Submit to FacebookSubmit to Google PlusSubmit to TwitterSubmit to LinkedIn

بقلم: باول كوجلن             
             

عملت كمدرب لكرة القدم لما يقرب من ٢٠ عامًا بين الصبيان والبنات من عائلات مختلفة ومتنوعة. معظم الأطفال مسيحيون ومن عائلات متدينة، وكنت دائمًا مهتمًا بأن أراقب كيف يتصرف هؤلاء الأطفال مع أقرانهم. هل إيمانهم يحُدث فرقًا أو تأثيرًا من نوع مختلف؟

 

لاحظتُ مثلاً أنَّ أبناء العائلات المسيحية لا يحلفون كثيرًا مقارنة بغيرهم. نعم، هذا يجعلهم مختلفين قليلاً عن الآخرين. ولكن هناك اختلاف آخر رصدته، لكنه يوجع القلب: معظم هؤلاء الأطفال مُقيدون أكثر بكثير من أقرانهم  غير المتدينين، وبطريقة خاطئة. فهم أقل احتمالية من حيث الدفاع عن قضية عادلة، أو الدفاع عن أنفسهم أو الآخرين. يبدو الأمر وكأنهم تربوا منذ نعومة أظافرهم على فكرة أن الخلافات شيء سيئ- وأن الصبيان والبنات المهذبين يجب أن يكونوا طائعين وحريصين ولطفاء دائمًا، بدلاً من الحسم، والشجاعة والدفاع عن الفضيلة.

منذ زمن طويل قال أيوب بنغمة الرثاء على الحكمة: "أمّا الحكمة فمَن أين توجد، وأين هو مكان الفهم؟" (أيوب ٢٨: ١٢). اليوم أحب أن أضيف هذه الصرخة الأزلية وأقدّم نعيًا ورثاءً للشجاعة.

الشجاعة هي القدرة على مواجهة الخوف والألم والخطر والرهبة وعدم التأكد، لأنه لكي تكتسب فعليًا أية فضيلة لابد أن تكون قادرًا على التمسك بها في وجه الصعوبات. بكلمات أخرى، الشجاعة هي فضيلة أساسية يعتمد عليها أشياء كثيرة أخرى. أبناؤنا لا يصبحون ضعاف الشخصية لأننا نعلِّمهم أن يكونوا متواضعين ومحبين وصبورين. هذه سمات نبيلة وضرورة للإنسان لكي ينمو على مثال المسيح- ولكن هذه السمات لا تمثل إلا جزءًا من وصايا الله.

نحن كآباء وأمهات كثيرًا ما نفرط في التركيز على بعض جوانب حياة الاستقامة على حساب سمات شخصية أخرى مهمة. نحن نعلِّم أطفالنا أن يكونوا لطفاء ومحبين طائعين- ومع ذلك نهمّش أو حتى نقضي على فضائل أخرى قوية مثل: الجرأة والشجاعة.

يجب أن نساعد أطفالنا على فهم وإدراك صورة أكثر شمولية عن المسيح الذي قال: "اتركوها! إنها ليوم تكفيني قد حفظته" (يوحنا ١٢: ٧)

اقرأ الأناجيل وسترى يسوع الحَمل الذي قدّم ذاته ذبيحة لأجلنا. ولكن اقرأ سفر الرؤيا أيضًا: هل تتذكر أنه وصف بالأسد والمحارب الإلهي الأعظم؟

نعم، يسوع وديع- هو قال عن نفسه. الوداعة تعني الرضوخ والخضوع. لكن اسأل أطفالك: "إلى مَنْ كان يسوع وديعًا؟" لا يمكننا أن نقرأ الأناجيل ونستنتج أنه كان خاضعًا لإرادة البشر الموصومة بالأنانية والبحث عن المصالح وفي بعض الأحيان تكون شريرة. كان يسوع خاضعًا لمشيئة أبيه. هذا ما يجب أن نعلِّمه لأبنائنا. وهذا الخضوع لأبينا السماوي قد يضعنا في بعض الأحيان في صدام مع هذا العالم.

الوداعة ليست اتضاعًا زائفًا أو نوعًا من الجُبن أو الخوف من الصدام مع الآخرين. الوداعة هي أن نعرف مَنْ نحن؟ ونؤمن أن ما قاله الله هو حقيقي، ثم نسلِّم إرادتنا له لأننا نحبه لأنه أحبنا أولاً.

النواهي والأمور المُباحة أيضًا

أعتقد أن آباء وأمهات كثيرين يسطِّحون معنى الشجاعة بأن يخبروا أبناءهم أنهم يجب أن يقولوا "لا" للآخرين. حقًا، هذا أمر هام. ولكن الشجاعة لا تقتصر على ما نتجنبه- وإنما تتعلق بالتصرفات التي نختارها بينما نتقابل ونتفاعل مع الآخرين.

