اتصل بنا AskFocus Arabic كتب ومصادر برامج

تليفونيًا، أو بالإيميل،

أو زيارتنا

لما يكون عندك مشكلة

تتعلق بأسرتك

باللغتين العربية والإنجليزية

لكل أفراد العائلة

للزواج، والتربية، والمراهقة،

والرؤية الكونية

       

    

مراحل الامومة

ايذاء وتجريح النفس

 

ماجي تبلغ من العمر ١٣ عامًا، وهي ابنة لوالدين مطلقين، وقد تزوج كل من والديها مرة أخرى، وكان عليها أن تنتقل لتعيش مع والدها وزوجته الجديدة. ومما زاد الأمر سوءًا، أن زوجة أبيها كان لديها ابن في عمر المراهقة أيضًا، وقد سبق أنه تنمر عليها في المدرسة. ويبدو أن والد ماجي لم يفهم سبب انزعاجها. وعندما طلبت من أمها أن تنتقل للعيش معها، رفض زوج أمها ذلك.

لذا وجدت ماجي نفسها تعيش في بيئة تبدو غير آمنة بالنسبة لها. وبسبب ذلك لم تشعر إلا بالكراهية تجاه والديها. ولكي تتعامل مع هذا الاضطراب العاطفي الداخلي، فقد بدأت في تقطيع جلدها. في النهاية انتهى الأمر بها أمام أحد المعالجين النفسيين.

 

وقد أخبرت المشير النفسي: "أقطّع جلدي بحيث أُظهر لوالدي كراهيتي الشديدة لهما، وكيف سبَّبا لي ضررًا  شديدًا. وأشعر بأنني أفضل عندما أقطّع جلدي؛ لأن الوجع الذي بداخلي يفارق جسدي بينما أنزف الدم."

إيذاء النفس موجود عبر التاريخ، رجوعًا إلى اليونان القديمة. لكن اليوم قد يصور المراهقون أنفسهم بالـﭬيديو بينما يؤذون أنفسهم، ثم يشاركون ذلك على الإنترنت مع أي أحد يريد المشاهدة. المراهقون الذين يفعلون هذا لديهم جمهور، وتعاطف، واستجابة فورية. في الواقع هناك مجتمع معزول ممَنْ يمارسون تقطيع الجلد، مع مواقع إلكترونية تهدف إلى توفير إرشادات لممارسة تقطيع الجلد "بشكل آمن"، ونصائح حتى لا يُكتشف أمرك. السوشيال ميديا تقدّم نهرًا لا يتوقف من البوستات التي تصور جاذبية هذا السلوك، ومنافعه، والراحة المترتبة عليه.

 

للأسف، إيذاء النفس ليس ظاهرة هامشية. تُسجل ما يقرب من مليونين من حالات تقطيع الجلد كل عام (وهناك كثير من الحالات التي لا تُسجل). بشكل تقريبي واحدة من كل خمس إناث، وواحد بين كل سبعة ذكور يجرّح نفسه. وعندما يُسأل الطلبة في المرحلة الإعدادية والثانوية سيخبرونك أنهم يعرفون شخصًا يقطّع جلده.

هذه الظاهرة لها طابع إدماني- وهناك أدلة متزايدة عن المواد الأفيونية التي تُفرز في الجهاز العصبي استجابة لتجريح الذات. هذه الأفيونيات تعمل أيضًا كمسكنات للألم عندما يجرّح المراهق نفسه.

 

 

For Titlesما هو تجريح الجسم بالفعل؟

تجريح الجسم يمكن أن يُنفذ بعدد من الطرق المختلفة. من الوسائل الشائعة ما يلي:

  • تقطيع الجلد: تقطيع متعمد للجلد عند الذراعين، والرجلين، واليدين، ومنطقة الأعضاء التناسلية، وأجزاء أخرى من الجسم، باستخدام أمواس، أو سكاكين، أو زجاج حاد، أو أدوات أخرى.
  • حك الجلد بعنف بممحاة (أستيكة) أو أدوات أخرى حتى يلتهب الجلد.
  • كحت الجلد.
  • وخز الجروح أو آثار الجروح الموجودة بالفعل.
  • تخبيط أو ضرب الرأس في حائط أو شيء آخر صُلب.
  • حرق الجلد باستخدام الكبريت أو السجائر.

