بقلم: ﭼانيت جاردنر لتلتون
كانت ماريا تملك هاتفًا خلويًا قبل أن تدخل مرحلة المراهقة. كما كان لديها غرفتها الخاصة المجهزة ﺑﺗﻟﻳﭬزيون وكمبيوتر متصل بالإنترنت. وبينما كانت تواصل نموها لتدخل المراهقة، كانت تذهب إلى مراكز التجميل بانتظام، وتغيِّر من لون بشرتها إلى الاسمرار، مما جعلها تبدو أكبر من سنها الحقيقي.
وعندما بلغت ماريا عمر الرابعة عشرة، كانت هناك سيارة جديدة في جراج منزلها تنتظرها حتى تحصل على رخصة القيادة. وعند بلوغها الخامسة عشر ةكانت قد سئمت وأصابها الملل الشديد.
تعقيد الصدمة
بعد عدة أشهر صعقت ماريا والديها بصدمة كبيرة.. فقد طلبت منهما السماح لها بالزواج. وكان تبريرها كالتالي: ”في النهاية نحن متزوجان بالفعل أمام الله.“ ولكي تزيد صدمتهما تعقيدًا، قررت المدرسة فصل ماريا بسبب حيازتها للمخدرات.
قالت أمها: ”لا أفهم كيف يمكن أن يحدث هذا! ربيناها تربية مسيحية. وهي ليست طفلة من الفقراء. لقد عدت إلى عملي حتى أوفر لها كل الفرص الجيدة.“
رسم الحدود السوية
نحن نريد لأطفالنا كل خير في الحياة، لكن الإغداق عليهم بإفراط يشبه تغذيتهم على الحلويات فقط.. على المدى البعيد، ستتأذى صحتهم، وسيفقدون شهيتهم للأكل الصحي المفيد؛ وبل ربما يقودهم هذا إلى اشتهاء أشياء خطيرة وضارة.
فكما أننا نحد من الحلويات في وجبات أبنائنا، كذلك نحتاج أن نرسم حدودًا سوية في جوانب أخرى من حياتهم حتى لا يكبروا قبل الأوان. ويمكننا فعل هذا بوضع مراحل وحدود ملائمة.
لماذا الانتظار؟
وضع مراحل ملائمة يعني وضع بعض القيود على السلوكيات التي لا تناسب المراحل العمرية لأبنائنا، وتُعجّل من خروجهم من مرحلة الطفولة. هذا قد يتضمن استخدام المكياﭺ، أو التمتع بالإنترنت، أو امتلاك هاتف ذكي، أو الحصول على وظيفة. وبتأجيل هذه الأنشطة حتى سن مناسب، فإننا نستخدمها كنوع من الاحتفال بالانتقال من مرحلة إلى مرحلة كعلامة على التقدُّم الصحي نحو البلوغ.
بوضع مراحل وحدود ملائمة، نحن نمنح أبناءنا شيئًا يتطلعون إليه بينما يكبرون. نحن نساعدهم على رؤية النضوج كرحلة، وليس شيئًا يحدث أوتوماتيكيًا حين يبلغون الثامنة عشرة.
هذا الأسلوب يعلِّم أبناءنا أيضًا أنه من الجيد أن ننتظر شيئًا. مجتمعنا يقول: ”احصل على ما تريده الآن! لا تنتظر. أنت لها.“ لكن السعي وراء الإشباع الفوري كثيرًا ما يؤدي إلى مشكلات على المدى البعيد، منها عدم تحقيق أحلامهم، والفشل في العلاقات، والمشاعر المجروحة.
