بقلم: جان كيرن
كيف نقف الى جانب أبنائنا المراهقين أثناء مرحلة البلوغ التي تتسم بالتغير والاضطراب العاطفي؟
ألقت إيمي نظرة خاطفة من فوق المناشف والقمصان المطوية بينما كانت ابنتها تتحرك بهدوء في المطبخ. لقد شَعرَت الأم بالحزن الذي أثقل كاهل ابنتها، والذي أحنى كتِفيْها وغيَّب ابتسامتها المعتادة.. خار قلب إيمي. فمنذ وقت ليس ببعيد فقط كانت ضحكة وحماس ابنتها يملآن أرجاء المنزل، لكنها أصبحت الآن صامتة، ومنطوية، ومتقلبة المزاج.
حين تمارس حياتك اليومية كأحد الوالدين، من الممكن أن تشاهد أيضًا وتسأل: هل ابني المراهق أو ابنتي المراهقة بخير؟ كلنا نريد لأبنائنا أن يواجهوا تحديات الحياة بقوة وعزم، ويؤلمنا أن نشاهدهم واقعين في دائرة اليأس والاكتئاب. كيف نقف إلى جانب أبنائنا المراهقين اثناء ذلك الفصل من حياتهم والذي يتسم بالتغير والاضطراب العاطفي؟
هل هذا طبيعي بالفعل؟
يصف والت موللر، في كتابه The Space Between، سنوات المراهقة بـ "زلزال المراهقة".. فهي بالتأكيد تُشعرنا بذلك. لقد شعرنا بالاهتزاز، وكذلك شبابنا.. وهذه تجربة شائعة.
تسبب الهرمونات تغيرات في المخ والجسم، والتي تؤثر على نوم المراهق، وعادات أكله، ومشاعره، وعلاقاته الاجتماعية. وهم يتكيفون باستمرار مع هذه التقلبات.. إنهم يريدون أن يكونوا بالغين، لكن الوصول الى هناك يبدو صعبًا ومحرجًا. وعادة ما يُعارضون طلبات الأهل أو توقعاتهم بالتمرد أو الدموع ـ ولا أحد يدري أيهما نتوقع.
تملأ الأسئلة أذهانهم، بينما قد تظل غير منطوقة: مَن أنا؟ ما المفترض بي أن أفعله بحياتي؟ هل أنا محبوب؟ ولا يهم إن كان تصورهم عن أنفسهم غير دقيق، لكنه يبدو حقيقيًا بالنسبة لهم.
هذا كله طبيعي؛ فهو جزء من عملية النموـ ومع ذلك فهذا أمر صعب بالنسبة لهم وبالنسبة لنا.
كيف يبدو الاكتئاب؟
مع كل هذه التغيرات، من الممكن أن يشعر أبناؤنا المراهقون بالإرهاق الجسدي٬ العاطفي٬ والروحي. في ضوء بعض الدراسات الحديثة التي تُظهر أن ٢٨ بالمائة من المراهقين سيختبرون أحد أنواع الاكتئاب٬ لن يستطيع الأهل إلا أن يتساءلوا عمّا يبدو الاكتئاب عليه في حياة المراهق.
في الحالات القصوى، من الممكن أن يصير الاكتئاب حالة مرضية تعوق بشدة القيام بالوظائف اليومية، وقد يدوم لأشهر أو حتى لسنين، ويحتاج لتدخل أحد المتخصصين. على الجانب الآخر، قد يشعر المراهق مؤقتًا فقط بالوحدة في وسط أحداث معينة أو تغيرات مصاحبة للنمو.
للوهلة الأولى، قد يكون اكتئاب المراهق غير واضح بالرغم من شدته. فيما يلي بعض الأعراض التي تحتاج ملاحظتها:
- الهياج أو التوتر.
- تغيرات في الشهية.
- إرهاق أو صعوبة في النوم.
- فقدان الرغبة في الأنشطة والهوايات.
- سلوك انطوائي.
- السلوكيات غير اللائقة أو التمرد.
- تغيرات في الأداء الدراسي.
- الشعور بالحزن٬ أو عدم القيمة٬ أو فقدان الأمل٬ والشعور بانعدام الحيلة.
كيف نُظهر الحب؟
عندما تعبِّر تصرفاتنا عن الدعم والتعاطف٬ فإن أبناءنا المراهقين يكونون أكثر استعدادًا للتعامل مع التحديات العاطفية لمرحلة المراهقة. توصيل الرسائل التالية سيساعد على دعم أبنائنا المراهقين حتى يدركوا أنهم ليسوا وحدهم في هذه المعركة.
أنا أريد أن أصغي لما تفكر وتشعر به..
احرص على توفير مناخ لطيف في المنزل مع التواصل الآمن والمنفتح. احرص على أن يعلم ابنك المراهق أنك مُتاح ومستعد للإصغاء. اصرف وقتًا للاستماع الى ابنتك المُراهقة حتى تستطيع أن تثق أنها ستحصل على انتباهك وتعاطفك عندما تكون مستعدة لمشاركة أمورها الصعبة.
أنا هنا – إلى جانبك ولأجلك..
علِّم طرقًا سوية للتأقلم، وقدم قدوة في ذلك، من بينها قضاء وقت هادف وعميق مع الله. شجِّع التوازن، والراحة، ووقتًا للاسترخاء، وغذاء صحيًا.. فالنموذج الذي تقدمه سيساعد ابنك المراهق أن يصدق أنك مستعد أن تخوض معه هذه المرحلة الصعبة.
أنا سعيد بما أنت عليه وما ستكون عليه..
ساعد ابنك المُراهق أن يتعرف على نقاط قوته وقدراته الشخصية، ثم قدم له تشجيعًا شفهيًا. دع ابنتك المُراهقة تقود بشكل أكبر تنظيم جدول مواعيدها، وعَبِّر لها عن اهتمامك بما تهتم هي به. ادعها للحوار، ثم استمع لها حين تعبر عن أفكارها. حضورك واهتمامك سيساعد ابنتك المُراهقة أن تقدر مشيئة الله لحياتها.
بينما تساعد أبناءك المراهقين أن يجتازوا ارتفاعات وانخفاضات المُراهقة، تذكر أن الاكتئاب ليس دليلاً على سوء تربيتك. معظم أزمات سنوات المراهقة تكون خارج سيطرة الأهل.. حتى المُراهقون الذين لديهم آباء وأمهات مُحبون ومهتمون يقعون في دائرة الاكتئاب.
جان كيرن هي مدربة في موضوعات تحديات الحياة والقيادة، وتعمل مع مؤسسة at-risk Youth الى جانب زوجها توم. وهي مؤلفة للعديد من الكتب عن المراهقين.
© 2021 Focus on the Family. All rights reserved. Used with permission. Authored by Jan Kern and published in English at focusonthefamily.com.