Submit to FacebookSubmit to Google PlusSubmit to TwitterSubmit to LinkedIn

بقلم: كريستين فيلد                        

أصبح المراهق الذي لا يتمتع بالمسؤولية هو الصورة الذهنية السائدة عن البلوغ في العصر الحديث. لا يعرف مكان كتب المدرسة ليقوم بواجباته المدرسيّة. ودائمًا لا يجد ملابس داخلية نظيفة في دولابه. وكل ما يعرفه عن الطبخ هو تشغيل جهاز الميكرويف. أما حال المراهقات فلا يختلف كثيرًا. هؤلاء الشباب في هذا العمر على أعتاب الانطلاق إلى الحياة الواقعية، ولكن هل استعدوا جيدًا للتعامل معها؟

خلال سنواتي الأولى كأم، كان لديّ  فكرة مغلوطة عن أن فترة الطفولة تمثل وقتًا من المرح الذي لا ينتهي، وأن الآباء والأمهات كما لو كانوا يقودون أبناءهم في رحلة نيلية. الآن لدي اثنان من الأبناء في مرحلة النضج واثنان آخران في المراهقة، وأدركت مؤخرًا أن فترة الطفولة تمثل معسكر التدريب على الحياة الواقعية.

تخيَّل طفلك في أول وظيفة له، أو في أول شقة يسكن فيها. ما هي المهارات التي تريده أن يظهرها في هذا الموقف؟ هل تريده أن يفهم كيف يتفاعل مع الآخرين؟ وكيف يدير وقته، وأمواله، وممتلكاته؟ ربما تريده أن يتقن بعض المهارات الأساسية مثل غسل ملابسه وترتيبها.

التفاعل مع الآخرين

من شبه المؤكد أن ابنك/ ابنتك سيجد وظيفة في يوم ما في المستقبل، وسيتزوج، وسيواجه صراعات وخلافات عديدة. هل يستطيع طفلك أن يتعامل مع هذا التوتر؟ سيكون مستعدًا أكثر إذا استطاع أن يتعامل مع الخلافات في سنوات نشأته.

التفاعل بين الإخوة والأخوات في البيت يمثل تدريبًا رائعًا على الخلافات المحتم حدوثها في الزواج أو العمل. الشجار هو جزء من حياة أية عائلة. قد نستغرق سنوات لنتعلَّم أن نختلف مع الآخرين بينما نحتفظ بضبط النفس واحترام الآخر، لكن هذا الأمر يستحق المجهود الذي يُبذل فيه.

في مرحلة ما كان أبنائي يتصرفون بطريقة وحشية مع الآخرين. طلبتُ منهم، دون إبداء الأسباب، أن يرسموا أجسامهم على أفرخ ورقية كبيرة، ثم علقتها. وفي كل مرة كانوا يجرحون أحد إخوتهم، كان عليهم أن يذهبوا إلى الرسم الخاص بهذا الطفل ويمزقوا قطعة من الورقة. كان لهذا تأثير رائع في تعليمهم بألا يمزقوا أحدهم الآخر.

إدارة الوقت

فكِّر في تتبع كيف تقضي عائلتك الوقت على مدار أسبوع عادي حتى تأخذ فكرة عن الأمور الصغيرة التي تضيّع الوقت ولا تثمر ولا تجدي أي نفع. الإفراط في مشاهدة التليفزيون أو التسوق قد يكون مؤشرًا عن إهمال العلاقات.

ربما أيضًا تعرّف طفلك في عمر المشي بتعاقب الزمن: الصباح، الظهر، المساء. اليوم، غدًا، أمس. قُصْ  أو ارسم صورًا كوسيلة إيضاح لروتينه اليومي.

وبينما ينضج طفلك، يجب أن يكون له منبه خاص به. هذا ينقل المسؤولية له، وتصبح المعركة الأولى في الصباح بين الطفل والمنبه، وليس بين الطفل وماما أو بابا.

شجِّع طفلك على تنظيم واجباته المدرسية. ربما يحتاج أن يتعلم تسجيل مسؤولياته اليومية في جدول زمني، خاصة إذا شجّعت المدرسة الطلاب على متابعة واجباتهم المدرسية والمشاريع طويلة المدى. تأكد أنه يسلِّم واجباته قي الموعد المحدد، ولا يتشتت أثناء البحث على الإنترنت وهو يحضّر لمشروع تابع للمدرسة.

ومن وقت لآخر، قارن الوتيرة التي يؤدي بها طفلك المطلوب منه مقارنة بالتزاماته اليومية. إذا كان طفلك متعجلاً طول الوقت، حاول أن تبحث عن طريقة لتخفيف الضغط عليه من خلال قضاء وقت كعائلة معًا أو إعطاء فترة راحة كافية. إن مهارات طفلك الخاصة بإدارة الوقت ستصبح رصيدًا ثمينًا له بينما يدخل مرحلة النضوج وسوق العمل.

