Submit to FacebookSubmit to Google PlusSubmit to TwitterSubmit to LinkedIn

احصاييات الانتحار

حتى الآن قدمنا الكثير من الأفكار حول كيفية التربية الفعالة لأبنائنا، وتهيئتهم لحياة سوية، وتطرقنا إلى بعض الفخاخ التي يلقيها العالم أمامهم، والعقبات التي قد تضللهم على طول الطريق، ومشكلات الصحة النفسية التي قد تجعلهم يترنحون في اتجاهات خطيرة. كل هذا جيد جدًا؛ لأنها معلومات هامة، لكنها من ناحية ما تمثل تمهيدًا فقط لمهمتنا الحقيقية. حان الآن لنتوجه إلى صُلب الموضوع.

لقد أصبح انتحار المراهقين مشكلة جسيمة في مجتمعنا عديدة.. يُقدّر «المعهد القومي للصحة النفسية» بالولايات المتحدة أنه أمام كل مراهق يموت بالانتحار فعليًا هناك ما يقرب من ٢٥ مراهقًا يفكرون في إزهاق أرواحهم. من الواضح أن عددًا لا بأس به من شبابنا يفكرون كثيرًا في إمكانية إنهاء حياتهم.

قبل أن نبدأ في مقاومة هذا الأمر، نحتاج أن نحدد بالضبط ما الذي سنقاومه. هناك قصة يجب أن تُحكى هنا، والإحصائيات المصاحبة يمكن أن تساعدنا على التعامل مع الأمر.

 

 

For Titlesانتحار المراهقين: بمَ تخبرنا الأرقام؟

ماذا يحدث بالضبط في عالم ظاهرة انتحار المراهقين؟ فيما يلي استعراض سريع لبعض الأرقام الأولية:*

(* ملحوظة من الناشر: الأرقام التالية من واقع الإحصائيات بالولايات المتحدة، لكن مجتمعاتنا العربية ليست بعيدة عن هذه المأساة، خاصة في السنوات الأخيرة. فمن الجيد أن نأخذ بعين الاعتبار المؤشرات عن حجم المشكلة من حولنا، مع متابعة ما يحدث في بلادنا.)

وفقًا لأحدث الإحصائيات (عام ٢٠١٣) من مراكز التحكم والوقاية من الأمراض (CDC)، يمثل الانتحار (٢٢%) المركز الثاني بعد الحوادث (٤٥%) كسبب رئيسي للوفاة بين الشباب من عمر ١٥- ٢٤ سنة، مما يجعله يحتل المركز العاشر بين المواطنين من كل الأعمار. متوسط أعداد المراهقين الذين يتحركون نحو إنهاء حياتهم سنويًا هو ٥٧٥ ألفًا. ومن هؤلاء يوجد ٤٦٠٠ شخص ممَن يموتون بالانتحار فعليًا (بمعدل ١٢ مراهقًا في اليوم). من بين المراهقين الذين يفكرون في الانتحار، ما يقرب من نصفهم يضعون أفكارهم حيز التنفيذ فعليًا.

ما بين الطلاب في الصف التاسع (الثالث الإعدادي) إلى الثاني عشر (الثالث الثانوي):

  • ١٧ % فكروا في الانتحار في الشهور الاثني عشر الأخيرة (٢٢،٤ % إناث، ١٠،٣ % ذكور).
  • ١٣،٦ % وضعوا خطة محددة للانتحار في الشهور الاثني عشر الأخيرة (١٦،٩ % إناث، ١٠،٣ % ذكور).
  • ٨ % نفذوا بالفعل خطوات معينة لإنهاء حياتهم مرة أو أكثر في الشهور الاثني عشر الأخيرة (١٠،٦ % إناث، ٥،٤% ذكور).
  • ٢،٧ % احتاجوا رعاية طبية بعد المحاولات الانتحارية (٣،٦ % إناث، ١،٨ % ذكور).
  • مونتانا، وويومنج، وبعض الولايات الأخرى الغربية سجلت أعلى معدلات انتحار بحسب الأعمار. المشكلة حادة بشكل خاص في المدن الصغيرة والمناطق الريفية حيث لا تتوفر الإمكانيات الكافية الخاصة بالصحة النفسية، وتتوفر بكثرة الأسلحة النارية.

