اتصل بنا AskFocus Arabic كتب ومصادر برامج

تليفونيًا، أو بالإيميل،

أو زيارتنا

لما يكون عندك مشكلة

تتعلق بأسرتك

باللغتين العربية والإنجليزية

لكل أفراد العائلة

للزواج، والتربية، والمراهقة،

والرؤية الكونية

       

    

مراحل الامومة

ما هو النضوج الطبيعي وما هو النضوج غير الطبيعي

 

ليديا وميليسا توأمان متماثلان؛ لكن منذ لحظة ميلادهما، أدرك الوالدان بعض الاختلافات الواضحة في شخصية كل فتاة منهما. كانت ليديا "تحصن نفسها من اللكمات"، بينما كانت ميليسا تقابل إحباطات الحياة بالبكاء، وتبدو خائفة طوال الوقت. وحتى عندما كانتا في عمر المشي، كانت ردود أفعالهما تجاه التوتر متباينة.

تذكر والدتهما: "إذا أُخذت دُمية ليديا منها، كانت تقول ’ردها لي‘؛ لكن إذا حدث نفس الشيء لميليسا، كانت تجري وتختبئ في زاوية ولا تكف عن البكاء. وعندما كنت أحاول أن أساعدها على معالجة الموقف، تقول ’لا تساعديني‘، وتغطي رأسها بالبطانية."

لاحظ الوالدان أن ميليسا تجد صعوبة في التعافي من الانتكاسات -حتى بعد المشكلات البسيطة، مثل سقوطها من فوق دراجتها. كانت ليديا تقوم سريعًا بعد سقطتها، لكن ميليسا كانت تحتاج في المعتاد إلى المزيد من التطمينات من والدتها، وكانت أمها تساعدها من جديد على الدراجة وتدفعها لتواصل سيرها.

بينما كانت تنمو الفتاتان نحو ما قبل المراهقة وفترة المراهقة، أصبحت الحياة أكثر تعقيدًا. وبينما كانت ليديا تستطيع أن تعود سريعًا من الانتكاسات التقليدية للمراهقين في غضون أيام، كانت ميليسا تعاني من الجُرح العاطفي لمدة أسابيع مكتظة بالتقلبات المزاجية الطبيعية لفترة المراهقة.. وخلال الفترات الطويلة من المعنويات المنخفضة، والتي قد تستمر إلى ستة أسابيع، كانت تنهار في كل جوانب حياتها-جسمانيًا، وعاطفيًا، ودراسيًا. ومع كل انفصال عن صديق، أو درجات دراسية منخفضة، أو أي مشكلات أخرى خلال سنوات مراهقتها، كانت ميليسا تغوص أكثر فأكثر، حتى وصلت في النهاية إلى أزمة التفكير في الانتحار.

بينما كان نمط ليديا في التعامل مع توترات الحياة يتطابق أكثر مع النضوج السليم، كان نمط ميليسا يشير إلى مشكلة نفسية.

------

بمجرد أن يدخل الأطفال إلى مرحلة البلوغ وسنوات مراهقتهم، لا يكون من السهل دائمًا أن يعرفوا ما هو السلوك الطبيعي وما هو السلوك غير الطبيعي. لذا كيف نعرف أن ابننا أو ابنتنا لديه أو لديها مرض نفسي، وأنه عرضة للانتحار؟ في النهاية، فترة البلوغ قد تكون رحلة حياتية ملتهبة ودرامية حتى في ظل أفضل الظروف. الأخبار السارة تقول إنك تقدر على التمييز بين تحديات النضوج الطبيعية، والاضطرابات النفسية الخطيرة إذا كنت على دراية بالأمور. الأمر يتعلق بمعرفة ما تبحث عنه.

 

For Titlesالطبيعي في مقابل غير الطبيعي

دعنا نواجه الأمر.. الحياة قد تضطرب في أي مرحلة من الرحلة، والوضع الطبيعي يعتمد على استجابة الإنسان لنجاحات وإخفاقات الوجود الإنساني. والنضوج يرجع بشكل كبير إلى تعلُّم كيف تحافظ على نفسك في حالة من التوازن بقدر الإمكان.

في الشكلين التوضيحيين التاليين، الخط الأوسط يمثل نقطة التوازن الثابت، أما الخطان المنقطان فيشيران إلى تباين المستوى فوق وأسفل نقطة التوازن، مما يعتبر سلوكًا وظيفيًا طبيعيًا. وأي شيء خارج الخطين المنقطين يعتبر خللاً وظيفيًا أو اضطرابًا.

