بقلم: سينثيا طوبياس & سو أكونا
كثير من الآباء والأمهات يقولون: "علمتُ أن المرحلة الإعدادية آتية عن قريب، لكني لم أتوقع أن تتغيّر الأمور بهذه السرعة!" لم يكن في حسبانهم أن الابنة ستتجول في قسم ملابس الشابات باحثة عن آخر صيحات الموضة، والابن سيحتاج إلى حذاء جديد كل ثلاثة أشهر. وبرغم أن بعض الفوارق بين المدرسة الابتدائية والإعدادية قد لا يمكن توقعها، غير أن الوالدين يمكن أن يستعدا لهذه التغيرات، ويساعدا أبناءهما على الإبحار بسلاسة خلال هذه المرحلة الانتقالية. فيما يلي بعض الاقتراحات لمساعدة النشء على الازدهار خلال هذه المرحلة من حياتهم.
أرخِ قبضتك
هل تتذكر وقتما كنت تقود السيارة ويداك ممسكتان بقوة في عجلة القيادة؟ بمرور الوقت أدركت أن اللمسة الخفيفة هي كل ما تحتاجه حتى تدير عجلة القيادة في الاتجاه الذي تريده.. العلاقة مع ابنك أو ابنتك في المرحلة الإعدادية، بينما يبحث أو تبحث عن المزيد من الاستقلالية، هي خبرة مشابهة.
لا تزال السلطة في يدك؛ فلا تخفض المعايير أو تتجاهل السلوكيات السلبية، وإنما تحدَّث عن الثقة، وشارك طفلك في مناقشات عن الحدود؛ وأكِّد على أن القواعد موجودة لحمايتهم، وليس لإفساد بهجتهم. اجعل الخطوط مفتوحة في القضايا التي تهم جدًا، لكن ابحث عن جوانب يمكنك فيها أن تقودهم بدلاً من أن تتحكم فيهم.
خلال هذه المرحلة، تصبح مستشارًا.. وبينما يقدّم الرئيس أوامر يجب أن تطاع على الفور، فإن المستشار يقدّم اقتراحات عن كيفية إتمام الأمور. إذا انخفضت درجات طفلك، اسأله أسئلة لتكتشف أسباب ذلك، ولتساعده على التفكير في خطة لتصحيح المشكلة. وعندما تظهر ابنتك بملابس غير لائقة، اشرح أسباب اختيارها السيئ، وساعدها على عمل اختيارات بديلة أفضل.
التواصل بشكل مختلف
الطفل البالغ من العمر ٧ سنوات الذي اعتاد الثرثرة عن المدرسة سيصبح في الثانية عشرة يهز كتفيه ولا يقول سوى "حسنًا!" بعض الأطفال في المرحلة الإعدادية يشكون من والديهم ويقولون: "يسألون ألف سؤال في الوقت الذي لا أريد التحدث فيه." ترقب فرصًا تأتي بشكل طبيعي -عندما تكونان مثلاً في السيارة في الطريق لتمرين كرة القدم، وكُن متاحًا عندما يريد أن يتكلم، حتى إن كان هذا وقتًا غير مناسب لك.
سمعت أبناء في المرحلة الإعدادية يقولون: "لن أخبر ماما بأي شيء لأنها تنتقدني طوال الوقت!" كأولاد وبنات في المرحلة الإعدادية يمرون بعواصف عاطفية تتسم بها هذه المرحلة العمرية، فهم يحتاجون أن يكون آباؤهم بمثابة المرساة بالنسبة لهم. اجعل تعبيرات وجهك ونبرة صوتك محايدة عندما تواجه طفلاً عابسًا في بدايات المراهقة.
إذا كان طفلك يشاركك بمشكلة، لابد أن تشعر بالفخر، وفي نفس الوقت لا تقدم حلولاً غير مرغوب فيها. بقدر ما يسمح الموقف، أيد المشاعر وحددها، بأن تقول شيئًا مثل: "هذا هو ما يجعلك غاضبًا على الأرجح. كنت سأغضب أنا أيضًا!" في هذه المرحلة العمرية ما يحتاجونه منك هو ما تحتاجه من صديق أو شريك الحياة: أي أن تجد مَنْ يصغي لك ويتفهمك، ومَنْ يتعامل مع ما تمر به بجدية.
توقَّع النمو
النمو الجسماني هو النمو الأسهل من حيث رؤيته.. بعض الصبيان يزداد طولهم ١٥ سنتيمترًا أو أكثر بين بداية الصف السادس ونهاية الصف الثامن، ويستدير جسد الفتيات أكثر. كلا الجنسين يفقدان استدارة الوجه، وأصوات الصبيان الغليظة يمكن أن تسبب لهم بعض المواقف المحرجة. كل هذا يؤدي إلى مواقف محرجة وخرقاء في مرحلة عمرية تتميز بالانشغال الشديد بالذات.
