Submit to FacebookSubmit to Google PlusSubmit to TwitterSubmit to LinkedIn

بقلم: توشا لامدين ويليامز

 

لقد طفح بي الكيل!

على مدار اليوم أعطيت وأعطيت وأعطيت حتى إنه لم يتبقَ شيء يمكن أن أعطيه؛ وبسرعة حلَّت مشاعر الغضب والإحباط بدلاً من مشاعر الأمومة الرقيقة.

لذلك وضعت رضيعي في سريره، ثم أرسلت بناتي إلى غرفتهن، وطلبت منهن أن يلعبن بالدمى ويتركنني بمفردي. بصدق لم تكن هذه المرة: "بناتي الأعزاء، اسمحن لماما أن تختلي بنفسها قليلاً". لكنها كانت، سواء كنت محقة أم لا، كالتالي: "ارحموني، احتاج لبعض الوقت لنفسي، تفضلوا على غرفتكم".

وبينما كنت أشعر بالإرهاق الشديد وأنا جالسة على الكرسي، جمّعت في عقلي كل ما فعلته لأطفالي ذلك اليوم.. لقد قمت برعاية طفلي الرضيع، وسددت كل احتياجاته. واصطحبت بناتي إلى المكتبة، ثم إلى النادي. وتوقفت عند محل البقالة لأشتري احتياجات وجبة عشاء صحية. وغسلت أكوام الملابس المتسخة، وقمت بترتيب المنزل. وبدون تردد قدّمت لعائلتي أفضل ما لديّ على مدار ساعات النهار، وسكبت نفسي من أجلهم، واستنفذت كل ذرة من الطاقة لديَّ.

 والآن كل ما بوسعي فعله هو أن أجلس أبكي وأقول: "يارب ساعدني!"، ثم التقطت كتابي المقدس على مضض.

وبدون أن أتوقع أي شيء يمكن تطبيقه على حياتي من العهد القديم، بدأت أقرأ من حيث توقفت في سفر صموئيل الأول. وبعد مرور لحظات، قفزت إحدى الآيات من الصفحة أمامي. عندما سأل الله أحد الآباء قائلاً: "لماذا... تكرم بنيك عليّ؟" (صموئيل الأول ٢: ٢٩)، وكأن الله كان يسألني أنا نفس السؤال. وبينما واصلت القراءة، استحوذت على كل كياني هذه الفكرة.

يخبرنا سفر صموئيل الأول بقصة عالي الكاهن، الذي خدم كرئيس كهنة لشعب إسرائيل خلال فترة القضاة. ويُظهر لنا الكتاب المقدس أنه بينما بدا عالي خادمًا مخلصًا للرب، فقد كانت لديه نقطة ضعف أدت به هو وعائلته في النهاية إلى الانهيار. ماذا كانت مشكلة عالي؟ كان عالي متحيزًا إلى ابنيه حفني وفينحاس أكثر من الله. فعندما مارس ابناه خطية الزنا، وانغمسا في سلوكيات شريرة، حتى أنهما جدّفا على الله، فإن عالي أكرم ابنيه كثيرًا، ونادرًا ما قام بتأديبهم وردعهم عن سلوكياتهم.

لقد حذَّر الله عالي من دينونة وشيكة لعائلته، وسأله هذا السؤال النافذ: "لماذا تكرم بنيك عليّ؟" ولو أن عالي استجاب إلى تحذيرات الله.. ولو أنه سمح للسؤال بأن يخترق قلبه.. ولو أنه وضع الله قبل أي شيء آخر في حياته، فربما تاب وتجنب المأساة التي حدثت له، لكنه لم يفعل. واستمر عالي في إكرام ابنيه أكثر من الله؛ لذا جلب الله الدينونة على عائلته.. قُتل حفني وفينحاس، ومات عالي من جراء الصدمة، وفقدت عائلته مكانتها المتميزة ككهنة للرب في إسرائيل. وأثناء ذلك ولدت زوجة ابنه المترملة ابنًا، وأسمته «إيخابود» بمعنى "زال المجد". هذه الأحداث المأساوية المتتالية بدأت عندما سمح عالي لابنيه أن يحتلا المرتبة الأولى في حياته.

عندما جلست هناك في نهاية ذلك اليوم، رفضت أن تحتوي قصة عالي أية إسقاطات على حياتي؛ على الأقل ابنتي التي تبلغ 4 سنوات لا تجدف على الله، ومن المستبعد جدًا أن تكون ابنتي الأخرى ذات السنتين منخرطة في ممارسة الخطية، وأسوأ شيء يفعله رضيعي هو أن يملأ حفاضته.

ومع ذلك، لا يمكنني أن أغفل الرسالة العميقة التي يقدمها النص لكل أب وأم. وبالرغم أن السؤال الأساسي كان له سياقه التاريخي، فإن الفكرة التي يريد أن يوصلها تتخطى في أهميتها كل الأزمنة... لماذا تقدِّم أفضل ما لديك لأبنائك، بينما تعطيني أنا المرتبة الثانية في حياتك؟

لذلك بينما كنت أحتاج بشدة إلى استراحة قصيرة من خدمة أبنائي، استغل الله الفرصة ليخبرني كم أحتاج أن أكون معه. إنه يريد أن تعلو علاقتي به أي علاقة أخرى في حياتي، بما في ذلك علاقتي مع أبنائي.

