بقلم: داربي ستريكلاند
داربي ستريكلاند، مشيرة ومعلمة بمؤسسة Christian Counseling & Educational Foundation، وهي تحدد معنى الإيذاء الجنسي في الزواج، وتشرح كيف تتعرض النساء للقهر جراء هذا الإيذاء.
------------------------
تقول جانيت: ”في أحد الأيام من شهر العسل في بداية زواجي أردتُ أن نخرج سويًا لتناول العشاء في مكان لطيف. وعندما رجعنا أردت فقط أن نتحدث ونتعانق. لكن زوجي ظل يتقدَّم نحو العلاقة الجسدية، وكنت أصده بمداعبة. لا أفهم ما حدث بعد ذلك، لأنه ظهرت فجأة نظرة غريبة في عينيه وقال: "لن أقبل عدم الاحترام والرفض منكِ. ولن تكون بداية زواجنا هكذا". الشيء الثاني الذي أتذكره أنه طرحني بقوة واقترب مني جسديًا بغير إرادتي. أتصور أنه كان غاضبًا وكنتُ خائفة جدًا، لذلك لم أقاومه. لم أشاهده على هذا النحو أبدًا. وحتى يومنا هذا، لا أستطيع أن أستوعب كيف استطاع أن يفعل هذا بي بينما كنت أبكي. كيف لم يهتم بأني كنت مذعورة وكان يؤذينني؟“.
بحكم عملي كمشيرة سمعت الكثير من القصص عن نساء مسيحيات مثل جانيت التي اغتُصبت في شهر العسل في بداية زواجها. هؤلاء النساء أُجبرن في وقت مبكر من زيجاتهم على أن يخضعن وإلا تعرضن للعنف والإرهاب.
ربما يصبح الرجال ضحايا للعنف المنزلي أيضًا، ونصائح داربي ستريكلاند يمكن انطباقها على الرجال. لكن داربي تخاطب الزوجات خصيصًا بنصيحتها، لأن ٨٥% من ضحايا العنف المنزلي هم من النساء، وخبرة داربي تتركز حول تقديم المشورة للنساء.
عندما بدأتُ تقديم المشورة لم أكن أدرك أنني كنت بحاجة إلى الانتباه الشديد للإيذاء الجنسي في الزواج -وهو ما يتضمن ما هو أكثر من العنف البدني والاغتصاب. وعندما رأيت انتشار هذا الإيذاء شعرتُ بالاهتمام العميق بحقيقة أن الكثيرين في الكنيسة لا يزالون غير واعين بوجود الإيذاء الجنسي في الزيجات المسيحية.
كثيرًا ما تلجأ الزوجات المسيحيات للمشورة بسبب القلق أو الاكتئاب، وأحيانًا بسبب الذنب الذي يشعرن به لافتقارهن للرغبة الجنسية تجاه أزواجهن. هؤلاء النساء كثيرًا ما يكن غير واعيات بجذور معاناتهن بسبب شعورهن بالارتباك وعدم القدرة على رؤية أن هناك شيئًا غير طبيعي يحدث لهن.
دعونا في البداية نعرِّف بشكل محدد الإيذاء الجنسي في الزواج.
ما هو الإيذاء الجنسي في الزواج؟
لقد صمم الله العلاقة الجسدية بين الزوجين ليعبرا من خلالها عن حميميتهما العاطفية والروحية. والأعمق من هذا أن محبة كل طرف يُقصد بها أن تكون صورة لمحبة المسيح لنا نحن كنيسته. محبة المسيح تتسم بطول الأناة، واللطف، والصدق، والتضحية، والقبول، والإكرام، والأمانة، والاهتمام. بحسب التصميم الإلهي، هذا النوع من الحب يجب أن يسود العلاقة الزوجية، بما في ذلك الحميمية الجنسية بين الزوجين.
