Submit to FacebookSubmit to Google PlusSubmit to TwitterSubmit to LinkedIn

التحدث بصراحة عن الانتحار

يمثل الانتحار ملمحًا مزعجًا وواضحًا في مشهد عصرنا الحديث الذي يؤثر على الصغار حتى في عمر العاشرة والحادية عشرة. كيف يمكننا مواجهة هذا التيار السلبي؟ أحد طرق المواجهة هو البدء في التحدث.. جيل الكبار يحتاجون إلى إقامة خطوط اتصال وتواصل مستمرة ومنتظمة مع الجيل الأصغر. أكثر من أي شيء آخر، المطلوب هو شبكة دعم قوية بما يكفي لنمسك بالصغار والضعفاء قبل أن يبدأوا الانزلاق نحو الاقتناع بأن الحياة لا تستحق أن تُعاش.

هذا الحوار يحتاج أن يحدث على ثلاثة مستويات: الثقافة العامة، والمستوى الاجتماعي، والمستوى الشخصي. دعنا نلقي نظرة عن قرب.

 

 

For Titlesالثقافة العامة: الانتحار كواقع تعيشه مجتمعات عديدة

المراهقون، في ظل هرموناتهم المتدفقة وتقلباتهم العاطفية، دائمًا عرضة لأفكار ومشاعر هدامة، ووسائل الترفيه الحالية والسوشيال ميديا لا تفعل شيئًا سوى تضخيم هذا الميل الطبيعي. في ظل هذه الظروف، ليس أمام الوالدين أي خيار سوى تبني أسلوب مبادر.

بمجرد أن تقبل الحقيقة المزعجة التي تقول إن الانتحار أصبح الآن جزءًا طبيعيًا من المشهد في مجتمعات عديدة، ستكون في وضعية أفضل لمواجهته، وسيكون من الأفضل إذا بدأت هذه المواجهة فورًا. يمكنك أن تبدأ بالخطوات التالية:

كُن واعيًا

أول أداة لك في المقاومة تتمثل في تثقيف نفسك وتثقيف أبنائك. ألقِ نظرة حولك، واستطلع الأمر. اسأل أبناءك: "ماذا يحدث في المدرسة؟" اكتشف إذا كان يوجد لديهم أصدقاء يفكرون أو يتحدثون عن الانتحار. ناقش الموضوع بانفتاح مع كل أبنائك، حتى الذين لا يظهر أنهم في خطر. افعل هذا كأمر عادي معتاد، كما تفعل مع أمور لها علاقة بالتعليم عن الجنس. ليس مبكرًا أبدًا أن تبدأ التحدث في هذا.

أكّد على العلاقة

اخلق مناخًا في البيت يرتكز على هُوية عائلية وقيم مشتركة. انخرط في حياة أبنائك.. تشاركوا تناول الطعام معًا أكبر عدد ممكن من المرات.. كُن صادقًا، وصريحًا، ومنفتحًا.. اخرج مرة كل أسبوع أو كل شهر في لقاء فردي مع كل واحد من أبنائك. ساعدهم أن يشعروا بالارتياح عندما يشاركون أفكارهم وانطباعاتهم معك.

لتكن أهدافك واقعية

حدد ما تستطيع فعله وما لا تستطيع فعله. العالم مكان محفوف بالخطر، ولا يمكنك أن تتوقع أنك ستحمي أطفالك ضد كل المخاطر في كل الأوقات. ومع ذلك، يمكنك مساعدتهم على الاستعداد للخبرات السلبية التي قد يواجهونها في الحياة. ليس مطلوبًا أن تكون أبًا أو أمًا مثاليًا لتكون أبًا أو أمًا صالحًا؛ لذا لا تجعل القلق من الفشل يمنعك من التحدث مع أطفالك عن الانتحار.

قدّم نموذجًا في إدارة الضغوط

قدّم نموذجًا، وعلِّم استراتيـﭼيات سوية وإيجابية في التعامل مع الشعور بخيبة الأمل، والاكتئاب، والضغوط -أشياء مثل الصلاة، التأمل في الكتاب المقدس، التمارين الرياضية، اكتساب مهارة أو هواية جديدة. تحدث مع أطفالك عن نجاحاتهم وإخفاقاتهم، وساعدهم أن يروا أنه مهما بدت الأمور سيئة، فغدًا دائمًا يوم آخر. هل تتذكر حديثنا عن الاعتناء بالنفس؟

ضع خطة

قم بعمل خطة للتدخل في الأزمات العائلية، واحرص على أن يعرف الجميع التفاصيل قبل أن تظهر الأزمة الحقيقية. فكر في إدارة الضغوط كما لو كان اختبارًا لمواجهة الحريق.. ابحث عن طرق للتعبير عن المشاعر السلبية للآخرين، والتعامل معها قبل أن تزداد الأمور سوءًا. مارسوا هذه الخطوات معًا على الأقل ٣- ٦ مرات سنويًا بحيث يشعر كل واحد من العائلة بالارتياح تجاهها.