افعل كل ما تستطيع لتحمي كرامة طفلك في هذه المرحلة العمرية. بالنسبة للكثيرين منهم فإن أعظم مخاوفهم أن يظهروا كأغبياء؛ لذا احتفظ بهدوئك عندما يخطئ أو عندما يسيىء التصرف؛ فهو لا يزال يتأقلم مع جسده الذي ينمو بسرعة.
التغيرات الجسدية يسهل رؤيتها، لكن في نفس الوقت تحدث تغيرات متزامنة في المخ. وهذا يظهر عندما يبدأ الطلاب في هذه المرحلة في التفكير بشكل مجرد أكثر (لهذا السبب يتعلمون مادة الجبر في هذا العمر). وستجدهم مستيقظين ليلاً يتأملون أفكارًا مثل اللانهاية، والخلق، وماذا يحدث لو أُبيدت الشمس.
كما تحدث لديهم تغيرات عاطفية بسرعة شديدة؛ حتى أنهم يتعجبون لهذا بقدر ما تتعجب أنت. أحد مدرسي المرحلة الإعدادية كان يضع عبوات مناديل ورقية في كل أرجاء غرفة الدراسة؛ لأن طلاب الصف الأول الإعدادي معروف أنهم يبكون بشكل مفاجئ -سواء كانوا متضايقين، أو بسبب الضحك الشديد، أو حتى لدى مفاجأتهم بشيء غير متوقع أو غير مفهوم. أحد الطلبة في بدايات المراهقة كان يختم مؤتمرًا يقوده الطلبة وإذ بالدموع تنهمر على وجهه بشكل مفاجئ؛ فمَد يده نحو منديل ورقي وهو يقول: "ما الذي يحدث لي؟"
النمو الروحي يحدث أيضًا. لا تنزعج إذا سألك ابنك/ ابنتك أسئلة صعبة عن الإيمان؛ بل رحّب بالأسئلة، وإذا لم تشعر بالارتياح في الإجابة عليها، اطلب مساعدة أحد خدام الشباب أو رعاة الكنيسة. كُن مستعدًا لمواجهة الاتجاه اللاديني العام الذي ينادي بأن "كل ما يبدو صحيحًا بالنسبة لك هو ما ينبغي عليك فعله"، وناقش صحة الكتاب المقدس والحق الإلهي الوارد فيه. ثم شجِّع ابنك/ ابنتك على البحث في الكتاب المقدس بنفسه. هذا ليس الوقت المناسب لتقدم الاختيار بين حضور الكنيسة من عدمه، لأن قرارهم سيُبنى على الأرجح على الحالة المزاجية ومستوى الطاقة لديهم بدلاً من المعتقدات الثابتة.
تفهم الفقاعة
بمصاحبة كل هذا النمو، قد يصبح الأطفال في المرحلة الإعدادية متمحورين حول ذواتهم. أحد الآباء يقول: "هل أنا الوحيد الذي أشعر أنني أربي شخصًا نرجسيًا؟" نحن ندعوها "الفقاعة"؛ لأن الأطفال كثيرًا ما يصبحون منشغلين بالكامل بما يحدث لهم. فهم يقفون كثيرًا أمام المرآة ليروا ماذا تغيَّر، ويراجعون مشاعرهم لكي يخمنوا ما قد يحدث بعد ذلك، ويتأملون الأفكار الجديدة التي تدخل إلى عقولهم.
إذا أردت أن تلفت انتباه طفل في المرحلة الإعدادية، ابدأ الحوار بالجزء الذي يخصه هو. إذا قلتِ: "الجدة مريضة، لذا أحتاج أن أصطحبها إلى الطبيب هذا المساء. ستوصلك والدة ﭼاك في سيارتها لحصة الرياضة"، غالبًا ستقابل بكلام مثل: "انتظري – ماذا؟ لماذا توصلني والدة ﭼاك؟" بدلاً من ذلك ابدئي بالقول: "ستذهب بالسيارة مع ﭼاك لأني مضطرة لاصطحاب جدتك إلى الطبيب." الأخبار السارة هي أن "الفقاعة" مؤقتة، على الأقل في أكثر أشكالها تطرفًا.
