بقلم: جاري تشابمان
كان أحد طالبي مشورتي في عمر الثالثة عشرة فقط عندما هرب من البيت، وقد أخبرني: "والداي لا يحبانني. هما يحبان أخي، لكنهما لا يحبانني." كنت أعرف والدي هذا الصبي، وأعرف أنهما يحبانه، لكن من الواضح أنه شعر بانقطاع الاتصال بهما.
معظم الآباء والأمهات يحبون أولادهم، ومع ذلك كثير من الأبناء لا يشعرون بهذا الحب. أحد الأسباب المحتملة لذلك أن الوالدين لا "يتكلمان" لغة الحب الأولى عند ابنهما أو ابنتهما. يمكن التعبير عن الحب وقبوله بخمس طرق أو "لغات" مختلفة، وهي تتضمن كلمات التشجيع، الوقت المتميز، أعمال الخدمة، الهدايا، واللمسات الجسدية. إذا لم يتحدث الوالدان اللغة الصحيحة التي يفهمها الطفل، فعلى الأرجح لن يشعر بالحب، حتى وإن تحدّثا بلغات الحب الأخرى.
رغم أن لغة الحب عند الطفل لا تتغيّر، فإنه بحلول سنوات المراهقة قد تتغيّر "لهجة" هذه اللغة. فيما يلي كيف تكتشف لغة أو لهجة الحب عند طفلك في كل مرحلة من مراحل نضوجه.
السنوات الست الأولى
معظم الآباء والأمهات يكرسون حياتهم بالكامل لتسديد الاحتياجات الجسدية لأبنائهم الصغار، ومع ذلك قد لا يفكرون بنفس القدر في الاحتياجات النفسية للطفل.. إحدى الاحتياجات الضرورية لصحة الطفل هو أن يشعر بالحب. السنوات الست الأولى في غاية الأهمية من حيث تسديد هذا الاحتياج النفسي.
في المراحل المبكرة يجب على الوالدين أن يتحدثا اللغات الخمس كلها.
اللمسات الجسدية هي اللغة الأكثر تلقائية بالنسبة للوالدين، فإنه أمر غريزي تقريبًا عندما يضم الوالدان ويحتضنان أطفالهما الصغار. كل الأبحاث تكشف أن الأطفال الذين يحصلون على لمسة حانية في هذه المراحل الحياتية يتمتعون بصحة نفسية أكثر من الأطفال الذين حصلوا على القليل من هذه اللمسات.
أعمال الخدمة هي إحدى لغات الحب التي لابد أن تتحدثها حتى يواصل طفلك الحياة. عندما يكون طفلك رضيعًا، أنت تغذيه وتنطفه وتغير له ملابسه. وبينما ينمو، أنت تخدمه بأن تعرضه لأشياء يمكنه أن يراها ويلمسها ويتذوقها ويشمها ويسمعها. أنت تفعل له أشياء لا يستطيع أن يفعلها لنفسه.
الوقت المتميز يصبح هامًا بينما يكبر الطفل. هذا يحدث عندما تصبح قراءة القصص وهو جالس على حِجرك شيئًا هادفًا وله معنى كبير. كما أن الاشتراك معه في ألعاب مناسبة لمرحلته العمرية توصل له أنك تحبه. أنت تقدّم لطفلك انتباهك الكامل، ولا شيء أهم من ذلك بالنسبة له.
تقديم الهدايا يمثل مفهومًا يبدأ الصغار في فهمه في عمر الرابعة. عندما تغلف هدية، فهذا أمر مثير جدًا لطفلك الصغير. هذا يوفر فرصة ليتعلّم طفلك أن يعبّر عن امتنانه بعد الحصول على هدية.
كلمات التشجيع تؤدي إلى تشجيع الطفل الصغير وإلهامه. عندما تمدح جهده في تعلُّم المشي فهذا يمنحه تحفيزًا ليقوم ويحاول من جديد. عندما يبدأ طفلك محاولاته الأولى في القراءة، تشجيعك له يمنحه الثقة بالنفس في مواصلة التعلُّم.