 

 

الطبيعي

Normal

التقلبات العاطفية والنفسية للشخص الطبيعي وظيفيًا تبدو مشابهة إلى حد بعيد لرسم القلب لشخص لديه معدل طبيعي لضربات القلب. المحور يمثل الاستقرار العاطفي، وفي حدود ضيقة معينة نتوقع التغيرات. كل شيء على ما يرام طالما أن الرسم لا يقفز لأعلى جدًا أو لأسفل جدًا تحت الخط المتوسط.

ضع في اعتبارك أن كل مخ يختلف عن الآخر: الأطفال يستوعبون المعلومات الجديدة والمواقف الجديدة على طريقتهم المتفردة. والعوامل المرتبطة بالشخصية تظهر على السطح هنا.. بعضنا يولد كشخصية ”إيور“ (وهي شخصية كرتونية في مسلسل Winnie the Pooh عادة ما يكون متشائمًا وكئيبًا)، بينما آخرون هم "تيجر" المبتهج المنطلق منذ البداية. لا يوجد شيء غير طبيعي في هذا النوع من الطباع.

غير الطبيعي

Abnormal

بحسب هذا الرسم التوضيحي الثاني، هذا ما يحدث عندما يصبح النمط السلوكي مضطربًا، ويوجد سبب يجب اكتشافه إذا كانت القفزات لأعلى أو لأسفل كبيرة بشكل مفرط، أو عندما لا ترجع للمستوى المتوازن بعد فترة معقولة من الوقت.. حينئذٍ يحين الوقت لطلب المساعدة. الهدف هو الحفاظ على حالة التوازن في حدود المعدل الطبيعي. لكي تظل داخل المعدل الطبيعي، تحتاج أن يكون أطفالك قادرين على تنظيم وإدراة مشاعرهم وردود أفعالهم في مواجهة أي صعوبات تقابلهم في الحياة.

 

For Titlesالتنظيم الانفعالي

تُقاس الصحة النفسية من حيث اقترابها أو ابتعادها من حالة التوازن؛ فهي تعتمد على البقاء داخل حدود مستوى طبيعي من الاستجابات العاطفية تجاه المواقف الحياتية.

السؤال الآن: كيف لمخ إنسان طبيعي وظيفيًا أن يحافظ على هذا التوازن الدقيق؟ ما الذي يحمينا من الانزلاق في المستنقع في كل مرة نواجه عراقيل على طول الطريق؟ هذا ما نسميه "التنظيم الانفعالي".

الأشخاص الذين يمكنهم البقاء في حالة من "التنظيم" يتمتعون بالقدرات الأساسية الثلاث التالية:

1-           القدرة على الحفاظ على حالة من الاتزان العاطفي.

2-           القدرة على البقاء في متانة أو قوة عاطفية بحيث لا يمكن إسقاطهم من حالة الاتزان بسهولة.

3-           عندما يسقطون عن حالة التوازن، لديهم قدرة على العودة مرة أخرى إلى الاستقرار العاطفي في غضون فترة زمنية معقولة.

هذه القدرة على تنظيم مشاعرنا وردود أفعالنا تجاه المواقف الحياتية تُكتسب على ثلاث مراحل:

1-           التنظيم الخارجي (من الولادة إلى عمر السنتين): في هذه المرحلة العمرية لا يقدر الطفل على التنظيم الذاتي لمشاعره، ولابد لشخص آخر (الأم، الأب، أو مقدّم الرعاية) أن يقوم بمهمة تنظيم المشاعر له.

 

2-           التنظيم المشترك (من عمر السنتين إلى أواخر المراهقة): خلال هذه المرحلة العمرية، يعرف طفلك كيف ينظم مشاعره لكنه لايزال يحتاج لشخص آخر ليساعده على استعادة توازنه عندما يبتعد عن المستوى الطبيعي.

 

3-           التنظيم الذاتي (وعادة لا يُكتسب بالكامل حتى أواخر سنوات المراهقة وبداية سن الرشد): حقًا نحن لا نكتسب هذه المهارة بالكامل حتى أواخر سنوات المراهقة. في هذه المرحلة يستطيع المراهقون أن ينظموا مشاعرهم ذاتيًا وأن يحافظوا على توازنهم العاطفي، إلا في مواقف شديدة الصعوبة حين يصبح من الطبيعي لأي إنسان أن يحتاج لمساندة شخص آخر.

