Submit to FacebookSubmit to Google PlusSubmit to TwitterSubmit to LinkedIn

Teaching Kids about Empathy in an Anti Empathy Culture

بقلم: جاكسون جرير

(ملحوظة من المترجم: الكثير من المتخصصين يفرقون بين التعاطف sympathy والمواجدة أو المشاركة الوجدانية empathy. فالتعاطف يعني أن تشعر بما يشعر به الآخرون، لدرجة التقمص، والغوص معه في مشاعره.. ويرون أن هذا الأسلوب لا يفيد مَن نتعاطف معهم. في المقابل، المواجدة تعتمد على تفهُّم مشاعر الآخر، ومحاولة رؤية الأمور من منظوره مع التقدم نحو مساعدته.. وهذا يسمح بفاصل مناسب بين مشاعر الشخص المحتاج، ومشاعر المتطوع لمساعدته.)

------------------------

إذا كنت قد وجدت من قبل صعوبة في فهم المواجدة، فأنت لست وحدك في هذا. في السنوات الماضية، أصبح من الواضح أن الثقافة العالمية المنتشرة تحط من شأن المواجدة، وفي المقابل أصبحت تختار ترسيخ النرجسية واللامبالاة والكراهية أيضًا. ولأجل هذا أصبح من المهم أكثر من أي وقت مضى أن نعلِّم أطفالنا عن المواجدة.

 

ثقافة معادية للمواجدة

من المتعارف عليه أن الثقافة المعادية للمواجدة تقتصر حصريًا على هؤلاء الأفراد الذين يتعمدون اختيار السلوكات المؤذية، والكراهية تجاه شخص آخر في معاناة. كذلك، الثقافة المعادية للمواجدة تتضمن مستخدمي الإنترنت الذين يستخدمون منصاتهم لنشر كلام الكراهية، وكذلك من أجل التنمر على الآخرين. عندما تواجه هذه الثقافة المناهضة للمواجدة شخصًا يُعبِّر عن مشاعر حادة أو آراء قوية، فإنها تختار أن تسخر وتهين وتستهزئ. الجمعية الأمريكية للطب النفسي تذكر أن منحنى المواجدة ينخفض بشدة، بينما يرتفع في المقابل منحنى النرجسية والكبرياء في ثقافة معادية للمواجدة.

غير أن هذه التريندات تواصل صعودها خارج الدوائر المعروفة للثقافة المعادية للمواجدة. مؤخرًا، روَّجت بعض المنصات المسيحية الشهيرة لفكرة مثيرة للجدل تقول إن ”المواجدة خطية“. وفي مقال آخر، يركز الموقف المضاد للمواجدة على تمجيد ”الانغماس الكامل في وجع الإنسان المبتلى وحزنه ومعاناته“. وجزء من النقد الموجَّه للمواجدة يرتكز حول فكرة أن المرء يتحتم عليه أن ينفصل عن معتقداته وقيمه وفكره حتى يدعم ويشجع بشكل فعَّال الشخص الواقع في ضيق.

غير أن آراء السيد المسيح عن المواجدة تناقض قيم هذه الثقافة المعادية لها. إن تعليم أطفالنا عن المشاركة الوجدانية يمكن أن يبدأ بالمبادئ الكتابية، بدءًا من وصية المسيح في يوحنا ١٥: ١٢ «هذِهِ هِيَ وَصِيَّتِي أَنْ تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا كَمَا أَحْبَبْتُكُمْ.»

 

فهم المواجدة

إن أهمية تعليم أطفالنا عن المواجدة متوغلة بعمق في كل أرجاء الكتاب المقدس.. الشخص الذي يتمتع بالمواجدة يشعر بأفراح وأوجاع الآخر. وعندما تمارس المواجدة بشكل صحيح، فأنت تقترب من مشاعر الآخر مظهرًا له الدعم والتفهُّم.

انظر إلى حياة الرب يسوع وخدمته كنموذج للمواجدة. أظهر يسوع المواجدة في مناسبات متعددة وردت في الأناجيل، فمرقس ٦: ٣٤ يقول: «فَلَمَّا خَرَجَ يَسُوعُ رَأَى جَمْعًا كَثِيرًا، فَتَحَنَّنَ عَلَيْهِمْ.» وفي مناسبة أخرى يقول لوقا ٧: ١٣: «فَلَمَّا رَآهَا الرَّبُّ تَحَنَّنَ عَلَيْهَا، وَقَالَ لَهَا: "لاَ تَبْكِي".»

