Submit to FacebookSubmit to Google PlusSubmit to TwitterSubmit to LinkedIn

 

بقلم: سامي يعقوب

         تابعت الجدل الدائر تعليقًا على حكم المحكمة الدستورية العليا الإمريكية بإجازة زواج المثليين في جميع الولايات.. وقد بدا واضحًا أن البعض انتهز الفرصة للهجوم على المسيحية التي ظنوا أنها تسمح بمثل هذا الارتباط الشاذ بين شخصين من جنس واحد بناءً على تصنيفهم المغُرض، وغير المنطقي، أن الولايات المتحدة دولة مسيحية! ومن المؤسف أن هناك مَنْ استخدم تأييد أقلية من قادة الكنائس الأمريكية لقرار المحكمة بدعوى أن المثلية نتاج اختلاف طبيعي في الهُوية الجنسية للأشخاص، وعدم قبولهم يعتبر تمييزًا عنصريًا يتناقض مع حقوق الإنسان في مجتمع أسمى ما يميزه هو الحرية، وملأوا الدنيا ضجيجًا بأن هذا يمثل موقف عموم الكنائس هناك من القضية، خاصة الانجيليين منهم!

 

         أنا لا أكتب دفاعًا عن جماعة بعينها، أو هجومًا على سياسة الإدارة الإمريكية الحالية التي أرهقتنا، بمواقفها الغريبة تجاه دعم الإرهاب، أو من القضايا الأخلاقية التي تتعارض مع قيم مختلف الأديان. لكني أريد أن أوقد شمعة في الظلام لكي يستنير المؤمنون في بلادنا بحقيقة أن أعضاء جسد المسيح على الجانب الآخر من الكرة الأرضية لم يساوموا على إيمانهم بالحق الإلهي عن الزواج.. لقد جاء الحكم مخيبًا لآمال المؤمنين، وضرب بإرادة أكثر من ٦٠ % من الشعب الأمريكي الذين صوتوا ضد هذه القضية عرض الحائط. في المقابل أعلن غالبية قادة الكنيسة بشجاعة ووضوح رفضهم أن يشمل دستور بلادهم تقنينًا لما يقول عنه الكتاب المقدس أنه خطية. وقد اخترت مقتطفات مما صرحوا به لأشارككم بها، راجيًا أن تكون مصدر تشجيع لنا لنتمسك بالحق في مواجهة الباطل.

 

         ”حكم المحكمة العليا بقانونية زواج المثليين في جميع الولايات جعل من بلادنا سدوم وعمورة.. لابد أن الله سيُدين أمريكا وإلا يعتذر لسدوم وعمورة!“ (القس جون هجاى، سان أنطونيو - تكساس).

 

         ”أشعر أننا لا ندرك مصيبة ما يحدث من حولنا. الشيء الجديد.. جديد لأمريكا، والجديد للتاريخ، ليس الشذوذ الجنسي في حد ذاته؛ فالانكسار بسبب الخطية موجود منذ سقوط الإنسان. الجديد ليس أيضًا في الموافقة على خطية الجنسية المثلية والاحتفال بها؛ لقد ظهر السلوك المثلي في الفن منذ آلاف السنين. الجديد هو التطبيع، وإضفاء الصفة القانونية عليه.. هذه هي المصيبة الجديدة“ (القس جون بيبر، مؤسس خدمة الاشتياق إلى الله، منيابوليس -منيسوتا).

 

         ”لقد أضاء الرئيس أوباما البيت الأبيض بألوان «قوس قُزح» للاحتفال بحكم المحكمة العليا بتصريح زواج المثليين. وقد شكل هذا الفعل صفعة في وجه الملايين من الأمريكيين الذين لا يؤيدون هذا الزواج. الله هو الذي أعطى «قوس قُزح»، وكان ذلك مرتبطًا بدينونته لشر البشر، عندما أرسل الطوفان للقضاء على العالم، وفي نفس الوقت كان علامة أن الله لن يستخدم الفيضان مرة أخرى ليدين العالم. لكن سيأتي يوم فيه يدين الله الخطية.. كل خطية. ولن ينجو أحد من هذه الدينونة إلا من تبرر بالإيمان بيسوع المسيح، مثل نوح الذي «صار وارثًا للبر الذي حسب الإيمان» (عبرانيين ١١: ٧ ).. في كل مرة نرى فيها علامة «قوس قُزح» التي اختارها المثليون شعارًا لهم، وملأوا به صفحات الانترنت، ووضعوه كثيرًا في الفيسبوك، لنتذكر أن دينونة الله ستأتي على كل الذين لم تُغفر خطاياهم بدم المسيح الذي سفك على الصليب“ (القس فرانكلين جراهام، أشفيل، نورث كارولينا).