 

كثيرًا ما تكون الجروح سطحية، لكن أحيانًا يكون القطع عميقًا لدى المراهقين ويؤدي إلى ضرر جسيم.

إذا مارس ابنك/ ابنتك المراهق تجريح نفسه فهو في المعتاد لا يحاول إزهاق روحه. الجروح قد تصاب بالعدوى، والجروح الغائرة قد تحتاج إلى خياطة، وضرب الرأس في الحائط قد يسبب ارتجاجات في المخ. وأحيانًا بعض الجروح تكون خطيرة وقد تهدد الحياة.

 

 

For Titlesلماذا يؤذي المراهقون أنفسهم؟

يتضمن إيذاء النفس تجريح نفسك متعمدًا لأحد الأسباب التالية:

١- لتخفيف الوجع النفسي. المراهق قد يقطّع جلده كنوع من مواجهة مشاعر الألم النفسي لديه. ومهما بدا تجريح النفس غريبًا لكنه يحتوي على عنصر مريح؛ لأنه يساعد على إفراز الأفيونيات والإندورفينات (وهي مسكنات للألم تُفرز طبيعيًا في الجسم). الألم الجسدي يعمل على تغطية وتشتيت الألم النفسي الذي يختبره المراهق، على الأقل لفترة من الوقت. ومشاهدة جروح الجسم وهي تلتئم يمكن أن يوحي رمزيًا بشفاء الجروح العاطفية. إذا كان المراهقون يعيشون مع نوع من التخدير العاطفي بسبب صدمات في الماضي، فإن ألم تقطيع الجلد يُذكرهم بأنهم لا يزالون على قيد الحياة. إنه خلل إدراكي خلاصته "أنا أتألم، إذًا أنا موجود". في النهاية، المراهقون الذين يقطعون جلدهم يتألمون وينشدون الراحة والهرب.

 

٢- للتعامل مع كراهية مترسخة في النفس. قد يضمر المراهقون الكراهية لصورتهم عن أنفسهم، بسبب شيء اقترفوه، أو فُعل بهم. وربما يشعرون أنه من الآمن أكثر أن يصوبوا غضبهم تجاه أنفسهم بدلاً من الشخص الذي يغضبون عليه في الحقيقة. وأيًا كان السبب وراء غضبهم، فهم يبحثون عن الراحة.

 

٣- بسبب الفضول أو التقليد. ربما رأى أحد المراهقين شخصًا آخر يفعل نفس الشيء على السوشيال ميديا، أو في فيلم، أو التليفزيون، أو في المدرسة، أو بينما كان يقضي بعض الوقت مع أحد الأصدقاء؛ وبدافع الفضول أراد أن يجرب الشعور الناتج عنها. كذلك قد يجرّح الصبيان أنفسهم كعلامة عن الخشونة.

 

هناك أسباب كثيرة مختلفة تفسّر لماذا يُجرّح المراهقون أنفسهم، لكن العامل المشترك هو أن المراهقين الذين يؤذون أنفسهم يختبرون نوعًا من الضيق النفسي ويريدون الارتياح، ويوفر إيذاء النفس لهم هذا الشعور بالارتياح. بالطبع، الارتياح النفسي الذي يحصل عليه من إيذاء النفس لا يدوم طويلاً، وعادة ما يتبعه مشاعر الذنب والخزي. وسواء استطعت أن تفهم الأمر أم لا، على الأقل يجب أن تستوعب ذلك: الأمر كله يتعلق بمستوى فوق الاحتمال من الجُرح والغضب والإحباط ومشاعر العزلة والنفور من النفس. إذا كان ابنك المراهق يجرّح ويقطع جلده، فهو مجروح- بشدة؛ وأفعاله هذه تصرخ بصوت أعلى من كلامه.

