Submit to FacebookSubmit to Google PlusSubmit to TwitterSubmit to LinkedIn

بقلم: تشيرل سكرجز

للمزيد من هذه السلسلة:

١- احفظ قلبك تحفظ زواجك        ٢- الانفصال يبدأ بالأوهام        ٣- العلاقات الغرامية.. بداية النهاية 

٤- تجربتي مع الطلاق              ٥- إله الفرص الثانية              ٦- المسيح أولاً


 

عندما تسوء الأمور في الحياة الزوجية، يسلك الكثيرون فيما يعتقدون أنه الحل الأسهل، ويفترضون أن البحث عن السعادة الحقيقية يتحقق بالانفصال عن شريك الحياة، والعثور على شريك آخر.. وهذا هو الطلاق.

فعندما يتسلل الألم والجروح والأنانية والحزن إلى القلب، فإن كثيرين يقنعون أنفسهم بأن الطلاق/ الانفصال سيحررهم من كل هذا.. مع أن العكس هو الصحيح. لننظر إلى الحرية المغلوطة التي نظن أننا سنحصل عليها عندما نقرر الهرب من علاقة زوجية لا تلبي توقعاتنا.

كيف يبدو الطلاق/ الانفصال في الواقع؟

حتى إذا اختلف مظهر الطلاق/ الانفصال في منطقة الشرق الأوسط من حيث اللوائح والتنظيمات، إلا أنه لا يختلف التأثير النفسي والمعنوي للطلاق في أية بقعة من العالم.

إذا استطاع مَنْ يريد الانفصال أن ينهي الإجراءات القانونية، فإنه يظن أن الانفصال سيحرره بالتأكيد. لكننا نغفل إدراك مضامين هذا القرار حتى نختبرها بالفعل. فقد تبدو الحياة ممتعة بعيدًا عن شريك حياتك الذي "أتعسك"، ولكن الانفصال أو الطلاق شيء مرعب، وهذا رأي مبني على خبرتي الشخصية.

لقد انفصلنا –أنا وزوجي-  بشكل يمكن أن تسميه بـ "طلاق مثالي". وتشاركنا في تربية الأبناء، ونادرًا ما اختلفلنا، وحافظنا على علاقة صداقة "من أجل بناتنا" طوال سنوات انفصالنا.

ومع ذلك كانت التجربة مريعة! لم نشعر باستقرار في حياتنا أبدًا. لماذا؟ لأن الله لم يقصد أبدًا بأن تنتهي علاقتنا الزوجية أو بأن تتفكك عائلاتنا.

يقول الله في سفر ملاخي: "لأنه يكره الطلاق، قال الرب إله إسرائيل" (ملاخي ٢: ١٦).

 

ما تأثير الطلاق/ الانفصال عليك؟ 

بالنسبة لزوجي جيف وبالنسبة لي، تخلل إلى داخلنا الإحساس بعدم الاستقرار في حياتنا بعد الطلاق، حيث ساد حياتنا التشويش والافتقار إلى الهدوء. وكنا نجد صعوبة في الشعور بالاسترخاء. وكان لدينا أشياء تذكرنا باستمرار بالتفكك الحادث في عائلاتنا. من بين هذه الأشياء أعياد الميلاد، الهوايات التي كنا نمارسها، الأنشطة المدرسية، عندما يمرض أحد الأبناء، أو حتى عندما نرى عائلة مجتمعة معًا.

فيما يلي جزء من كتابنا "أفعلها ثانية" (I Do Again ) يصف حالة قلبي في اليوم الذي حصلت فيه على الطلاق:

٢١ أغسطس ١٩٩٢ أسوأ أيام حياتي.

بعد ١٠ سنوات من مروري أمام الشعب في الكنيسة كعروس شابة مفعمة بالأمل، دخلت إلى المحكمة لأرفع دعوة طلاق وأنا مفعمة بأمل من نوع آخر: التحرر من هذه الزيجة المريعة. كان ذلك اليوم الذي أردت فيه الحصول على الحرية لأكون مع حبيب آخر.. توأم روحي الذي ظننت أنني وجدته أخيرًا. اليوم أمسك بيدي تلك الورقة التي كنت متلهفة عليها.. تذكرة الدخول إلى حياة جديدة تمامًا وأفضل تمامًا. وقفت أمام القاضي، وأخبرته أنني أريد الانفصال.