للأسف عندما ننظر إلى زيجات تتعرض للإيذاء الجنسي، فنحن نواجه شيئًا مختلفًا جدًا. نحن نرى الجنس يتشوه على يد مَن يشتهون إشباع رغباتهم بأي ثمن. في زيجات كثيرة جدًا، لا يمثل الجنس صورة لتبادل الحب والحميمية، بل على العكس يتم تشويهه بالهيمنة والتلاعب.
الإيذاء الجنسي في الزواج هو مصطلح واسع يمكن أن يضم داخله الكثير من التصرفات الشنيعة والاستغلالية. أسوأ الانتهاكات تحدث عندما يُطلب الجنس بإلحاح، أو يؤخذ بالقوة، كما في حالات الاغتصاب أو الممارسات الجنسية بالإكراه. بعض السلوكيات الإيذائية الأخرى تتضمن إدخال أشياء غير مرحب بها في العلاقة الجنسية، مثل المواد الإباحية أو الأدوات الجنسية، أو تتضمن طلب ممارسات جنسية غير مرغوب فيها، أو التلصص، أو التجسس. الإيذاء الجنسي في الزواج يمكن أن يتسم بالتلاعب والإكراه. في مثل هذه الحالات، يستخدم المعتدي ضغطًا مستمرًا أو تهديدات من أجل إجبار الطرف الآخر على جماع جنسي حتى بعد أن يعبر الطرف الضحية عن الرفض أو عدم الارتياح.
من الضروري لنا أن نوضح ما لا يُقصد به الإيذاء الجنسي في الزواج. أزواج كثيرون يصارعون مع اختلافات في شهيتهم الجنسية ودرجات ارتياحهم. في العلاقات السوية يمكن للزوجين أن يتناقشا، أو ربما يتجادلان، حول رغباتهما الجسدية المختلفة بدون ضغط أو خوف أو رفض. يجب أن يكون الزوجان قادرين على التعبير عن تفضيلاتهم المختلفة بدون أن يفرض أحدهم على الآخر رغباته في شكل من الإلحاح أو الإكراه.
كذلك ليس كل استخدام للإباحية يمثل إيذاءً. إن استخدام الإباحية أو صناعتها يمثل خطية في كل الأحوال، لكنه لا يمثل إيذاءً إذا لم يكن الأمر غير مرغوب فيه. الاتفاق المتبادل على سلوكيات شريرة هي ببساطة خاطئة -وليست إيذاءً. الإيذاء يتطلب إجبارًا.
معتقدات خاطئة عن الجنس
١- الرجال يحتاجون إلى الجنس.
٢- الامتناع عن الجنس يمثل خطية دائمًا.
٣- شريك الحياة له حقوق في جسدك في أي وقت وبأي طريقة.
مَن يمارسون الإيذاء يحبون أنفسهم أكثر من أي شيء آخر
الشعور بالاستحقاق غير المبرر هو ما يغذي الإيذاء. هذا الاستحقاق غير المبرر يقول: ”احتياجاتي ورغباتي يمثلان أولوية. وظيفتكِ أن تجعلني سعيدًا“. أما هذا الشعور بالاستحقاق عندما يصاحبه الإيذاء فيقول: ”إذا فشلت في تسديد رغباتي، سأقوم بإيذائكِ“. المعتدون المؤذيون جنسيًا يعتقدون أن من حقهم أن يمارسوا الجنس، ويحبون أنفسهم ومتعتهم الشخصية إلى درجة أنهم مستعدون إلى إلحاق الضرر بشخص آخر حتى يشبعوا رغباتهم.
منذ سنوات صادفت دراسة في كتاب بعنوان (Real Rape, Real Pain) لمساعدة النساء المعتدى عليهن جنسيًا من شركائهم الذكور. ساعدتني هذه الدراسة على فهم أفضل لما يجري داخل قلب الإنسان المعتدي. قامت الدراسة بتوجيه السؤال للمغتصبين -من كلا الطرفين ومن الغرباء- لماذا قاموا بالاغتصاب. وتوصلت الدراسة إلى أنه سواء قام رجل باغتصاب امرأة غريبة أو زوجته أو خطيبته، فهو يفعل هذا لنفس الأسباب: السيطرة، الغضب، الانتقام، الإثارة الجنسية الناتجة عن إحداث الألم والخوف، وتفضيل للجنس تحت الإكراه أكثر من التراضي، وشعور عميق بالاستحقاق غير المبرر.