نريدك أن تسمع هذه الرسالة بوضوح شديد: الانتحار الآن أمر "عادي" في عالمنا؛ لذا كُن مبادرًا كأب أو أم، وتحدث كثيرًا مع أبنائك.

 

 

 

For Titlesالمستوى الاجتماعي: عندما يحاول صديق أو أحد أفراد العائلة الانتحار

بسبب الثقافة المنتشرة حاليًا، هناك احتمالية أكبر أن يسمع أطفالك عن شخص يفكر في الانتحار، وقد يفقدون صديقًا مقربًا أو أحد أفراد العائلة بهذه الطريقة. عندما تحدث هذه الأمور، من المهم جدًا كوالدين أن نتواجد حولهم ونقدّم المشورة والرأي والحكمة. ويمكنك أن تعظّم من فاعلية هذه الحوارات بتذكّر بالنقاط التالية:

اعرف العلامات

كُن واعيًا بالعلامات التحذيرية المتنوعة التي توحي بأن الفرد ربما يكون في خطر أن يقتل نفسه. راقب عن قُرب أعراض الاكتئاب، القلق، خيبة الأمل، الفراغ، الانسحاب، الغضب، التغييرات الملحوظة في الحالة المزاجية أو السلوك. كما تساعدك طريقة SLAP التي شرحناها سابقًا في هذا الجزء من الكتاب في تقييم مستوى الخطر.

تحدّث عن الأمر

إذا حدث أن أحد الأصدقاء أو أحد أفراد العائلة حاول الانتحار أو مات بالانتحار، اجلس وتحدث مع أطفالك عن هذا الأمر. امنحهم فرصة ليعبِّروا عن مشاعرهم، وشجعهم على التحدث بانفتاح، وتوقُّع حدوث تقلبات عاطفية، وانشغالهم بأسئلة عميقة عن معنى الحياة والموت. إذا كان لأولادك صديق يصارع نفسيًا أو يفكر في الانتحار، علمهم كيف يقدمون المساعدة بتعاطف. إذا فَقَد طفلك شخصًا بالانتحار، اسأله هل يشعر بنوع من المسؤولية عن وفاة صديقه، أو هل يقول لنفسه "لو كنت فعلت كذا..."؟ ربما يحتاج منك أن تخبره بثقة هذه الرسالة: "ليست هذه مسؤوليتك. ربما تظن ذلك، لكن هذا شيء لا تُلام عليه."

استخدم لغة مناسبة

عند مناقشة هذا الموضوع، ابتعد عن عبارات مثل "محاولة انتحار ناجحة"، "محاولة انتحار كاملة"؛ فهم يميلون إلى أخذ انطباع أن تدمير الذات قد يكون هدفًا محببًا أو مرغوبًا فيه. ليس هناك مشكلة في أن تقول إن فلانًا مات بالانتحار أو قتل نفسه. في المجمل، من الأفضل أن تكون صريحًا وبلا مواربة، ولا تحاول أن تهون من الأمر بلغة سطحية أو ساذجة.

أخبر شخصًا آخر

يحتاج الصغار أن يفهموا أن إنقاذ حياة صديق أهم من كتم الأسرار. إذا وُجد شخص يفكر في الانتحار وغير مستعد أن يناقش مشاعره مع أحد والديه أو شخص كبير ناضج ومَحل ثقة، درّب طفلك على أن يتحدث مع أحد المعلمين، أو الخدام، أو المشيرين ممَنْ هم في موقع يتيح لهم التدخل والمساعدة.