اكتشف لغة الحب لدى طفلك
بينما تتحدث كل اللغات الخمس للحب مع طفلك، لاحظ كيف يتجاوب معك. ومن خلال رد فعله، بوسعك أن تبدأ في ملاحظة لغة الحب الأولى عنده بحلول عمر الرابعة.
عندما كان ابني في هذا العمر، اعتاد أن يجري نحو الباب ويبدأ في التسلق على رجلي بمجرد أن أدخل من الباب، وعندما أجلس كان يظل في حِجري.. كانت لغة الحب عنده هي اللمسات الجسدية. ابنتي لم تفعل هذا أبدًا؛ بل اعتادت أن تقول: "ادخل إلى حجرتي يا بابا. أريد أن أريك شيئًا." كان الوقت المتميز هو لغة الحب الأولى لديها.
الهدف هو أن تقدِّم لطفلك جرعات عالية من لغة الحب الأولى لديه، وفي نفس الوقت اللغات الأربع الأخرى بدرجات متفاوتة. هذا يعلّم الطفل كيف يستقبل الحب ويقدمه بكل اللغات الخمس.
مرحلة المدرسة وسنوات ما قبل المراهقة
إن كيفية بناء الوالدين لرابطة مع أبنائهما في سنوات ما قبل البلوغ ستؤثر بشكل بالغ على صحتهم النفسية وسلوكهم خلال سنوات مراهقتهم. عندما يتعلم الوالدان التحدث بلغة الحب الأول للطفل خلال سنوات المرحلة الابتدائية والإعدادية، فهما يجهزان طفلهما لانتقال أكثر سلاسة إلى مرحلة البلوغ.
أحيانًا يتساءل الآباء والأمهات المحبون عن أسباب افتقار الطفل للتحفيز على الدراسة أكثر، أو ممارسة الألعاب الرياضية، أو الغناء، أو الاشتراك في عدد من الأنشطة الأخرى. وقد يقضي الطفل وقتًا طويلاً جدًا في متابعة ألعاب الـﭬيديو، أو قراءة القصص المصورة، لكن الآباء والأمهات ليس بوسعهم أن يجذبوا الطفل إلى أنشطة مفيدة أكثر.
عندما يشعر الأبناء أن والديهم يحبونهم بعمق، يصبحون أكثر قبولاً لتوجيهات والديهم لهم. وبينما يكتشف الوالدان المبدأ الأساسي للتحدث بلغة الحب الخاصة بالطفل، فإنهما يريان تغيرات هائلة في مواقف أبنائهما وسلوكياتهما. أخبرتني إحدى الأمهات: "ليس بمقدورنا أن نصدق التغيرات التي نراها في ابننا البالغ من العمر عشر سنوات منذ بدأنا التحدث بلغة الحب الأولى لديه."
ادرس طفلك جيدًا
فيما يلي ثلاث طرق تساهم في اكتشاف لغة الحب الأولى لدى الطفل خلال مرحلة المدرسة وسنوات ما قبل المراهقة:
- لاحظ كيف يتجاوب طفلك معك. في المعتاد يُظهر الصغار الحب بالطريقة التي يودون الحصول بها على الحب. هل طفلك يقدّم لك كلمات تشجيع على سبيل المثال، أو عددًا من الهدايا؟ أسلوب معاملته لك هو إشارة إلى لغة الحب الأولى لديه.
- أصغِ إلى أكثر شيء يشكو طفلك منه. الشكوى التي يعبّر عنها تكشف عن لغة الحب لديه. فقد يقول: "نحن لا نقضي أي وقت سويًا"، هذا يكشف أن لغة الحب لديه هي الوقت المتميز. أو يقول: "لا أستطيع أبدًا أن أرضيك"، وهذا يشير إلى أنه يحتاج إلى كلمات التشجيع. إذا اشتكى طفلك أنه لا يملك شيئًا، فإن لغته قد تكون تقديم الهدايا. ولكن يجب مراعاة كيف يريد طفلك استخدام هذا الشيء؛ فاستخدامه للشيء يكشف عن لغة الحب لديه. على سبيل المثال، إذا اشتكت ابنتك قائلة إنها تريد فستانًا جديدًا لأنها تريد أن تتسوق معكِ، فاللغة قد تكون قضاء وقت متميز وليس تقديم الهدايا؛ لكن إذا أرادت هذا لأنها تريد أن تظهر بهيئة جديدة أمام الآخرين، فقد تكون لغة الحب لديها هي كلمات التشجيع.