إدارة الأموال

عندما كان أطفالنا صغارًا، كنا نسمح لهم ببعض القرارات المالية. كانوا قادرين على التعلُّم من أخطائهم في مبالغ صغيرة ومجازفات صغيرة. كان عليهم أن يتفقوا على كيف ومتى سينفقون أموالهم. وفي حالة وجود شروط لهذا الامتياز، كنا نوضح ذلك لهم. على سبيل المثال، كنا نضع ميزانية أسبوعية للحلويات. وعندما ننفق الميزانية، لا يُسمح بشراء حلويات حتى الأسبوع التالي.

ضع أهدافًا طويلة المدى للادخارات، مثل شراء آلة موسيقية غالية الثمن، وأهداف قصيرة المدى للادخارات لأشياء يريدونها في المستقبل القريب، مثل شراء دُمية جديدة.

وفِّر لهم وسيلة أو طريقة لتقسيم مدخراتهم أو مصروفاتهم إلى فئات مختلفة. على سبيل المثال، العشور 10%، والادخارات طويلة المدى 30%، والادخارات قصيرة المدى 30%، والإنفاق اليومي 30%. حاول أن تستخدم برطمانات، أو أظرف ورقية، أو حافظة بلاستيكية أو ما شابه لكل فئة. هذا يساعد الصغار على متابعة زيادة المبالغ التي يدخرونها.

التنظيم وإزالة الفوضى

طالما وجد الأطفال في البيت، فلابد من وجود أشياء.. أشياء كثيرة. وعلى الآباء والأمهات والأطفال أن يتقنوا تنظيم ممتلكاتهم ومتعلقاتهم. احرصي على تجنُّب الفوضى بإشراك أبنائك في تخفيض عدد المقتنيات والتبرع باللعب المنسيّة. اعملوا معًا في تنظيم وتخزين الأشياء، مع التخلص من أي لُعب أو دُمى مُعطلة أو مكسورة. فكّروا في تصميم "صندوق للذكريات" لكل طفل ليخزن فيه الأعمال الفنية التي يعتز بها. كما يمكن استخدام هذا الصندوق أيضًا كمكان لحفظ البطاقات والخطابات والتذكارات.
ابناونا الصبيان

الإصلاح والصيانة

بمجرد أن يثبت الأبناء قدرتهم على الاعتناء بمتعلقاتهم، يمكنك أن تساعدهم في الأشياء الأكبر التي تتطلب صيانة منتظمة. شارك أبناءك في الأعمال المنزلية اليومية، وصيانة السيارة، وإعدادهم ليكونوا معتمدين على أنفسهم أكثر.

كل واحد من أبنائنا استمتع بالذهاب إلى محلات بيع العِدد والأدوات بصحبة الأب. لأن زوجي وأنا اكتشفنا أن لدينا مهارات ضعيفة في الصيانة، وتعلمنا الدروس التالية:   

  • حافظ على روح المرح. دائمًا ما يتعطل شيء ما. ربما لا تتقن إصلاح حنفية مياه، لكن قد يمثل هذا فرصة لتعلُّم العمل الجماعي.
  • كُن مستعدًا للتعلُّم. عندما يرى أبناؤك أنك تحاول شيئًا جديدًا، مثل إصلاح حنفية مياه في البيت، يتعلمون أنهم يستطيعون تعلُّم مهارات جديدة، حتى إذا لم يكونوا موهوبين في هذا الشيء.
  • كُن مستعدًا لطلب المساعدة. إذا عجزت عن عمل شيء، تستطيع أن تعلِّم أبناءك درسًا غاليًا بأن تطلب ببساطة المساعدة من شخص آخر، ثم العمل معًا لإتمام المهمة.

استمتعوا معًا بعمل إصلاحات يحتاجها البيت أو في المهام الأساسية اليومية. هذا الوقت يمكن أن يضيف خبرة تعليمية رائعة لأطفالك.

أساسيات تدبير المنزل

في كل ما يتعلق بإدارة البيت، من المهم إجادة المهارات اليومية الأساسية. بصرف النظر عن أي وظيفة سيعمل بها أبنائي أو كيف ستكون دعوة الله لهم، أريدهم أن يعرفوا كيف يعتنون بأنفسهم وبيوتهم.

بدأتُ الكثير من هذه الدروس في المطبخ. كنت أتركهم يطبخون ويساعدون في إعداد الطعام. حتى الطفل الصغير يستطيع أن يرتب السفرة أو يساعد في عمل السلطات. هناك الكثير لنتعلَّمه من التخطيط للوجبات بشكل أسبوعي حسب الخضراوات المتاحة في مواسمها. يمكن للعائلة كلها أن تشارك في إعداد الوجبات. ساعد أبناءك على عمل قائمة بـ 7 وجبات للإفطار والغداء والعشاء، والعمل معًا على تجهيز قائمة بالمشتريات اللازمة لها.

بالنسبة للأطفال الأكبر سنًا، قدِّم لهم دليل مشتريات الأطعمة وميزانية أسبوعية، واطلب منهم أن يضعوا خطة للوجبات طوال الأسبوع. هذا سينمي من مهاراتهم الحسابية، عندما يراجعون المخزون، ويحسبون ثمن المشتريات.

