Submit to FacebookSubmit to Google PlusSubmit to TwitterSubmit to LinkedIn

 

بقلم: روبرت فيلاردي

للمزيد من هذه السلسلة:

                      ١- الصلاة وما تتركه من تأثير         ٢- إمكانية الصلاة دائمًا     ٣- الصلاة لها أسبابها

                                  ٤- التعلم من صلوات الرب يسوع     ٥- إشكاليات أمام الصلاة

 

"الصلاة بابٌ مفتوح لا يستطيع أحد أن يوصده" هكذا كتب تشارلز سبرﭼن في كتابه "الصباح والمساء" (Morning and Evening). ثم يواصل القول: "قد يحيط بك الشياطين من كل جانب، لكن الطريق لأعلى مفتوح دائمًا، وطالما أن هذا الطريق لم يُعرقَل، فلن تسقط في يد العدو أبدًا".

هل يوجد مكان يخلو من الله؟ الكتاب المقدّس لا يقول ذلك. يقول كاتب المزمور: «أين أذهب من روحك؟ ومن وجهك أين أهرب؟» (مزمور ١٣٩: ٧). ثم يقول إرميا: «ألعلي إله مِن قريب يقول الرب ولستُ إلهًا مِن بعيد. إذا اختبأ إنسان في أماكن مستترة أفما أراه أنا يقول الرب؟ أما أملأ أنا السماوات والأرض يقول الرب؟» (إر ٢٣: ٢٣ و٢٤).

 

الصلاة لله كلي الحضور

تُعرف حقيقة وجود الله في كل مكان بتعبير "كلي الحضور"؛ بمعنى أنه موجود في كل مكان من خليقته. هذا لا يعني أن الله هو الخليقة، وهذه عقيدة تُعرف بـ "وحدة الوجود" (Pantheism)، وإنما يعني هذا أن الله كلي الوجود في خليقته. يُشبه سي. إس. لويس هذه العلاقة بين الله وخليقته بعلاقة الرسام بلوحته: "الرسام ليس هو اللوحة، وهو لا يموت إذا تحطمت اللوحة. يجوز أن تقول إنه وضع من ذاته الكثير في اللوحة، ولكن هذا لا يعني سوى أن كل جمالها وفائدتها نابعان من رأسه. فمهارته الظاهرة في الصورة ليست المهارة التي في رأسه، أو حتى في يديه" (2)

وبناءً على حقيقة أن الله كلي الحضور، نستطيع أن نتأكد أنه في أي بقعة سنتواجد فيها سيسمع الله صلواتنا- حتى من بطن الحوت: «فصلَّى يونان إلى الرب إلهه من جوف الحوت» (يونان ٢: ١). ورغم أن مكان يونان النبي في جوف الحوت لم يكن مريحًا للصلاة، لكننا نعلم أن الله سمع صلاته حتى من أعماق المحيط.

لكن هل نؤمن فعلاً أن الصلاة متاحة دائمًا؟ إذا كنّا نؤمن بهذا يجب أن نتصرف وفقًا لهذه الحقيقة. وبالتالي لن يوجد شيء يمنع المؤمن من المجيء أمام الرب في الصلاة، إلا رغباتنا الخاصة: «فإني متيقنٌ أنه لا موت ولا حياة، ولا ملائكة ولا رؤساء ولا قوات، ولا أمور حاضرة ولا مستقبلة، ولا علو ولا عمق ولا خليقة أخرى، تقدر أن تفصلنا عن محبة الله التي في المسيح يسوع ربنا» (رو ٨: ٣٨ و٣٩). الصلاة ستربطنا دائمًا بالله.

 

الصلاة ليس لها حواجز

باختصار ليس هناك حواجز أمام الصلاة.. الحكومات لا تستطيع أن تمنعها، موقعنا لا يمنعها، والأعداء في العالم الروحي لا يستطيعون منعها أيضًا.

وكما ذكرتُ سابقًا: "الصلاة باب مفتوح لا يستطيع أحد أن يوصده." لكن هناك طريقة واحدة لإغلاق هذا الباب، وهي عندما نختار عدم الإيمان بدلاً من الإيمان. مخاوفنا قد تعيق قوة الصلاة، إذا سمحنا لها أن تشككنا في حقيقة أن الصلاة متاحة لنا دائمًا. الله مستعد لأن يسمع، مهما كانت ظروفنا، لكن علينا أن نتحدث إليه في الصلاة.

كتب الرسول بولس متحدثًا عن قوة الكرازة: «كل مَنْ يدعو باسم الرب يخلُص. فكيف يدعون بمَنْ لم يؤمنوا به؟ وكيف يؤمنون بمَنْ لم يسمعوا به؟ وكيف يسمعون بلا كارز؟ وكيف يكرزون إن لم يُرسلوا؟ كما هو مكتوب: ما أجمل أقدام المبشرين بالسلام، المبشرين بالخيرات» (رو ١٠: ١٣- ١٥). نفس الشيء، عندما نصلي لله سيسمع لنا. لكن كيف سيسمعنا الله لو لم نصلِّ؟ وكيف تُقبل صلواتنا إذا لم نرسلها؟ ما أجمل صلوات مَنْ يطلبون الرب بالرغم من ظروفهم!

الصلاة متاحة لنا دائمًا، لكننا كثيرًا ما نلجأ إلى الله في الصلاة كملاذ أخير، وليس كاستجابة أولى.

 

الله يريد أن يسمع صلواتنا

هل الله منشغل جدًا وبالتالي لا يسمع صلواتنا؟ هل هو منشغل بأمور أهم من حياتنا ومتاعبنا؟ بعكس عقيدة الربوبية (Deism) التي تدّعي أن الله خلق العالم وضبطه مثل الساعة ثم تركه لحاله، لكن الله لا يهتم فقط بالخطة الكبرى للكون، لكنه يهتم بكل شخص. إنه ليس إلهًا أصم مثل إله مذهب الربوبية، لكنه إله عامل ومهتم. إنه مُنزه عن خليقته، لكنه أيضًا حالَّ وعامل فيها. لا توجد صلاة صغيرة لا يسمعها الله، ولا توجد صلاة كبيرة يعجز عن التعامل معها.

كما قال المسيح: «انظروا إلى طيور السماء: إنها لا تزرع ولا تحصد ولا تجمع إلى مخازن، وأبوكم السماوي يقوتها. ألستم أنتم بالحري أفضل منها؟» (مت ٦: ٢٦). الإجابة على سؤال المسيح هي أننا «أفضل منها» فعلاً، لأننا مخلوقون على صورة الله (تك ١: ٢٦)؛ «لأننا نحن عمله» (أف ٢: ١٠)، وهو يحبنا.

توجد خطوة هامة للحصول على بركات الصلاة تتمثل في تواضعنا ومدى صدقنا في الصلوات التي نقدِّمها لله. نشكر الله لأننا نستطيع أن نفعل هذا في كل مكان وفي كل وقت، لأن الصلاة متاحة لنا دائمًا. لكن لابد أن نأخذ زمام المبادرة. وإذا فعلنا هذا، فالله شغوف بأن يسمعنا، ويعزينا، ويساعدنا، ويشجعنا بيمين بره (إش ٤١: ١٠).


 

[1] Unless otherwise noted, all Scripture quotations are from the New International Version of the Bible.

[2] C.S. Lewis, Mere Christianity (New York: Macmillan, 1952), 44.

 

© 2019 Focus on the Family. All rights reserved. Used with permission. Originally published in English at focusonthefamily.com.