في ذلك الصباح، توقف صوت المنبه، ورقدت في السرير للحظة، متثقلة بالنوم. هناك شيء يحدث اليوم. ما هو؟ حاولت إزاحة الغيوم التي تكتسح عقلي.. ثم تحرك قلبي بشكل مفاجئ حسبما أتذكر. اليوم هو اليوم المنشود!

انتظرت هذا الشعور بالإثارة. أنتِ اليوم حرة يا تشريل! كنتِ تنتظرين هذا اليوم طويلاً! لكنني شعرت يومها بالتثقل وعدم القدرة على الحركة. ماذا حدث لي؟

مر هذا الصباح بصعوبة بينما كنت أجهز ابنتي بريتني ولورين للحضانة، وخرجنا إلى الشارع. حاولت أتجاهل هذا الوجع الغامض الذي يمزق أحشائي. ولم أستطع أن أتناول الإفطار باستثناء تناول فنجان قهوة.

وبعد أن أوصلت البنات، توقف المرور بي في طريقي إلى المحكمة في ولاية تكساس. وأُتيحت لدي بعض الدقائق للتفكير، وحاولت التحدث إلى نفسي بالمنطق. تماسكي يا امرأة! هذا ما تريدنه.. هذا اليوم الذي انتظرتيه طويلاً! ستحصلين على السعادة أخيرًا.

وفي لحظة ما، لمحت حقيقة ماثلة أمامي لم أرد أن أراها.. اخترقت هذه الحقيقة القناع المتماسك الذي كنت أرتديه. ماذا لو كنت أقترف خطأً؟ ماذا لو كانت التحذيرات التي شعرت بها في أحشائي الخائنة تريد أن تخبرني بشيء؟

لا.

لن أذهب إلى هناك. اقتربت من المحكمة.. كنت على وشك أن أحصل على ما أردته. اعتدت على العمل بجد، لأن الحصول على ما أريده ليس سهلاً أبدًا. والآن أريد الحرية.. والمدهش أنني على وشك أن أحصل عليها. لا أستطيع أن أسمح لأية أفكار سلبية أن تشتتني عن هدفي.

في الممر البارد للمحكمة أصابتني رعشة في جسدي بينما كنت انتظر المصعد. وبالرغم من زحام الناس المحيطين بي، فإنني لم أشعر هكذا بالوحدة في حياتي. لكنني كنت مرتدية ملابس رسمية، وحذاء أنيق، ويعلو وجهي ابتسامة صفراء. وحافظت على تماسكي وهدوئي باقتدار شديد. لا أحد يشعر ما بداخلي من مشاعر، بينما في الواقع تجتاحني دوامة من المشاعر في رأسي وقلبي، ولا أريد شيئًا سوى الرجوع إلى البيت، وأشد اللحاف على وجهي وكأنني لم أولد في هذه الحياة. قابلت محاميّ على باب المحكمة.

وقال بصوت خافت وناعم: "صباح الخير"؛ فهذا عمله في النهاية. ورفع حاجبه وقال: "اليوم سنحصل على ما نريد".

أومأت برأسي في صمت ليس له مثيل.

لا أتذكر ماذا حدث بعد ذلك. أظن أنه كان لدى القاضي بعض القضايا الأخرى.. أو لنقل بعض الأشخاص الذين تغيرت حياتهم رأسًا على عقب. كل ما أعرفه على وجه التحديد أن معركتي الداخلية كانت تحتدم، وصارعت لكي أحافظ على هدوئي، أو أتجاهل هذه المعركة كلية، وأحافظ على التعبير الهادئ المصطنع الذي رسمته على وجهي.

في النهاية حان دوري، ووقفت أمام القاضي ارتجف بشكل واضح بجوار محاميّ. تكلمت وجاوبت على الأسئلة. هل كنت أريد الطلاق؟ نعم.

لكن في ذلك الوقت، لم أكن أتذكر لماذا أردت الطلاق!