 

 

For Titlesالمستوى الشخصي: عندما تشك أن طفلك يفكّر في الانتحار

عندما يقترب خطر الانتحار من بيتك، من المهم أن تواجه الموقف بتفهم ومراعاة، وعناية شديدة. فيما يلي خطة العمل التي ننصح بها:

قيّم الخطر

ابدأ باستخدام طريقة SLAP (السابق شرحها) لتقييم مستوى الخطر. إذا لاحظت علامات واضحة للاكتئاب، أحضر طفلك على الفور إلى طبيب نفسي لتشخيص حالته. الاكتئاب له علاقة وثيقة بكيمياء المخ/ الجسم، والغرض من التقييم الطبي هو ألا تتطور حالة طفلك، وهو أمر مهم أن تفعله قبل معالجة الأفكار الانتحارية ومحاولة علاج الجوانب النفسية في الأمر.

 

 

الملاحظون، البناؤون، المتواصلون

يمكنك أن تشجّع أطفالك على أن يساعدوا الآخرين ممَنْ هم عرضة للانتحار بأن يكونوا ملاحظين، بنائين، متواصلين. استخدم الأسئلة التالية لبدء الحوار:

كُن ملاحظًا

هل أخبرك أحد من قبل أنه يريد أن يقتل نفسه؟ هل راودتك مثل هذه الأفكار من قبل؟ في رأيك لماذا قد يفكر الشخص في الانتحار؟

كُن بنَّاءً

في رأيك، ما الذي يفتقده الشخص في حياته حتى أنه يريد إنهاءها؟ كيف يمكن أن تساعد شخصًا لا يشعر بأنه ذو قيمة؟ كيف تساعد آخرين يعانون من الشعور بالوحدة؟ كيف تشعر أن هناك مَنْ يهتم بك ويرعاك في منزلنا؟ متى تشعر بأنك محبوب؟

كُن متواصلاً

مَنْ الذي تشعر بالأمان معه في مشاركة خبراتك وما تشعر به؟ مَنْ الذي تشعر أنه أفضل مَنْ سيفهمك؟ ماذا يمكنك أن تفعل إذا بدأ صديق لك في التحدث عن الانتحار؟ هل لديك ثقة في قدرة معلميك، أو الإخصائي النفسي، أو أحد المسؤولين بالمدرسة للتعامل مع هذا الموقف؟ إذا كان أحد يفكّر في الانتحار، أخبر هذا الشخص بضرورة التواصل مع أحد والديه، أو شخص موثوق فيه أكبر منه سنًا، أو طبيب نفسي، أو مشير نفسي، أو مرشد روحي.

 

 

 

تحدَّث عن الأمر

اخلق أو تحيَّن الفرصة لتتحدث مع طفلك عما يدور بداخله. يمكنك أن تجعل هذا الأمر سهلاً بأن يذهب معك في خروجة، وربما للذهاب لتناول البيتزا أو الآيس كريم. في حالة المشاعر العميقة أو الموضوعات الحساسة، يجد الصغار ارتياحًا أكبر في التحدث وهم بجوارك في السيارة ووجوههم نحو الأمام بدلاً من التواصل البصري.

ابقَ هادئًا

نبرة صوتك، ولغة جسدك، ومستوى القلق الذي تعكسه سيكون له تأثير كبير للغاية على الحوار. استمر في الصلاة في قلبك بينما تواصل الحوار معهم، واطلب من الرب أن يمنحك المزيد من ضبط النفس.

اطرح أسئلة

تجنب الأسئلة التي لا تحتاج سوى الإجابة بـ لا أو نعم، واستخدم أسئلة تبدأ بـــ كيف، ماذا، لماذا.. حاول طوال الوقت ابتكار أسئلة مفتوحة غير مباشرة تساعد على استمرارية الحوار المتبادل. ساعد طفلك أن يشعر بالارتياح وهو يشارك أفكاره وانطباعاته بتحفيزه على مواصلة الكلام عن طريق جمل غير مكتملة.. قد تقول مثلاً: "لديك مشاعر عميقة عن هذا بسبب..."، وإذا حصلت على إجابة قصيرة غير موحية مثل "لا أعرف"، اسأله عن بعض التفاصيل. قل مثلاً: "أخبرني أكثر.. ماذا يسير على ما يرام؟ وماذا لا يسير على ما يرام؟ كيف هو حال ذهنك وجسدك الآن؟" شجّع تدوين الأفكار، أو العبوا ”بدون كلام“ أو ”فوازير“ لتمثيل المشاعر كوسيلة لاستكشاف المشاعر المترسخة بداخلهم.

