Submit to FacebookSubmit to Google PlusSubmit to TwitterSubmit to LinkedIn

بقلم: د. ليزلي باروت، بالاشتراك مع د. ليز باروت

 

بعد يومين من زفافنا في ولاية شيكاغو الأمريكية، ذهبنا ليز وأنا لنقضي وقتًا ممتعًا في كوخ بسيط على ساحل أوريجون. ولم يكن لدينا ما شغلنا لمدة الخمسة أيام القادمة سوى خططنا للاستمتاع بالشاطئ، وبعضنا البعض، والمطر، وأشعة الشمس.

وحدثت أول مغامرة غير متوقعة في اليوم التالي لوصولنا.. بينما كنت أتأمل الشمس وهي تحاول أن تخترق طريقها بين السُحب أدرك ليز أن المفاتيح أُغلق عليها بداخل السيارة التي استأجرناها.

وبناءً على ذلك مشينا على أرجلنا مسافة ٢ أو ٣ أميال لنجد كابينة تليفون لعمل الترتيبات اللازمة حتى يأتي إلينا متخصص في أقفال السيارات. وجلسنا على جانب الطريق منتظرين، نحن في صمت تام. وكان ليز يتسلى بعصا كان قد التقطها ونحن نتمشى. مرت بضع دقائق ولم ينطق أي منا بكلمة واحدة. وكان وقتًا هادئًا، وكنا مستريحين وغير متذمرين.

وفي لحظة رواضتني فكرة: لقد تزوجت صديقي المفضل، وقد أحبني هذا الرجل حبًا جمًا مثلما أحببته. لا أتحدث هنا عن مجرد المشاعر الرومانسية أو العواطف، ولكني أتحدث عن حب مخلص يشتمل على مشاعر وصداقة قويتين. لقد تأسس حبنا على العِشرة. كنا بمثابة حليفين، وشريكين، ورفيقي درب.


لقد أخبرنا خبير الزواج العالمي "جون جوتمان" من جامعة واشنطن: "إن الزيجات السعيدة تُبنى على الصداقة القوية." ونحن نتفق معه في ذلك.

الشيء الغريب أن هذا الموضوع لم ينَل حظه في الكتابة والنشر. على النقيض، نجد مجلدات لا حصر لها عن الرومانسية والحميمية والعاطفة في الزواج، ولكن لا نجد الكثير عن كيف يسلك الزوجان كصديقين حميمين. يبدو أن الصداقة في نظر الكثيرين أمر يأتي بعد الرومانسية في الأهمية.

لكن تأمل هذه الحقيقة: تشير أبحاث أجرتها منظمة "جالوب" إلى أن علاقة الصداقة بين الزوجين تساهم بنسبة ٧٠٪ من مجمل السعادة الزوجية. في الواقع، يشار إلى أن الحميمية العاطفية التي يتشارك فيها الزوجان هي أكثر أهمية بمقدار خمسة أضعاف عن الحميمية الجسدية. لذلك من المنطق أن الزوجين بإمكانهما أن ينعشا علاقتهما الحميمة عن طريق تعزيز علاقة الصداقة بينهما.


ليس من السهل أن تجد أصدقاء جيدين، وعندما نجدهم –خاصة في الزواج- فإننا أحيانًا ما نستهين بهذا الأمر.. أو نظن أن هذا سيحدث تلقائيًا، إليك بعض الملاحظات لتفادي ذلك:

 انظر من خلال عيني شريك حياتك. حضر إلينا "سكوت" وزوجته "بريتني" لطلب مشورة تتعلق بزواجهما. لم يكونا في أزمة كبيرة، لكنهما كانا يعرفان أن زواجهما يعاني من بعض الإهمال. وما كان يومًا صداقة مرحة ومبهجة تحوّل إلى شراكة عمل تركزت على تربية ثلاثة أبناء في محاولة لتسديد الاحتياجات المتلاحقة.

وبينما كنا نقدِّم مشورة لهذين الزوجين، أرشدناهما من خلال تدريب يهدف إلى مساعدتهما على إظهار التعاطف نحو بعضهما البعض. لقد طلبنا من كل منهما أن يتخيل الحياة من خلال عيني الآخر.. بدأ كل منهما من البداية، وتطرقا إلى كثير من التفاصيل الخاصة بحياتهما اليومية بقدر المستطاع.  ثم طلبنا منهما أن يكتبا أفكارهما ومشاعرهما، ثم بعد ذلك يقرأ كل منهما ما كتبه إلى الآخر.

بعد قيادتهما في التدريب، شعرنا أن هناك ما يجب أن يقال أكثر قليلاً.. هذا النشاط دائمًا ما فتح أعين كل زوجين. لماذا؟ لأنه عندما تدخل ذاتك في عالم شريك حياتك، و ترى الحياة للحظات كما يراها/ تراها، هذا يغيِّر من نظرتك لكثير من الأمور.