أراد القاضي أن يعرف سبب تغيب زوجي. كيف لي أن أخبره أن "جيف" لم يكن يريد الطلاق؟ أو أنه حاول أن يمنعه ولم يوافق عليه؟ وبدموع ووجع تضرّع لي أن أتراجع عن الفكرة. وصلى من أجل التصالح، وترجى فرصة أخرى، وتمنى أن يلين قلبي. لكنه لم يفلح في ذلك.

 

في تلك اللحظة، كانت حالتي سيئة للغاية. كنت أريد أن أتوجه إلى الغرباء المحيطين بي، وأخبرهم بأنني امرأة صالحة.. صالحة حقًا. أحببت حياتي كزوجة وأردت أن أكون زوجة صالحة. كما أنني أحببت بالتأكيد حياتي كأم. لكنني لم أستطع أن أحتمل الإحساس بالفراغ، ولم أتمكن من تعويض الحميمية التي كنت أفتقدها. كنت مخلصة ووفية وجديرة بالثقة وودودة. لكنني لم أجد مخرجًا آخر ينقذني من ذلك الألم المبرح الذي استمر لسنوات. وفكرت في الأمر جيدًا، ولم أرَ أي مخرج سوى الهروب والبداية من جديد. عرفت أن الآخرين سيفكرون فيّ، ومنهم زوجي جيف، على أنني امرأة مارقة ووضيعة.. لكن الحقيقة أنني كنت مجروحة ومحطمة. كيف لي أن أخبر الجميع بهذا كله بينما تدل أفعالي على العكس؟

أخبرت القاضي: "زوجي جيف لديه عمل اليوم".

فحرك القاضي رأسه، لكني لا أظن أنه صدّق حرفًا من كلامي.

كان جيف في عمله حقًا. وقفت أمام القاضي وأنا أفكر فيما كان يمر في عقل جيف بينما كان يحاول التركيز في عمله. هل كان يبكي؟ هل كان غاضبًا؟ كيف كان يواجه حقيقة زواجه الذي تحطم وعائلته التي تمزقت؟ كيف كان يشعر عندما عرف أنه قريبًا سيكون أعزبًا أو مُطلقًا بحكم القانون؟

بأي وجه كنت قلقة بشأن هذا كله؟ كنت أنا السبب في ذلك. لقد تأخرت في قلقي على مشاعر جيف.

 

"يوافق على الطلاق".. ونزلت المطرقة مدويةً وملزمة. هل كان هذا خيالي، أم كان القاضي حزينًا فعلاً؟ ربما كان محبطًا. دار في عقلي كيف يتحمل أن يجلس طوال اليوم ليترأس جلسات تفكيك العائلات. كلمة "تفكيك".. لا تعبّر عن مكنونات ما يحدث بالفعل. وأعتقد أن القاضي كان يفهم هذا المعنى أكثر مني. في ظني أنه كان يعرف أنه يرى دمارًا.. تخريبًا.. حزنًا، وليس في يديه شيء ليفعله سوى أن يضرب بمطرقته.

هز صوت المطرقة كياني كله، ووضعت يدي على صدري بينما كنت أشعر بقلبي ينفجر في نوبة من الخفقان لم أشعر بها من قبل، شعرت بغيثان شديد، واستجمعت كل ذرة من قوتي لأبقى ثابتة حتى سرت إلى خلف الحجرة.

كان وقع خطواتي يتردد صداه في رأسي بينما أسير في القاعة الفسيحة المملة. وكان محاميّ يسير بجواري متغافلاً، يتحرك بسرعة كعادته، ومركزًا على مواعيده أو قضيته التالية. وتوقف عندما وصل إلى المدخل الأمامي للقاعة. وأمام القاعة مد يده مصافحًا.

وقال: "مبروك"، وترتسم على وجهه ابتسامة النصر فقد كسب القضية. صافحته ولكني لم أستطع تجميع ردًا مناسبًا.

مبروك.. هل أستحق هذا؟ هل يستحق زوجي هذا؟ شيء ما أجابني بـ "لا". ولكن هذا هو ما أردته، وحاربت من أجله، وسعيت له. وحدث ما أردته.


Original article published at focusonthefamily.com copyright© 2010, Cheryl Scruggs. Used by permission