احرص على التوازن

لا تدع ابنك المراهق يقلل من خطورة أو يهوّن من الأمر (ربما بقدر ما تريد أنت التهوين من الأمر). من ناحية أخرى، لا تهوّل من الأمر بدون داعٍ. ابق هادئًا، وحاول أن تكون متوازنًا.

أرشد وقدّم العون

لا تخشَ من الإلحاح على ضرورة الحصول على مساعدة متخصصة.. وضح لابنك المراهق أن هذه ضرورة مطلقة. أخبره أنه لا بديل لديه سوى الحصول على العلاج الذي يحتاجه. في نفس الوقت، ساعده بتقديم خيارات مناسبة له. اسمح له بالتحدث إلى مرشدين روحيين كبار، أو أحد خدام الشباب، أو أحد المعلمين، أو المدربين، أو الجيران الذين على علاقة وثيقة بعائلتكم. كثيرًا ما يتردد الأطفال في مشاركة عواطفهم العميقة مع والديهم بسبب ترسبات سابقة معها.

اختم الحوار بشكل إيجابي

حاول أن تختم كلامك، أو سلسلة حواراتك، بالتركيز على الحياة أكثر من الموت. اسأل طفلك: "في رأيك، مَنْ هو الشخص الذي يريدك الله أن تصير عليه؟ ماذا يعني لك أن تعيش حياة إيجابية وسوية؟ كيف تساهم في إسعاد الآخرين؟" اجعل هذه الموضوعات الهدف الأول لمناقشتك.

تذكّر أن الانتحار لا يأتي من فراغ، وعوامل كثيرة تساهم في اتخاذ الفرد لقرار إنهاء حياته. في ظل الثقافة السائدة حاليًا، هناك خطر كبير أن يصبح الانتحار معديًا. إذا سمع مراهق عن حالة انتحار، ربما يرى فيه حلاً لمشكلاته -مشكلات مثل التنمر، الصدمة، الشعور بالوحدة، رفض الأقران، أو أي نوع من الإيذاء. كذلك أفراد العائلة، أو المشاهير، أو الأصدقاء، أو زملاء العمل الذين يحاولون الانتحار يعطون المراهق شعورًا بأنه قد أُعطي تصريحًا ليحذو حذوهم.. لهذا لا غنى عن التواصل المنفتح عن الموضوع.

نعلم أن هذا الأمر سهل من حيث الكلام وصعب من حيث التنفيذ، لكن حياة أطفالنا على المحك؛ ولهذا السبب نحتاج أن ننفتح عليهم ونبدأ في الحديث معهم عن مشكلة الانتحار.

 

 

نشاط فوازير المشاعر

فوازير المشاعر يمكن أن تكون بوابة جيدة للتواصل مع أطفالنا. فيما يلي طريقة اللعب:

١. اكتب على بطاقات ورقية المشاعر التي تأتي على ذهنك (نوع واحد من المشاعر في كل بطاقة)، أحيانًا يمكنك طباعة أو رسم أوجه من بوستر للمشاعر أو تستخدم صور الـ "الإيموجي" "emoji" عن أكثر المشاعر المتكررة.

٢. يختار أحدكم بطاقة، ويمثل المشاعر، بينما يخمّن الباقون.

٣. بمجرد أن تخمنوا نوع المشاعر بشكل صحيح، اطلب من الجميع أن يجيبوا على الأسئلة التالية:

  • كيف تبدو هذه المشاعر على وجهك؟
  • كيف تحس بهذه المشاعر في جسدك؟ (بماذا يشعر جسدك عندما يكون لديك هذه المشاعر؟)
  • كيف تعبّر عن هذه المشاعر بالكلمات؟ (مارس هذا مع الشخص الذي على يمينك.)
  • ماذا تفعل للتعامل مع هذه المشاعر بشكل صحيح؟ (قدّم أدوات ونصائح للتعامل مع هذه المشاعر.)

٤. عندما يجيب الجميع على هذه الأسئلة، يسحب شخص آخر بطاقة أخرى ليمثل النوع التالي من المشاعر.

 

 

القسم السادس: التعامل مع قضية الانتحار

For Titlesالفصل الأول: إحصائيات الانتحار

For Titlesالفصل الثاني: علامات توحي بتفكير الشخص في الانتحار

For Titlesالفصل الثالث: التحدث بصراحة عن الانتحار

For Titlesالفصل الرابع: التجاوب مع أزمة الانتحار

For Titlesالفصل الخامس: الاحتفاظ بالأمل حيًا

© 2020 Focus on the Family. All rights reserved. Used under license.