كيف تعرف أن ابنك/ ابنتك ربما تتزايد عنده ميول انتحارية، أو ذهنية التدمير الذاتي؟ هل هناك أية علامات تحذيرية أو عوامل للخطورة يجب وضعها في الاعتبار؟

 

 

عوامل محتملة للخطورة

إذا فكرت في الأمر للحظات، ستدرك أن كل شيء تقريبًا تحدثنا عنه في الأجزاء الخمسة الأولى من هذا الكتاب له علاقة بالخطورة. كان ولا يزال هدفنا هو بناء، طوبة طوبة، وخطوة خطوة، فهمًا دقيقًا ونظاميًا للكثير من العوامل الاجتماعية والنفسية المتعلقة التي يمكن أن تساهم في نمو وتطور ذهنية انتحارية.

تحدَّثنا عن التعلُّق، وتأديب الأبناء، وأهمية الاعتناء الجيد بالذات. كما تأملنا آثار قيم العالم، والخسارات الكبيرة، والعنف المنزلي، والقلق، والاكتئاب، والإدمانات، واضطرابات الشخصية، والأمراض النفسية، والسوشيال ميديا، وتشكيلة كبيرة من المشكلات المحتملة الأخرى. وبدون تكرار لهذه المعلومات مرة أخرى، نستطيع أن نلخص أهميتها كالتالي: إذا كان طفلك يعاني في أي من هذه الجوانب، يجب أن تظل يقظًا؛ وإذا رصدت أكثر من عامل من هذه العوامل، فهذا هو الوقت لزيادة حالة الحذر.

القائمة المختصرة لعوامل الخطورة عن الانتحار التي يمكن رصدها بين الشباب قد تتضمن الآتي: اضطرابات مزاجية، تعاطي المخدرات، بعض اضطرابات الشخصية، الحالة الاجتماعية والاقتصادية المنخفضة، إيذاءات الطفولة، الطلاق أو انفصال الوالدين، إتاحة الأسلحة النارية أو العقاقير الطبية بشكل غير منضبط، النزاعات أو الخسارات في العلاقات الشخصية. أعطِ اهتمامًا خاصًا للمؤشرات التالية عن الأفكار والسلوكيات الانتحارية:

• محاولة انتحارية سابقة.
• تاريخ عائلي مع الانتحار.
• وجود ألم مزمن، أو أحد الأمراض غير القابلة للعلاج، أو حالة نفسية خطيرة مثل اضطراب ثنائي القطب.
• بعض مشكلات الصحة النفسية الأخرى، مثل الاكتئاب الإكلينيكي، القلق، اضطراب الوسواس القهري (OCD)، أو اضطراب الشخصية الوسواسية (OCPD).
• العديد من خبرات الطفولة المعاكسة (ACEs).
• إصابة دماغية.
• حالات انتحار بين مراهقين آخرين في مجتمعك.
• خسارة كبيرة مفاجئة، أو التعرض للإذلال، مثل التنمر، أو انفصال لعلاقة عاطفية بطريقة درامية.

وجود أي من العوامل السابقة لا يشكل بالضرورة سببًا للانزعاج الشديد، ولا يثبت أن طفلك على وشك الانتحار؛ بل يشير فقط أنه قد يميل إلى التفكير في الانتحار أكثر من الأشخاص الذين لا يصارعون في هذه الجوانب. إذا كانت هذه العوامل جزءًا من خلفية طفلك أو شخصيته، كُن واعيًا بتبعات ذلك، وابق مترقبًا وحذرًا؛ لكن لا داعي للقفز إلى استنتاجات غير مبررة.

 

 

احذر من الاكتئاب

من المشكلات النفسية العديدة السابقة، يشكل الاكتئاب مرة أخرى موضوعًا مهمًا وخطيرًا. لماذا؟ لأن الإحصائيات تشير إلى أن الاكتئاب هو أول الأسباب الشائعة للانتحار بين المراهقين. وبرغم أن الاكتئاب لا يقود دائمًا إلى الانتحار، لكن يجب التعامل معه بجدية في حد ذاته. إذا شككت أن طفلك يعاني من الاكتئاب الإكلينيكي، راجع الجزء الخاص بتعريف مصطلح "الاكتئاب الإكلينيكي" في الفصل 12 عن الاكتئاب، وكيفية الحصول على مساعدة فورية. ربما تحتاج الاتصال بطبيب نفسي طلبًا للنصيحة. وحتى إذا لم يوجد تهديد بالانتحار كجزء من الصورة العامة، ستحتاج إلى اتخاذ خطوات محددة للتعامل مع الاكتئاب.