 

من المهم أن نضيف أن الفتيات أكثر عرضة للإقدام على الانتحار من الصبيان بمعدل ٣ مرات. من ناحية أخرى، الصبيان أكثر عرضة للموت بالانتحار في المحاولة الأولى. ونتيجة لذلك، فإن ٨١ % من كل ضحايا انتحار المراهقين هم من الذكور،

هذا يمثل إلى حد كبير صورة انعكاسية للأساليب المختلفة التي يستخدمها الصبيان والفتيات.. الأسلحة النارية تُستخدم في حالات الانتحار بين الذكور، بينما تلجأ الفتيات أكثر إلى المخدرات أو أشكال أخرى من السموم (٣٤،٨ %). هذه الأرقام قد ترجع إلى حقيقة أن الإناث عادة ما يجدن سهولة أكبر للتعبير بالكلام عن المشاعر الانتحارية، ويطلبن المساعدة، بينما يميل الصبيان إلى كتمان مشاعرهم بداخلهم.

الإحصائيات بشأن أساليب الانتحار توحي لنا بطرق واضحة جدًا يمكننا بها منع مأساة الانتحار من أن تحل على أبنائنا. ربما لا تكون قادرًا على حماية أبنائك المراهقين من كل تأثير سلبي، لكن هناك بعض الأمور البسيطة التي يمكنك فعلها لتتفادى هذا الوحش المدمر قبل أن يدخل بيتنا:

 

إذا كان لديك أسلحة نارية في البيت، احرص على أن يُغلق عليها في مكان آمن -طوال الوقت- ولا تدع أطفالك يحصلون على المفاتيح أو طريقة الوصول إليها. إذا كان أطفالك يشاركون في الصيد أو تدريبات الرماية، احرص على أن يشارك أطفالك في هذه الأنشطة تحت إشراف الكبار فقط.

 

في نفس الوقت، قم بعمل فحص كامل لخزانة الأدوية وتخلَّص من أية عقاقير قديمة لم تعد بحاجة إليها. احرص على إخفاء الروشتات الحالية في خزانة آمنة ومغلقة جيدًا بحيث لا تُتاح لأي أحد سوى الشخص الموصوفة له. بلا شك ستفرح بأنك فعلت هذا.

 

كأب/ أم، حافظ على علاقتك بأطفالك، وافعل كل شيء ممكن لتعزيز إحساسهم بالتوحد مع عائلتهم. شجّع المشاركة في اجتماعات الشباب في الكنيسة، والأنشطة الرياضية المدرسية، والموسيقى، والكورال، أو فصول الباليه. ادعُ أصدقاء أبنائك إلى بيتك بشكل منتظم. اجعل بيتك مكانًا لطيفًا للأطفال أن يتواجدوا ويتحركوا فيه. المشاركات الاجتماعية من هذه الطبيعة تمثل عوامل جيدة مانعة لتسرب الاكتئاب، وتقلُّب الحالة المزاجية، والأفكار الانتحارية.

 

 

For Titlesالأسباب وعوامل الخطر

لماذا يشعر صغار كثيرون بالإغواء نحو إزهاق أرواحهم؟ كيف يمكن أن ترصد إذا كان ابنك/ ابنتك عرضة لهذا التيار الفكري، أو أنه في خطر شديد لإيذاء نفسه؟ حددت الدراسات ستة أسباب كبرى لانتحار المراهقين:

