Submit to FacebookSubmit to Google PlusSubmit to TwitterSubmit to LinkedIn

بقلم: دانيال إل. ويز

إن الله يدعونا لحياة متجددة، ولكن الأمر يتطلب الصبر والتضحية والانضباط والتعاطف.


"في البدء خلق الله السموات والأرض".. تعد هذه الكلمات مألوفة لآذاننا مثل عبارة "حدث ذات يوم أن.."، ولكن مع الأسف أحيانًا تبدو هذه الكلمات غير مهمة بالنسبة لنا. كثيرون بما في ذلك المسيحيون ينظرون لقصة الخلق على أنها قصة أو أسطورة تُحكى للأطفال. نَمر فيها بسرعة على الأساسيات، لنصل إلى نهاية القصة.. البشارة بيسوع المسيح. ومع ذلك، فبداية التاريخ البشري يذخر لحياتنا أشياء مهمة ربما أكثر مما نظن.

 

لقد رأى السيد المسيح أهمية ذلك. وعندما سألوه عن العلاقة بين الأزواج خاصة مسألة الطلاق، فإذ به يحطم الأنانية البغيضة والحرفية المميتة التي أحاطت بالزواج، وذلك بالرجوع إلى الحقيقة القديمة:

"أما قرأتم.. أن الذي خلق من البدء خلقهما ذكرًا وأنثى. وقال من أجل هذا يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكون الاثنان جسدًا واحدًا. إذاً ليسا بعد اثنين بل جسد واحد. فالذي جمعه الله لا يفرقه إنسان." (متى ١٩: ٤- ٦)

ولكن استمر مَنْ يسألونه قائلين: "فلماذا أوصى موسى أن يُعطى كتاب طلاق فتطلَّق" (متى ١٩: ٧)


وقد سلط السيد المسيح الضوء في إجابته على قصة الخلق القديمة بقوتها وحيويتها.. حيث قال: "إن موسى من أجل قساوة قلوبكم أَذنَ لكم أن تطلقوا نساءكم. ولكن من البدء لم يكن هكذا" (متى ١٩: ٨). لم يكن يسوع يقول كلامًا عابرًا عن العالم الساقط. بل كان يوجهنا لنتأمل في تصميم الله للبشرية منذ البدء– هذا التصميم الذي تشوه وتحطم عندما أخطأ آدم وحواء في جنة عدن. قال الله: "نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا.. فخلق الله الإنسان على صورته. على صورة الله خلقه. ذكرًا وأنثى خلقهم." (تكوين ١: ٢٦ و٢٧)

كم مرة راعى الزوجان حقيقة أن كلاً منهما يحمل صورة الله وشبهه؟ والأهم من ذلك، كم من الأزواج أدركا أنهما يعكسان صورة الله وشبهه بنفس القدر –إن لم يكن أكثر- في اتحادهما الزيجي أكثر من كل منهما على حدة؟

وعندما عاد بنا يسوع إلى البداية فقد أراد أن يفهمنا هذا الإعلان الهام والخطير: لقد خلق الله البشر من أجل علاقة حميمة تمثل العلاقة الحميمة التي يتشارك فيها الأقانيم الثلاثية في جوهر الله. قال الله: "نعمل الإنسان على صورتنا (بصيغة الجمع) كشبهنا (بصيغة الجمع أيضًا). إن عطية الله العظمى لأبنائه هي إمكانية أن يتشاركوا ذلك النوع من الحب الإلهي الموجود قبل كل الدهور.

ربما لا يكون هذا هو حال زواجك. وربما فسد اتحادكما الزيجي بسبب الخيانة الزوجية، أو إدمان الصور الإباحية، أو المرض، أو الشعور بالمرارة والسخط، أو الأنانية أو التجاهل أو الإيذاء. ربما مازلت تملك الحب لشريك حياتك ولكن تشعر أحيانًا أنك تتنفس كل الهواء من حوله. وقد يبدو الانفصال هو الخيار المتاح، وربما يكون الصغار قد كبروا وانطلقوا في حياتهم وتشعر أن حياتك الزوجية قد أصبحت فارغة.


إن الحياة صعبة. البعض يدعوها "وادي الدموع". عندما أخطأ آدم وحواء تكبدوا حياة مؤلمة، عملوا في الأرض الملعونة التي تنبت شوكًا وحسكًا (تكوين ٣: ١٧- ١٩). والآن أيضًا قلوبنا تعاني من الدمار الناتج عن هذا السقوط، ومعركتنا اليومية مع الشوك والحسك- الكبرياء، والسخط، والشهوة، الجشع، والحسد.. كل هذا يهدد بخنق نبتة الحب الضعيفة. وهذا يجعل من الزواج أمرًا صعبًا. أحيانًا نرى شريك حياتنا كعدو لنا أكثر مما نراه امتداد لنا. اتحاد الجسد الواحد ربما يفتقر إلى كل الجوانب العاطفية والعقلية والروحية، وإذ به يُحكم عليه بالنفي حيث الإحباط واليأس. ونتساءل أين الله في كل ما يحدث لنا؟

إن السيد المسيح بعدما أعادنا مرة أخرى للبداية منحنا طريقًا لنعود مرة أخرى إلى النموذج الذي أراده الله لحياتنا وزواجنا. لقد أكمل ذبيحته الكفارية عن خطايانا فوق الصليب، ووعدنا بحياة جديدة في شخصه. يعلمنا الكتاب المقدس أنه إذا اعتمدنا لموته، فإننا نعتمد أيضًا لحياته الجديدة (رومية ٦: ٣ و٤). هذا هو رجاؤنا، وهذا هو وعده. إن الحياة التي يمنحها الله لنا تتمتع بالتجدد والفداء والتغيير. وهذه ليست أضغاث أحلام غارقة في الروحانية المتكلفة. إن الله يدعونا إلى حياة متجددة، ولكن الأمر يحتاج إلى الصبر والتضحية والانضباط، والتعاطف. ولكن الله معنا في كل خطوة في مسيرتنا، يعمل من خلال روحه القدوس ليعيد ما تهدَّم في حياتنا.

فلنقبل دعوة الله بحياة متجددة، ولنمسك بقوة بوعده الذي قاله لنا: "ها أنا أصنع كل شيء جديدًا" (رؤيا ٢١: ٥).


Copyright © 2006, Focus on the Family. All rights reserved. International copyright secured.