Submit to FacebookSubmit to Google PlusSubmit to TwitterSubmit to LinkedIn

 هل انا سي السيد في بيتي ٤ inside

بقلم سامي يعقوب

 

المزيد من هذه السلسلة:

هل أنا ”سي السيد“ في بيتي؟! (١)        هل أنا ”سي السيد“ في بيتي؟! (٢)           هل أنا ”سي السيد“ في بيتي؟! (٣)

هل أنا ”سي السيد“ في بيتي؟! (٤)        هل أنا ”سي السيد“ في بيتي؟! (٥)            هل أنا ”سي السيد“ في بيتي؟! (٦)

 

       من أفلام الزمن الجميل التي أستمتع بمعاودة مشاهدتها، عندما تتاح لي الفرصة، فيلمابن حميدو“! ومع أني أضحك عند مشاهدتي لنفس ما أضحكني مرارًا من قبل، إلا أن أكثر ما يضحكني هو رؤية عبقري زمانه الكوميديان «عبد الفتاح القصري»، وهو يزعق بحماس في وجه زوجته: ”أنا قلت كلمة، وإنتي عارفة إن كلمتي لا ممكن تنزل الأرض أبدًا!“ فيأتيه رد فعلها كالبركان في كلمة واحدة: ”حنفي!“ فيرفع الراية البيضاء، ويستسلم لسطوتها قائلاً: ”خلاص هاتنزل المرة دي، إنما اعملي حسابك المرة الجاية مش ممكن تنزل أبدًا!“ «سي السيد» و«حنفي» نموذجان للعلاقة بين الأزواج، لكنهما لا يتفقان بأي حال مع المفهوم الكتابي للخضوع في الزواج.

       هناك صراع بين مفهومنا كرجال عن الخضوع، والذي تأثر بثقافة يسودها فكر ذكوري تخطى كثيرًا ما قصده الله بإعطائنا مسؤولية قيادة الأسرة، وبين مفهوم الجيل الحالي من النساء، وقد تأثرن بحركات تحرر المرأة العالمية والمحلية. لم يعد أسلوب خضوع أمهاتنا لآبائنا فيما مضى يتفق مع المتاح لابنة اليوم من استنارة التعليم والتفوق في المعرفة، والانفتاح على ثقافة المجتمعات المتحضرة التي تعطي للمرأة مكانتها المستحقة. هذا بالإضافة إلى أن خروج المرأة للعمل أصبح يمثل طاقة اقتصادية لا يستهان بها تدعم كفاح الزوج لتسديد احتياجات الأسرة. فلماذا لا نُعيد التفكير إذن فيما تعنيه وصية الزوجة بالخضوع لزوجها في ضوء المتغيرات الاجتماعية المعاصرة، بدون التخلي عن الحق الكتابي أو المساومة على ما يعنيه؟ لقد تابعت العديد من حالات الطلاق، خاصة بين حديثي الزواج من أبنائنا.. ومع أني لست في موقع مَنْ يحكم أو يدين الطرف الذي تسبب في الوصول إلى محطة الطلاق البغيضة، إلا أنني أستطيع الجزم بأن أحد أهم العوامل في الكثير من حالات الطلاق هذه هو سوء فهم الرجل لمعنى الخضوع في الزواج، مما يجعل الزوجة التعيسة لا تشعر أنه يحبها أو يقدر إنسانيتها!

       أغلب الاعتراضات التي جاءتني على ما كتبته في المرات السابقة دعمها أصحابها بنصيحة الرسول بولس للزوجات في الإصحاح الخامس من رسالته إلى كنيسة أفسس: «أيها النساء اخضعن لرجالكن كما للرب؛لأن الرجل هو رأس المرأة كما أن المسيح أيضًا رأس الكنيسة» (العددان ٢٢ و٢٣). وقد بدا واضحًا أن البعض يستخدمون هذا النص كرخصة لفرض إرادتهم على زوجاتهم، وإنهاء كل نقاش حول أمر تختلف فيه وجهات النظر بقبضة من حديد! لكني لا أستطيع أن أرى في هذا النص ما يُعطي الحق للزوج بأن يفعل ما يشاء دون اعتبار لرأي زوجته. فالنص ببساطة يطلب من الزوجة أن تحترم رجلها، وأن تكون طاعتها له جزءًا من خضوعها للرب. كما يطلب منه هو أن يحبها بالكيفية التي يحب بها المسيح كنيسته. المسؤولية هنا تبادلية كاختيار حكيم للسلوك الذي يقود لعلاقة زوجية مستقرة تفيض بالبهجة والألفة.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. 