بعد شهر واحد، جاء "سكوت" و"بريتني" مسرعين إلى مكتبنا؛ فقد استعادا علاقة الصداقة بينهما، ولم يستطيعا الانتظار حتى يخبرانا بما حدث معهما في الأسابيع الأربعة السابقة. ماذا حدث لهما؟ في البداية أخرج "سكوت" جيتاره من المخزن؛ فلقد نسي كم اعتاد هو وزوجته على الغناء معًا. واشترت "بريتني" لزوجها "سكوت" قميصًا من النوعية التي كان يحبها، وتذكرت بالضبط ما كان يختاره. لقد اكتشفا أن قليلاً من تنمية روح التعاطف بينهما يمكن أن ينعش صداقتهما.

رتِّب جدولك لدعم صداقتكما. نحن نحاول أن نخصص وقتًا، أو نوفره، أو نقتنصه، أو نشتريه، أو حتى نقترضه؛ لكن الوقت دائمًا ما يفلت من قبضة أزواج كثيرين. إلا أن الصداقة الحقيقية لا تُبنى بدون قضاء وقت معًا.

 

كثير من الأزواج والزوجات "يقترضون" الوقت من حياتهم الزوجية ويقضونه في أشياء عديدة "بعيدًا"، آملين أن يردوا "الدَّين" في مرحلة ما في المستقبل؛ إذ يظنون أنه يومًا ما سيكون لديهم متسع من الوقت، وأنهم غدًا لن يكونوا بهذه الدرجة من المشغولية، وستتغيَّر الأمور في النهاية.

ولكن هذه الفكرة لا تصلح للأصدقاء الجيدين؛ فهم يعيشون بدون أن يكونوا مديونين بوقت للآخر، ويستثمرون في علاقتهم الآن، وجدول أعمالهم شاهد على ذلك.. فهم يحددون أوقاتًا للتلاقي والجلوس معًا، ويتناولون الطعام معًا، ويسافرون في رحلات للاستمتاع معًا، ويضبطون ساعاتهم من أجل بعضهم البعض.


دعِّما من روح المرح. يعلمنا سفر الأمثال: "القلب الفرحان يطيب الجسم" (أمثال ١٧: ٢٢). إن الضحك والمرح بلسم شافٍ للأوجاع التي تقابلنا في مسيرة حياتنا الزوجية، ويعمل على تلطيف أجواء التوتر بينك وبين شريك حياتك، كما يعمل على التئام الجروح القديمة في علاقتكما.

الضحك أيضًا مكون أساسي للصداقة الجيدة؛ فهو يربط الناس ببعضهم البعض أكثر من أي شيء. بالطبع نحن نشعر بالحزن عندما يصيب الحزن أصدقاءنا، ونشاطرهم الألم، لكننا أيضًا نشاركهم روح المرح والدعابة.

إذا أردتما أن تنموا في صداقتكما كزوجين، احرصا على أن تعززا من روح المرح والدعابة بشكل منتظم. كيف يحدث ذلك؟ استرجعا ذكريات من ماضيكما تجعلكما تضحكان، طبقًا لميول كل شخص يمكنكأن تلقي نكتة، أو تشاهدا معًا أحد المسلسلات أو المسرحيات الكوميدية المفضلة لديكما. كل منا له طريقته في المرح التي تختلف عن أي أحد آخر؛ لذا يجب أن يدرس كل منكما روح المرح عند شريك حياته، وتمتعا بمزيد من الضحك في علاقتكما.

 

ليَحمِ كل منكما ظهر الآخر. يقول البشير يوحنا: "ليس لأحد حب أعظم من هذا أن يضع أحد نفسه لأجل أحبائه" (يو ١٥: ١٣). إن الأصدقاء الجيدين يَحمُون ويدعمون بعضهم البعض. البعض يُسمي هذا "الوفاء"، أو "الولاء"، أو "الالتزام".. أيًا كان ما نطلق عليه، فهذه السمة ضرورية جدًا لعلاقة الصداقة بين الزوج والزوجة.

فكِّر في الأمر قليلاً.. كل إنسان في وقت ما يمر بحالة مزاجية سيئة؛ جميعنا نشعر بالخسارة أحيانًا، ونواجه الألم والإحباطات الشديدة أحيانًا أخرى. في هذه الأوقات العصيبة تحديدًا نستطيع أن نحمي بعضنا البعض من الضرر، ونستطيع أن نقف وراء أحدنا الآخر ونحمي ظهره.

فيما سبق بعض النقاط التي تشرح كيف تبنيان علاقة صداقة قوية كزوجين.. أنت تعرف أن الأمر يستحق عندما يكون الصديق الذي تتلهف لرؤيته في المساء عندما ترجع إلى البيت. هذه هي الصداقة التي تتسم بالولاء والاستمرارية أكثر من أي شيء آخر. بالرغم أننا نأخذها بدون جدية في بعض الأوقات، إلا أننا لا يمكن أن نضحي بها مقابل أي شيء مهما كان.


From the October/ November 2011 issue of Thriving Family Magazine. Copyright © 2011, Dr.Leslie Parrot. Used by permission  .