بقلم: تيموثي سانفورد
برغم كل المتغيرات الحادثة من حولك، يمكنك التمتع بصحة نفسية قوية خلال أزمة وباء الكورونا، لك ولمن ترعاهم.
التعامل مع الضغوط الحياتية الطبيعية أمر معتاد. لكن زد على ذلك الوباء، الانقطاع عن المدرسة والعمل، وتوقف صرف الراتب الشهري، وتداعيات الوضع الطارئ، فإن الصدمة ستحدث نتيجة كل هذا. والصدمة يمكن استدعاؤها بملء قوتها وبكل سرعة -وهذا بالضبط ما نتعامل معه الآن. هل تعرف أحد أسرار تقليص هذه الضغوط؟ اعتنِ جيدًا بصحتك النفسية خلال أزمة وباء الكورونا.
لقد أثار انتشار ﭬيروس كورونا المستجد (COVID-19) عبئًا ثقيلاً من الحيرة والقلق والضغوط في حياتنا. ربما دفعتك الأحداث الأخيرة إلى أبعد من نطاق احتمالك لأي شيء سابق واجهته في حياتك.. هذا القلق والصدمة يمكن أن يجعلا توازنك النفسي والعاطفي يختل.
والأمور التي قد لا تضايقك في المعتاد قد تشعر أنها تدفعك إلى أقصى حدود احتمالك. والأشخاص الذين يصارعون بالفعل مع الاكتئاب، والقلق، أو بعض المشكلات النفسية الأخرى يمكن أن تزيد عليهم وطأة هذه الضغوط المتزايدة التي أُجبروا على التعامل معها.
نشكر الله، توجد حقيقة أعظم: الروح الإنسانية لديها قوة ومتانة بشكل يدعو للعجب. برغم كل التغيرات الحادثة حولك -التغيرات التي تعجز عن التحكم فيها- إلا أن هناك أمورًا يمكنك القيام بها للحفاظ على صحة نفسية قوية خلال أزمة الكورونا، لك ولمن تعتني بهم.
تذكّر مَنْ يمسك زمام الأمور
في عالم ساقط -وفي ظل أننا ساقطون- من السهل أن نشعر بانعدام الحيلة والرجاء. وربما نحاول أن نضفي صبغة إيجابية على ذلك، ونقول إننا نتحلى بالواقعية ليس أكثر. يشير الكاتب سكوت هوبارد إلى أن ”الرجاء المسيحي ليس هو ذلك الرجاء الذي يعمينا عن رؤية الواقع، بل هو الرجاء الذي ينظر إلى مقبرة مغلقة حديثًا ويقول: هذه ليست نهاية القصة.“
لا، أنت لم تختر أن تسير في هذا الوادي المظلم؛ لكن الله ليس بغافل عن معاناتك.. فخيرك ومجدك الأبدي هما دائمًا على قمة أولوياته. القصة لم تصل إلى نهايتها.
اقبل ألمك- ودعه يدفعك نحو الشفاء. أعطِ نفسك سماحًا بأن تتجاوز مرحلة الحزن على الضيقات المصاحبة لهذه الفترة، لكن لا تعلق وتنغرس فيها. هذا أمر هام، خاصة إذا كان لديك شريك حياة وأطفال. أثناء الأزمة تحتاج أنت وشريك حياتك أن تعملا على القلق والتوتر كفريق.
عبّر عن مشاعر صادقة بتدوينها أو بالتحدث عنها مع صديق موثوق به. سواء مع نفسك، أو مع أسرتك، أو مع صديق عبر الهاتف تحتاج أن تعبّر عن مشاعرك. كُن صادقًا، ولا تكن متوجسًا. أحيانًا قد يساهم التحدث أكثر من اللازم في زيادة التوتر.
صلِّ بمفردك ومع أسرتك وأصدقائك. لا تخف من أن تسأل أسئلة صعبة عن المعاناة والشر والألم. بينما لا يضمن الله لنا أن نخرج من هذه المأساة دون أن نُمس، لكنه يعد بأن لا شيء يقدر أن يفصلنا عن محبته.
التزم بالروتين
التزم بالجرعات الدوائية المقررة. إذا كنت تتناول أدوية للاكتئاب، أو القلق، أو أية مشكلات نفسية أخرى، احرص على الالتزام بالجرعات المقررة. وإذا شعرت أن الأدوية لا تحقق المفعول المرجو منها، اتصل بطبيبك الذي يتابع حالتك لاستشارته. (لا تتوقف عن تناول الجرعات المقررة من الأدوية قبل أن تتحدث مع طبيبك.)
اجعل روتينك كما هو بقدر المستطاع. وإذا انقلب روتينك بشكل كامل؛ ابتكر روتينًا جديدًا لظروفك الحالية.. بحيث يتضمن موعد الاستيقاظ، وتناول الوجبات، واستراحات منتظمة، والانتهاء من مهام وظيفتك. افعل هذا حتى إذا لم تتطلب وظيفتك نظام عمل من ٨ص إلى ٥م بينما تكون متواصلاً مع العمل من على بُعد.