الأزواج الرجال لا يمارسون الإيذاء الجنسي على زوجاتهم لأن الجنس هو احتياج بيولوجي عندهم وهو ما تفشل الزوجات في تسديده. إنهم لا يفعلون هذا كما زعم الكثيرون ليحفظوا أنفسهم من الخطية –أو من الانحراف عن مخدع الزوجية. أمّا الأزواج الذين يمارسون الإيذاء الجنسي على زوجاتهم فإنهم يفعلون هذا لأنهم يحبون أنفسهم ومتعتهم لدرجة أنهم يفتقرون إلى ضبط النفس (راجع تيموثاوس الثانية ٣: ٢- ٥). هؤلاء الرجال لديهم الاستعداد للتصرف بتهور وخيانة وعنف وبلا رأفة، ومحبتهم لأنفسهم ليس لها حدود.
أمثلة عن الإيذاء الجنسي في الزواج
كما هو الحال في أي سلوك خاطئ، هناك بعض الأنماط داخل الإيذاء الجنسي يمكن رصدها بمرور الوقت. السمات المشتركة للإيذاء الجنسي تتضمن ضغطًا وإلحاحًا مستمرًا، وازدراء مصحوبًا بالقسوة، وتصرفات غير مرغوب فيها، وإجبارًا، واحتقارًا، واتهامات بالخيانة، واستخدامًا للجنس كورقة مساومة، وإيذاءات باستخدام التكنولوجيا. الأمثلة التالية للإيذاء الجنسي في الزواج تمثل فقط بعض القصص القليلة من نساء مسيحيات متزوجات من رجال يُسمون مسيحيين.
كارين
منذ أسابيع قليلة، بدأ زوجي يجعلني أشاهد فيديوهات إباحية، ويطلب مني أن أعيد تنفيذ ما أشاهده. أحاول أن أفعل ذلك، لكنني أشعر بالدنس بسبب ذلك، كما أن بعض الممارسات تكون مؤلمة. أحاول أن أخبره أن هذه السلوكيات لا تكرّم اسم الله، لكنه يقول: ”أنت شخصية معقدة. لقد أعطاني الله زوجة هي أكثر النساء برودة وعدم اهتمام على سطح الكوكب. وإذا لم تهتمي بذلك، سأترككِ لأرتبط بامرأة أخرى تعرف كيف تحبني وتؤدي واجبها نحوي بفرح“.
جين
في إحدى المرات بعد أن أجريت جراحة لاستئصال المرارة، ولم نكن قد مارسنا الجنس منذ أسبوعين. وعندما ذهبت لأحاسب على مشترياتنا في المتجر لم أجد رصيدًا في البطاقة البنكية. فيما بعد أخبرني زوجي أنني كنت أهمله، وأنني كنت بحاجة لأختبر كيف تكون المشاعر حين لا تحصلين على ما تحتاجينه.
آني
بوب يريد الكثير من الجنس. وإذا رفضت الحميمية معه يصبح في حالة مزاجية صعبة مع الأطفال في اليوم التالي. ويصبح متوترًا جدًا وصاخبًا بشكل يخيف كلبنا. أحاول أن أتدخل وأخبره بألا يصبح خشنًا جدًا ويعاقبنا بهذا الشكل. لكنه يصيح في وجهي ويقول: ”إذا أردت أن أكون في حالة مزاجية جيدة، فمهمتك أن تجعليني أولوية أولى“. وفي ليالٍ كثيرة أقدِّم له الجنس حتى أوفر على أطفالي الإيذاء.