 

 

For Titlesكيف نساعد

كوالدين يمكنكما مساعدة ابنكما/ ابنتكما بتعليمه عن كيف يعبّر ويتحكم بشكل أفضل في ضغوطه الداخلية.

تقطيع الجلد مؤشر عن مشكلات التواصل أيضًا. إذا مارس المراهقون تقطيع الجلد، فهذا يعني أنهم عاجزون عن التعبير لفظيًا عن مشاعرهم والتعامل معها بشكل ملائم؛ ولذلك فهم يتبنون وسائل غير سوية للتعبير عنها. تحدث مع طفلك بشكل منتظم، دع ابنك المراهق يعرف أنك تهتم بما يمر به، وأنك متاح للتحدث عما يشعر به. وساعده ليجد كلامات للتعبير عما يجوز به داخليًا. لا تفترض أنه يستطيع أن يقدر أن يفعل هذا بسهولة؛ بل حاول أن تجد نشاطًا تشاركه معه، أنت وابنك المراهق فقط، لتبني علاقة حميمة معه.

ربما يحتاج طفلك لمساعدتك له حتى يتعلّم التعامل مع الضغوط. راقب مستوى التوتر والضغوط لدى طفلك.. ما هي الأمور التي تمثل ضغوطًا عليه؟ هل الضغوط عليه في مستوى يمكن التعامل معها؟ وإذا كانت الإجابة لا، ما الذي يمكنك أن تقترحه عليه ليفعله ليقلل من هذه الضغوط؟ علّمه عن الاعتناء بنفسه.

يمكنك أيضًا أن تُعرفه طرقًا سوية للتعامل مع الضغوط. كُن محددًا، ومارس الاقتراحات عمليًا. ربما التدريبات الرياضية أو أي هواية ممتعة ستساعد في هذا. اجعله يدون قائمة بالأشياء التي يستطيع أن يفعلها لمواجهة الضغوط والتأقلم معها، وقد يحتاج لبعض الوقت ليفكر في قائمة من الأنشطة والأفكار التي تساعد على التأقلم مع الضغوط.

 

 

 

For Titlesكُن متيقظًا

لا يصح أن ترضى بالأمر الواقع وتظن أنه طالما أن ابنك المراهق لا يشكو فهو على ما يرام. كُن واعيًا بالعلامات التي قد تشير إلى ممارسته لتقطيع الجلد. ابحث عن الآتي:

  • آثار لجروح على ذراعه أو رجليه (الفتيات عادة ما يقطعن جلدهن في منطقة البطن أو الصدر أيضًا).
  • تبرير الجروح بأنها نتيجة حوادث متكررة.
  • الاحتفاظ بآلات حادة (أمواس، سكاكين مطبخ) بالقرب منه،
  • مناشف عليها أثر دماء، أو ملاءات أو فوط صغيرة.
  • ارتداء قمصان ذات أكمام طويلة أو بنطلونات طويلة حتى إذا كان الطقس حارًا،
  • مشكلات علاقاتية.
  • العزلة لفترة طويلة من الوقت،
  • التفوه بعبارات تعكس نفوره من نفسه أو أنه بلا قيمة، مثل "أنا غبي جدًا"، "أتمنى لو لم أولد".

إذا لاحظت أيًا من هذه الأعراض لدى طفلك، ابدأ بالحوار معه. يمكنك أن تقول له مثلاً "لاحظت بعض الندب على ذراعك مؤخرًا. إذا أمكن لهذه الندب أن تتكلم فماذا عسى أن تقول؟" لا تهوّن من الأمر على أنه مرحلة وستمر، أو مجرد نداء بسيط منه طلبًا للمساعدة. فبرغم أن مَنْ يمارسون تقطيع جلدهم لا يفعلون هذا في المعتاد كوسيلة لمحاولة الانتحار، إلا أن الأبحاث تشير بأن ٧٠% من الأطفال الذين يؤذون أنفسهم سيحاولون الانتحار مرة واحدة على الأقل، وكذلك ٥٥% سيحاولون أكثر من مرة. (1)

تذكر أن الأسباب الرئيسية لتقطيع الجلد هي الوجع العاطفي العميق، والعجز عن التعبير بفاعلية عن هذا الوجع النفسي وإدارته والتعامل معه بطرق سوية.