في هذه المواقف، أظهر الرب يسوع مشاعر عميقة مبنية على الرأفة والمواجدة نحو الآخرين. يشعر يسوع بشكل حقيقي بالوجع المتفرد والمعطل للإنسان، وهذه الحقيقة تنطبق بشكل مباشر عليك وعلى أبنائك. يقول الرب في إشعياء ٥٤: ٨: «بِإِحْسَانٍ أَبَدِيٍّ أَرْحَمُكِ.» من الجيد أن نفهم كيف تُعطى لنا المواجدة. تقول رسالة يوحنا الأولى ٤: ١٩: «نَحْنُ نُحِبُّهُ لأَنَّهُ هُوَ أَحَبَّنَا أَوَّلًا.» الرب يشاركنا وجدانيًا حتى نشارك الآخرين وجدانيًا.. من هنا نستطيع أن نعلِّم أطفالنا عن التحكم في مشاعرهم وأفكارهم، وتوجيه هذه المشاعر للآخرين بشكل صحي متوازن.

 

التحكم في الأفكار والمشاعر

كأب أو أم أنت القدوة الأولى لطفلك! وسواء كانوا متعاونين دائمًا أم لا، فهم يشاهدون ويصغون ويلاحظون سلوكك أكثر مما تتخيَّل. عندما تعلِّم أطفالك عن المواجدة، تذكر أنه بوسعك أن تقدم نموذجًا سويًا في الذكاء الوجداني.

ساعد أبناءك على أن يتعلموا كيف يتحكمون في أفكارهم ومشاعرهم الداخلية عن طريق طرح بعض الأسئلة المحددة، مثل: ”بمَ تشعر الآن؟“، ”ما الذي يجعلك تشعر هكذا؟“. تذكَّر أن نبرة صوتك وتعبيرات وجهك كثيرًا ما توصل معاني أكثر من كلامك.

بالإضافة إلى طرح هذه الأسئلة الأساسية، احرص على إضافة عبارات إيجابية داعمة موجهة نحو أطفالك، مثل: ”أنا آسف جدًا لما حدث“، ”من فضلك أخبرني أكثر“، أو ”أدرك مدى صعوبة هذا عليك“. هذه العبارات تساعد أطفالنا على إدراك أننا ندعمهم ونساندهم، ومتاحون لهم.

فضلاً عن طرح هذه الأسئلة عليهم والاهتمام بالمواقف التي يمرون بها، يمكنك استخدام أمثلة من الكتب والأفلام ومن أفراد العائلة لتعلمهم عن المواجدة. استخدم هذه النماذج لتدربهم على التحكم في أفكارهم وعواطفهم.

 

استراتجيات لتعليم الصغار عن المواجدة

المواجدة ليست شيئًا إمّا تمتلكه أو تفتقر إليه، ونادرًا ما يُكتسب من تلقاء نفسه بدون التعمد والمحبة. استراتيجياتك التربوية مهمة، والمناخ الأسري الذي تخلقه مهم. تأمل الاستراتيجيات التالية لتزيد من قدرتك على تعليم أبنائك عن المواجدة.

تفهَّم واقبل بدلاً من الإدانة

ليس من الضروري أن يتحول تعليم الأطفال عن المواجدة إلى لعبة تخمين. أظهر لأطفالك أن طرحهم لأسئلة تُعبر عن الاهتمام هو أفضل رفيق لهم.. عندما يعبِّر أحد عن مشاعر عميقة، ليس هناك مشكلة في أن نطلب منه شرح الموقف أو تفسير مشاعره، بقدر ما تكون له رغبة في ذلك.

بدلاً من البقاء صامتين، واختيار إدانة شخص ما بسبب سلوكه العاطفي، أظهر لأطفالك أنه بإمكانهم قضاء لحظات في التفكير في الموقف. علِّم أطفالك أن يسألوا أسئلة مثل:

- لماذا يشعرون بهذا؟

- كيف كنت سأشعر لو كنت مكانهم؟

- متى مررت أنا شخصيًا بتجربة مشابهة؟

- ما الشيء الذي لا يصح أن أتفوه به الآن؟

 

القدوة أولاً ثم التقويم

تذكر أن الهدف ليس أن تكون مثاليًا. جسِّد بقدوتك أنك تواصل التعلُّم والنمو تمامًا كما تريد لأبنائك أن يكتسبوا المواجدة. أعمال اللطف مثل خدمة الآخرين، أو تشجيع أطفالك، ستساعد على تعزيز ثقافة المواجدة. قدِّم قدوة في كيفية التراجع بشكل ملائم عن التعليقات الجارحة، أو فلترة تفاعلاتك على السوشيال ميديا.

