Submit to FacebookSubmit to Google PlusSubmit to TwitterSubmit to LinkedIn

بقلم: تيم سانفورد 

للمزيد من هذه السلسلة:

١- الدور الحقيقي للأب                               ٢- الدور الحقيقي للأم 

٣- كم يكفي من الرعاية والتشجيع؟                 ٤- هل نجحت في تربية أبنائك؟ 


 

 تشجيع الأب ورعاية الأم يساويان إنجاز مهمتهما في التربية. وستلاحظ أن فكرة فرض "الانضباط" لا تظهر في المعادلة السابقة.

وإذا تحدثنا بلغة المعادلات، فما هو مقدار الرعاية والتشجيع التي يحتاجها ابنك/ ابنتك المراهق؟

أعرف مراهقين يحصلون على المديح من أجل إنجازاتهم، في حين نادرًا ما يحصلون على ترحيب لمجرد وجودهم في حياة والديهم.

 

أعرف مراهقين يحافظون على أناقتهم ونظافتهم وطاعة أمهاتهم، لكنهم يعانون من التجاهل ويفتقرون إلى السمات التي تجعل منهم كائنات بشرية مفعمة بالحيوية.

 

يحتاج كل إنسان إلى كل من التشجيع والرعاية ليكتمل نضوجه ويصبح إنسانًا سويًّا. لهذا السبب تضمّن التدبير الإلهي الكامل أن ينشأ كل طفل بين أب وأم. بالطبع ربما يكون هناك بعض الاستثناءات التي سنتحدث عنها لاحقًا ضمن هذه السلسلة من المقالات. 

 

ماذا يحدث إذا نشأ طفل في بيت لا تتوفر فيه الرعاية أو التشجيع أو كلاهما؟ لقد رأيت خلال عشرين عامًا من العمل في مجال العلاج النفسي الكثيرين الذين جاءوا إلى مكتبي ممن يفتقرون إلى هذين الشيئين بنفس القدر الذي جاءني فيه أشخاص تعرضوا للإيذاء على يد والديهم. لا أريد أن يخطئ أحد في فهم وجهة نظري؛ فالإيذاء والإهمال يدمران نفسية الأبناء. لكن الضرر يكون بنفس الحدة عند هؤلاء الذين لم يحصلوا على التشجيع الكافي من آبائهم والرعاية الكافية من أمهاتهم.

 

أتذكر قصة لطفل لعائلة تخدم في الإكوادور. وبالرغم أنني نسيت تفاصيل القصة منذ زمن بعيد، فإن عبارة واحدة قالها هذا الطفل، وكنا متقاربين في العمر آنذاك، لا تزال ترن في أذنيّ. قال هذا الصبي: "إن والدي يمكنه قضاء ثلاث ساعات في التحدث مع أحد السكارى على رصيف أحد الشوارع يحدثه عن الله، لكنه لا يستطيع أن يصرف ثلاث دقائق في التحدث معي."

 

نرى أن هذا الصبي نشأ في عائلة تخدم الرب في بلاد غريبة، ولم يتعرض لأي نوع من الإيذاء.. وإنما كانت هناك أمور كثيرة كان في احتياج لها ولم تتوفر له بالقدر الكافي. وكان الجُرح الذي أصابه لا يقل في حدته وعمقه عما لو تعرض للإيذاء المباشر.

وبينما يمكن تغطية الألم والجُرح والإحساس بالفراغ في هذه الحالات بابتسامة مصطنعة أو إنجازات شخصية مبهرة، ولكنها تظل موجودة أسفل الرماد.

 

ومن ثَم، ما هو القدر الكافي؟

هل من الضروري أن أكون أبًا/ أمًا مثاليًا؟

من المؤكد.. لا.

 

أيها الأب، ليس من الضروري أن يكون تشجيعك كاملاً ونموذجيًا، وإنما يجب أن يكون تشجيعك كافيًا لكل واحد من أبنائك.

أيتها الأم، ليس ضروريًا أيضًا أن تكون رعايتكِ فاخرة وذات جودة عالمية. وإنما يجب أن تكون رعايتكِ كافية لكل فرد من أبنائكِ.

ولكن كيف تعرف أن ما تقدمه كافيًا؟

 

بعض الشيء لا يعني كفايته!

سأشرح مثالاً آخر للتوضيح. لنفترض أنك تحتاج إلى ٥٠ وحدة من الأكسجين لتبقى على قيد الحياة. فإذا كان لديك ٥٢ وحدة، فأنت تملك ما يكفيك لتعيش. ربما لا تكفي هذه الوحدات للجري في ماراثون، ولكن ما يكفي لتبقى على قيد الحياة.