 

         ”بالرغم من أن الكثير من المراقبين كانوا يتوقعون هذه النتيجة، لكن قرار المحكمة جاء مروعًا وغريبًا في رفضه للفهم المجتمعي للزواج الذي يعود إلى فجر الحضارة. إننا نشعر بالقلق من أن هذا الحكم سيؤجج نار العدوانية تجاه الأفراد والمؤسسات ذات الطابع الديني، لأن قناعاتهم تمنعهم من المشاركة أو الاحتفال بمثل هذه الاتحادات. في النهاية لا تستطيع أية محكمة أن تغيِّر الحق الإلهي عن الزواج، وبصرف النظر عن هذا الحكم سنستمر في التأكيد على أهمية الزواج بين رجل واحد وامرأة واحدة بالنسبة للعائلة والمجتمع، وخاصة للأطفال الذين من حقهم أن يكون لهم أب وأم. نحن نشكر الله الذي أتاح لنا فرصة لنلقي الضوء من جديد على قصده الإلهي من منظومة العائلة. في الأيام القادمة لابد أن تكون كلماتنا مُصلحة بملح.. لابد أن نكون نورًا يُضيىء في الظلام؛ فهذا ليس وقتًا للنزاع والتهكم. الآن، وأكثر من أي وقت مضى، علينا أن نتمثل بيسوع المسيح، فنواصل إظهار الحب والترفق بينما نتحدث مع الذين يرون هذه القضية بشكل مختلف“ (جيم ديلي، الرئيس الدولي لمؤسسة فوكس أون ذا فاميلي).

 

         ولاتتسع المساحة للمشاركة بالمزيد من ردود أفعال قادة الكنيسة في أمريكا.. على أية حال، لاشك أن المؤمنين في بلادنا وكل بلاد العالم يتوقعون بوضوح أكثر من غيرهم الألم القادم على الطريق، والبؤس الذي سيصيب البشر بسبب هذه الخطية.. فأهل العالم «زاغت عقولهم، وملأ الظلام قلوبهم.. زعموا أنهم حكماء فصاروا حمقى… لذلك أسلمهم الله بشهوات قلوبهم إلى الفجور يُهينون به أجسادهم. اتخذوا الباطل بدلاً من الحق الإلهي… ولهذا أسلمهم الله إلى الشهوات الدنيئة، فاستبدلت نساؤهم الاستعمال الطبيعي بالذي على خلاف الطبيعة، وكذلك الرجال أيضًا تاركين الوصال الطبيعي للنساء، والتهب بعضهم شهوة ببعض، فاعلين الفحشاء ذكورًا بذكور، ونائلين في أنفسهم جزاء ضلالهم العادل» (رسالة رومية ١ : ٢٢ - ٢٧ من ترجمتي فان دايك، والعربية المشتركة).

 

         نحن لا يمكننا أن ننكر حقيقة أن ما يزرعه الإنسان إياه يحصد.. الخطية، أيًا كان نوعها، لا تدمر أصحابها، فقط، بل تجلب أيضًا غضب الله عليهم.. ولا شك أن الشيطان يرقص فرحًا مع كل خطية تأخذ فرصتها لتصبح ممارستها مباحة بحسب القانون البشري.. فماذا نحن فاعلون؟ ليس لدينا سوى التطلع إلى الله ضابط الكل، والذي لايزال جالسًا على عرشه في السماء، متمسكين برجاء ما نؤمن به.. «منتظرين مجيء ابنه من السماوات، وهو الذي أقامه من بين الأموات، يسوع الذي ينجينا من غضب الله الآتي» (تسالونيكي الأولى ١ : ١٠ الترجمة العربية المشتركة).

         الاتحاد بين المثليين، ولو بقوة القانون، ليس زواجًا!


     نُشر بجريدة وطني بتاريخ ١٩ يوليو/ تموز ٢٠١٥

 

Copyright © 2015 Focus on the  Family Middle East. All rights reserved