Submit to FacebookSubmit to Google PlusSubmit to TwitterSubmit to LinkedIn

بقلم: سامي يعقوب

 

  "إحنا جينا منين؟" سؤال أربك أمًا لطفل عمره خمس سنوات عندما فاجأها به على غير توقع، ولأنها لم تستطع أن تتهرب من الإجابة استجمعت شجاعتها، وبدأت تحكي له عن مفهوم الجنس، وبينما كانت عيناه تتسعان لما يسمعه كانت هي تزداد حماسًا، ومن حين لآخر تسأله: " فاهم؟" فيهز رأسه بالموافقة.. وعندما أتمت مهمتها سألته أخيرًا وهي تشعر بالارتياح: "هل أجبت على سؤالك؟" فأدهشها بقوله: " ماما.. أنا كنت بس عايز أعرف كنا ساكنين فين قبل ما نيجي هنا!" 

 

حكاية صاحبتنا هذه ليست شائعة، في الواقع العكس صحيح؛ فالآباء والأمهات الذين يفرحون بذكاء أطفالهم في فترة ما قبل المدرسة، ويضحكون عند سماع تعليقاتهم البريئة، وأسئلتهم ذات المعنى هم أنفسهم الذين عندما يفاجأون بسؤال عن الجنس من أحد أبنائهم تقفز على الفور إلى أذهانهم كل موروثات الفكر المحافظ، الصحيح منها والمغلوط، وكأن طفلهم تخطى الحدود، ودخل إلى منطقة محظورة أو محرمة - مع أن السؤال غالبًا ما يكون عابرًا وأبسط مما يبدو عليه. وعندما يلاحظ الطفل رد فعل والديه سواء كان غضبًا أو حرجًا، أو يدرك بفطنته الطبيعية محاولات التهرب من الإجابة، يتولد داخله شعور بأن هناك شيئًا ما خطأ في الموضوع، وتكون النتيجة أنه يتجنب الحديث عن الجنس في البيت، ومع تقدمه في العمر يزداد حب الاستطلاع لديه فيذهب للآخرين أو الميديا ليجد إجابة لتساؤله.. وهنا تكمن الخطورة. 

 

لنتكلم مع أبناء فترة عمر ما قبل المدرسة عن أعضائهم الجنسية، والاختلاف بين الذكر والأنثى بقدر ما يستوعبون، وأفضل ما يرشدك لنوع ومقدار ما يمكن أن تقوله لهؤلاء الصغار هو أسئلتهم التلقائية عن الموضوع، خاصة تلك التي تتكرر، مع تأجيل التفاصيل لمرحلة عمرية مقبلة. 

 

أما أهم ما يجب أن نبنيه في طفل هذه المرحلة هو تقديره لقيمة جسمه كإنسان، فكل جزء وعضو في جسمه قد صمَّمه الخالق بإعجاز من أجل وظيفة ما بدونها لما استطاع الإنسان أن يعيش. والأطفال في سن مبكرة جدًا يمكنهم تذوق الجمال؛ لذلك على الوالدين انتهاز كل فرصة ليلفتوا نظر أبنائهم إلى الطريقة الرائعة التي خُلقوا بها.. فنحن محظوظون أن نرى الأشياء، ونسمع الأصوات، ونتذوق أنواع الطعام المختلفة، ونميز باللمس بين الناعم والخشن.. فالنظرة الإيجابية للجنس تبدأ وتؤسس على ما يشعر به الطفل تجاه جسمه. 

 

الطفل الذي يتعلم مبكرًا أن تكوين جسمه معجزة إلهية، وأن محبة بابا وماما له غير مرتبطة بشكله، وحجم جسمه، ونوع شعره، ولون بشرته؛ فهو محبوب لأنه ابن أو لأنها ابنة، وأنه لا مثيل له في الدنيا.. هو الطفل الذي يستطيع فيما بعد أن يتقبل بإيجابية ما سيسمعه عن معجزة تكوّن الإنسان من خلال اللقاء الجنسي بين الرجل والمرأة. أما أبناء مرحلة عمر ما بين ٨ و١٣ سنة فيحتاجون للمزيد من الإجابات على تساؤلاتهم، وسنترك الحديث عن هذا للمرة القادمة.


(نُشر بجريدة وطني بتاريخ ٨ أغسطس/ آب ٢٠١٠)

Copyright © 2014 Focus on the Family Middle East. All rights reserved.

 

 

 

 

 

 

 

 التربية المقدسة بالطول