 

 

 

كيف تساعد طفلك على اكتساب التنظيم الانفعالي الذاتي

 

الأمور التالية تساعد أطفالك على اكتساب القدرة على تنظيم انفعالاتهم:

  • مناخ من الاستمتاع خالٍ من الخوف من الفشل.
  • مناخ من البهجة.
  • النشاط البدني، وخاصة الذي لا يتطلب التزامًا بإطار معين.
  • الروتين اليومي، والمنتظم، والشامل.
  • فرص من أجل التواصل وإقامة علاقات مع أشخاص آخرين (وليس الأقران فقط).
  • تحديات مناسبة للعمر.

 

 

For Titlesالنضوج الطبيعي

يبدأ اكتساب التوازن العاطفي والعقلي السوي مع التعلق الآمن لطفلك بك، وهو ما ناقشناه في الجزء الأول. بينما يكبر طفلك وينضج، وبينما يحقق قدرًا من التمكُّن الذاتي، ويبدأ في نشر أجنحة تنظيمه الذاتي، على الأرجح ستبدأ في ملاحظة نقص ملحوظ في ردود الأفعال السلبية تجاه المواقف الجديدة أو الغريبة أو المزعجة. هذا النقص سيظهر في الجوانب التالية:

  • معدل التكرار: سيتقلص عدد الاستجابات السلبية حتى تتوقف تمامًا بينما يتأقلم طفلك.
  • المدة: مع كل نوبة، ستقصر مدة الاستجابة السلبية لطفلك حتى تتوقف هذه الاستجابات.
  • الشدة: بمرور الوقت، ستضمحل شدة أو "حجم" الاستجابة السلبية حتى تصير متناسبة وملائمة لشدة الموقف، أو ستختفي تمامًا.

إذا لم ترصد أي نقص في معدل تكرار ومدة وشدة استجابات طفلك على مدار فترة من الوقت، فهذه علامة إنذار لاحتمالية حدوث خلل في عملية النضوج الطبيعي. فقط احرص على أن تأخذ في الاعتبار سمات شخصية طفلك، وقارنه بنفسه وليس بأطفال آخرين. ضع في ذهنك أيضًا أنه برغم أن الأطفال يستطيعون في كل الأحوال أن يتعلموا مهارة جديدة أو استجابة جديدة أو حالة سلوكية جديدة بشكل سريع جدًا، فهذا لا يعني بالضرورة أنهم سيتذكرون استخدام هذه المهارة عندما يستدعي الأمر ذلك، أو سيكون لديهم النضج الكافي ليفهموا متى يستخدمونها بشكل تلقائي.

 

 

For Titlesأشكال غير سوية

ما الذي يعرقل النضوج الطبيعي للتنظيم العاطفي والعقلي لطفلك؟ مرة أخرى، ترجع جذور المشكلة إلى مرحلة التعلق المبكر للطفل بوالديه. إذا شاهدت علامات على الخلل في هذا الجانب، سيكون من الحكمة أن تصطحب طفلك لمتخصص للتشخيص بأسرع وقت ممكن. فيما يلي بعض العلامات التي تشير إلى انحراف عملية التعلُّق الطبيعي عن المسار:

  • كثيرًا ما ينفصل طفلك شعوريًا عن نفسه، وعن الآخرين، وعما يدور حوله؛ أو يتجنّب أو يبدو غير مبالٍ تجاه مقدّم الرعاية له، أو تجاه حضوره أو غيابه. إنه/ إنهايبدو خارج عالمه الخاص بشكل متكرر.
  • يميل الطفل إلى الابتعاد عن الناس علاقاتيًا، ويتجنب اقتراب الناس منه عاطفيًا.
  • عندما يقدّر النجاح والقوة أكثر من العلاقات، ويُظهر احتياجًا للفوز مهما كانت التكلفة.
  • عندما يُظهر اعتمادية عاطفية واضحة، وعدم استقلالية، أو يخاف دائمًا من الرفض أو الهجر. من السهل أن تُجرح مشاعره، ويعتقد دائمًا أن العيب فيه.
  • يشعر بالقلق والارتباك والحيرة، أو يخاف دائمًا من الوقوع في الخطأ.
  • لديه نمط علاقاتي يُسمى "الدفع والجذب": "ابعد عني! لا تتركني!"
  • يفتقر لإحساس قوي بذاته. ونتيجة لذلك يتعلق بنفسه، ودائمًا ما يكون وحيدًا، وعلاقاته قليلة وضعيفة مع الأقران، ولا يلعب كثيرًا مع الآخرين.

