بقلم: مايك بيكتل
تخيَّل أن شريك حياتك قد ضغط على إحدى نقاط الضعف لديك، وانفجرت في نوبة غضب. كيف تقوم بترميم العلاقة؟ واصل القراءة لتتعلم أكثر عن التحكم في الغضب.
«لأَنَّهُمْ أَمَرُّوا رُوحَهُ حَتَّى فَرَطَ بِشَفَتَيْهِ» (مزمور ١٠٦: ٣٣). أليست هذه آية عظيمة؟ أفضل جزء فيها هو الرابط بين العبارتين. أولاً هناك مَن فعل شيئًا جعل موسى غاضبًا. ونتيجة لذلك، فقد موسى أعصابه. يمكنك أن تسمي هذا نوبة غضب. هل يبدو الأمر مألوفًا لديك؟
الغضب على الآخرين والتفوه بشيء تندم عليه هو شيء يحدث منذ عصور طويلة- ولا يزال يحدث إلى هذا اليوم. على سبيل المثال حين يستفز شريك حياتك نقطة ضعف عندك، ستشعر أن غضبك يتصاعد. قد يصدر عنك رد ساخر تندم عليه على الفور.
عندما يظهر الغضب، عادة ما يفر المنطق من النافذة. لهذا السبب كثيرًا ما نتذكر هذا بالندم. نشعر بالذنب، والخزي والإحراج -من ناحية لأننا لم نتحكم في أنفسنا، لكن بشكل كبير لأننا جرحنا شخصًا مهمًا بالنسبة لنا.
هناك الكثير من الكتب والمقالات والعظات التي جادلت في مسألة هل الغضب شيء جيد أم رديء. لكنك في النهاية انفجرت غضبًا، ماذا بعد ذلك؟
٣ خطوات يمكنها مساعدتنا على إصلاح العلاقة والاستفادة من هذه الخبرة:
افحص نوبة الغضب
معظم الناس يفرحون إذا تجاوزوا المواجهة القبيحة، ويريدون أن يلقوها وراء ظهورهم. ويتصورون أنها ستنتهي من تلقاء نفسها بمجرد مرور بعض الوقت، لذا يتجاهلونها ويترجون إن الأمور ستتحسن. وببساطة يتجنبون الحديث عنها. هذا يجعل الموقف أسوأ- ليس في لحظتها بل بمرور الوقت. لأنه يغرس بذور الاستياء التي قد تكون صغيرة الآن لكنها تنمو بمرور الوقت.
بعد نوبة من الغضب، اسأل نفسك هذه الأسئلة البسيطة: ماذا حدث للتو؟ ما الشيء الذي أثارني لأغضب؟
أحيانًا تأتي المثيرات من ماضيك، عندما كان والدك أو والدتك تنتقد أفضل جهودك. وفي مرات أخرى ترتبط بأمر آخر غير وثيق الصلة بالموضوع- مثل كونك مفرط الحساسية تجاه تعليقات شريك حياتك ولأنك في بداية يومك حصلت على رفض من رئيسك في العمل على مشروع هام قمت به. وقد تأتي من شعور بالذنب أو الخزي لأن تعليقًا بريئًا من شريك الحياة بدا مثل الهجوم عليك.
لقد اختبرت هذا الشيء الأخير مرات عديدة. ذات مرة طلبت زوجتي مني أن أتأكد من تجهيز الباربكيو لأنه كان لدينا ضيوف على العشاء. قمتُ بتنظيف الشواية وجهزت الأدوات المطلوبة- لكنني نسيت أن أراجع مستوى غاز الطهي. وعندما نفذ الغاز في منتصف وقت الطهي، سألتني: هل راجعت مستوى الغاز؟
اعتبرت هذا السؤال نوعًا من النقد. كانت تسألني سؤالاً بريئًا، لكنني كنت أشعر بالذنب لأنني أغفلت هذا الأمر. كان غضبي ينبع من داخلي، وليس بسببها. لا يستغرق الأمر طويلاً حتى تتوقف وتقيم الأمور بصدق حتى تقرر ماذا ستفعل بعد ذلك.
قُم بترميم الضرر
تحمل مسؤولية نوبة غضبك وتعامل معها سريعًا. يوجد سبب عملي لقول الكتاب «لاَ تَغْرُبِ الشَّمْسُ عَلَى غَيْظِكُمْ» (أفسس ٤: ٢٦). كلما طال انتظارك، تنامت المشاعر السلبية داخلك.
