Submit to FacebookSubmit to Google PlusSubmit to TwitterSubmit to LinkedIn

بقلم: جلين تي. ستانتون

في أمسية مجيدة ودافئة بنهاية الأسبوع، كُنّا نحاول جميعنا أن نقرر ماذا سنفعل.. كانت زوجتي "ﭽاكي" تود أن تخرج لإنجاز بعض المهام، بينما أراد الأبناء أن يستمتعوا بالطقس ويلعبوا في الحديقة. لكن كأب بشخصيتي صاحبة القدرة على التحليل والتركيز على الأهداف لاحظتُ شيئًا أكثر أهمية: ليس هناك طعام في المنزل تقريبًا. ومن ثَم أصدرت قرارًا إداريًا بأننا لن نفعل شيئًا قبل أن نشتري البقالة. بوووووم.. صدر القرار.

ليس هناك خطأ في قضاء وقت للقيام بمهمة ضرورية، لكن المشكلة هذه المرة كانت في الطريقة التي تحدثت بها. كانت نبرة صوتي ولغة جسدي تقول بوضوح إن أية خطة لا تتضمن المهمة الضرورية المتعلقة بإحضار البقالة هي خطة غبية. استطعت أن أتنبأ بما يدور في فكر أفراد عائلتي: لماذا يبدو بابا بهذه الحماقة؟

فيما بعد سألت نفسي نفس السؤال! كان هذا الموقف واحدًا من مواقف عائلية متكررة وكثيرة تمنيت لو أنني تصرفت فيها بشكل مختلف.

إيذاء مَنْ نحبهم

لم يسبق لي أن صرخت في وجه زميل لي في العمل، ولم يسبق لي أن أهنت أحدًا من جيراني، لم يسبق لي أن جعلت طفلاً غريبًا يبكي. ومع ذلك فعلت كل هذا وأكثر مع الأشخاص الذين أحبهم من كل قلبي. بالطبع، لست وحدي في ذلك. في معظم العائلات نمر بأوقات نعامل فيها أفراد عائلتنا بأقل من القدر المتوقع من الذوق واللطف؛ إذ يتصاعد الإحباط والضجر، ثم نعود نتمنى لو تصرفنا بشكل مختلف.

 

لماذا نتصرف هكذا مع الأشخاص الذين يُفترض أننا نحبهم أكثر من أي شخص آخر؟ لماذا يستطيع أطفالنا أن يظهروا كملائكة صغار أمام الآخرين بينما يتصرفون كرؤساء شياطين في البيت؟ كيف نستطيع جميعًا أن نعامل الغرباء تمامًا عنا بلطف وذوق أكثر من لحمنا ودمنا؟ هل هناك أي علاج لهذا؟

 

تغيُّر بطيء

يقول تشارلز سبرﭽن الواعظ ذائع الصيت: "ما نحن عليه في بيوتنا، هو حقيقتنا." وهذا صحيح. وما نحن عليه جميعًا، من بين أشياء أخرى، هو أننا خطاة. لا توجد عائلة واحدة في التاريخ بمعزل عن الطبيعة الفاسدة الناتجة عن الخطية.. جميعنا مصابون بنفس الطبيعة الأنانية التي تطلب ما لنفسها. والبيت هو المكان الذي يجمعنا مع مَنْ هم من نفس طبيعتنا.. الأشخاص الذين نكون معهم على راحتنا أكثر من أي أحد آخر. ولهذا السبب نحن نتصرف على طبيعتنا– طبيعتنا الحقيقية- عندما نكون معهم. ولا تنسَ أن تضيف الضغوط المستمرة للعمل، والدراسة، ومجرد العيش معًا في نفس البيت!

 

لكننا نستطيع أن نساعد أبناءنا على فهم أن وراء مصادمات الحياة العائلية توجد عملية رائعة تسير ببطء. أحد أهداف الحياة المسيحية هو الاكتساب التدريجي لشخصية المسيح، وطالما أن الله يستخدم الآخرين ليساهموا في هذا التحول، فإنه سيستخدم هؤلاء الذين يرون باستمرار أين نحتاج هذا الإصلاح وأسبابه وكيفيته. سيستخدم الله الأشخاص الذين نعيش أمامهم على طبيعتنا الحقيقية، ويُعد أفراد عائلتنا أقوى الأدوات التي يستخدمها الله لتغييرنا.

نحن أشبه بحجارة، واحتكاكنا ببعضنا البعض أشبه بعمل السنفرة التي تهذب حوافنا الحادة. ساعد أبناءك على إدراك هذه العملية المستمرة للتحول.. وهكذا تكون لحظات الإحباط وعدم الصبر وعدم الاحترام والانتقام فرصًا لنطور من أنفسنا. لتحقيق ذلك هناك عاملان أساسيان في منتهى الأهمية: بيت مملوء بروح النعمة والغفران، ورغبة في النضوج والتطوير. يمكنك أن تقول لأبنائك: "في هذا الموقف، أفسدنا كل شيء، ولكننا سنكون أفضل في المرة القادمة."

 

فكّر في القصة التي حكاها السيد المسيح عن الابن الضال. هل الروح السائدة في بيتك تشبه قلب الأب المحب والمعطاء، أم تشبه روح الأخ الأكبر بقساوة قلبه وإدانته؟

الاستهانة بالنعمة

عندما كانت ليزا ابنتنا الكبرى في الثامنة من عمرها، بدت وكأنها وصلت إلى مرحلة المراهقة مبكرًا. وقد أصابنا سلوكها المتعالي والمتمركز حول الذات بالارتباك والحيرة. كيف يتناسب هذا السلوك الفظ مع هذه الفتاة الصغيرة الغالية؟ ولكن ما أصابنا بالحيرة أكثر هو الاختلاف بين سلوكها في البيت وتفاعلاتها مع مدرسيها وآباء وأمهات الأطفال الآخرين.. هؤلاء الكبار كثيرًا ما كانوا يمتدحون السلوك المهذب لأعلى درجة الذي تُظهره ليزا. وهذا سبب آخر يجعلنا نتصرف كثيرًا كالدببة المتوحشة في البيت: إننا ببساطة نغفل أن نقدِّر الجواهر التي بين أيدينا.. أفراد عائلتنا.