  • الاكتئاب. ويصاحبه دائمًا إحساس عنيف بالمعاناة، وفقدان الأمل، واليأس؛ لذا يبدو الاكتئاب الشديد أكبر من قدرة الشخص على الاحتمال. وهو السبب الأكثر شيوعًا لانتحار المراهقين، فما يقرب من ٧٥% من الوفيات بالانتحار هي نتيجة الاكتئاب، أو القلق، أو الشعور بأنه لا مخرج من الظروف الصعبة.
  • الذُّهان. أصوات خبيثة داخلية تُلح على تدمير الذات لأسباب غير مفهومة. الأشخاص المصابون بالشيزوفرنيا سيقدمون عادة إجابات صريحة عن أفكارهم الانتحارية عندما يسألهم أحد بشكل مباشر.
  • الاندفاع. تحت تأثير المخدرات أو الكحوليات تصبح مشاعر بعض الناس مفرطة، ويحاولون إزهاق أرواحهم. وعندما يستفيقون من تأثير المخدر يشعر هؤلاء الأشخاص بإحساس عميق بالندم.
  • صرخة للمساعدة. بعض الأشخاص لا يريدون أن يموتوا، ويريدون إرسال إشارة للآخرين بأن هناك شيئًا خطيرًا. وكثيرًا ما يستخدمون وسائل يعتقدون أنها لن تقتل، لكنها كثيرًا ما تسبب خطرًا غير مقصود وغير قابل للعلاج بشكل كامل.
  • الجدل الفلسفي. بالنسبة للبعض يكون القرار بقتل النفس متعمدًا، واختيارًا عقلانيًا، وأحيانًا بدافع مرض عضال مؤلم لا أمل (أو أمل ضعيف) في الشفاء منه.
  • الخطأ. الوفيات في هذه الفئة تكون عادة نتيجة تجريب "الاختناق الجنسي الذاتي" (autoerotic asphyxiation).. وهي حالة يتم فيها ذاتيًا تقليل تزويد المخ بالأوكسـﭼين لتعزيز اللذة الجنسية أو نشوة مشابهة.

ولأن السبب الأول للانتحار بين الشباب هو الاكتئاب، فمن المحزن أن واحدًا فقط من بين كل خمسة مراهقين مكتئبين يحصلون في الواقع على مساعدة (وربما أقل من ذلك في بلادنا- الناشر)، كثيرًا بسبب الخوف من الوصمة الاجتماعية.. وهذا أدعى لنا كوالدين أن نراقب أعراض الاكتئاب.

من المهم أن نضيف أن الاكتئاب في حد ذاته لا يشكل سببًا كافيًا لدفع الشاب إلى إزهاق روحه؛ فكل حالات الاكتئاب تقريبًا بها ظروف تحث على الانتحار: أزمة طارئة تدفع الصغار لترجمة مشاعرهم في صورة أفعال. هذه الظروف التي تدفع للانتحار يمكن أن تتضمن بعضًا مما يلي من أحداث:

  • الانفصال بين الوالدين.
  • ممارسة العنف بالمنزل.
  • العجز عن النجاح في الدراسة.
  • انفصال في علاقة عاطفية.
  • الشعور بانعدام القيمة.
  • الرفض من الأصدقاء والأقران.
  • تعاطي المخدرات.
  • وفاة أحد الأحباء.
  • انتحار أحد الأصدقاء أو المعارف.

إلى حد ما، من الإنصاف أن نقول إن كل المراهقين، حتى أكثرهم تأقلمًا مع الذات والطبيعيين جدًا، هم في خطر الأفكار والسلوكيات الانتحارية بدرجة ما؛ وهذا بسبب أن المراهقة يمكن أن تشكّل فترة عاصفة ومضطربة من الحياة في ظل أفضل الظروف. كما أن التقلبات العاطفية بسبب الهرمونات قد تعمق مشاعر انعدام الأمل وانعدام القيمة التي يختبرها شباب كثيرون خلال هذا الطور من النضوج. وهناك عوامل أخرى تساهم في المشهد أيضًا، على سبيل المثال:

  • سلوك عدواني أو مخل بالنظام.
  • ارتباك بشأن الهُوية الجنسية أو التوجه الجنسي.
  • عدم استقرار الصحة النفسية.
  • عدم توفر خدمات الصحة النفسية.
  • التردد في الاعتراف بوجود مشكلة.
  • التنمر (سواء في المدرسة أو على الإنترنت).
  • مشكلات أو تيارات اجتماعية مربكة.

