوقت الذي كُتبت فيه الرسالة؛ حيث كانت المرأة تُؤمر لتفعل، وتعامل كمواطن من الدرجة الثانية، لا حق لها للتعبير عن رأيها، أو الاعتراض على أمر ما، أو حتى النقاش فيه.. وهنا يوصي الرسول بطرس الرجال المسيحيين بأن يعاملوا زوجاتهم بعكس ما كان يفعل الوثنيون آنذاك، والأكثر من ذلك أنه طالبهم، ويطالبنا نحن أيضًا اليوم، بأن نعاملهن على قدم المساواة كشريكات لنا في ميراث نعمة الحياة في المسيح، حتى لا تعاق صلواتنا.. «إن راعيت إثمًا في قلبي لا يستمع لي الرب» (مزمور ٦٦: ١٨).

 

       لم يتوقف الرسول بطرس عند حد تقديم وصايا لكل من الزوجة والزوج، لكنه أكمل حديثه بما لا يجعل ما نصح به مجرد كلمات تقال في مناسبات خاصة، وبعدها "كل حي يروح لحاله"، يقول: «وبعد، فليكن لكم جميعًا وحدة في الرأي وعطف وإخاء ورأفة وتواضع.. لا تردوا الشر بالشر، والشتيمة بالشتيمة، بل باركوا فترثوا البركة؛ لأنكم لهذا دعيتم... مَنْ أراد أن يحب الحياة، ويرى أيامًا سعيدة، ليمسك لسانه عن الشر، وشفتيه عن المكر في الكلام، وليبتعد عن الشر، ويعمل الخير وليطلب السلام ويسعى إليه؛ لأن عين الرب على الأبرار وأذنه تصغي إلى دُعائهم» (١بطرس ٨: ٣- ١٢ الترجمة العربية المشتركة).. هذه وصية الرب لكل زوج وزوجة، فما الذي يمكن أن يُزاد عليها؟

 

       كتب شاعر فرنسي اسمهجاك بريفيرعن مخاوف امرأة من الطريقة التي قد يعبر بها زوجها عن محبته لها: "تقول إنك تُحبّ الأزهار ثمّ تقطفها، تقول إنك تحبّ الكلاب ثمَّ تضع حبلاً حول عنقها يقودها، تقول إنك تحب الطيور ثمَّ تسجنها في قفص! عندما تقولُ إنك تحبني.. عندئذ أخاف!" لو كنت حقًا تحب زوجتك، تُرى ماذا يعني خضوعها لك: أتقطفها فتذبل، أم تقيدها فلا تتحرك خطوة بعيدًا عنك، أو تحبسها في قفص ولو كان من ذهب؟! وإلى بقية الحديث في المرات القادمة.


نُشر بجريدة وطني بتاريخ ٧ أكتوبر/ تشرين الأول ٢٠١٨))

Copyright © 2018 Focus on the Family Middle East. All rights reserved.