Submit to FacebookSubmit to Google PlusSubmit to TwitterSubmit to LinkedIn

بقلم: جون بليز
للمزيد من هذه السلسلة:

١- قوة الأب                               ٢- قوة الحضور                        ٣- قوة المثابرة

   ٤- قوة إتاحة الفرصة                    ٥- قوة الإدراك                          ٦- قوة التوجيه

 



لابد أن يدرك ويمارس الآباء سلطة "إتاحة الفرص"، وهي ليست أداة تربوية جوهرية لنضوج الأبناء فحسب، وإنما أيضًا وسيلة للآباء والأمهات للتمتع بسلام الذهن!
"أيها الآباء، لا تغيظوا أولادكم، بل ربوهم بتأديب الرب وإنذاره" (أفسس ٦: ٤).

  

"لا تجرِ!" 

"لا، لا يمكنك اقتناء آي فون!"

"لا، لن تخرجي مرتدية هذا الشيء"

 

ليس هناك مشكلة في أن تقول "لا" رافضًا بعض الأمور.. فأحيانًا من المستحيل أن تخرج ابنتك مرتدية هذا الشيء، وبالفعل قد لا يحتاج ابنك إلى آي فون. من ناحية أخرى، تقول التربية المتساهلة "موافق" بشكل مستمر، حتى في الأمور غير الملائمة للأبناء. لكن الأبناء يحتاجون إلى رؤيتك كأب له سلطة ألا يسمح بأمور معينة غير ملائمة. مع العلم أن هذا المنع قد يؤدي إلى إغاظتهم في بعض الأحيان.

 

ذات يوم كنت أتصفح ألبوم صور العائلة، ولاحظت شيئًا لافتًا في صور أبنائنا عندما كانوا صغارًا.. في الصور التي تظهر فيها أمهم محتضنة إياهم، عادة ما تحتضنهم إليها إلى الداخل، أي يكون اتجاه أجسادهم تجاهها.. دائمًا! في حين أن الصور التي أظهر فيها محتضنًا إياهم يكون اتجاه أجسادهم للخارج بحيث يمكنهم مواجهة العالم الواسع.. دائمًا! 

 

لستُ خبيرًا نفسيًا، ولكن يبدو أن هناك سببًا وراء هذا الاختلاف في طريقة الأب والأم في احتضان أبنائهم. الأم تُبقي الطفل قريبًا منها لأنها مصدر الحماية والرعاية؛ بينما الأب يبقي الطفل قريبًا منه أيضًا، لكنه يمنح الطفل تصريحًا بأن يخطو ويجري ويسقط ويتعثر حتى يدخل بسرعة في غمار العالم الفسيح. أيها الآباء، أعتقد أنكم المصدر الأساسي لإتاحة الفرصة. أنتم مَن لديكم السلطان لتقولوا " نعم، أثق أنك قادر على فعل ذلك"، أو "حسنًا، لماذا لا تحاول؟". هذا لا يعني أن الأمهات لا تقدر أن تتيح الفرصة بنفس الكفاءة، ولكن حين يأتي الأمر من الأب، فهو يختلف كثيرًا. هذا هو الواقع! 

 

فيما يلي مثالان، أحدهما مع ابني والآخر مع ابنتي. سمحت لابني بأن يرتدي "شورت" في هذا الربيع. والآن نسكن في ولاية "كلورادو" حيث يشبه شهر إبريل شهر ديسمبر في برودته. ولو كان هذا القرار بيد أمه، ما كانت لتسمح له بارتداء الشورت، وهي بذلك تختار أن تمارس دورها التربوي انطلاقًا من رغبتها في حماية أبنائها. ولأنها أمه، فإذا لم تشعر بهذه الرغبة، فإنها بذلك تخالف الطبيعة التي خلقها الله عليها. لكنني قررت أن أسمح له بارتداء الشورت، وفكرت في نفسي: "حسنًا يا ابني، قد تصل درجة الحرارة إلى ١٠ درجات في هذه المنطقة، لكن لماذا لا تحاول؟ فإذا تجمدت عروقك، ربما ستتعلم درسًا مهمًا. اذهب وارتدِ الشورت." 

 

ابني في المراحل الأولى من البلوغ، ويحتاج لأبيه ليسمح له في أوقات مناسبة أن يخطو أو يجري أو يسقط أو يتعثر في طريقه، أو ليتجمد في هذا العالم الفسيح. هذا الأمر يمثل جزءًا هامًا من قطع "البازل" التي يجمعها في هذه السنوات من النمو نحو الرجولة الكاملة. وكنت بذلك أتيح له الفرصة بأن يفعل شيئًا يرتبط بشدة بالرجل الذي يرجو أن يكون عليه في يوم من الأيام. 

 

أنا أيضًا مدعو لفعل الشيء نفسه مع بناتي بينما يكبرن ويكتمل نضوجهن. منذ شهرين سمحت لابنتي أن تبكي. لقد مرت بخسارة ما، ولأنها الطفلة الوسطى، فقد انحصرت في منطقة وسطى.. لا تريد أن تكون الكبيرة الناضجة المتماسكة، ولا تريد أيضًا أن تنسى الأمر تمامًا مثلما تفعل الأخت الأصغر. ماذا يجب أن تفعل الابنة الوسطى؟ جلستُ بجوارها، وضممتها إلى صدري، وقلت لها: "ليس هناك مشكلة في أن تبكي." 

 

وعندما صرحت لها بذلك، بكت على الفور. اخترت أن أمسك بها ووجهها إلى الخارج نحو العالم بينما ظللت ممسكًا بها بالقرب مني، وقلت لها: "ابنتي، من الصعب أن نمسك العصا من المنتصف، فقد نظل هكذا دومًا، لكني أتفهم ذلك ربما أكثر مما تتخيلين، ولكن أحيانًا عندما تعتصرك الأمور أو الأشخاص من كلا الجانبين، بينما تكونين في الوسط، فالأفضل أن نترك الدموع تنزل، هيا ابكي! حسنًا ليس هناك مشكلة في هذا!"

وكنت بذلك أتيح لها الفرصة أن تفعل شيئًا يرتبط بقوة بالمرأة التي تود أن تصبح عليها يومًا ما. وبالرغم من صعوبة أن ترجو هذا الأمر أحيانًا من الابنة الوسطى، كان تصريحي لا يهدف إلى مجاراة ما يقدمه العالم للمرأة من ضعف وحساسية مفرطة (رومية ١٢: ٢)، وإنما لتدرك أن القلب الرقيق والحساس يمثل جزءًا جوهريًا من حواء، التي تمنح الحياة، والتي تمنح الحماية، وتوفر الملاذ لأبنائها.. كما أراد الله لها أن تكون. كانت أمها تستطيع أن تفعل هذا الشيء بنفس الكفاءة مثلي، ولكن لأن الأمر جاء من والدها، كان ذلك مختلفًا كثيرًا. بكيت معها، ثم سألتني هل البرودة قارسة جدًا بحيث لا يمكن ارتداء الشورت في كلورادو في شهر فبراير. 

فقلت لها: اذهبي لتجربي! 

 

أيها الرجال الأفاضل، بمقدوركم إتاحة الفرصة بدون تساهل أو تسيب.. فاالفارق كبير جدًا بين الأمرين.


Originally appeared on the Focus on the Family website. Copyright ©2008, John Blase.  Used by permission

 

 

 

 

 

 

 

قصة الرب يسوع في كل الكتاب المقدس بالطول