Submit to FacebookSubmit to Google PlusSubmit to TwitterSubmit to LinkedIn

  بقلم: سامي يعقوب

 المزيد من هذه السلسلة:

كيف تعاملها؟ ماذا تتوقعين منه؟ ١                    كيف تعاملها؟ ماذا تتوقعين منه؟ ٢

كيف تعاملها؟ ماذا تتوقعين منه؟ ٣                    كيف تعاملها؟ ماذا تتوقعين منه؟ ٤

كيف تعاملها؟ ماذا تتوقعين منه؟ ٥                    كيف تعاملها؟ ماذا تتوقعين منه؟ ٦


«هل الكمبيوتر مذكر أم مؤنث؟» في محاولة لتحديد "جنس" هذا الجهاز، الذي لا تخلو منه كل مجالات الحياة اليوم، وُضع هذا السؤال أمام مجموعة من الرجال وأخرى من النساء لتتحاور كل مجموعة على حدة حول إجابته. وقد طُلب منهم أن يعللوا اختيارهم في أربعة أسباب.

لم يستغرق الأمر وقتًا طويلا من مجموعة النساء قبل أن يقررن أن «الكمبيوتر» ينتمي بكل تأكيد إلى طائفة الذكور! فهو من أجل الحصول على انتباهه لابد من الضغط كل مرة على مفتاح التشغيل.. لديه مقدار هائل من البيانات والمعلومات، لكنه لا يبادر أبدًا بالتفاعل مع ما يحدث من حوله.. متوقع منه أن يساعد في حل المشاكل، لكنه كثيرًا ما يكون هو نفسه المشكلة.. بعد قليل من الاقتناع بجودة واحد منهم، تدرك أنك لو انتظرت قليلا لحصلت على موديل أفضل! من جانب آخر، استقر الرجال على تصنيف «الكمبيوتر» بأنه مؤنث الجنس.. لماذا؟ لأن لا أحد يعرف النظام الداخلي لتشغيلها سوى الذي خلقها. أما طريقة تواصلها مع بنات جنسها فلا أحد يفهمها سواها. ناهيك عن قدرتها الفائقة على تخزين حتى أصغر الأخطاء في ذاكرتها؛ لاسترجاعها في وقت لاحق. وأخيرًا، بمجرد الارتباط بإحداهن، ستجد نفسك تنفق نصف دخلك على شراء «إكسسوارات» لها، من تلك التى لا غنى عنها، إذا أردت أن تطول عشرتك معها! (يمكن تكون حلوة بس محصلتش!)

بالإضافة إلى طرافة الأسباب التي عللت بها كل مجموعة اختيارها، وجدت أنها تلخص في مجملها التوقعات غير المعبر عنها بين الأزواج، والتي بدا واضحًا أن كلاً منهما يفتقدها في الآخر. ولعلنا كعائلات، أو خدام نعمل في مجال المشورة الأسرية، في حاجة لإدراك حقيقة أن التوقعات غير المنطقية تأتي على قمة الأسباب التي يمكن أن تحطم العلاقة الزوجية، خاصة في مراحلها الأولى؛ عندما يسعى أحد طرفيها أو كلاهما في طلب الطلاق.. ويفعلان هذا عن جهل قبل أن يُتيحا الفرصة لنفسيهما لاستكشاف طبيعة التوقعات المتبادلة بينهما، والتعامل معها بنضج؛ والتي تختلف بشكل أساسي باختلاف طبيعة الرجل والمرأة، وتباين النشأة التربوية لكل منهما، وربما لتجارب سابقة في علاقات عاطفية لم يكتب لها النجاح.

من الطبيعي أن يكون هناك توقعات في كل علاقة زواج، وسواء كانت هذه التوقعات منطقية أو خيالية فهي تستمد جذورها من أيام طفولتنا، وسنوات مراهقتنا عندما كنا نراقب العلاقة بين والدينا، ونستوعب في صمت دور كل من الرجل والمرأة في نموذج الزواج الذي نراه فيهما. ولعل الكثير من توقعاتنا تأثر أيضًا بالتوجهات الفكرية ونوعية معلمينا وأساتذتنا في مراحل التعليم التي اجتزناها، وأخذ طابعًا خاصًا من خلال خلفيتنا الدينية والطائفية بما تعلمه عن الزواج، ودور ومسؤولية الرجل في الأسرة، ومكانة المرأة في الحياة بصفة عامة.. ناهيك عن التأثير الخطير للمسلسلات التليفزيونية والأفلام السينمائية التي ملأت عقولنا لا إراديًا بما يجعلنا نتصرف بأسلوب غير متحضر يصدم الآخر فينا. من الطبيعي أيضًا أن تكون بعض توقعاتنا غير منطقية بسبب جهلنا بحقيقة ما عن شخص مَنْ ارتبطنا معه بعهد الزواج، بغض النظر عن طول مدة معرفتنا به، وتاريخ الحب الرومانسي الذي جمع بيننا.. والأكثر شيوعًا أن يكون أحدنا غير مستعد لأن يُعطي لشريك حياته ما يتوقعه منه، أو ببساطة يفتقد القدرة أن يعطي، لأنه اعتاد طوال حياته على الأخذ فقط. 

