Submit to FacebookSubmit to Google PlusSubmit to TwitterSubmit to LinkedIn

 

بقلم: سامي يعقوب 

      للمزيد من هذه السلسلة:

                          من مفكرتي عن الزواج ١     من مفكرتي عن الزواج ٢         من مفكرتي عن الزواج ٣

                                من مفكرتي عن الزواج ٤          من مفكرتي عن الزواج ٥


          هناك قصة قديمة تحكي عن طيار خاطب ركاب طائرته عبر الاتصال الداخلي، وقال: أيها السيدات والسادة.. لدي أخبار سارة وأخرى سيئة: قوة الرياح عند ذيل الطائرة تدفعنا للأمام، ونحن نطير بسرعة ممتازة.. أما الأخبار السيئة فهي أن بوصلة الملاحة بالطائرة قد تعطلت، وليس لدي فكرة أين نحن الآن، ولا إلى أين نتجه!“ ربما ينطبق هذا الوصف على زواج الكثيرين؛ فنحن نسير معًا على طريق الحياة السريع، لكننا لا نعرف إلى أين تقودنا خطواتنا! بعد سنين من الكفاح نحصل على ما كنا نتمناه ثم نكتشف فجأة أنه لم يكن حقيقة ما أردناه؛ فنعيد المحاولة، وفي كل مرة ندخل في حلقة مفرغة أخرى تؤدي بنا إلى نفس خيبة الأمل! تُرى إلى أي مدى يمكن أن نسير في الطريق قبل أن نستدرك ما يحدث في حياتنا، ونتوقف لنفكر إلى أين نحن ذاهبون؟   

        في مقتبل العمر ظننت أن مشاركتي للأهداف التي كنت أحلم أن أحققها، مع مَنْ كنت أظن أن واحدة منهن يمكن أن تشاركني رحلة العمر، تعطيني قبولاً. لكني فوجئت بأن أحلامي للمستقبل فاقت قدرات البعض على الاستيعاب بحسب مقاييس المجتمع الذي عشت فيه آنذاك. كشاب كنت أرى أن صاحب الرؤية للمستقبل لابد أن يكون مقبولاً بشخصيته عن الذي يزكيه «مكتب التنسيق»، فيحصل على مكان له في واحدة من التي يطلقون عليها "كليات القمة“، بالرغم من ثبوت حقيقة أن اللقب لا ينفع ولا يشفع لتحقيق النجاح في الحياة العملية! ولا شك أن وجهة النظر التقليدية في تقييمي، ولله كل الشكر، قد أحبطتني! على أية حال، رغبتي الشديدة أن أعيش حياة تحكمها أهداف تعطيها معنى كانت أقوى من كل إحباطات الرفض التي واجهتها. وفيما بعد ارتبطت بمَنْ تؤمن بأن وجود هدف أقوى من شخصية كل منا في زواجنا هو ما يضمن لنا حياة لها مذاق خاص، تدوم حتى يفرق الموت فقط بيننا.. فاخترنا معًا البوصلة التي نستخدمها لتوضح لنا أي طريق نسلكه في حياتنا، وكتبنا وصفًا لطريقة استخدامها على بطاقة دعوة زفافنا: «أعلمك وأرشدك الطريق التي تسلكها.. أنصحك، عيني عليك» (مزمور ٣٢: ٨).. ومن هنا بدأت الرحلة، ولم تنته بعد    

       تُرى هل سألت نفسك مرة ما الذي يجعلك تترك فراشك في صباح كل يوم لتقوم وتذهب إلى عملك؟ هل فكرت يومًا عما سيقال عنك يوم يودعك الأحباء إلى الحياة الأبدية؟ وجود أهداف في حياتك، ولو بسيطة، يعطيك أسبابًا وإجابات على مثل هذه الأسئلة. أما إذا لم يسبق لك التفكير في أهمية وجود أهداف محددة تسعى لتحقيقها بحياتك، فالوقت لم يتأخر بعد. أيًا كان عدد سنوات زواجك، لاتزال الفرصة متاحة لتتوقف وترجع إلى التقاطع الأول الذي التقيت عنده مع شريك حياتك؛ لتفكرا معًا في الأهداف التي تحدد الاتجاه لبقية حياتكما. اليوم أشجعك بما أشاركه من أمثلة لأهداف اخترتها لحياتي، وكيف أثرت على مستقبلي، وزواجي، وتربية أولادي.

 

            بينما أردت أن أحيا للمسيح يسوع، كان ولايزال على قمة أولويات أهداف حياتي أن أمجد الله بنموذج زواجي.. بما أحياه كزوج داخل البيت وخارجه. لقد اجتهدت في صغري أن أكون أفضل ابن وأخ، فكان أحد أهم أهدافي أن أكون أفضل زوج وأب. منذ اليوم الأول لزواجي كافحت بإصرار أن أطور عادة قضاء وقت يومي مع زوجتي لنصلي ونقرأ من كلمة الله معًا.. هنا كان سر القوة التي غيرت حياتنا، وخلقت فينا توافق وانسجام الأصدقاء.

            لحياتي العملية تطلعت لأن أكون رجل أعمال مبادرًا وعصاميًا، وفي سبيل تحقيق ذلك تمسكت بوصية أبي أن أعيش بلا ديون، وأرضى بالمتوفر لي ولو قليل. ربما فاتني أن أكون تلميذًا متفوقًا لأسباب بعضها يتعلق بي، وأغلبها كان نتيجة لنظام تعليم عقيم يعطي الدرجة الأعلى لمن يحفظ أكثر، ولا يُقدر من يفكر أو يفهم. لذلك كان أحد أهدافي بعد الانطلاق إلى حرية عالم ما بعد التخرج ألا أتوقف عن التعلُّم، ولا أستسلم أمام التحديات، وأن أكافح دائمًا من أجل تحقيق الأفضل.

            لقد نجحت في تحقيق بعض أهدافي بتقدير امتياز، وبقيت للإعادة في البعض الآخر.. لكني لم أفشل في أن أحاول مرة ومرات أن أحسن أدائي، وتدريجيًا تغلبت على بعض ضعفاتي. أعترف أن التحدي الأساسي في حياتي هو ألا يكون كل همي مجرد البقاء حيًا، بل أن أسعى لتحقيق الأهداف التي تنجز قصد الله من وجودي في هذا العالم.. «المشورة (أي الأهداف) في قلب الرجل مياه عميقة، وذو الفطنة (الفهيم) يستقيها (أو يستخرجها)» (أمثال ٢٠: ٥).

            المشكلة ليست أن حياتنا قصيرة، ولو طالت، المشكلة الحقيقية أننا نفقد الكثير منها عندما نعيش بلا هدف. الأيام التي يعطيها الله لكل منا ليست قصيرة، لكن نحن الذين نجعلها كذلك عندما نهدرها بلا معنى. لعل هذا ما قصده الرسول بولس بتحذيره للمؤمنين ممن يقولون: «فلنأكل ونشرب لأننا غدًا نموت!» فهذه هي «المعاشرات الردية التي تفسد الأخلاق الجيدة» (١كورنثوس ١٥: ٣٢- ٣٣).

            ما تأثير أن يكون لك هدف يجمعك مع شريك حياتك؟ وما الذي يترتب على زواج يغيب عنه وجود هدف يجمع الزوجين معًا؟ ما هي بعض الأمثلة لأهداف في الزواج؟ الإجابة على هذه التساؤلات هي أحاديث المرات القادمة.


(نُشر بجريدة وطني بتاريخ ٢ يوليو/ تموز ٢٠١٧)

Copyright © 2017 Focus on the Family Middle East. All rights reserved.