 

 

  رابطة الأوكسيتوسين

 

الأوكسيتوسين هو هرمون العناق أو التعلق، وهو بمثابة المادة اللاصقة للعلاقات، ويوجد بنسبة أقل في أجسام الأشخاص الذين يمارسون إيذاء الذات. يمكنك رفع مستويات الأوكسيتوسين من خلال مساعدته على الاتصال بالآخرين، وبتقليص التوتر والضغوط. اللمسة الحانية الآمنة، والعلاقات التي تسودها الثقة تساعدان أيضًا على زيادة مستويات هرمون الأوكسيتوسين.

 

 

 

 

 

For Titlesاتخاذ الإجراءات

تقطيع الجلد مشكلة خطيرة. إذا كان ابنك المراهق يمارسها، اسعَ على الفور في طلب مساعدة أحد المتخصصين في مجال الصحة النفسية ممَنْ لديهم خبرة مع هذه الحالات. بعض أشكال المشورة ستحاول تسليح ابنك المراهق بمهارات التأقلم، وكذلك بوسائل تساعده على صياغة مشاعره والتعبير عنها، وكذلك تحمُّل الضغوط بشكل أفضل. قد يركز العلاج النفسي على هذه الأمور حتى قبل معالجة تقطيع الجلد نفسه. الفكرة تتمثل في أنه إذا توقف المراهقون عن تقطيع جلدهم، لكنهم ظلوا عاجزين عن التعامل مع الألم النفسي بطريقة سوية، فإنهم سيعودون حتمًا لسلوكيات أخرى بها إيذاء للذات.

 

نشاط

خطط لفتح حوار عائلي عن موضوع إيذاء النفس. استخدم هذه الأسئلة لبدء النقاش:

  • هل تعرف أطفالاً يمارسون تقطيع أو تجريح أنفسهم؟
  • لماذا يمثل شرح الألم النفسي صعوبة بالغة لدى البعض؟
  • ما المقصود بإيذاء النفس؟
  • في رأيك، ماذا يحدث إذا تحدثت مع خادم الشباب في الكنيسة عن تقطيع الجلد؟
  • في رأيك، لماذا قد يؤذي الناس أنفسهم؟ ماذا يريدون؟
  • ما هي الطرق الأخرى التي يؤذي الشباب بها أنفسهم متعمدين؟ وفي رأيك لماذا يفعلون هذا؟
  • هل شعرت من قبل بالرغبة أو بالإغواء لتقطيع أو تجريح نفسك؟
  • كيف نتعامل مع الضغوط في بيتنا بطرق سوية وغير سوية؟
  • هل تظن أننا نعرفك جيدًا ونفهمك؟ إذا كانت الإجابة لا، هل تستطيع أن تساعدنا لنفهمك أكثر؟ ما الذي لا نفهمه تحديدًا؟ ساعدنا أن نفهم.
  • هل نضحك بما يكفي في بيتنا؟ هل تشعر بالارتباك الشديد؟ ما الذي لم نسمعه منك ويجب أن نسمعه؟

بسبب صعوبة الموضوع، عندما تشعر بأنه من الضروري إنهاء النقاش في وقت ما، تحدَّث عن كيف يمكن للعائلة أن تضحك- الآن.

 

 


1. Matthew K. Nock, et al., “Non-suicidal self-injury among adolescents: Diagnostic correlates and relation to suicide attempts,” Psychiatry Research, 144 (1): 65-72, http://citeseerx.ist.psu.edu/viewdoc/download?doi=10.1.1.496.7226&rep=rep1& type=pdf.


 

القسم الخامس: المشكلات السلوكية والانتحار

For Titlesالفصل الأول: تعاطي المخدرات والكحوليات

For Titlesالفصل الثاني: اضطرابات الشهية

For Titlesالفصل الثالث: إيذاء وتجريح النفس

For Titlesالفصل الرابع: التجاوب مع هذه المشكلات

 

 

 

© 2020 Focus on the Family. All rights reserved. Used under license.