Submit to FacebookSubmit to Google PlusSubmit to TwitterSubmit to LinkedIn

بقلم: جون بليز
للمزيد من هذه السلسلة:

١- قوة الأب                               ٢- قوة الحضور                        ٣- قوة المثابرة

   ٤- قوة إتاحة الفرصة                    ٥- قوة الإدراك                          ٦- قوة التوجيه



أحيانًا يحتاج الأب أو الأم أن يترك نمط حياته الخاصة جانبًا، ويستغل الفرص التي تتاح له؛ ليقضي وقتًا متميزًا مع أبنائه  .

"
فليكن فيكم هذا الفكر الذي في المسيح يسوع أيضًا: الذي إذ كان في صورة الله، لم يحسب خُلسة أن يكون معادلاً لله. لكنه أخلى نفسه، آخذًا صورة عبد.." (فيلبي ٢: ٥- ٧).

 

مؤخرًا وجدت نفسي في موقف عصيب.. بكل تأكيد لقد كنتُ خارج دائرة الراحة الخاصة بي أكثر مما أحتمل.. ماذا كان سبب قلقي؟ جهاز الوي (Wii). بلغ ابني الحادية عشرة، وحصل على جهاز "وي Wii " كهدية في عيد ميلاده، وحان الوقت لبابا أن يلعب دوره. أعطاني ذراع التحكم، وفي وقت قياسي خسرت كل المحاولات المتاحة لي،  وجعلت المجرة الافتراضية في حالة جنونية. لسبب ما (ربما السن؟) لم أتمكن من الفوز.

 

كان ابني رحيمًا جدًا في هذه اللحظات، وقال لي: "بابا، لا بأس. فقط اجلس معى وراقبني، وسوف تفوز المرة القادمة. بكل تأكيد ستفعل." ونفذتُ كلامه. جلستُ وراقبتُ. جلستُ وراقبتُ. جلستُ وراقبتُ. ومازلت لا أعرف بشكل جيد كيف أراوغ شحطًا صغيرًا يُدعى "ماريو"، لكني في الحادية والأربعين، ولا يزال لديّ وقت. 

 

حدث موقف آخر مشابه في شهر ديسمبر الماضي.  لم تكن هناك مشاعر قلق كثيرة في هذه المرة، لكني كنتُ مضطرًا للجلوس. طلبتْ مني ابنتي أن أتصفح معها في أحد الكتالوجات، وقالت لي: "بابا اجلس معي فقط. لن يستغرق الأمر أكثر من دقيقة." وكانت قد رسمت دائرة حول جاكيت لفت نظرها، وأرادت أن تتأكد من إمكانية أن أشتريه لها في الكريسماس. ونفذتُ كلامها. جلسنا معًا، ونظرت في كل صفحة، حتى وصلنا إلى السبب وراء هذه الجلسة. وأكدت لي اللون والمقاس المطلوب، وتبع ذلك معانقة حول رقبتي، وقبلة على الوجه، وعبارة قريبة من "أنت أعظم أب في الدنيا!" يا لذكاء هؤلاء البنات! 

 

وفي إحدى الأمسيات بعد العمل، ذهبتُ بسيارتي إلى المتجر المحدد، ورددتُ عن ظهر قلب أمام البائعة رقم الجاكيت ومقاسه ونوعه ولونه. وانبهرت البائعة لمعرفتي الشاملة لهذا النوع المحدد من الملابس، وقالت: "عجبًا، كيف تعرف كل هذه التفاصيل؟" فأخبرتها أني حصلت على هذه المعرفة من الجلوس والإصغاء، وتقليب الصفحات مع ابنتي ما إلى ذلك. فقالت: "هذا شيء رائع". لحظات مثل هذه تظهر من وقت لآخر في مشهد دوري كأب. لحظاتٌ تُذكرني بشيء يُسمى "قوة الحضور". ربما تفضل لعب الكرة معهم، أو مجرد التواجد حولهم. الآن لئلا تظن أنني أعظم أب في الدنيا، اطمئن لأن كل لحظة توقفت فيها لألعب الكرة مع أبنائي، كان أمامها لحظات مضاعفة حين كان لعب الكرة يجب أن يؤجَّل بسبب عالمي الصغير الأكثر أهمية. 

 

لكن الأطفال رحماء، وأنا أتعلم. وأتعلم كم هو ضروري جدًا لهم أنني كأب يجب أن أترك امتيازاتي كرجل ناضج، وأجلس فترة من الوقت، وأتضع، وأدخل إلى عالمهم. ليس عليَّ أن أحقق أعلى مستوى في ألعاب الفيدو، أو حتى أحب ما يحبونه.. يكفي أن أكون متواجدًا معهم؛ لأن تواجدي معهم ينقل لهم شيئًا قريبًا جدًا لكلمة "حب". 

الأبوة المتجسدة: هي التخلي المتعمد عن ذاتي لكيما أدخل إلى ذواتهم. في هذه اللحظات ليس مهمًا ما أقول أو أفعل، بل المهم أن أكون متواجدًا. بالطبع كلنا نعرف أن هناك لحظات من التحرك والقيادة والاستعداد التي يحتاجها الأبناء بشدة من والدهم. ومع ذلك، أدرك أن هناك أوقات كثيرة يشتاقون فيها إلى قوة يستمدونها منا، قوة تأتي بشكل أساسي من تواجدنا معهم، متضعين على مثال المسيح، والدخول إلى عالمهم. يمكنك أن تسمي هذا "الأبوة على صورة الله" أعظم أب على الإطلاق. 

 

أحيانًا يكون القيام بشيء لأبنائي، والانتهاء منه بسرعة لأعود إلى شئوني الخاصة، لا يمثل أكثر من طريق متسع يؤدي إلى الهلاك. أمّا الطريق الضيق، الذي يؤدي إلى الحياة، لا يتعلق بأي شيء سوى التواجد والحضور الجسدي، والثقة في الوعد بأن الآب السماوي يتطلع من السماء في حب، ويمسك كل العالم في قبضة يده. 

أيها الآباء لا تستهينوا بقوة حضوركم.. القوة من خلال الاتضاع. قد لا يكون هذا مفهومًا على الإطلاق بالمنطق البشري، لكنه سيؤدي إلى إحداث فرق روحي وأبدي في حياة أبنائنا وبناتنا. 

فقط اجلس معي يا بابا.. لن يستغرق الأمر أكثر من دقيقة..


Originally appeared on the Focus on the Family website. Copyright © 2008, John Blase.  Used by permission

 

 

 

 

 

 

 

قصة الرب يسوع في كل الكتاب المقدس بالطول