 

 

For Titlesمشكلات النضوج

في مقابل

مشكلات الصحة النفسية: ما الفرق؟

معرفة الفرق بين مشكلات النضوج الطبيعي ومشكلات الصحة النفسية قد يكون صعبًا عندما يصل أطفالك لسنوات المراهقة؛ لأن المراهق الطبيعي يختبر أعراضًا مشابهة لأعراض المرض النفسي. وتوجد أسباب عديدة لهذا:

1-           النضوج المخي. مخ المراهق لا يكون ناضجًا بشكل كامل بعد. لا يكتمل نضوج القشرة الجبهية للمخ في المعتاد إلا في منتصف العشرينات؛ ونتيجة لذلك يبدو قدر كبير من تصرفات المراهقين لاعقلانية (أو أقل عقلانية).

 

2-           النضوج الجسماني. مثل المخ، تنمو الأجسام وتنضج بوتيرة مختلفة. على سبيل المثال، المشكلات البدنية المتنوعة، والصعوبات البصرية، أو المشكلات السمعية، قد تولّد إحباطًا أو اكتئابًا.

 

3-           مشكلات هرمونية. أثناء البلوغ يحدث إغراق لمخ الطفل وجسده بطوفان من الهرمونات. هذه الهرمونات تحفز النمو وتنظم عملية النضوج الجنسي، لكن للأسف يمكن أن تسبب عدم توازن كيميائي في المخ، وتولّد مشاعر متقلبة بشكل جامح. هذا ينطبق بشكل خاص في حالة الفتيات المراهقات. الأمهات اللواتي اختبرن اكتئاب ما بعد الولادة، أو اللاتي يعرفن كيف يبدو شعور عدم الارتياح خلال دورة الحيض يمكنهن ترقُّب أعراض شبيهة لدى بناتهن المراهقات.

 

4-           العجز عن تنظيم المشاعر. يعجز الأطفال عن تنظيم تقلباتهم العاطفية بدون مساعدة شخص آخر على الأقل حتى يصلوا لأواخر سنوات المراهقة. فالحزن، والانسحاب، والتوعك، أو القلق عند المراهق قد يعني ببساطة أنك تحتاج أن تسأله عن أحواله، وتشارك بفاعلية أكثر في حياة ابنك المراهق أو ابنتك المراهقة. تذكر، في هذه المرحلة العمرية يميل أبناؤك المراهقون للنظر إلى كل شيء -سواء انفصالها عن صديقها، فقدان الحيوان الأليف، أو مجرد خصام مع أحد الإخوة- على أنه كارثة عظمى.

 

5-           توقعات الوالدين. في النهاية نحن كوالدين نحتاج أن نتأكد من أننا لا ندفع أبناءنا نحو اليأس عندما نتوقع منهم ما يتجاوز طاقتهم. نحتاج أن نسمح لكل واحد من أبنائنا أن ينمو بحسب وتيرته الخاصة. دفعهم نحو التميُّز دراسيًا، أو في الرياضات المختلفة، أو للنضوج بوتيرة متسارعة سيؤذيهم أكثر مما سيفيدهم. عزة النفس عند الوالدين أمر جيد عندما تكون في مكانها الصحيح، لكن سلامة طفلك تحتاج منك أن تجعله الأولوية الأولى بالنسبة لك.

 

 

For Titlesكيفية التمييز

التفرقة بين ما هو طبيعي وغير طبيعي خلال مراحل النضج المختلفة لحياة طفلك يمكن أن تكون مسألة حساسة للغاية. عدم النضوج، والإحباط، وعدم الثقة بالنفس، ومجموعة أخرى من مشكلات المراهقة الطبيعية يمكن أن تجعل الأمور تختلط علينا. لكن هذا لا يعني أن الوالدين لا يمكنهما مساعدة أطفالهما على تمييز الأمور، والخروج بخطة عمل قابلة للتنفيذ؛ للحفاظ على القارب العاطفي متوازنًا وإبحاره بسلاسة.. نحن نستطيع بشكل مؤكد. الأمر يتعلق بالبقاء على درايتك بالأمور والاستمرار في مشاركتك.


 

القسم الثالث: الصحة النفسية والانتحار

For Titlesالفصل الأول: ما هو النضوج الطبيعي وما هو النضوج غير الطبيعي

For Titlesالفصل الثاني: الاكتئاب

For Titlesالفصل الثالث: القلق

For Titlesالفصل الرابع: اضطراب الوسواس القهري

For Titlesالفصل الخامس: اضطراب ما بعد الصدمة

For Titlesالفصل السادس: ماذا عن العلاج بالأدوية؟

For Titlesالفصل السابع: البحث عن إخصائي نفسي معتمد وكفء

 

 

 

© 2020 Focus on the Family. All rights reserved. Used under license.