وبَّخ يسوع القادة الدينيين في زمانه قائلاً: "أيها القادة العميان! الذين يُصفّون عن البعوضة ويبلعون الجَمَل" (متى ٢٣: ٢٤). كانوا يبالغون في التركيز على أمور تافهة وفي مقابل ذلك تجاهلوا الأمور الأهم والأعمق مثل العدل والرحمة والإيمان. أنا أفعل نفس الشيء أحيانًا كأب، ولست فخورًا تجاه الأسباب التي تجعلني أفعل هذا: أنا أصفي عن البعوض (لا أتغاضى عن أي صغيرة أو كبيرة) لأن هذا أسهل بشكل أو بأخر من تعليم أبنائي وإعطائهم قدوة على مثال المسيح في الأمور الجوهرية في حياتنا. هذا أمر شائع في تربية المسيحيين، وكثيرًا في خدمة مدارس الأحد في الكنيسة. نحن نعلِّم أطفالنا أن بناء حياة الاستقامة يكون بتجنب الخطية- ويتألف تدريبهم الروحي عادة من قائمة بالنواهي والممنوعات. الشيء المفقود هو التعليم عن الأمور التي ينبغي أن نفعلها. تجنب الخطية شيء صحيح وجيد، ولكن ماذا عن تربية أطفال مشهورين بالشجاعة والإقدام ومحبة العدل؟

ساعد أطفالك على إدراك أن الشخصية الشجاعة لا تظهر عندما لا تختار أن تفعل الخطأ وفي نفس الوقت لم تختر أن تفعل الصواب. حذِّر أطفالك من تجاهل الفرص التي يستطيعون أن يُظهروا من خلالها محبة الله وتسديد احتياجات الآخرين. عندما نغفل تقديم الحب والخدمة، أو الدفاع عن الحق، فإننا نغفل تنفيذ مشيئة الله لحياتنا، وهي فكرة واضحة جدًا في مثل السامري الصالح (لوقا ١٠: ٢٥- ٣٧). إن نصيحة المسيح بأن محبة المحتاجين –"الأصاغر"- هي خدمة له شخصيًا (انظر متى ٢٥: ٣١- ٤٦).

الاباء وتشكيل الشخصية ٢

ساعد أطفالك على فهم أن المحبة الشجاعة التي على مثال المسيح أحيانًا تكون لها تبعات "قاسية". عندما نشجع أبناءنا لإظهار محبة أكثر، عادة ما نقصد أن يتصرفوا بلطف أكثر مع الناس. يجب أيضًا أن نُظهر لهم أن المحبة تتضمن الاهتمام بأمر شخص آخر بدرجة لا تمنعك من مواجهته عندما يكون مخطئًا أو الدفاع عنه عندما يتعرض لهجوم.

الخوف والجُبن

من منظور آخر: كم مرة شخصّت سلوك طفلك على أنه نوع من الجُبن؟ ماذا تقول بعد أن يخبرك ابنك أنه شاهد صديقًا له يتعرض للسخرية أو الاستقواء من آخرين، ولم يفعل شيئًا؟ هل ساعدته على إدراك أن المشاعر السيئة التي يشعر بها هي نتيجة الجُبن؟ هل تشرح له أن الخوف أمر طبيعي لكنه استجابة غير كافية من جانبنا تجاه شخص يتعرض للظلم؟ هل تذكّره بأن التمثُّل بالمسيح لا يعني أن نبقى سلبيين وغير فاعلين؟

أعترف أن ما نتحدث عنه ليس موضوعًا سهلاً. نحن كآباء وأمهات نغفل كثيرًا التحذير من الجُبن كسمة تؤدي إلى تآكل الشخصية. في حين يحذرنا الكتاب المقدس مرة تلو الأخرى ضد الجُبن. في مثل الوزنات (متى ٢٥: ١٤- ٣٠)، يرفض يسوع أن نعيش بالخوف.

حقًا الخوف هو أكبر عدو للحب، لكن للتوضيح: الخوف شيء طبيعي، وربما يكون ضروريًا في كل مرة تُتاح لنا فرصة لاكتساب الشجاعة- أو الجُبن. المهم هو استجابتنا للخوف.

إذا أردنا أن نربي أبناءً يتسمون بالإيجابية والشجاعة- وليس السلبية والعدوانية- ويكونوا قادرين على العيش في حياة غامرة وقادرين على محبة الله والآخرين، فلابد أن نبدأ بمساعدة أبنائنا على اكتساب فضائل قاسية مثل الجرأة والشجاعة. أتحدث عن أبناء تدّربوا جيدًا على حياة الإيجابية وسيصبحون على الأرجح قوى جبارة في عمل الخير.. أبناء عندما يكبرون يقدرون على مقاومة دموعهم وتجفيف دموع العالم الذي نعيش فيه.. أبناء يقدرون خلال حياتهم على محبة القريب وتشجيع صغار النفوس ومساندة الضعفاء (تسالونيكي الأولى ٥: ١٤) من خلال مشاركة قوتهم وصلاحهم.


From the Thriving Family website at thrivingfamily.com. © 2013 Paul Coughlin. Used by permission. 

 

 

 

 

 

 

 

 التربية المقدسة بالطول