سيندي
عندما كنت أخرج مع أصدقائي من الكنيسة، فإن بيتر يتصل بي كل ٢٠ دقيقة. أحيانًا يجد أسبابًا لي لأجعل أحدهم على التليفون ليتأكد أنني في المكان الذي أخبرته به. كان مقتنعًا بأنني حبيبة مخلصة. وعندما أصل البيت كان يصر على ممارسة الجنس الفموي، قائلاً بإنه يجب عليَّ إثبات إخلاصي له وأساعده على التعامل مع ”ضغط الشك“ الذي وضعته عليه.
ديدي
كنتُ أرضع طفلي فأجد كريس فجأة يمطر موبايلي بالرسائل الجنسية. كنت أخبره أنها تزعجني. وكنت أقول إنه يحتاج أن يساعدني على الدخول في الحالة المزاجية المناسبة للعلاقة، لأنه بعد ولادة طفلي لم أعد مهتمة بالجنس كالسابق. في إحدى المرات أقنعني بأن أرسل له بعض الصور. والآن يهددني بها، ويقول بإنه سيجعل أختي تشاهدها لتعرف أنني امرأة عاهرة إذا لم أستطع أن أجعله سعيدًا باستمرار.
تأثير الإيذاء الجنسي في الزواج
للإيذاء الجنسي تأثيرات مدمرة على الشخص، وهذه التأثيرات تتعقد عندما يحدث الإيذاء في الزواج. اثنان من هذه التأثيرات -أي التحديات الإيمانية والشعور بالخزي- يتركان الضحية مع شعور بالارتباك الشديد والصمت في أحيان كثيرة.
تكشف الإحصائيات أن الاعتداء الجنسي أو الجنس بالإكراه يحدث فيما يقرب من ٤٠- ٤٥% من العلاقات الزوجية التي تضمنت عنفًا لفظيًا أو بدنيًا. الاغتصاب الزيجي يحدث في ١- ١٤% من كل الزيجات. هذه الأعداد ينبغي أن تزعجنا، وينبغي أيضًا أن تجعلنا نسأل لماذا لا نسمع الكثير عنها.
نحن لا نسمع الكثير عن الأمر لأن كثيرين من الضحايا يحتفظن بالصمت. في كثير من الأحيان لا يعلن النساء عن الإيذاء الجنسي في الزواج، ولا حتى في المشورة. والشعور بالخزي هو العامل المساهم في ذلك، لكن الضحايا كثيرًا ما يختبرون الارتباك بشأن ما يحدث لهم. بمرور السنين كان لديَّ المئات من المحادثات مع النساء الذين تعرضن للإيذاء الجنسي على يد أزواجهن، ولكنهم لم يكونوا مدركين لذلك. هؤلاء النساء يعرفن أن هناك شيئًا خاطئًا يحدث لكن لا يدركن ما هو هذا الشيء.
مصادر الشعور بالارتباك
من خلال خبرتي، هناك مصدران رئيسيان لهذا الشعور بالارتباك:
١- التعليم غير الكتابي
المصدر الأول للارتباك هو الانتشار الواسع للتعليم غير الكتابي عن الجنس في الزواج. مثل هذا التعليم يضع مسؤولية عفة الرجل على زوجته وعلى قدرتها على تقديم قدرٍ غير محدد من الجنس. لكن ليست وظيفة الزوجة أن تحمي زوجها من الخطية. كل إنسان مسؤول عن خطيته (انظر لو ٦: ٤٥). غير أن بعض قادة الكنائس قد روجوا لمعتقدات مغلوطة عن هذا الأمر، على سبيل المثال:
الرجال يحتاجون إلى الجنس.
الامتناع عن الجنس يمثل خطية دائمًا.
شريك حياتكِ لديه حقوق في جسدكِ في أي وقت وبأي طريقة.
