Submit to FacebookSubmit to Google PlusSubmit to TwitterSubmit to LinkedIn


السؤال
:

يتحدث شريك حياتي كثيرًا عن ضرورة بناء بيت على أساس المسيح. في رأيك ما المقصود بهذا الكلام؟ لقد نشأت في بيت نادرًا ماتطابقت فيه تصرفات أفراده مع أحاديثهم الدينية، ولا أريد أن أكرر هذا النمط الحياتي في عائلتي. هل بإمكانك أن تساعدنا؟

الإجابة:

من المؤسف أن تترك لديك نشأتك الدينية والروحية إحساسًا بالمرارة.. دائمًا وأبدًا يوجد الزوان وسط الحنطة، والمراؤون وسط القديسين، والفريسيون المنافقون داخل جدران الكنيسة. نحن جميعًا خطاة، وبالتالي هناك دائمًا خطر محدق بأن يسقط أفضل المؤمنين وأكثرهم إخلاصًا في مصيدة "صورة التقوى" بينما في الواقع "ينكرون قوتها" (تيموثاوس الثانية ٣: ٥). ولكن هذا لا يعني أن الله غير موجود، أو أنه لا يستطيع أن يملأ حياتنا بشكل حقيقي وملموس. كما لا يعني هذا أنه لا وجود لما يُطلق عليه "بيت مبني على أساس المسيح".

ما المقصود بالبيت المبني على أساس المسيح؟ الشيء الأكيد أنه بيت لا يُحكم بقواعد التدين المتشددة والعقيمة، بل المكان الذي  يعيش فيه أفراد العائلة في علاقة حية وصادقة مع إلههم، حيث يتحدثون ويتفاعلون معًا وهم مدركون بأن المسيح ذاته موجود في بيتهم، ويشترك معهم في كل ما تمتد إليه أيديهم. هذا الشريك يحبنا، ويهتم بنا، ويتداخل عن قرب في كل تفاصيل حياتنا. إنه بيت يمكن أن يقال عنه بحق: " المسيح هو رأس هذا البيت، لديه مقعد ثابت على مائدته، وهو يصغي بانتباه وفي صمت لكل أحاديثه وحواراته".

تُرى كيف يظهر المسيح في التفاصيل العملية للحياة اليومية؟ يختلف ظهوره من عائلة لأخرى ومن موقف لآخر؛ فكل عائلة مسيحية، مثل كل فرد مسيحي، هي بمثابة قصيدة شعرية ألفها الله بنفسه (راجع أفسس ٢: ١٠)، وكل قصيدة متفردة عن الأخرى. لكن هناك سمات مشتركة يمكن أن نتوقع وجودها في كل عائلة تسعى بصدق لأن يكون المسيح هو مركزها وأساسها.

أول كل شيء، البهجة هي صفة مميزة للبيت المسيحي الحقيقي. من المهم جدًا أن نقول أن البهجة والسعادة ليسا بالضرورة نفس الشيء.. السعادة تُبنى على الظروف المحيطة، أمّا البهجة فهي إحساس داخلي عميق. بكل تأكيد يواجه أي زواج وأي عائلة تجارب وضيقات متنوعة، لكن لا يستطيع شيء أن يسلبنا بهجتنا إذا علمنا أن سلامة حاضرنا ومصير مستقبلنا في يد المسيح وحده.

ثانيًا: البيت المسيحي منظم.. وكما يقول الرسول بولس: "لأن الله ليس إله تشويش بل إله سلام" (كورنثوس الأولى ١٤: ٣٣). أي أن هذا البيت يحركه قول المؤلف والفيلسوف "هنري ثورو": "البساطة! البساطة! البساطة!" وهذا بالتأكيد لا يعني الفوضى؛ فطغيان العالم وجنونه لابد أن يبقيا خارج المنزل، ولتحقيق ذلك يراجع أفراد العائلة بانتظام كل شيء يُسمح له بالدخول إلى منزلهم، ويسألون أنفسهم: "هل يجب أن يبقى هذا الشيء؟ هل هذا يساعد على بناء عائلتنا؟ هل يشجع هذا على أن يزداد تقديرنا لبعضنا البعض؟

ثالثًا: البيت المبني على أساس المسيح يجب أن يتميز بحلول النعمة فيه.. لابد أن يكون مكانًا بإمكاننا أن نخطئ فيه بلا خوف. يحتاج أفراد العائلة إلى بَلَسان النعمة ليداووا به جروح قلوبهم، كما يحتاجون إلى تذكر أن الحب -وليس الكمال- هو الهدف الذي يسعون إليه. هناك ما يكفي في العالم من البغضة، والإدانة، والسخرية، والكلام غير اللائق، والعداء، لكن يجب أن يكون البيت ملاذًا يجد فيه المجروح راحة وتعزية وشفاءً.

رابعًا: البيت المسيحي مكان للخدمة.. فالمناخ العام لهذا البيت يفوح برائحة الوداعة، والاحترام، والتواضع، والحب. وهو مكان يكتشف فيه كل من الزوج والزوجة أن خدمة بعضهما البعض في المسيح تمثل أولوية عظمى، وأن خدمة هؤلاء الذين في العالم الخارجي ترتكز على روح تفضيل الآخر وعدم الأنانية التي تُمارَس داخل البيت، وأن الحياة كلها- بما في ذلك الواجبات اليومية مثل غسل الملابس وتنظيف المنزل -  هي واجبات مقدسة نرضي بها الله.

خامسًا: البيت المبني على أساس المسيح يمثل مكانًا تمارس فيه القواعد الروحية. إنه مكان يوفر مناخًا لكل فرد من العائلة ليتعلم كيف يحيا بكلمة الله، والصلاة، والتأمل في الأسفار الإلهية، والخلوة في محضر الله.

أخيرًا، البيت المسيحي يُبنى على مقاصد الله لحياة كل فرد في العائلة.. إنه مكان تُبنى فيه أهداف العائلة على القيم والمبادىء الإلهية، ولا تتعارض فيه رؤية العائلة مع خطة الله. إن تشكيل وكتابة "إقرار رسالة العائلة" يمكن أن يمثل نقطة رائعة للبدء في بناء بيت مبني على أساس المسيح بشكل حقيقي، على أن تكون المبادئ الإرشادية المتمثلة في هذه الرسالة مرنة لكن ثابتة. بصفة عامة، لابد أن تعكس هذه المبادىء الإطار الأبدي للعائلة، كما يجب أن تعبِّر عن الرجاء الحي في رؤية المسيح وجهًا لوجه في يوم من الأيام.


Excerpted from The Complete Guide to the First Five Years of Marriage, a Focus on the Family book published by Tyndale House Publishers.  Copyright © 2006, Focus on the Family.