في واقع الأمر لقد كنت أصارع مع هذا الأمر، وعندما سألت أمهات أخريات، وجدت أنه صراع شائع حقًا بين معظمهن. نحن الأمهات "الصالحات" نميل إلى تقديم كل ما في وسعنا لأبنائنا، ونادرًا ما نترك بعضًا من الوقت لأنفسنا، ناهيك عن الله.

بالرغم من المراحل العمرية لأبنائنا، فإن الله يطالبنا ليس بأقل من المرتبة الأولى في قلوبنا. إنه يريد من كل منا أن نكرمة أكثر من أي شخص آخر.

هناك خط رقيق فاصل في الأمر؛ لأن القيام بدور الأم في حياة أبنائنا هو وسيلة لإكرام الله. ومع ذلك فإن رعاية أبنائنا، حتى مع إتاحة أنفسنا لهم طوال الوقت، ليست هي القضية. إن لُب الموضوع يتمثل في حقيقة أنه لا شخص- حتى أبناؤنا- يجب أن يأخذ موقعًا فوق الله، وإلا أصبحوا أوثانًا نعبدهم.

 

هل أبنائي -أو أبناؤك- أوثان نعبدها في حياتنا؟

ربما من السخف أن نشير إليهم بهذه الطريقة، ومع ذلك فإنهم يصبحون هكذا فعلاً عندما نكرمهم أكثر من الله. لنتأمل هذه الأسئلة:

  • ·هل يحدث أحيانًا أنك تترك أبناءك -بصرف النظر عن أعمارهم- لتختلي بعض الوقت بنفسك مع الله؟
  • ·هل تخصص وقتًا للتحدث إلى الله أكثر مما تفعل مع أبنائك؟
  • ·هل تركز بانتظام أن تستمد من الله أكثر مما تعطيه إلى أبنائك؟
  • ·هل يراك أبناؤك وأنت تقرأ الكتاب المقدس أكثر مما يرونك تشاهد التلفاز؟
  • ·هل تمثل علاقتك بالله أولوية أكثر من أي شيء آخر في حياتك- ربما أكثر أهمية من تعليم الأبجدية لأبنائك، أو إعداد وجبات صحية، أو إعدادهم ليكونوا أبطالاً في رياضة ما؟


من فضلكم لا تسيئوا فهمي.. أنا لا أقول أننا أصبحنا متزمتين وحرفيين بحيث نتجاهل سمات الأمومة. إن تعليم الأبجدية، وإعداد وجبات صحية، ومشاركة أبنائنا في الرياضات المختلفة كلها أمور رائعة إن فعلناها. كذلك السعي إلى أن نصبح بقدر المستطاع أفضل أمهات هو أمر محبب ومرغوب فيه. ومع ذلك، لابد ألا نسمح لمساعينا من أجل أبنائنا أن تقلل من سعينا نحو الله. لا يمكن أن ننخدع بفكرة أن كل الأشياء العظيمة التي نقوم بها كأمهات هي أكثر أهمية من علاقتنا الحميمة مع الله.

إننا نراهن بشيء غالٍ وثمين؛ فنحن نخاطر بعائلتنا، ونصبح مثل عالي، إذا ما وضعنا أبناءنا في مرتبة أعلى من الله.. لأنه يجب أن يكون له المكانة الأعلى والإكرام الفائق في قلوبنا.

 

لقد تطلب الأمر في ذلك اليوم أن أشعر بالإحباط الشديد والإعياء حتى أتذكر ذلك. ومنذ ذلك اليوم بدأت أسأل الرب كل صباح: "يارب، كيف تكون الأول في حياتي؟"

وعندما نسأل الله هذا السؤال، يجب أن نطيع الله فيما يقوله لنا، سواء كنا سنساعد في دراسة أبنائنا، أو نذهب بهم إلى النادي، أو نخدم أحد الجيران، أو حتى عندما نقضي وقتًا بمفردنا. يالروعة القوة التي سيمنحنا إياها الرب عندما نتمم مقاصده في حياتنا! عندما نطلب الله أولاً، فإن كل جوانب الحياة الأخرى ستسير في اتفاق وانسجام لخيرنا ومجده.

ليس هناك شيء سيجعل بيوتنا تشع بهاءً أكثر من حضوره. ليس هناك شيء سيعزز من نمو أبنائنا أكثر من كوننا أمهات يعرفن الرب بحق. وليس هناك شيء يجعلنا أمهات أفضل من أن نعطي الرب المكانة الأولى في حياتنا. إن الأمر كله يتعلق بمسألة مَنْ نكرم.

مَنْ الذي تكرمينه اليوم أكثر من أي شخص آخر؟


From the Focus on the Family website. Copyright©2003, Tosha Lamdin Williams. Used by permission  .

 

 

 

 

 

 

 

قصة الرب يسوع في كل الكتاب المقدس بالطول