   «الإنسان الحكيم لا يأخذ آية واحدة من الإنجيل ويقيس عليها حياته في حرفية؛ إنما يعرف متى يستخدم هذه الآية في مناسبتها، ومتى تضاف إليها آيات أخرى ليتضح المعنى» (من كتاب معالم الطريق الروحي، للبابا شنودة الثالث). اتباعًا لهذه الحكمة عند تناول النصوص الكتابية بالتفسير، لا يمكننا فهم نصيحة الرسول بولس لكلا الزوجين إذا اقتطعناها مما جاء قبلها من نصائح للحياة المسيحية..

       «كأبناء أحباء لله (أزواجًا وزوجات) اسلكوا بالمحبة متمثلين بنموذج المسيح الذي أحبنا، وضحى بنفسه من أجلنا (أف ٥: ١ و٢).. «لا تسمحوا لأحد أن يغشكم بالكلام الباطل.. فالله لا يرضيه أن يُساء معاملة بناته كما يفعل الوثنيون؛ فبسبب مثل هذه الأمور يحل غضب الله على أبناء المعصية؛ فلا تكونوا شركاء لهم بـالفكر أو السلوك. لقد كنتم قبل الإيمان بالمسيح تعيشون في ظلمة، ولكن أنتم الآن نور في الرب؛ فعيشوا معًا كأبناء النور، فإن ثمر النور يكون في كل صلاح واستقامة وحق.. هكذا تعرفون كيف ترضون الرب» (الأعداد ٦ - ١٠). «انتبهوا جيدًا كيف تسلكون بالتدقيق، لا كجهلاء بل كحكماء مفتدين الوقت.. أي مستخدمين الفرصة المتاحة لكم؛ لأن الأيام شريرة، ولا تكونوا أغبياء بل افهموا ما هي مشيئة الرب» (عدد ١٥). ثم ينتقل الرسول بولس في عدد ٢١ من التطبيق العام للوصايا الإلهية للحياة المسيحية إلى التطبيق الشخصي في الحياة الزوجية.. «خاضعين بعضكم لبعض في مخافة المسيح»، ولعله يقصد أن الأزواج في الواقع مدعوون للخضوع بنفس القدر المطلوب من زوجاتهم (قراءة شخصية للنص المقدس بمناسبة الحديث عن معنى الخضوع الكتابي).

       المقارنة بين محبة المسيح للكنيسة ومحبة الرجل لزوجته (عدد ٢٥) تقول الكثير. فنحن الرجال لابد أن نكون على استعداد للتضحية من أجل زوجاتنا، وتكون محبتنا لهن غير مشروطة، تمامًا كما يحبنا الرب يسوع بالرغم من كل ما فينا من ضعف وتقصير. «كذلك يجب على الرجال أن يحبوا نساءهم مثلما يحبون أجسادهم.. مَنْ أحب امرأته يحب نفسه؛ فما من أحد يُبغض جسده، بل يغذيه ويعتني به (بقدر) اعتناء المسيح بالكنيسة» (العددان ٢٨ و٢٩). عادة ما لا يكون لدى الرجال مشكلة في أن يحبوا أجسادهم، فمن الطبيعي أن تأخذ الاحتياجات الجسدية أولوية تلقائية عند الرجل، بداية من الإشباع الجنسي، والحرص على مظهره، وإبراز قدرته البدنية، وغير ذلك من الاحتياجات الأخرى. النموذج العملي الذي يقدمه بولس للرجال عن كيفية محبة زوجاتهم هو أن يعطوهن نفس الأولوية التي يعطونها لتسديد احتياجاتهم الجسدية، والقياس هنا هو قبول الرب يسوع عن طيب خاطر، وبتواضع، لكل ما عاناه من أجل عروسه، التي يحبها.. الكنيسة.


 نُشر بجريدة وطني بتاريخ ٢١ أكتوبر/ تشرين الأول ٢٠١٨))

Copyright © 2018 Focus on the Family Middle East. All rights reserved.