تم تجاهل دعوة الله عن العطاء المتبادل بشكل سوي وبالتراضي، وأصبح الجنس حسب الطلب يبدو أنه يتوافق مع مشيئة الله. هذه التعاليم تصور على نحو خاطئ إلهًا ليس متبلدًا فقط تجاه معاناة الضحايا بل يوصي بذلك أيضًا. وهذا من شأنه أن يدق اسفينًا في علاقة الزوجة بالله، في الوقت الذي تحتاج الزوجة لله احتياجًا ماسًا. يحتاج المسيحيون أن يدركوا بوضوح تصميم الله للجنس بحيث لا نضيف إلى الفوضى الحادثة بالفعل في قلب الضحية وذهنها.
في مرات كثيرة، التعليم السيئ يساعد على أن تصدق الزوجات أن أكاذيب أزواجهن عن الإيذاء الجنسي في الزواج هي الوضع الطبيعي. وسوء تفسير بعض النصوص مثل كورنثوس الأولى ٧: ٢- ٥ (والذي يفسره بعض الناس على أنه يقول إن الجنس واجب شرعي تلتزم الزوجة بالقيام به) قد ساهم في تعقيد مشاعر الذنب والمعاناة لدى هؤلاء الزوجات. هذا النص يُساء استخدامه ويُساء فهمه بشكل شائع جدًا بحيث أصبح من الضروري جدًا أن نفهم ما يقوله النص بالفعل.
كورنثوس الأولى ٧: ٤ تحارب فكرة أنه من حق الزوج أن يمارس الجنس وقتما وكيفما أراد طالما جسد الزوجة هو ملك له: ”لَيْسَ لِلْمَرْأَةِ تَسَلُّطٌ عَلَى جَسَدِهَا، بَلْ لِلرَّجُلِ. وَكَذلِكَ الرَّجُلُ أَيْضًا لَيْسَ لَهُ تَسَلُّطٌ عَلَى جَسَدِهِ، بَلْ لِلْمَرْأَةِ“.
إذا قرأنا هذه الآية حتى نهايتها، سنتعلم أنه ليس فقط أن الزوجة ليس لها سلطان على جسدها، بل الزوج أيضًا بالمثل ليس له سلطان على جسده -بل لزوجته.
هذا يعني أنها تستطيع أن تخبر جسده بألا يفعل أشياءً معينة لجسدها. يقول بولس هنا إن كل شريك له سلطة متساوية متبادلة على جسد الآخر. وبالتالي ليس لأحد الزوجين أن يجبر الآخر على فعل أي شيء لا يريد أن يفعله.
ينبغي أن يتضمن الجنس تقديم كلا الشريكين للحب والمتعة للآخر. وإذا لم يشعر أحد الطرفين بالارتياح تجاه شيء ما، فلا يصح أن يُفعل هذا الشيء. الجنس لا يعني مطلقًا إجبار إرادة الآخر أو جعله يشعر بعدم الارتياح. بل إن مغزى الجنس هو أن يقدم كلا الشريكين جسده للآخر طواعية، ويتعهد بأن يستخدم جسده فقط بطرق تتفق مع التصميم الإلهي (انظر كورنثوس الأولى ٦: ١٦- ٢٠).
٢- تكتيكات من أجل التلاعب
العامل الثاني الذي يساهم في شعور الزوجة بالارتباك هو التكتيكات التي يستخدمها الزوج بغرض التلاعب. الرجال الذين يمارسون الإيذاء يريدون لزوجاتهم أن يصدقن أنهن مسؤولات عن تكدير الحياة الزوجية، لأن شعور الزوجة بالخزي يجعل من السهل عليه أن يهيمن عليها.
مَن يمارسون الإيذاء كثيرًا ما يستخدمون الإجبار ليحصلوا على الموافقة على طلباتهم. وبرغم أن الإكراه في حد ذاته هو سلوك إيذائي واضح، فإنه مع ذلك يساهم في الشعور بالارتباك تجاه الإيذاء. على سبيل المثال، إذا طلب زوج الجنس بشكل متكرر وزوجته تعرف أنه سيعاقبها وسيعاقب أبناءها بطريقة ما إذا لم تذعن لطلبه، فربما تستسلم لطلبه حتى تتجنب النتائج الأصعب.