عائلاتنا مألوفة بالنسبة لنا.. ونحن نميل إلى عدم تقدير الشيء المألوف. إننا نفترض أن أفراد عائلاتنا سيحبوننا وسيغفرون لنا دائمًا، وكثيرًا ما نسيء استخدام هذه الحقيقة.

 

ساعد أبناءك باستمرار على أن يدركوا أن كل فرد في العائلة بمثابة كنز وعطية ثمينة من الله. كيف يمكن لحياتك أن تكون مختلفة بدون مواهب وقدرات كل فرد من أفراد عائلتك؟ عليك بالاحتفاء والتقدير للقوة والمساندة والإحساس بالانتماء الذي توفره لك عائلتك، بينما تبحرون معًا وسط بحر هذا العالم المعقد المحيط بنا.

لقد دعانا الله لنقدّر ونشجع بعضنا بعضًا، كما أوصانا أن نحب أقرباءنا. لا يصح أن ننسى أن أفراد عائلتنا هم أقرب أقربائنا! إننا نتشارك شيئًا أكثر قربًا وحميمية من مشاركتنا لنفس السكن أو المكان.. نحن نتشارك نفس الدم، نفس الطعام، ونفس البيت.

العائلة مهمة

تمثل العائلة شيئًا هامًا في نظر الله، ولا أحد يدرك ذلك أكثر من إبليس نفسه، العدو الحسود لله، الذي يصُب كل اهتمامه لإفشال هذه المنظومة التي أسسها الله. وسيحاول دائمًا أن يحطم هذا الشيء الذي يحبه الله.

 

عندما تعلِّم عن تصميم الله للعائلة في الأغلب لن يجعل أطفالك يغيرون سلوكهم بين عشية وضحاها، ولكني أؤمن أن عاملاً أساسيًا لجعلهم يحبون بعضهم بعضًا ويحبون المسيح يتمثل في فهم الأساس الكتابي لأهمية العائلة. بينما تدرسون كلمة الله معًا، ركزوا بصفة خاصة على الأهمية التي وضعها الله على العائلة، سواء في التصميم الذي وضعه عند الخليقة، أو أصول عائلة شعب بني إسرائيل ومجيء المسيح بالجسد منها، وكذلك العائلة التي نشأ فيها السيد المسيح. تأمل هذه الحقيقة المذهلة للحظات: اختار الله أن يقدّم ابنه الوحيد يسوع المسيح للأجيال من خلال عائلة بسيطة تتصرف بطريقة عادية. ماذا تقول هذه الحقيقة عن رؤية الله للعائلة؟ وكيف تؤثر على دورك في العلاقة مع عائلتك؟

 

في الكتاب المقدس نرى وندرك عظمة أبينا المحب والمعطاء وملكوته من خلال مفهوم العائلة. إن اهتمام الله بالمعاملات اليومية داخل العائلة يعبِّر عن شيء عميق وحقيقي عن محبة الله للبشرية، ويعطينا قدوة نجاهد في التمثل بها ونحن نقود عائلاتنا.

هل هناك علاج؟

هل يتبقى لنا أي خيار غير أن نصبح قساة في علاقاتنا داخل البيت، وغير مراعين، ونعامل بعضنا البعض بطريقة سيئة؟

مع الأسف، هذا السلوك سيكون دائمًا جزءًا من الحياة هنا هذا الجانب الآخر من الأبدية. وكما يقول الرسول بولس: إن جميعنا لدينا الإرادة لفعل الصواب، لكننا نفتقر إلى القدرة على فعله (راجع رومية ٧: ١٨). لكن هذه ليست النهاية! لأن بولس الرسول نفسه يحتفي بالنعمة والرجاء الذي لنا، ويقول: "إذًا لا شيء من الدينونة الآن على الذين هم في المسيح يسوع" (رومية ٨: ١).

 

إن عائلاتنا ليست مثالية أو كاملة، لكننا بالتدريج ننمو ونتغير، بينما نُثبت أعيننا على رئيس إيماننا. إن الله في كمال جوهره– الآب والابن والروح القدس- هو مصدر الحب والحياة في عائلاتنا؛ ويساعدنا أن نعكس هذا الحب؛ ويعطينا حياة جديدة مليئة بالبهجة، والسلام، وطول الأناة، والرفق، والصلاح، والأمانة، والوادعة وضبط النفس (غلاطية ٥: ٢٢ و٢٣).

 

أية عائلة لا يسعدها نمو هذه الصفات الرائعة كل يوم؟ هذه الأشياء لا تحدث كلها مرة واحدة، ولكن خلال العملية البطيئة والتدريجية لتعلُّم الحب.

ليس الأمر سهلاً، لكنه حقيقي. وعائلاتنا تلعب دورًا رئيسيًا في هذه الرحلة المقدسة! 


This article appeared in the March/April 2014 issue of Thriving Family magazine. It was adopted from My Crazy Imperfect Christian Family: Living Out Your Faith with Those Who Know You Best. © 2004 Glenn Stanton. Article © 2014 Glenn Stanton. Used by permission.


 

 

 

 

 

 

 

 التربية المقدسة بالطول