الأوجاع المتنامية
ارجع بذهنك إلى حين كان طفلك في عمر المشي، وكان يريد أن يفعل كل شيء بنفسه، وكنت تدعه يسقط بينما يتعلم المشي، ويصنع فوضى بينما يتعلّم أن يأكل بنفسه. كنت تدرك أن هذه الخبرات بمثابة جسر ضروري من مرحلة الرضاعة إلى مرحلة ما قبل المدرسة.
تتضمن سنوات المرحلة الإعدادية نفس النوع من المراحل الانتقالية بينما ينتقل طفلك من مرحلة الطفولة إلى المراهقة والبلوغ. وبدلاً من الذعر من هذه المرحلة، استرخِ ولاحظ التقدُّم. اصغِ إلى أفكار ثاقبة جديدة، وراقب كيف تُستبدل الحماقات والانشغالات بالذات بمزيد من الرزانة والثقة.
كآباء وأمهات، أفضل شيء يمكنكم فعله هو التراجع خطوة إلى الوراء، ولكن ليس بعيدًا جدًا. دع طفلك يعرف أنك متاح عندما يحتاج لك -لكن بوسعه اتخاذ خطوات بنفسه. إذا استطعت الحفاظ على هذا التوازن، سيكتشف طفلك الثقة والاستقلالية داخل أمان محبتك له.
أفكار إضافية لكُتّاب آخرين لمساعدة الطلبة على الاستعداد للعام الدراسي
ملاحظات نافعة للصبيان في المرحلة الإعدادية
إن اجتياز جنون المرحلة الإعدادية قد يكون صعبًا على أي صبي. فالصبي كبير بما يزيد عن مرحلة الطفولة، وصغير بما يقل عن مرحلة الرشد.. إنه خليط من التغيرات الجسمانية، والهرمونات المتدفقة، وتحديات التعلُّم. الأخبار السارة أن هذه السنوات المزعجة لا تدوم إلى الأبد. لكن ابنك يحتاج لك لتساعده على تعلُّم ثلاث مهارات عملية لاجتياز هذه المرحلة بنجاح، وحتى يحقق أقصى استفادة من سنوات المرحلة الإعدادية.
المهارة الأولى: الاحترام
الصبيان في صميم وجدانهم يتوقون للحصول على الاحترام وتجنُّب الإحراج. عندما يمتلئ خزانه من الاحترام، سيقف ابنك مرفوع الرأس، وسيبتسم أكثر، وستجده يقول كثيرًا "كله على ما يرام". لكن عندما يشعر بأنه لا يحظى بالاحترام، أو يُحرج أمام الآخرين، فهو ينكفئ على ذاته، ويصبح متحفزًا، ويعتقد أن كل شيء "غبي". ساعد ابنك في المرحلة الإعدادية عن طريق تعلُّم المهارات الحياتية الأساسية التي ستكسبه بعض الاحترام من أقرانه ومعلميه. ابدأ بالنظافة الشخصية.. السخرية والإحراج يبدآن بسبب رائحة النَفَس السيئة، ورائحة الجسم الكريهة- هذه الأشياء يمكنه تفاديها بإرشادك له. ثم اشرح له كيف يصافح بالأيدي بطريقه تعبّر عن ثقته بنفسه، وكيف يقدّم نفسه، وكيف يتحدث بلباقة مع الآخرين.
المهارة الثانية: النضوج
اطلب من ابنك أن يكمل هذه العبارة: "التكرار يعلِّم..." هل قال الشطّار؟ نعرف أن التكرار يزيد من مهارتنا. إن إقناع ابنك بالتمرس على شيء غير ألعاب الـﭬيديو قد يمثل تحديًا. وضع الأهداف وتتبعها، ثم الاحتفال بهذه الإنجازات سيساعد في هذا. اجعله يكتب هدفه، مثل "أرفع مستواي في الرياضيات من C (٦/ ١٠) إلى B (٨/ ١٠) في الأسابيع الثلاثة القادمة". ثم اجعله يضيف خطوات فعلية: 1- أطلب مساعدة لاستيعاب المفاهيم الصعبة، 2- أُسلم الواجبات المتأخرة، 3- أتحدث مع المعلم من أجل الحصول على مجموعة تقوية.
المهارة الثالثة: الميزة التنافسية
يقول سفر الأمثال كما أن الحديد بالحديد يحدد، هكذا الإنسان وجه صاحبه (أمثال ٢٧: ١٧).. لكن هذه العملية عادة ما يصاحبها تطاير الشرر. المرحلة الإعدادية يمكن أن تكون صاخبة وغير متوقعة، وفي نهاية الأمر كثيرًا ما يشعر الصبيان بأنهم انبعجوا ولم يصقلوا. شارك بكلمات التشجيع يوميًا مع ابنك لتصقل قدراته العاطفية والروحية.. أخبره: "أنت مصنوع من كتلة من الإصرار." الإصرار هو سمة شخصية تتضمن القوة، والشجاعة، والإقدام.