- صنِّف أنواع الأشياء التي يطلبها طفلك معظم الوقت. إذا قال: "هل نقدر أن نتمشى سويًا؟" فهذا طلب لقضاء الوقت المتميز معًا. وإذا قال: "كيف يبدو هذا؟" أو "ما رأيك فيما فعلته؟"، فهي تكشف عن رغبته في كلمات التشجيع.
إذا ظننت أنك تعرف لغة الحب الخاصة بطفلك، يمكنك أن تختبر هذا. ركّز على إحدى لغات الحب كل أسبوع لمدة خمسة أسابيع. وفي الأسبوع الذي تتحدث فيه لغة الحب الأولى لطفلك، سترى اختلافًا في مواقفه وسلوكياته.
بمجرد أن تثق في معرفة لغة الحب الأولى لطفلك، تحدَّث بها يوميًا، وسترى أن "خزان الحب" لديه يبدأ في الامتلاء. عندما تسدد الاحتياجات العاطفية لطفلك ستحصد مكاسب هائلة لعائلتك. إحدى الأمهات أخبرتني: "كان من المذهل أن علاقتنا تطورت عندما بدأنا نتمشى مع ابننا ونعطيه انتباهًا فرديًا خاصًا!"
سنوات المراهقة
أخبرتني إحدى الأمهات: "أعرف أن لغة الحب عند ابنتي هي الوقت المتميز؛ فهي كطفلة كانت تحب أن تلعب معي، واعتدنا الذهاب للتسوق سويًا. الآن بعد أن أصبحت مراهقة، لم تعد تهتم بفعل هذه الأمور معي. هل تغيّرت لغة الحب لديها؟"
كثيرًا ما يسأل الآباء والأمهات هذا السؤال عن أبنائهم المراهقين. والإجابة هي: لا، لكن طريقتك في توصيل لغة الحب الخاصة بأبنائك قد تحتاج إلى تعديلات طفيفة. ربما تحتاج إلى تعلُّم "لهجات" جديدة من لغة الحب الخاصة بأبنائك المراهقين.
يمر المراهقون بتغيرات جسمانية وعاطفية وعقلية هائلة. وحتى إذا تحدثت معه بلغة الحب لديه عندما كان أصغر، فقد يتراجع عنها عندما يصبح مراهقًا؛ لأنه يعتقد أن طريقتك السابقة في التعبير عن الحب تبدو الآن صبيانية. تظل على الأرجح لغة الحب الأولى لديه كما هي، لكن ربما لم يعد "يسمع" أو "يتحدث" هذه اللغة بنفس الطريقة التي اعتاد عليها.. اللهجة فقط تغيّرت.
بوسع الأم أن تحضن ابنها أو ابنتها في عمر العاشرة بعد مباراته، ويشعر بالحب. لكن بعد ثلاث أو أربع سنوات، قد لا يبدو الحضن مريحًا بالنسبة له.. إنه لا يزال يحتاج إلى اللمسة الجسدية، لكن ليس بالضرورة أمام زملائه في الفريق.
تتأرجح عواطف المراهق في استجابته لما يحدث حوله.. الطفل الذي يحب اللمسة الجسدية قد يقبل حضنًا من أمه في الصباح، لكنه قد يرفضه في المساء. لماذا؟
شيء ما حدث في المدرسة أثّر عليه عاطفيًا. إحدى القواعد المختبرة فيما يتعلق بالأحضان تقول: إذا وقف ابنك المراهق بالقرب منك، فعلى الأرجح سيقبل منك الحضن. أمّا إذا وقف عبر الغرفة، فعلى الأرجح لن يقبل. حاول أن تقرأ حالته المزاجية، وستفهم لماذا قد يقبل تعبيراتك عن الحب أو يرفض.