ليس عليك أن تحل المشكلة على الفور، لكن احرص على أن يحدث هذا في القريب العاجل. ولأن الانفعال القوي عادة ما يشوش على التفكير المتزن، فمن الأفضل دائمًا أن تنتظر حتى تهدأ هذه الانفعالات قبل التحدث فيما حدث. لكن ضع في توقعاتك أن الحوار سيحدث: ”أنا أعرف أن كلاً منا غير قادر عن الحديث في هذا الأمر الآن، لكننا نحتاج إلى الحديث. وأريد أن يكون حوارنا مثمرًا، لذا أحتاج إلى قليل من الوقت حتى استوعب ما حدث للتو. هل يمكننا التحدث بعد العشاء الليلة؟“
هذه طريقة تعبِّر عن تحمُّل المسؤولية، وتمنح أملاً في تسوية الأمور. شريك حياتك يعرف أنك ستتحدث عن الأمر لأنك حددت له وقتًا.
لا بد أن تعي أن لديك القدرة على اختيار طريقة تجاوبك مع أي موقف. لستَ ضحية لانفعالاتك.. تحمَّل المسؤولية عن الشيء غير اللائق والجارح والخالي من المراعاة- سواء كان هذا في المحتوى، أو التوقيت، أو اتجاه القلب. الطرف الآخر قد يكون مخطئًا أيضًا، لكن هذه ليست مسؤوليتك. أنت تتحمل ١٠٠% من إسهامك الشخصي في المشكلة.
بعض الناس يعتقدون الآتي: ”أنا أعرف أننا نحتاج أن نتحدث عن الأمر، لكنني سأنتظر حتى يفاتحني شريك حياتي في الأمر“. هذا يضع مسؤولية علاج المشكلة على الطرف الآخر، ويؤجل شفاء العلاقة إلى أجل غير مسمى.
إعادة الضبط من أجل المستقبل
الاعتذارات شيء ملائم حين تجرح الطرف الآخر، أو حين تُظهر له عدم الاحترام، أو عندما تسبب أي ضرر للعلاقة.
هذا لا يعني بالضرورة أن عليك أن تغيّر موقفك تجاه المشكلة، لأن هذا قد يكون غير حقيقي. إذا اعتذرت بصدق عن طريقتك في التعامل مع الخلاف، فأنت تمهد الأجواء لمواصلة الحوار بأمان في المستقبل. إذا كانت نوبات الغضب شيئًا معتادًا، فإن الاعتذار البسيط قد يكون أمينًا -لكنه لن يكون كافيًا. لن يشعر شريك حياتك بالأمان في العلاقة إذا اهتزت الثقة مرارًا وتكرارًا. خبرة الماضي تخبر شريك حياتك بألا يصدقك، لأنه يعرف أن هذا سيتكرر مجددًا.
العادات من الصعب الإقلاع عنها. إذا أصبح الغضب جزءًا من تكوينك الداخلي، حان الوقت لتبحث عن مساعدة متخصصة من أحد المعالجين. إن طريقة إعادة بناء الثقة يعني اتخاذ خطوات للتعامل مع السلوك المعتاد، وليس الاكتفاء بتقديم وعود عن المستقبل.
هل يصح أن تطلب الغفران عند اعتذارك؟ ربما سيبدو كلامك أجوف إذا اعتدت على ذلك. الأقوى بكثير أن تعتذر بصدق ثم تتخذ إجراءات في التعامل مع غضبك. وعندما يرى شريك حياتك أنك تقوم بعمل تغييرات وتتحرك في الاتجاه الإيجابي، فإن طلب الغفران سيصبح تعبيرًا قويًا عن قيمة علاقتك. وتكون قد بينت صدق رغبتك في التغيير.
اغضب ولا تخطئ
إذا أشعلت عود ثقاب في البنزين، سيحدث انفجار. وإذا حدث الانفجار في غرفة معيشتك، فهذا شيء سيئ ويؤدي إلى تبعات مدمرة. لكن إذا حدث الانفجار في سليندرات موتور سيارتك، فهذا شيء جيد ويؤدي إلى نتائج فعالة.
الغضب قد يكون انفعالاً سويًا -فهو الوقود الذي يسمح لنا بأن نصنع تغييرًا في حياتنا والعالم من حولنا. لكنه نحتاج أن نضع لافتة على غضبنا تقول ”تعامل بحذر“. بعد حدوث انفجار، ادرس الأمر ونظّف الفوضى.
© 2024 Focus on the Family. All rights reserved. Used with permission. Authored by Mike Bechtle and published in English at focusonthefamily.com.