وبمجرد أن ترسخ لحظات إيجابية، تستطيع أن تساعد أطفالك على فهم السلوك غير المحترم. مرة أخرى، يمكنك استغلال المواقف العائلية أو الكتب أو الأفلام لتعلُّم أطفالك عن متى يتصرف الآخرون بلا مبالاة.

 

التوجيه والتوعية وليس الوعظ

عندما يُعبر أطفالك عن مشاعرهم، أو يرون الآخرين يُعبرون عن مشاعرهم، فهم يصارعون مع أفكار جديدة ونقاط ضعف محتملة. هذه اللحظات هامة للغاية لاكتساب طفلك للمواجدة، وكذلك لتقوية علاقتك بهم.

تجنَّب تقديم المحاضرات لأبنائك فيما يجب أن يفكروا ويشعروا به، وإنما ساعدهم بإرشادك لهم ليتعمقوا في فهم نظرتهم أو رأيهم فيما يحدث. ضع في الاعتبار احتمالية أن يشعر طفلك بالارتباك أو الذعر أو القلق.

لذا ساعد طفلك على أن يتخيل نفسه في نفس موقف أصدقائه، وبدلاً من شرح المشاعر التي يُعبر بها الآخرون، اسأل طفلك مثلاً: ”ماذا تخبرك تعبيرات وجوههم عن مشاعرهم؟“ أو ”في رأيك ما هي مشاعرهم؟“

 

أنشطة لتعليم أطفالك عن المواجدة

ابتكر صندوق الرعاية

للأطفال الأصغر سنًا، فكر في ابتكار مركز مصغر للرعاية يحتفظون به في بيتهم، أو شنطة الظهر الخاصة بهم. يصف د. بيك بيلي، مؤسس برنامج «التأديب الواعي» (Conscious Discipline)، مركز الرعاية بأنه صندوق بسيط يحتوي على أشياء تجسد المواجدة.. من بين هذه الأشياء مناديل ورقية، بلاستر جروح، دبدوب صغير. ثم عندما يشاهد أطفالك أحد الأخوة، أو الأصدقاء، أو بابا أو ماما يبدو حزينًا أو يبكي، يمكنهم استخدام مركز الرعاية المصغر هذا لإظهار المواجدة.

 

تقديم الطعام للمحتاجين

عندما يمر أحد الجيران أو أفراد العائلة في مواقف صعبة، أحيانًا يمكن لإعداد وجبة أو بعض الحلويات من أجله أن تشجعه! كأسرة، فكروا فيمن يمكنكم مباركته بإعداد مخبوزات أو وجبة متميزة له، ثم اذهبوا معًا بالسيارة أو سيرًا على الأرجل حتى بيوتهم لتسلموا هذه الوجبات لهؤلاء من يحتاجون إليها. يمكنك اتخاذ خطوة إضافية بتشجيع أطفالك على كتابة خطابات ورسائل مساندة وتشجيع.

 

العمل التطوعي كأسرة

للأبناء الأكبر سنًا، قد يمثل الاشتراك في العمل التطوعي وسيلة ممتازة لتعليمهم المواجدة تجاه الآخرين. فكر في اهتمامات وشغف أبنائك حتى يمكنك اختيار مكان للتطوع يستمتعون فيه. بحسب استطاعتك، تطوع مع أبنائك لتُظهر لهم أنك تدعم اهتماماتهم أيضًا.

رغم تزايد الثقافة المعادية للمواجدة، لا يزال يمكننا تعليم أطفالنا عن المواجدة. إن غرس المواجدة كإحدى مهارات الحياة الهامة يستغرق وقتًا.. استمر في تعهدك في إرشاد أطفالك نحو معاملة الآخرين بلطف وتشجيع ومواجدة.

 

 

 

 

© 2021 Focus on the Family. All rights reserved. Used with permission. Originally published in English at focusonthefamily.com.

 

 

 

 

 

 

 

 التربية المقدسة بالطول