 

إذا كان لديك ٩٦ وحدة من الأكسجين، فأنت تملك الكثير، ويتبقى ما يكفيك لتتسلق أحد الجبال.

ولكن إذا كان لديك ٩ وحدات فقط، فليس لديك ما يكفيك، وحتمًا ستموت.

والسؤال هنا: إذا كان لديك ٤٩ وحدة، هل يكون لديك ما يكفيك؟

الإجابة: لا.

 

ربما يسألني أحدكم: "إذًا ما الذي يقلقك؟ فأنت لديك أكثر من الشخص الذي ليس لديه سوى ٩ وحدات فقط."

وربما يسألني أحد البالغين: "أعرف أن والديّ كانا يحبانني، وقد قدما لي القليل من التشجيع والرعاية حسب إمكانياتهما. في النهاية لقد حصلت على تشجيع ورعاية أكثر من آخرين."

وهل كان ذلك كافيًا؟

بعض الشيء لا يعني كفايته!

 

يختلف القدر الذي يكفي من طفل لآخر، ومن شخصية لأخرى. فما يكفي طفل ما ربما لا يكفي طفلاً آخر. وإذا لم يحصل الطفل على كفايته من التشجيع والرعاية، ربما لا يموت جسديًا، ولكنه يتحطم معنويًا وعاطفيًا، أو يموت عاطفيًا.

ماذا يحدث عندما لا يحصل طفلك على كفايته من التشجيع والرعاية؟

هكذا كان الأمر مع "إنجي". جاءت "إنجي" الفتاة البالغة من العمر السادسة عشر إلى مكتبي لأنها كانت غاضبة ومكتئبة وتؤذي نفسها.

نشأت "إنجي" في أسرة مسيحية مستقرة ماديًا.

وعندما تعرفت عليها، أخبرتني عن روتينها اليومي في بيتها. كان والدها مشغولاً بعمله بشكل مستمر حين يكون في بالمنزل، ونادرًا ما كان ينطق بكلمة لأي من أفراد عائلته.

 

كانت أمها تعاني من الاكتئاب حسب تشخيص الأطباء، وكانت لا تقوم بشيء داخل البيت بينما تبدو متفائلة واجتماعية أمام الآخرين.

لم تتعرض لإيذاء لفظي أو جسدي أو لأي نوع من التحرش. وإنما تُركت فقط لنفسها. ليس لأنها عرفت واجباتها وتقوم بتنفيذها، ولكن لأنه لن يقوم بهذه الواجبات غيرها.

 

كانت تقوم بغسل ملابسها، وإعداد طعامها، ومراجعة واجباتها المدرسية، وشراء حاجياتها، ومجاوبة نفسها عن أسئلتها عن الحياة.

نعم، لقد كانت غاضبة، لأنها كانت وحيدة. لم يكن هناك ثمة تشجيع أو رعاية.. أو حتى "مناوشات" مع والديها.

نعم، كانت تؤذي نفسها. وكانت تنفس عن غضبها في وجه من كانت تظن أنه المخطئ. لقد أخبرتني أنها تتحمل خطأ مجيئها إلى الحياة. وكانت تستمع لهذه الإسطوانة الكئيبة لسنوات طويلة. وكانت تعاني فعليًا من الاكتئاب. وكنت بالتأكيد  ستصاب بالاكتئاب إذا مررت بمثل هذه الظروف.

 

وهذا كله يرجع إلى أنها لم تحصل على كفايتها من التشجيع والرعاية.

ينفطر قلبي كلما أذكر هذه القصة. اختارت "إنجي" المخدرات بدلاً من العلاج لتواجه ظروفها، وانقطعت أخبارها بعد ذلك.

قصة "إنجي" ليست الأولى من نوعها.

ليس المقصود من هذا أن نلقي باللائمة على الآباء والأمهات ونحملهم مشكلات المراهقين، وإنما هو وصف للحقيقة والواقع.

 

هذا هو جوهر طبيعة التشجيع والرعاية. ومن المؤسف أن يغفل الوالدان عن توفير التشجيع والرعاية، ويكبر الطفل دون الحصول عليهما، بينما يقضيان الوقت في محاولات فاشلة لفرض الانضباط.


Taken from Losing Control   & Liking It, a Focus on the Family book published by Tyndale House Publishers, Inc. Copyright©2009, Tim Stanford. All rights reserved. International copyright secured  .

 

 

 

 

 

 

 

قصة الرب يسوع في كل الكتاب المقدس بالطول