بقلم: سامي يعقوب
للمزيد من هذه السلسلة:
١- حديث للأزواج.. أسرار السعادة ٢- حديث للزوجات..أسرار السعادة ٣- حديث للزوجين.. أسرار السعادة
ما الذي يجعل الزواج يزدهر؟ لقد مضى على زواجي أكثر من ثلاثة عقود، وعندما أنظر اليوم للوراء لأجيب على هذا السؤال، أستطيع أن ألخص في ثلاث كلمات السر وراء علاقة قوية ومشبعة جمعتني مع زوجتي طوال هذه السنوات: «نعمة الله العجيبة»!
في هذا الحديث عن أسرار السعادة، أريد أن أشارك ببعض مما تعلمته من خبرة زواجي، ومما لاحظته من أسباب للسعادة أو التعاسة خلال المرات التي أتاحت لي امتياز أن أقدم مشورة أسرية لآخرين. وبينما لا أدعي أن ما سأشارك به قد تحقق كله بالضرورة في حياتي الشخصية، لكني بالتأكيد حاولت جاهدًا أن أعيش عمليًا ما أنصح به.. ومثل كل الأزواج، نجحت في تطبيق بعض هذه الأسرار، وفشلت مرات كثيرة. على أية حال ما زلت أحاول وأتعلم!
بغض النظر عن عدد سنوات زواجك، أدعوك لتحاول الإجابة على السؤال: "ما الذي يجلب السعادة في علاقتك مع شريك حياتك؟" لعل هذه المحاولة تأخذك إلى مرحلة جديدة من السعادة؛ وربما تستطيع أيضًا أن تضيف أسرارًا أخرى إلى القائمة التالية التي وجدتها توفر لي مصدرًا لا ينضب للبهجة والشعور بالاكتفاء في زواجي.
علاقة اختبارية مع شخص المسيح المخلِّص.. اختبار مغفرة الخطايا بوضع ثقتنا في شخص المسيح الفادي هو الأساس الذي نبني عليه علاقتنا مع الله والناس. لكن هذا الاختبار لا يغير الحياة إلا بالمقابلة اليومية مع الرب بقراءة الكلمة المقدسة، وسكب القلب في صلاة تعبر بصدق عن اشتياقاتنا نحوه، وتضع أمامه احتياجاتنا والتحديات التي تواجهنا في حياتنا اليومية.. «فلْنَتَقَدّمْ بِثِقَةٍ إلى عَرشِ واهِبِ النّعمَةِ لنَنالَ رَحمَةً ونَجِدَ عونًا يُعينُنا عِندَ الحاجَةِ» (عبرانيين ٤: ١٦). لا شيء يحقق الاحترام المتبادل بين الزوجين مثل إيمان مشترك يجمعهما، وأهداف روحية مشتركة تأتي بهما أمام الرب في الصلاة.
تقدير عطية الله للاختلاف والتميز في شخصية شريك الحياة.. الكثيرون يقضون سنوات العمر بلا فائدة في محاولة تغيير بعضهم البعض ليصبح الواحد منهما مطابقًا للآخر، بدلاً من التمتع ببركة الاختلاف بين شخصيتيهما. تُرى هل أخطأ الله عندما خلق الرجال مختلفين عن النساء في التكوين وطبيعة الشخصية؟ يجيب الوحي المقدس على هذا السؤال: «لأنك اقتنيت كُليتي، نسجتني في بطن أمي. أحمدك من أجل أني قد امتزت عجبًا» (مزمور ١٣٩: ١٣ و١٤أ). فكر قليلاً في مواضع القوة لدى شريك حياتك، والتي قد تراها مصدرًا للتوتر بينكما: هل يمكن أن تكون هي الأداة التي يستخدمها الله لكي يكمل الجوانب الضعيفة لديك؟ «المحبة تستر كثرة من الخطايا (أو الأخطاء)» (١بطرس ٤: ٨).
