Submit to FacebookSubmit to Google PlusSubmit to TwitterSubmit to LinkedIn

 

هل انا سي السيد في بيتي ٥ inside

بقلم: سامي يعقوب

المزيد من هذه السلسلة:

هل أنا ”سي السيد“ في بيتي؟! (١)          هل أنا ”سي السيد“ في بيتي؟! (٢)     هل أنا ”سي السيد“ في بيتي؟! (٣)

هل أنا ”سي السيد“ في بيتي؟! (٤)          هل أنا ”سي السيد“ في بيتي؟! (٥)     هل أنا ”سي السيد“ في بيتي؟! (٦)

 

في سلسلة أحاديثي عن شخصية «سي السيد»، وتناقضها في طبيعتها وسلوكها مع ما يجب أن تكون عليه شخصية الرجل المتحضر والزوج المسيحي، أردت أن أثير الحوار حول كيفية تعاملنا كرجال مع زوجاتنا. فمن متابعتي للواقع الذي نعيشه في مجتمعاتنا اليوم، وتزايد حالات فشل الزيجات، خاصة بين حديثي الزواج من أبنائنا، يبدو لي أن كثيرين لا يزالون متمسكين بالمفاهيم المغلوطة والشكلية للرجولة! فبالرغم من المحاولات المجتمعية والدينية لنشر ثقافة المساواة بين الرجل والمرأة في القيمة، مع الإقرار باختلاف دور ومسؤولية كل منهما في منظومة الزواج، إلا أن سطوة الزوج والعنف الذي تتعرض له الزوجة من المظاهر المؤسفة التي لا تزال موجودة بيننا، مع أنها لا تليق بأية حال بمَنْ يدعى عليهم اسم المسيح!

ما أعجب أن يكون البعض في قمة الرقي واللطف عند تعاملهم مع الآخرين خارج البيت، فينتقي الواحد منهم كلماته بعناية عندما يتحدث مع زملائه وزميلاته في العمل، أو مع عميل في شركته الخاصة.. يستمع بإصغاء، ومتى اختلفت وجهات النظر هناك دائمًا مساحة للتعبير عن الرأي في جو من الود والاحترام المتبادل.. إلا أن نفس هذا الرجل اللطيف الرائع، والذي قد يحسد البعض زوجته عليه، يكون شخصًا مختلفًا تمامًا في البيت! إن الشخصية الحقيقية للزوج هي التي يعيشها خلف الأبواب المغلقة مع زوجته وأبنائه، عندما يكون غير مجبر على ضبط انفعالاته، أو حريصًا على الالتزام بالذوق والأدب في كلامه وتصرفاته.

العنف ضد الزوجة غير قاصر على الضرب أو "التطاول الجسدي"؛ فالعنف المعنوي أشد قسوة عليها من الإهانة الجسدية. إن التقليل من شأن زوجتك ظنًا بأنها أقل قدرة منك على التفكير السليم يعد عنفًا معنويًا تمارسه ضدها، وقهرًا غير مستحق لإمكانياتها وقيمتها كإنسانة. التوبيخ واللوم بالكلمات القاسية الذي تتعرض له الزوجة، لأي سبب من الأسباب، خاصة أمام الأبناء أو في حضور الغرباء، هو عنف لفظي.. «فم الصديق ينبوع حياة، وفم الشرير يملأه العنف» (أمثال ١٠: ١١).

أما العنف الجنسي، الذي قد تعاني منه الزوجة أثناء ممارسة العلاقة الحميمية مع زوجها، فهو من أسوأ أنواع العنف الذكوري التي تتعرض له المرأة! فرغم أن هذه العلاقة الخاصة يُطلق عليها صفةالحميمية، إلا أنها قد تكون بعيدة كل البعد عن هذا المعنى عندما تُعامَل الزوجة كأداة للمتعة، ومجرد وسيلة لإشباع الرغبات الجنسية للرجل، مع أنها إنسانة مثلك تحتاج لأن تأخذ مثلما يُطلب منها أن تُعطي. نحن لا يمكننا أن نلوم امرأة ضاقت بالحياة الزوجية إذا شعرت أنها تزوجت ذكرًا وليس رجلاً!