الشيء المربك في الإكراه أنه إذا رضخت الزوجة فهي تصدق أنها وافقت على ممارسة الجنس. وبالتالي من الصعب عليها أن تدرك بوضوح ماذا يحدث لها. ربما تشعر بأنها ملوثة لكنها تظن أنه من غير المعقول أن تشعر هكذا.
لماذا لا نجد الكثير من الزوجات القادرات على أن يقلن بوضوح: ”زوجي يستغلني جنسيًا“؟ لأن المستغلين يتمتعون بالمهارة والقدرة على إيجاد المبررات ليتملصوا من تحمل مسؤولية إلحاحهم. إنهم يلقون باللائمة على الخمور، أو الوظيفة المليئة بالضغوط، أو إغواء الإباحية، وغيرتهم -وأيضًا غيرة شركاء حياتهم بشكل خاص. وبينما تبدأ الزوجة في الشعور بالأسف تجاه زوجها، فهذا يضيف المزيد من الارتباك لها.
وعندما يزعم الزوج الذي يمارس الإيذاء الجنسي أنه يعاني ويُعذَّب وبحاجة إلى الراحة، فإنه يستغل القلب الطيب لزوجته آملاً أن تشعر بالأسف من أجله ثم تفعل ما يريده منها. إذا لم يفلح هذا، ربما يصعِّد الأمور إلى استخدام التهديدات.. بينما لا يزال يلقي اللوم عليها.
التهديدات الشائعة
”إذا لم تقدمي لي الجنس، سأتوجه إلى الإباحية لأسدد احتياجاتي“.
”لا أستطيع الاستمرار هكذا! نساء كثيرات يرغبن فيَّ. أنتِ لا تتركين لي اختيار سوى تسديد احتياجاتي في مكان آخر“.
”رفضك المستمر لي يعذبني تعذيبًا شديدًا. من الأفضل أن أقتل نفسي بدلاً من العيش في زواج بلا حب“.
في النهاية ربما يستخدم الزوج إيذائه ليجعل الزوجة تشعر بأنها مَن تستحق اللوم على انتهاكاته الجنسية لها بتعليقات مثل:
”لقد فعلت هذا لأني أعرف أنكِ تحبين الجنس ملوثًا“.
”أنا فقط أشعر بالغيرة من كل الرجال الآخرين الذين عاشترتِهم. أريد ما أخذوه منكِ“.
”أنا أساعدكِ حتى لا تصبحين باردة وفاترة جنسيًا“.
”أنتِ تتصرفين مثل عاهرة في السرير. لا أستطيع أن أمنع نفسي“.
هذان التكتيكان -الإكراه وإلقاء اللوم على الضحية- يجعل مثل هؤلاء الرجال مقنعين جدًا، وهم يتركون ضحاياهم بلا حراك منغمسين في الشعور بالخزي. هل من المستغرب بعد ذلك أن تشعر الزوجات اللواتي يتعرضن للإيذاء الجنسي بالارتباك من جهة حالتهن ولذا يلجئن إلى الاحتفاظ بالأمر سرًا.
المساندة والرعاية
حتى نساعد هؤلاء النساء على التخلص من ارتباكهن، لابد أن نطرد ونعري الخرافات التي تحاصرهن. بوسعنا مساعدتهن على تحديد التكتيكات التي تستخدم في الإكراه، وتفسير المشاعر التي يشعرن بها. نحتاج أن نفند التعاليم الخاطئة، ونفضح التلاعب، ونضع اللوم على مَن يستحق اللوم، ونجعلهم يتصلون مرة أخرى بالله المخلص الذي يتألم لآلامهن ويرغب في حمايتهن.
© 2021 Focus on the Family. All rights reserved. Used with permission. The article was adapted from Is It Abuse, published by P & R Publishing Company, © 2020 Darby A. Strickland.