احذر من ترديد الأكاذيب التي تهدد زواجك.. ”مفيش فايدة“، ”مش ممكن ها تتغير/ تتغيري أبدًا“، ”كان يوم أغبر لما عرفتك“، ”يا ريتني كنت سمعت الكلام قبل ما أقع فيك“.. وغير ذلك من الأكاذيب التي يهمس بها الشيطان في آذاننا في ساعة الغضب، ومتى نطقنا بها تُحدث شرخًا في العلاقة مع شريك الحياة، حتى وإن قيلت دون أن يقصد معناها حرفيًا. حتى تعطي فرصة للسعادة أن تملأ بيتك تَعهد أمام الله، بالاتفاق مع شريك حياتك، أن تعملا معًا بتعقل على حل المشاكل عندما تهب رياحها، ولا تسمحا للأمور أن تتعقد بما يصدر عنكما من كلمات قاسية أو مهينة في لحظة الانفعال. من الحكمة ألا تتخذا أي قرار يتعلق بعلاقتكما في وقت الغضب. كم من مرة عندما هدأ غضبي تفتحت عيناي على خطئي فاعتذرت بعدما صليت: «اختبرني يا الله واعرف قلبي، امتحني واعرف أفكاري، وانظر إن كان في طريق باطل، واهدني طريقًا أبديًا» (مزمور ١٣٩: ٢٣ و٢٤).
التواصل لا يعني أن تتكلم وتسمع فقط.. التواصل الفعال يعني التركيز مع الآخر لفهم المعنى الذي يريد أن يقوله بكلماته. يوصينا الرسول يعقوب: «ليكن كل إنسان (زوج أو زوجة) مسرعًا في الاستماع، مُبطئًا في التكلم، مُبطئًا في الغضب؛ لأن غضب الأنسان لا يصنع بر الله» (يعقوب ١: ١٩). الغضب يعوقنا عن الفهم، وعندئذ نتصرف بطريقة لا ترضي الله. الاجتهاد لفهم الطريقة التي يعبر بها شريك الحياة عن أفكاره وآرائه يحتاج لبعض الوقت، لكنه يأخذ العلاقة خطوة للأمام.. «المشورة (معاني الأفكار) في قلب الرجل (والمرأة أيضًا) مياه عميقة، وذو الفطنة (الفهيم) يستقيها (يستخْرِجُها)» (أمثال ٢٠: ٥).
كم من الوقت تحتاجه لتعرف زوجتك، وتعرفين زوجك؟ أعتقد لبقية العمر معًا! كل منا يفهم مشاعر الحب بطريقته الخاصة.. وأيًا كانت هذه الطريقة: التقدير بالكلمات، الخدمة العملية، التلامس الجسدي، قضاء وقت له معنى، الهدايا في مناسبتها؛ فإن ما يبطل تأثير هذه الطرق، وبل يجرح المشاعر، أن تكون محبتنا مشروطة بمقابل نتوقعه من الآخر. الحب المسيحي يختار أن يعطي حتى لو بدا أن عطاءه من طرف واحد. الحب ليس مشاعر مجردة.. الحب يعني الصبر وتوقع الأفضل، ويعني المغفرة المتجددة. الحب والمرح قرينان.. الغم والنكد لا يقتلان الحب فقط، بل معهما تنقضي أيام الحياة بلا معنى.. «القلب الفرحان يُطيب (دواء) الجسم، والروح المنسحقة (الكآبة) تُجفف العظم (روماتيزم العلاقات)» (أمثال ١٧: ٢٢). الحب يعني أن تغمر النعمة العلاقة بين الزوجين، فلا تهزمهما الصعاب؛ لأن المحبة لا تفشل أبدًا.
بالنسبة للكثيرين مناسبة نهاية عام وبدء عام جديد تكون أوقاتًا سعيدة يقضونها مع العائلة والأصدقاء. لكن بالنسبة للبعض يمكن أن تكون تذكيرًا مؤلمًا لعلاقات مكسورة، ووعودًا محطمة، أو فشلًا شخصيًا. لقد قصدت بمشاركتي هذه عن أسرار السعادة أن أضع أمامك قبل أن تخطو إلى عام جديد تحدي أن تتصالح مع إلهك، وتقف بهدوء مع نفسك لتراجع ما يحدث في حياتك، ثم تقترب بتواضع من شريك حياتك لتصلح علاقة فترت، وتعود لتحيي من جديد وعودًا قطعتها على نفسك يوم زفافك، وتنفض عنك غبار الفشل؛ فتسعد في أيامك قبل أن تمر سريعًا مرور الطير، فتمضي إلى حيث لا عودة. صلاتي لكم في العام الجديد: «علِّمْنا (يا رب) أنَّ أيَّامَنا مَعدُودَةٌ، فتَدخُلَ إلى قلوبِنا الحِكْمةُ» (مزمور ٩٠: ١٢).
(نُشر بجريدة وطني بتاريخ ٣١ ديسمبر/كانون الأول ٢٠١٧)
Copyright © 2017 Focus on the Family Middle East. All rights reserved