في الموعظة على الجبل أخذ الرب يسوع الوصية القديمةلا تقتلإلى أبعد من مجرد جريمة القتل المتعمد للجسد عندما قال: «كل مَنْ يغضب على أخيه (أو شريك حياته) باطلاً يكون مستوجب الحكم، وَمنْ قال لأخيه: رقًا (أي يا تافه) يكون مستوجب المجمع، ومَنْ قال: يا أحمق (أي يا قليل العقل)، يكون مستوجب نار جهنم» (متى ٥: ٢٢). إن قتل الجسد عذاب ينتهي بموت القتيل، أما القتل المعنوي للنفس فهو عذاب أشد لأنه يبقى في داخل الشخص ينخر في عظامه، ويملأ قلبه بالمرارة.

كثيرًا ما أتوقف بالتفكير عند معنى كلمة «الرجولة» لعلي أفهمها بشكل أعمق من منظور متحضر، وبما يتفق مع المقاييس الكتابية لها. لعله ليس بجديد القول بأن الرجولةُ ليست بالصراخ والعناد وكثرة الجدال.. الرجولة ليست بفرض السيطرة والقهر، وليست بالنظرة التي تستعلي مكانة الرجل على المرأة. مَنْ يظن أن الرجولة هي الصوت المرتفع، والفرمانات واجبة النفاذ، لم يدرك بعد ما تعنيه الرجولة بالنسبة للمرأة! فزوجتك ترى رجولتك في حنانك الذي تغمرها به.. في شعورها بالأمان والحماية وهي معك.. في احتوائك لها بالحب وليس بالتخويف أو التهديد. تلخص الشاعرة والكاتبة الجزائرية المعاصرة، أحلام مستغانمي، هذه المعاني بقولها: "الرجولة هي ثقافة النظرة وسط جهل العيون، وهي حضارة الكلمة وسط الصمت، وهي الذراع التي تمتد لتحمي، والعقل الذي يفكر ليصون، والقلب الذي ينبض ليغفر."

دراسة بحثية أمريكية شارك فيها عدة مئات من الرجال تتراوح أعمارهم بين ١٨ و٥٠ عامًا، خلُصت إلى أنه إذا تهددت ذكورة شخص ما لسبب أو آخر فإن ردود أفعاله غالبًا ما تكون مبالغ فيها لمحاولته إثبات رجولته التي شعر أنه سيفقدها! بكلمات أخرى، الرجل الذي يشعر في نفسه بأنه أقل رجولة من غيره يكون أكثر ميلاً للسلوك العنيف مقارنة بالذي يتمتع بقدر كاف من تقدير الذات والثقة بالنفس.      

نص كتابي حاسم، ربما لا يحتاج لشرح أو تعليق، يقارن فيه الرب على فم النبي ملاخي بين خيانة شعبه له، وخيانة أي زوج لامرأته، وما يترتب على ذلك من نتائج، يقول: «غمرتم مذبح الرب بدموع البكاء والنحيب؛ لأنه لا يلتفت إلى التقدمة (صلواتكم وعبادتكم) من بعد، ولا يرضى بها من أيديكم، وتقولون: لماذا؟ فأقول لكم: لأن الرب كان شاهدًا بينك وبين امرأة شبابك التي غدرت بها وهي قرينتك، والمرأة التي عاهدتها على الوفاء. أمَا هو الله الذي خلق منكما كائنًا واحدًا له جسد وروح؟ فاحذروا، ولا يغدر أحد بامرأة شبابه. فمَنْ أبغض فطلق، قال الرب إله إسرائيل، يلبس لباس العنف. فاحذروا ولا تغدروا.. قال الرب القدير» (ملاخي ٢ : ١٣ - ١٦ الترجمة العربية المشتركة). هذه كلمة الرب أختم بها حديثي هذه المرة، لعلها تنفذ إلى قلب وعقل مَنْ يهمه الأمر.


 (نُشر بجريدة وطني بتاريخ ٤ نوفمبر/ تشرين الثاني ٢٠١٨)

Copyright © 2018 Focus on the Family Middle East. All rights reserved.