أسئلة للتأمل
بينما يكبر أبناؤنا لا توجد قواعد ثابتة لتحديد العمر الذي يُسمح لهم بامتلاك شيء أو عمل شيء. هناك اختلافات بين عائلة وأخرى وطفل وآخر. لكن بينما تفكّر في المراحل الخاصة بأطفالك، اسأل نفسك الأسئلة التالية:
- ما هو المبرر للسماح لطفلي بامتلاك هذا الشيء أو فعل هذا الشيء؟ على سبيل المثال، سارة البالغة من العمر ٨ سنوات تمتلك هاتفًا محمولاً. وكانت تستخدمه في الاتصال بأمها في العمل بينما تقف في محطة الأتوبيس وحدها كل صباح. ترى سارة وأمها الموبايل كوسيلة للأمان. على الجانب الآخر، بدأت كينزي تطلب شراء موبايل لها وهي في المرحلة الإعدادية. لكن لأن كينزي طلبت هاتفًا محمولاً لتبهر به أقرانها، فقد قررت أمها أنها تستطيع الحصول على هاتف محمول عندما تكبر وتحصل على وظيفة، وتكسب المال اللازم لشرائه بنفسها. أحيانًا علينا أن نقيِّم هل الشيء المطلوب هو من الشكليات أو من الضروريات الهامة لصورة الأبناء عن أنفسهم بينما يكبرون. الأم قد تتردد مثلاً في السماح لابنتها بارتداء حمالة صدر (bra) قبل أن يكون جسدها ملائمًا لهذا. لكن يحتاج الوالدان أحيانًا أن يدركا أن الأبناء حين يرون أقرانهم في المدرسة ينضجون جسديًا، فهم أيضًا لا يريدون أن يُقال عنهم في المدرسة أنهم لا يزالون صغارًا.
- هل طفلي مستعد لهذه المسؤولية؟ إذا كان ابني غير ناضج بما يكفي حتى يقدر على الامتناع عن استخدام الموبايل أثناء المذاكرة أو في غرفة الدراسة، فإنني أؤذيه إذا اشتريت له الموبايل. أحيانًا نعرِّض أطفالنا للمخاطر بينما يكبرون عندما نسمح لهم بامتيازات كبيرة في سن مبكرة. شعرت إحدى الأمهات بالذعر عندما علمت أن ابنتها تعطي معلومات شخصية للرجال على شبكة الإنترنت.
- هل أنا مستعد لهذه المسؤولية؟ التربية صعبة بما يكفي حتى بدون زيادة الأعباء على نفسك. عندما نسمح لأبنائنا بالدخول لمرحلة جديدة قبل الأوان، نضيف مهامًا جديدة علينا لمساعدتهم على التعامل مع الامتيازات الجديدة بروح المسؤولية. على سبيل المثال، السماح لأحد الأبناء بامتلاك موبايل في غرفته، قد يعني متابعتهم من أجل التأكد من أنه لا يدردش مع أصدقائه في الوقت الذي ينبغي عليه القيام بواجباته المدرسية.
- هل القفز المبكر لمرحلة حياتية معينة يرسل رسائل غير مقصودة لطفلي عن الصورة الذاتية أو عن النزعة المادية؟ هل السماح لابنتي بينما تكبر بشراء مستحضرات تجميل كثيرة وهي في سن صغير يجعلها تعتقد أن مظهرها هو أهم شيء في الحياة؟ هل السماح لابني بالحصول على أجهزة إلكترونية كثيرة في سن مبكرة يولِّد لديه رغبة دائمة في شراء أحدث الأجهزة؟
قدِّم لهم يد العون
عندما يصل ابنك لمرحلة جديدة، ساعده بحماس على الدخول إليها. عندما يصل لعمر مناسب لركوب الدراجة ساعده على اختيار واحدة. وعندما تكبر ابنتكِ لعمر مناسبة لإزالة شعر ساقيها، اشتري معها الأدوات المطلوبة، وعلميها كيف تفعل هذا. عندما يكون ابنك مستعدًا للعمل في وظيفة ما، ساعده على البحث عن احتياجات السوق. كأب أو أم، استخدم المراحل الحياتية ليس فقط كعلامات على أنهم كبروا، بل أيضًا كفرص لتبدأ شيئًا جديدًا معهم.
© 2023 Focus on the Family. All rights reserved. Used with permission. Authored by Jeannette Gardner Littleton and originally published in English at focusonthefamily.com.