ادرس ابنك المراهق جيدًا
إذا كنت لا تعرف لغة الحب عند ابنك المراهق، اسأله: "على تدريج من صفر إلى 10، ما هو مقدار الحب الذي تشعر أنني أظهره لك؟" ثم اسأل: "ماذا بمقدوري أن أفعل لأحصل على درجة أعلى؟" أو إذا كنت تتحلى بالشجاعة فعلاً اسأل: "هل يمكن أن تشير عليّ بفكرة تساعدني لأكون أبًا/ أمًا أفضل؟" الإجابة ستوفر لك إشارة عن لغة الحب الأولى عند ابنك المراهق.
تذكر أن مخ المراهق في طور إعادة التشكيل؛ فهو يكتسب المزيد من عملية التفكير المنطقي، وسيبدأ ابنك المراهق في التشكك في أفكارك وآرائك في مرات أكثر. سيهوى الجدال أكثر، وهو ما قد يسبب لك الإحباط والغضب، وعندما تغضب فقد تصبح أقل ميلاً إلى التعبير عن الحب. وقد تميل أكثر إلى التجاوب بكلمات سلبية وإدانة. لكن لابد أن تكون حريصًا ألا تسمح لمشاعرك أن تملي عليك سلوكك.. بالأحرى قدّم إصغاءً متعاطفًا.
ربما تقول: "أنا سعيد لأني أراك تفكّر بهذه الطريقة. من فضلك دعني أسمع أفكارك." الإصغاء المتعاطف يعزز من نضوج عقل المراهق. تعلُّم الإصغاء، بدلاً من المجادلة، هو الطريق إلى الحفاظ على خزان الحب ممتلئًا لدى ابنك المراهق.
قد تجد صعوبة في التحدث بلهجة الحب المتغيرة لابنك المراهق.. لا مانع من أن تبدأ بخطوات صغيرة أو متعثرة كالطفل الذي يتعلم المشي. على سبيل المثال، بالنسبة للمسات الجسدية، ابدأ بلمسة خفيفة على الكتف عندما تسير بجواره، أو قدّم لكزة بالكتف بعد حدث إيجابي، ثم حاول أن تربت على ظهره. الخطوات الصغيرة تؤدي إلى أحضان كبيرة.
Dr. Gary Chapman is the best-selling author of the Five Languages of Teenagers and the Five Languages of Children.
ما هي لغات الحب الخمسة؟
اللمسة الجسدية
بعض الأبناء يحتاجون أن يُعبَّر لهم بالحب بشكل ملموس جسدانيًا من خلال الاحتضان، ومسك الأيدي، أو حتى ضغط الذراع برقة كنوع من إظهار الاهتمام.
أعمال الخدمة
هذا شكل من أشكال إظهار الحب للأبناء عن طريق فعل أمور بسيطة لهم. ربما القيام ببعض المهام المنزلية بدلاً منهم، أو مساعدتهم في إحدى المهمات الصعبة يُظهر قدرتك على التحدث بلغة الحب الخاصة بهم.
الوقت المتميز
بعض الأبناء يشعرون بالحب عندما يعطيهم أحد الوالدين انتباهًا كاملاً؛ فهم يريدون أن يتحدثوا ويُسمع لهم بشكل فردي، سواء أثناء تمشية، أو بالجلوس على الأريكة، أو بالذهاب لمكان ما.
الهدايا
كل الأبناء يحبون الهدايا، لكن البعض يشعرون بأنهم محبوبون بشكل خاص عندما يتلقون الهدايا التي تُظهر كيف كان شخص ما يفكر فيهم. ترتفع قيمة الهدية بناءً على قدر التفكير والاهتمام وليس ثمنها.
كلمات التشجيع
بعض الأبناء يشعرون بالحب عندما يشجعهم أحد الوالدين أو يرفع معنوياتهم بالكلمات.
© 2019 Focus on the Family. All rights reserved. Used with permission. Published in English at focusonthefamily.com