Submit to FacebookSubmit to Google PlusSubmit to TwitterSubmit to LinkedIn

 

عايلاتنا والعام الجديد ٢٠٢١

بقلم: سامي يعقوب

نهاية عام وبداية آخر جديد فرصة لنتوقف للتفكير في حياتنا؛ حيث يمكننا أن ننظر للوراء لنقيّم ما قد أنجزناه، وما قد أخفقنا في تحقيقه أيضًا. كذلك نحتاج أن ننظر للأمام، ونفكر فيما نُريد أن تكون عليه حياتنا في السنة المقبلة. وفي الحالتين نحتاج أن نأخذ الأمور ربما بشكل يختلف عما اعتاد الناس أن يفعلوه في الأيام الأخيرة من كل عام، والذي لا يخرج فى أغلبه عن أربعة أنواع من السلوك  .

البعض يتعاملون مع المناسبة بلا مبالاة تامة.. "فما الفرق بين الأمس والغد؟" إنهم جزء من عجلة لا تتوقف من المشغولية؛ إلى أن يفاجأوا مرة واحدة بأن العمر قد ولّى بلا رجعة دون أن يبدو للأيام قيمة. والنوع الثاني على العكس من هؤلاء.. هم من ينتظرون هذه المناسبة أو يعدون لها العدة فقط للاحتفال، وربما لممارسات لا تتناسب مع وقار المناسبة، أو حتى مع تقديرهم لما يؤمنون به. وهؤلاء أيضًا مرور الأيام قد لا يعني بالنسبة لهم شيئًا يُذكر؛ فهم يعتقدون أن "الحياة هي للأكل والشرب لأننا غدًا نموت  "!

النوع الثالث يستغرق في مثل هذه المناسبة في أنشطة العبادة الكنسية، بمشاعر فياضة وحماس، دون أن يتوقف لحظة ليفكر فيما تعهّد به في مثل هذا الوقت في العام السابق، وهل استطاع أن يعيشه أم لا. وها هو مرة أخرى يدخل عامًا جديدًا بتعهدات حماسية، الله وحده يعلم كم من الوقت سيمضي قبل أن تُنسى، و"تعود ريمة لعادتها القديمة". والنوع الأخير – في رأيي– تحرك المناسبة مشاعر الحزن والشجن في داخلهم، ربما لمعاناة ألمت بهم في العام الذي أوشك على الانتهاء، أو لإحساسهم بالذنب بسبب قلة الإنجاز، أو لشعورهم بالعجز في مواجهة ما هو آت  !

وأعترف أنه عبر سنوات عمري، والتي تخطت الخمسين بقليل، قد تأرجحت بين هذه الأنواع الأربعة من ردود الأفعال.. ولم أعطِ لنفسي الفرصة في كثير من المرات أن أتوقف لكي ألتقط أنفاسي، وأنتهز الفرصة لكي أجدد قوتي الداخلية معنويًا وروحيًا.. إلى أن أصبحت من أكثر المقتنعين بأن مناسبة رأس السنة هي وقت رائع للنظر داخل نفسي، وأيضًا المشاركة بالحوار مع عائلتي عما رأيته عندما نظرت للخلف، والذي أتوق إليه عندما أنظر للأمام! ومع يقيني بأنه لا بأس من حضور الكنيسة في مساء آخر يوم من العام للصلاة، لكني لست من مؤيدي امتداد الخدمات بها إلى ما بعد منتصف الليل! فلابد أن يكون هناك وقت لنفسي ولعائلتى فيه نتحد معًا بالشكر لله، ونجدد عهودنا لبعضنا البعض أن نستمر معًا كزوجين، وأن نتحمل المسئولية أمام أبنائنا ألا نفعل بالاتكال على قوة الله ما يمكن أن يُخزيهم، وأن نستمر في دعمهم بكل طاقتنا ليكونوا الأشخاص الذين يريدهم الله أن يكونوا عليه. فترى هل نستطيع أن نتوقف هذا العام لساعة أو ساعتين في مساء ٣١ ديسمبر لنقضي وقتًا من الحوار والصلاة مع أبنائنا، فندخل معهم العام الجديد بروح جديد، مغمورين بالمحبة، ومدعومين بالتشجيع؟  !