 

 

علامات تحذيرية

حتى هذه النقطة تحدثنا عن الميول والاحتمالات النظرية. أحد عوامل الخطر لا يمثل بالضرورة مشكلة، بل يمثل ضعفًا قد يؤدي إلى مشكلة. إطار السيارة الذي فقد تحززاته بحكم الوقت والاستعمال لا يُعتبر إطارًا مثقوبًا، لكنه عرضة لذلك بشكل كبير. عندما يبدأ هذا في الحدوث، توجد عادة بعض العلامات التحذيرية، تخرج مثلاً بعض الأسلاك من الإطار، أو تبرز بالونة، أن الإطار يفقد هواءه بسرعة. نفس الشيء مجازيًا يحدث مع الأشخاص الذين يفكرون في الانتحار.

تُظهر الدراسات أن أربعًا من كل خمس حالات انتحار بين المراهقين قد سبقها علامات تحذيرية واضحة: تغيرات في السلوك أو التوجه العام تشير إلى تحول نفسي خطير. أحد العوامل المهمة لتفادي انتحار المراهقين هو الحفاظ على مشاركتك وانخراطك في حياة ابنك/ ابنتك -خاصة إذا كان لسبب ما عرضة لأحد عوامل الخطورة، وكذلك راقب هذه الإشارات:

• تغيرات مفاجئة في السلوك، أو التوجهات، أو العادات الاجتماعية.
• تعبيرات عن شعور شديد بالذنب أو انعدام الأمل.
• تقديرات دراسية تتناقص، ومشكلات أخرى في الدراسة أو العمل.
• مشكلات سلوكية.
• صعوبة في التركيز أو الانتباه.
• شعور زائد بالضجر.
• نوبات مفاجئة من الغضب والعنف عند الصبيان.
• تعاطي المخدرات، نشاط جنسي غير آمن، أو سلوكيات خطيرة أخرى.
• فقدان التجاوب الإيجابي للمديح.
• شكاوى بدنية (الإجهاد، أوجاع، صداع نصفي) ناتجة عن ضيق نفسي.
• فقدان الاهتمام بأنشطة وهوايات مفضلة.
• تغيرات في شكل النوم: النوم أكثر من اللازم أو أقل من اللازم.
• تغيرات في العادات الغذائية.
• انسحاب عن العائلة والأصدقاء.
• التهديد، التحدث، أو المزاح بشأن الانتحار.
• اهتمام مفاجئ بشراء الأدوات التي قد تستخدم للانتحار (مثل أسلحة نارية، حبوب، سموم، إلخ).
• مراهق كان يصارع مع الاكتئاب، التوتر، القلق، أو الشعور العميق بخيبة الأمل ويبدو فجأة أكثر سعادة وهدوءًا؛ لأن هذا قد يكون علامة على أنه عزم أمره على إنهاء حياته.
• "تنظيف البيت": دافع مفاجئ للتخلص من بعض المقتنيات الشخصية.
• إهمال النظافة الشخصية، وأمور أخرى خاصة بالمظهر الخارجي.

لن توجد كل هذه الأعراض مجتمعة في كل حالة. توجد حالات ينتحر فيها المراهق بدون سبب واضح، وقد يكون مراهقًا متوازنًا ظاهريًا. لكن اليقظة مهمة دائمًا، خاصة إذا ظهرت اثنتان أو أكثر من الأعراض السابقة في نفس الوقت.

عندما تخطئ بسبب الحرص الشديد فهذا أفضل من عدم الخطأ بدون حرص! بشكل خاص، أي حديث عن الانتحار من ناحية ابنك/ ابنتك يجب أن يؤخذ بجدية ويُعطى الاهتمام الكامل. إذا قال طفلك شيئًا مثل: "ليتني مت"، أو "ربما الحياة كانت ستبدو أفضل لو كنت غير موجود"، يجب عليك التحرك واتخاذ إجراء.

 

 

تقدير الخطر

على مستوى أكثر خطورة، السلوكيات التالية قد تشير إلى أن طفلك في مرحلة إعداد خطة للانتحار:

• تصريح علني: "أنا أفكر في الانتحار" أو "أتمنى أن أموت".
• تلميحات لفظية قد تشير إلى أفكار أو خطط انتحارية؛ على سبيل المثال: "أريدك أن تعرف شيئًا في حالة حدوث شيء لي"، أو "لن أزعج أحدًا فيما بعد".
• رسائل أو يوميات تعبر عن أفكار انتحارية.
• تعبير لفظي عن أفكار غريبة أو غير مطمئنة.