لست بحاجة أن أشرح بالتفصيل هنا كيف تشكلت دوافعنا وأساليب تعاملنا مع زوجاتنا وأزواجنا بثقافة أن «الأعمال بالنيات»، وتأثير معايشتنا لهذا الفكر على علاقاتنا الأسرية. إننا نميل إلى تقييم موقفنا الشخصي من العلاقة مع شريك أو شريكة الحياة بناءً على نوايانا الداخلية، بينما نسمح لأنفسنا أن نحكم عليهم طبقًا لتصرفاتهم! ما معنى هذا في الواقع؟ يعني أننا كثيرًا ما نمنح أنفسنا تقديرًا لا نستحقه لمجرد أننا نحمل مشاعر طيبة، وإن لم نعبر عنها عمليًا، بينما نترك الآخر يشعر بالتشويش والحيرة في حقيقة علاقتنا معه.. ”أسمع كلامك أصدقك أشوف أمورك أستعجب!“

إن أكثر ما يهدد استقرار الأسرة هو غياب المصارحة بحب واحترام عن كل توقع من شريك الحياة لم نتحدث عنه معًا من قبل.. كما أن اصطدام ما بخيالنا من توقعات من الآخر مع واقع الحياة العملية التي نتقاسمها يتسبب في شعورنا بالإحباط. وتكرار مشاعر الإحباط دون التعامل معها أولاً بأول يجعله خميرة تملأ قلوبنا بالسخط الذي يحبس في داخلنا مع الوقت بركانًا من الغضب يثور من حين لآخر، ولا يهدأ قبل أن يملأ النفس بحمم من المرارة .. وهنا يفشل الزواج ولو استمرت المعيشة تحت سقف واحد.

 

 في رحلة عمر قُصد لها أن تطول حتى يفرق الموت بيننا، تعلمت كزوج عبر السنين أن أكتشف مواضع القوة في شخصية زوجتي في كل مرة أدرك فيها أنني لست شخصًا كاملا.. وعندما اكتملت قناعتي بأن ديمومة زواجي، وسعادتي مع شريكة حياتي لا يتحققان بمجرد توافر النوايا الحسنة، وجدتني بجوارها لأكمل نقائصها هي أيضًا بشكل عملي، بحسب ما أعطاه الله لي من قوة وموهبة كرجل.

 

تُرى ماذا يمكن أن يحدث إذا بدأنا كرجال بالتعامل مع زوجاتنا على قياس أن المحبة بالفعل وليس بالنية؟ لعلنا في حاجة أن نتوقف قليلا في صباح كل يوم أمام المعيار الإلهي للمحبة: «يا أولادي.. لا نحب بالكلام ولا باللسان، بل بالعمل والحق!» (١ يوحنا ٣ : ١٨). وماذا يمكن أن يحدث إذا قبلت كل زوجة رجلها كما صممه الخالق أن يكون، دون الاجتهاد غير الموفق لتغييره ليصبح على قياس توقعاتها غير المنطقية للزوج الأفضل.. «مَنْ هو ضعيف في الإيمان فاقبلوه، لا لمحاكمة الأفكار» (رومية ١٤: ١).. لعل الرسول بولس أراد بهذه الوصية أن يؤسس لمبدأ هام في العلاقات، وهو قبول الآخر دون أن نحكم عليه أو ندينه بناء على آرائه وقناعاته الشخصية.

بهذا أردت أن أبدأ سلسلة أحاديث جديدة عن كيفية التعامل مع التوقعات بين الأزواج من أجل حياة أسرية أفضل.


(نُشر بجريدة وطني بتاريخ ٩ نوفمبر/ تشرين ثان ٢٠١٤)

Copyright © 2014 Focus on the Family Middle East. All rights reserved