أضف إلى ذلك حقيقة أن مراهقين كثيرين يعوزهم ضبط النفس، وبطبعهم يميلون إلى المخاطرة، والسلوكيات المتهورة؛ ومن السهل أن ترى ضرورة المتابعة اللصيقة للوالدين.

 

 

For Titlesالصورة الأكبر

هذه الحقائق والأرقام تعطينا صورة دقيقة جدًا لما نواجهه في مشكلة انتحار المراهقين، كما توحي الإحصائيات بخطورة أكبر عندما تُدرس في سياق السنوات الأخيرة الماضية. عندما ننظر إلى الأعداد من هذا المنظور، فإننا سنكشف عن تيار مهم. بحسب مراكز التحكم في الأمراض والوقاية منها (CDC)، وصلت معدلات انتحار المراهقين ذروتها في وقت ما في تسعينيات القرن الماضي، ثم بين عامي ١٩٩٩ و٢٠٠٧ انخفض المعدل بنسبة ١٥% ليصل إلى ٣،٩% فقط بين المراهقين من ١٠- ١٩ سنة (1). ومنذ ذلك الحين ارتفعت المعدلات مرة أخرى، حتى وصلت تقريبًا إلى ذروتها السابقة. يقول لنا الخبراء الآن إن معدل الانتحار بين الأطفال والمراهقين أصحاب البشرة البيضاء في عمر ١٠ إلى ١٧ سنة ارتفعت ٧٠% بين عامي ٢٠٠٦ و٢٠١٦. بينما الأطفال والمراهقون أصحاب البشرة السمراء ينتحرون بنسبة أقل عن أصحاب البشرة البيضاء من الشباب، لكن معدل ازديادهم أعلى أيضًا، بمعدل ٧٧%. (2)

هل هذه أخبار جيدة أم سيئة؟ الإجابة يبدو أنها الاثنان. من ناحية، معدلات الانتحار ليست أعلى مما كانت عليه في العشرين سنة الماضية، ولاتزال أرقامًا قليلة نسبية. من ناحية أخرى، المعدلات في ارتفاع الآن بعدما انخفضت لمدة تزيد عن عشر سنوات. وبالطبع الإحصائيات لا معنى لها عندما يكون طفلك هو واحد من مئة ألف مراهق.

ورغم أنه لا حاجة إلى الذعر، هناك حاجة حقيقية للترقب والمتابعة والعمل الجاد. في النهاية، حتى لو حياة شاب واحد فُقدت بالانتحار فهذا عدد كبير جدًا. وهناك أسباب وجيهة لنفترض أننا سنخسر أكثر من هذا، إلا إذا اتخذنا جميعًا، آباء وأمهات، ومعلمون، وخدام، وعاملون مع الشباب، إجراءات وقائية متعمدة.


1.Sally C. Curtin et al., “Recent Increases in Injury Mortality Among Children and Adolescents Ages 10-19 Years in the United States: 1999-2016,” National Vital Statistics Reports 67, no. 4 (June 1, 2018), https://www.cdc.gov/nchs/data/nvsr/nvsr67/nvsr67_04.pdf (accessed September 12, 2018).

2. Jayne O’Donnell and Anne Saker, “Teen Suicide is soaring. Do spotty mental health and addiction treatment share blame?”, USA Today Network, March 19, 2018, https://www.usatoday.com/story/news/politics/2018/03/19/teen-suicide-soaring-do-spotty-mental-health-and-addiction-treatment-share-blame/428148002/ (accessed September 12, 2018).


 

القسم السادس: التعامل مع قضية الانتحار

For Titlesالفصل الأول: إحصائيات الانتحار

For Titlesالفصل الثاني: علامات توحي بتفكير الشخص في الانتحار

For Titlesالفصل الثالث: التحدث بصراحة عن الانتحار

For Titlesالفصل الرابع: التجاوب مع أزمة الانتحار

For Titlesالفصل الخامس: الاحتفاظ بالأمل حيًا

 

 

© 2020 Focus on the Family. All rights reserved. Used under license.