اصطحب طفلك في رحلة التسوق وعرِّفه العوامل التي تحدد المشتريات الغذائية في بيتكم مثل الجودة، السعر، القيمة الغذائية، وهكذا. هذا قد يساعد طفلك على فهم أن المقرمشات ليست أفضل اختيار في كل الأحوال.

بالنسبة لغسيل الملابس، اسمح لأطفالك أن يساعدوك في فصل الملابس الفاتحة عن الملونة. حتى الطفل الصغير يستطيع أن يطبِّق المناشف. وبينما يكبر طفلك، يستطيع أن يتحمّل مسؤولية وضع الغسيل في الغسالة، بعد أن تعطيه المعلومات الخاصة بالصابون ومستوى المياه، ودرجة الحرارة، وألوان الملابس. كما يستطيع أن يرتب الملابس بشكل جيد في أماكنها في الدولاب.

هناك درس هام أيضًا هو ضرورة فعل هذه الأمور باتجاه قلبي إيجابي. عندما كان أبنائي صغارًا، كنت أعطيهم دلوًا من الماء الدافئ والصابون مع إسفنجات- ثم أجعلهم يرتدون المايوهات. وكانوا يقضون وقتًا مذهلاً في غسل أرضية المطبخ. ثم كنت أضعهم بعد ذلك في البانيو، بينما أنشف أنا أرضية المطبخ. وبالتالي هم يمرحون ويفرحون وفي نفس الوقت تكون أرضية المطبخ نظيفة.

بالطبع ليس كل المهام المنزلية مرحة هكذا، أو تحتاج أن تحولها إلى نشاط آخر لكي يفرح أطفالك بالقيام بها. يجب أن تكون نظرتهم إيجابية حتى إذا كانت المهمة المطلوبة غير جذابة، وهذه مهارة يحتاجون أن يكتسبوها لمنفعتهم في الحياة الواقعية بعد ذلك.

عادات سويّة

داخل الحياة العائلية تتكون العادات السوية. مارسوا معًا التدريبات الرياضية كعائلة، اعملوا معًا على اتباع أسلوب غذائي صحي. هل كلامكم اليومي يشجّع على نظرة سوية للجسد؟ يتأقلم أطفالك من خلال كلامك في إدراكهم لأنفسهم-إيجابيًا أو سلبيًا.

ربما تحتاج أيضًا أن تذكّر أطفالك بأساسيات النظافة والصحة العامة. هل يقلمون أظافرهم؟ هل يستخدمون الصابون في غسل أيديهم؟ هذه الأمور تتطلب متابعة مستمرة، الآن ودائمًا لا تدع أطفالك يتكاسلون في الأمور المتعلقة بنظافة أجسامهم.

بينما يكبر أطفالي يخرجون لاستكشاف العالم، أصلي أن يتذكروا بيتنا كمكان كنا نعمل فيه، ونتشاجر فيه، ونحتفل ونفرح فيه، وكذلك نتدرب ونتعلم فيه.

مهارات صُنع القرارات

يتطلب صُنع القرارات فضيلة التمييز. جرّب هذه الأساليب لتساعد طفلك على اتخاذ قرار أفضل.

انظر إلى المستقبل

اطلب من كل واحد من أبنائك أن يصنع قائمة بكل القرارات الكبيرة التي سيتخذونها على مدار 10 أو 15 سنة تالية من حياتهم، مثل الالتحاق بالجامعة، والوظيفة، والسيارة، والسكن، والزواج. ناقشوا سويًا العوامل التي تساهم في كل قرار من هذه القرارات الخطيرة.

التزم بالحقائق

تقول ابنتك بتنهد: "لا أريد أن أذهب إلى المؤتمر الصيفي هذا العام. لن يكون هناك أنشطة ترفيهية"

تسألها: "ها أنتِ متأكدة من هذا؟"

ابحث عن فرص لتعلِّم طفلك عن الحصول على كل المعلومات. لا تشجّع عمل استنتاجات مبنية على معلومات منقوصة.

فكّروا معًا

يحتاج طفلك أن يقدِّم مشروعًا في مادة العلوم. ولا يعرف بالتحديد الموضوع الذي يروق له. اكتب على ورقة كلمة "علوم" بداخل فقاعة، وبينما تناقش موضوعات مادة العلوم ارسم فروعًا نازلة من هذه الفقاعة واكتب عليها الأفكار الممكن تنفيذها.

بعد أن تناقش الموضوعات الرئيسية، شجّع طفلك على التفكير في موضوعات فرعية أيضًا. ربما تستهويه دراسة الحيوانات، ويتذكر حبه الشديد للأرانب. وبالتالي يقترب طفلك تدريجيًا من المشروع المطلوب منه بحماس شديد وبإحساس بالكفاءة.

ادرسوا الإيجابيات والسلبيات

لنفترض مثلاً أن طفلك عليه أن يختار بين لعب كرة القدم وحصص تعلُّم الموسيقى. اصنع قائمة بإيجابيات وسلبيات كل اختيار لتساعده على الوصول لقرار.

From Focus on the Family website at focusonthefamily.com. © 2013 Christine Field. Used by permission. 

 

 

 

 

 

 

 

 التربية المقدسة بالطول