من أروع ما استطعت أن أشاركه مع ابنيّ في مثل هذه المناسبة، ووجدت له صدى إيجابيًا ومؤثرًا هو حوارنا حول السؤالين: تُرى هل يمكننا أن نشكر الله من أجل الإخفاق، أو من أجل الفرص الضائعة؟ وأيضًا ما الذي كنا نتوقع أن يستجيب له الله ب"نعم" خلال العام الماضي، لكن الإجابة جاءت "لا"؟! وهنا كانت فرصة لا مثيل لها بأن نشارك زوجتي وأنا مع ابنينا ما كنا نظن أننا لا نستطيع أن نعيش بدونه في أيام أحلام الصبا، وكنا نطلبه بحرارة وصدق متناهيين، لدرجة أننا كنا نوشك – لو استطعنا- أن نجبر الله أن يستجيب ويُعطينا ما نطلب.. لكن انتهى صراعنا بالإجابة "لا"! لا عجب أننا اليوم نقف على أعتاب عام ٢٠٢٣، وننظر للوراء ممتلئين بالامتنان لأننا لم نُعطَ كل ما طلبناه، وما كنا نراه إخفاقًا تحول إلى مصدر للبركات التي تغمرنا اليوم  .

كيف تُريد أن تُنهي هذا العام؟ وما الذي تُريد أن تفعله في العام المقبل؟

قرأت مؤخرًا قولاً أعجبنى كثيرًا: "لا أحد يستطيع أن يرجع بالأيام من أجل بداية جديدة.. لكن كل واحد بإمكانه أن يبدأ اليوم سعيه من أجل نهاية أفضل!" (الكاتب غير معروف) إذا كنت قد تعهدت في العام الماضي، أو حتى تمنيت، أن تُصلح علاقتك مع شريك حياتك، أوأن تُعبر عمليًا عن محبتك لأبنائك، وقبولك لضعفاتهم.. أو إن كنت قد عزمت أن تتعامل مع الآخرين من الأقارب أو رفقاء العمل بشكل يؤكد احترامك لهم كما هم، دون أن تحاول أن تُغيرهم ليكونوا على مثالك.. لو كنت قد تعهدت بأن تكون أقل غضبًا، أو أن تتوقف عن عادة أثرت على صحتك، أو أفسدت علاقتك بأحبائك... أيًا كان ما تعهدت به، واليوم تنظر إلى الوراء وتجد أنك لم تفعله، لا تيأس أو تشعر بالفشل؛ فأغلب الناس حول العالم يفعلون مثلك في ليلة رأس السنة، لكن حماسهم لتنفيذ ما تعهدوا به لا يستمر حتى يوم ٢ يناير من العام الجديد! وأنا واحد ممن يصارعون مع هذا الأمر  !

لكني رجعت كعادتي إلى كلمة الله، ووجدت في كلمات النبي إرميا: "...لأن مراحمه لا تزول، هي جديدة في كل صباح" (مراثى إرميا ٣: ٢٢ و٢٣) تأكيدًا أن الله مستعد كل صباح أن يغفر لنا مرة أخرى؛ لأن أمانته بلا حدود. وحتى عندما نفشل في أن نلتزم بتنفيذ ما تعهدنا به، فإنه يعود يغفر لنا، وبصبر يقبل توبتنا عندما نعترف بخطيتنا وعجزنا.. الله لا يتراجع عن عهده معنا الذي لنا في ابنه يسوع المسيح، وهو لاينسى أو يُهمل وعدًا أعطاه لنا في كلمته. وقد كان أمينًا مع آبائنا وأجدادنا، وسيظل هكذا مع أولادنا وأحفادنا، ومن جيل إلى جيل إلى الأبد  .

لنتوقف ونفكر معًا كأسرة في رحمة، ونعمة، وغفران الله؛ ولنطلب منه أن تستنير عقولنا المحدودة ببصيرة الروح القدس؛ لكي ندرك أن مراحمه أعظم جدًا مما نظن، وندخل العام الجديد بروح جديد.. روح لا يطلب الانتقام بل المغفرة؛ ولا يُصلي من أجل تدمير الآخر، بل أن تغمره محبة المسيح التي لا تقاوم. لقد اختار الله المحبة ليفدي العالم؛ فأرسل ابنه الوحيد ليُولد في بيت لحم، ويتألم على الصليب عن خطايا البشر، ويموت لكي يخلّص الذين يؤمنون به، ويقوم من الأموات لكي يعطيهم حياة أفضل هنا على الأرض، وحياة أبدية معه عندما نعبر نهر الأيام إلى هناك. 


 (نُشر بجريدة وطني بتاريخ ٢٥ ديسمبر/ كانون الأول ٢٠١١)
 

 

Copyright © 2011 Focus on the Family Middle East. All rights reserved


 

مقالات ذات صلة:

 

الوقت لم يتاخر لتبدا small عم سالم وشكر الايام الاواخر small تعرف مع ابنايك على المولود الاعظم

 

 الوقت لم يتأخر لتبدأ

 عم سالم، وشكر الأيام الأواخر تعرَّف مع أبنائك على المولود الأعظم 

 

 

 

 

 

 

 

 التربية المقدسة بالطول