اجعل الأجواء المحيطة مألوفة لك. إذا وجدت نفسك تعمل فجأة من البيت، اجعل المكان الذي تعمل فيه مشابهًا للأجواء التي كانت تساعدك على التركيز أكثر على مكتبك. أحيانًا حتى أصغر شيء -مثل صورة للأسرة على مكتبك- قد يساعد في هذا.
تحكَّم في أفكارك
خُذ استراحة من الأخبار. المعرفة قوة، لكن ما يتجاوز الحد ينقلب إلى الضد. تعرّف بسرعة على المعلومات المهمة من خلال المصادر الموثوقة. ثم عُد مرة أخرى للأشياء التي تجلب البهجة -الأمور التي تقربك أكثر إلى عائلتك وإلى الرب.
افعل ما بوسعك، وليس ما تعجز عن فعله. لا يمكنك التحكم فيما يحدث الآن حول العالم، وفي بلدك، ومع أحبابك، أو بالنسبة لوظيفتك. إذا ركزت أكثر من اللازم على هذه الأمور، ستبدأ في الشعور (ولا عجب في ذلك) أنك فاقد السيطرة على كل شيء. في المقابل، ركّز على ما تستطيع السيطرة عليه. قد لا يكون ما يمكن التحكم فيه كثيرًا، لكن هذا يحسن من صحتك النفسية خلال أزمة وباء الكورونا.
ليكن لك نظرة بعيدة المدى وجارِ الأحداث. سينتهي وباء كورونا في زمن ما. بالفعل لن تبدو الحياة كما كانت عليه بالنسبة لمعظمنا؛ لكن الشعور بالإحباط، أو عدم الرضا عن حقيقة الظروف الحالية، لن يزيد الأمور إلا توترًا. تعلّم أن تقبل الصعوبات، وادخر طاقتك للتعامل مع ما يجب فعله في الوقت الحالي.
اربط نفسك بالحاضر. احرص على أن يكون ذهنك متصلاً بالحاضر. هذا لا يمكن فعله بسهولة إذا كان أحد أحبائك مريضًا، أو إذا فقدت وظيفتك بالفعل. في نفس الوقت لن يفيد الاستغراق في الدوامة الذهنية حول ”ماذا لو“. كيف يمكنك البقاء على اتصال بالحاضر؟
- خُذ نفسًا عميقًا ٣ مرات كل ساعة أو أقل.
- قف ومد ذراعيك ورجليك.
- ذكّر نفسك بما هو صائب أمامك، من ناحية جسدك ووظيفتك.
- اسأل نفسك، ماذا يجب أن أفعله الآن؟ افعل هذا بصوت مسموع إذا أمكن ذلك.
لا تتجاهل صحة جسدك وأمورك المالية
تذكّر أن هناك ارتباطًا بين جسدك وذهنك. احرص أن تكون التمارين الرياضية، والوجبات الصحية، والقدر الكافي من النوم جزءًا من روتينك اليومي (العزل في البيت ليس عذرًا لعدم الحركة). واستمتع ببعض المرح. وإن أمكن، اخرج أو قف في الشرفة واستمتع بأشعة الشمس.
خُذ استراحة من العمل على الكمبيوتر. إذا كنت تعمل على كمبيوتر، اتبع قاعدة ٢٠/ ٢٠: انظر بعيدًا عن الشاشة كل ٢٠ دقيقة، وركّز ببصرك على شيء آخر على بعد ٢٠ قدم (٦ أمتار) لمدة ٢٠ ثانية.
احمِ نفسك من التداعيات الاقتصادية. في ظل هذه الأزمة ربما من الحكمة تأجيل أي مشروعات أو مشتريات كبيرة. أما إذا أدركت أنك عاجز عن تسديد فواتيرك واحتياجاتك الأساسية، يمكنك الاستفادة من البرامج التي توفرها الحكومة، أو المبادرات التي تقوم بها الجمعيات الخيرية والمجتمع المدني.
تذكّر أنك لست وحدك
بلاشك إنها أوقات عصيبة مليئة بالتوتر؛ لكن كلما اتبعت ممارسات تعزز من الصحة النفسية خلال أزمة وباء الكورونا، مثل الممارسات التي ذكرناها هنا في هذا المقال، ستزداد قدرتك على التأقلم. محاولتنا لنكون مصدر سلام وأمل في عالم مليء بالقلاقل لا يعني أن ظروفنا ستتغيّر، لكن يعني أن قلوبنا وأذهاننا لابد أن تتغيّر.
© 2020 Focus on the Family. All rights reserved. Used with permission. Originally published in English at focusonthefamily.com.