- جوناثان كاثرمان مؤلف كتاب the Manual to Manhood (أو دليل الإرشادات نحو الرجولة)
نصائح نافعة لفتيات المرحلة الإعدادية
لقد تغيرت الكثير من الأمور منذ أن كنتما في مقتبل مرحلة المراهقة- لكن إذا كنتما تشبهان معظم الأمهات والآباء، فربما تتذكران جنون المرحلة الإعدادية. فيما يلي ثلاث طرق لتساعدا ابنتكما على اجتياز المرحلة الإعدادية بنجاح:
المهارة الأولى: الثقة بالنفس
ساعد/ ساعدي ابنتك على اكتساب الثقة في قدراتها عن طريق وضع الأهداف وتحقيقها. هذا يتضمن كلاً من أهدافها الضرورية بشأن الدراسة، والمهام المنزلية، والأهداف المرجوة لآمالها وأحلامها. اعملا معًا على ابتكار قائمة بالأهداف التي تنقلها من مستواها الحالي الآن إلى حيث تريد أن تكون. ناقشا المدة التي يحتاجها كل هدف وما هي الخطوات التنفيذية التي ستحدد تقدمها. ثم بعد ذلك احتفلا معًا بنجاحاتها على طول الطريق.
طريقة أخرى لبناء الثقة بالنفس لدى ابنتك هو مساعدتها على تعلُّم التعامل مع الكبار. علمها كيف تصافح باليد، وكيف تنظر في العينين، وكيف تقدّم نفسها بنبرة صوت واثقة، وكيف تتحدث لهم، حتى إذا شعرت بأنها أقل كفاءة. هذا يعلِّمها كيف تتصرف بثقة حتى تشعر بالثقة.
المهارة الثانية: عدم الخوف
فتيات كثيرات -خاصة في مقتبل مرحلة المراهقة- يشعرن بالفشل. هذا قد يمنع ابنتك من تجربة أشياء جديدة، وممارسة أشياء صعبة، وتحقيق قدراتها الكامنة. ذكرها بأن الله أكبر من مخاوفها، وأنها لم تُعطَ روح الخوف بل روح القوة والحب وضبط النفس (تيموثاوس الثانية ١: ٧).
خُذ شيئًا تعتقد أنها أخفقت فيه، وفكرا معًا كيف يمكنها الاستفادة من هذه التجربة. إذا خاضت تجربة التمثيل في فريق المسرح بالمدرسة، أو الانضمام لفريق رياضي أو كورال، ولم يتم اختيارها، لكن لديها القدرة، اكتشف معها ماذا يمكن أن تفعل بشكل مختلف المرة القادمة. أمّا إذا كانت مهاراتها في مجال آخر، فقم بتوجيهها.
المهارة الثالثة: الرفق بالذات
مع كل التحديات الكثيرة للمرحلة الإعدادية، قد تتمرغ الفتيات في مشاعر سلبية، ويعتقدن أنهن غبيات وبلا قيمة. حارب هذا بتشجيع ابنتك على التفكير والتحدث بشكل إيجابي عن نفسها. ذكرها بأنك تحبها حبًا جمًا، وكذلك الله، وأنها صنعة يد الله المتفردة، ومخلوقة لأعمال صالحة (أفسس ٢: ١٠). هذه المرحلة صعبة، لكنها ستمر. لذا ساعدها على أن تثبت تركيزها على الجمال والقيمة اللذين وضعهما الله فيها.
- إريكا كاثرمان
سينثيا طوبياس، حاصلة على ماجستير في العلوم التربوية، ولديها ما يزيد عن ٣٠ سنة كمتكلمة معروفة، كما ألفت ١٣ كتابًا، ولديها خبرة التدريس للمرحلة الثانوية لمدة ٨ سنوات، و٦ سنوات في هيئة إنفاذ القانون.
سو تشان أكونا، حاصلة على ماجستير العلوم التربوية، ولديها أكثر من ٢٠ سنة من خبرة التدريس للمرحلة الإعدادية، ولا تزال تحب ذلك! هي متكلمة معروفة في مؤتمرات التربية.
كلتاهما ألفتا كتاب Middle School: The Inside Story.
Translation © 2018 Focus on the Family. All rights reserved. Used with permission. Originally published in English at focusonthefamily.com.
مقالات ذات صلة
|
|
|