بقلم: سامي يعقوب
تقديرًا للظروف التي مرت بها الكنيسة والوطن، وتوحدًا مع مشاعر كل أسرة متألمة لانتقال حبيب لها إلى الجانب الآخر من النهر؛ أُفسح المجال هذه المرة للقديس أغسطينوس ليخاطبنا بكلمات تعزية كتبها منذ زمن.. وفي مناجاته مع نفسه عن حقيقة الحياة بعد الموت تخيل أحد الذين عبروا النفق واستيقظ في الفردوس يكتب هذه الرسالة ليخاطب بها الباقين منا في هذا الجانب؛ ليشجعنا أن نتطلع ليوم اللقاء مع الأحباء في السماء: 

لا تبكوا إذا كنتم تحبونني.. 

لو كنتم تعرفون ما هي نعمة لله، وما هو الحال في السماء، 

ولو كنتم تستطيعون أن تسمعوا ترانيم الملائكة، وأن تروني بينهم هناك، 

ولو كان بإمكانكم أن تفكروا للحظة في معنى الجمال.. 

الجمال الذي يتضاءل أمامه كل جمال؛ 

امسحوا دموعكم، ولا تبكوا إذا كنتم تحبون ني! 

الموت ليس كما قد تظنون.. إنه مجرد انتقال؛ 

فأنا فقط  قد عبرت إلى الشاطىء الآخر من الحياة. 

الموت لم يغير ما كناه أنتم وأنا.. 

فما كنا نعنيه لبعضنا لايزال كما هو لم يغيره الفراق! 

نادوني بالاسم الذي اعتدتم أن تنادوني به.. 

وتحدثوا معي بنفس لهجة الحب كما كنتم تفعلون من قبل، 

ولا تسمحوا للحزن أن يسكن القلب! 

اضحكوا على كل ما كان يضحكنا معًا، 

وابتسموا عندما تفكرون فيّ، وصلوا أيضًا معًا. 

الحياة ستظل دومًا تعني ما كانت تعنيه بالأمس، 

وستستمر كما هي عليه في الغد؛ 

 فالخيط لم ينقطع بعد! 

ثقوا فيما أقول: لقد سبقتكم إلى السماء.. 

لكن سيأتي اليوم الذي عينه الرب لنلتقي معًا هناك، 

اليوم الذي فيه سيتجدد حبنا الذي كان ولا يزال. 

عند اللقاء سترون كيف تبدلت لمجد في سماه، 

وامتلأت بنشوة النصر والبهاء؛ 

إذ لم أعد في انتظار موت، ولا يوجد هنا بكاء.. 

عندئذ سنسير معًا في طريق النور والحياة. 

أنا لست ببعيد عنكم أكثر من خطوتين،  

أنا في انتظار اللقاء.. 

أنا لست بين الأموات، بل فقط غبت عن أعينكم ولو لسنوات! 

فكفكفوا دموعكم ولا تبكوا 

إذا كنتم تحبونني حقًا وليس بكلمات. 

«لأننا نعلم أنه إن نُقض بيت خيمتنا الأرضي، فلنا في السماوات بناء من الله، بيت غير مصنوع بيد، أبدي... فإذًا نحن واثقون كل حين وعالمون أننا ونحن مستوطنون في الجسد، فنحن متغربون عن الرب. لأننا بالإيمان نسلك لا بالعيان. فنثق ونُسر بالأولَى أن نتغرب عن الجسد ونستوطن عند الرب. لذلك نحترص (نثق كل الثقة) أيضًا -مستوطنين كنا أو متغربين- أن نكون مرضيين عنده.» (٢كورنثوس ٥ : ١، ٦- ٩).


(نُشر بجريدة وطني بتاريخ ١ مارس/ آذار ٢٠١٥)

Copyright © 2015 Focus on the  Family Middle East. All rights reserved  .