Submit to FacebookSubmit to Google PlusSubmit to TwitterSubmit to LinkedIn

بقلم: سامي يعقوب

 المزيد من هذه السلسلة:

كيف تعاملها؟ ماذا تتوقعين منه؟ ١                   كيف تعاملها؟ ماذا تتوقعين منه؟ ٢

كيف تعاملها؟ ماذا تتوقعين منه؟ ٣                    كيف تعاملها؟ ماذا تتوقعين منه؟ ٤

كيف تعاملها؟ ماذا تتوقعين منه؟ ٥                    كيف تعاملها؟ ماذا تتوقعين منه؟ ٦


 من أشهر ما قاله سيجموند فرويد، أبو علم النفس، عن المرأة: "بالرغم من أنني قضيت ثلاثين عامًا في الأبحاث السيكلوجية، لم أستطع بعد أن أجيب على السؤال: ما الذي تريده المرأة؟!"

ولا تعليق علي هذا القول سوى أن عجز فرويد عن تحديد أعمق احتياجات النساء لا يعني أن هذا أصبح مستحيلاً مع الأبحاث المعاصرة عن نفسية المرأة، والتي خلُصت إلى أن الاحتياجات الأساسية التي تتوقعها في الزواج هي ثلاثة.. ولا شك أن إدراك الرجل لهذة الاحتياجات، وقدرته على إشباعها هو ما يصنع من الحياة مع زوجته أمتع خبرات العمر.

  بداية.. المرأة تحتاج أن تكون أهم شخص في عالم زوجها! ربما يستطيع الزوج أن يوفر لها كل ما يمكن أن تريده من أشياء: موقع السكن، وبماذا تفرشه.. وربما وفرة المال الذي لا تضطر معه للخروج للعمل لزيادة دخل الأسرة.. حرية أن تختار ما تلبسه، وما تعده من طعام.. فرص للتمتع بأجازة معًا أو مع الأولاد.. وغير ذلك من الضروريات والرفاهيات الأخرى. وفوق الكل أنت زوج مخلص، وتتعامل معها بكل أدب، ومع أهلها بحب. ولكن بالرغم من توفر كل هذه الأشياء، وإن تنوعت أشكالها وأثمانها من مجتمع لآخر، لا نفهم نحن الرجال لماذا تبدو زوجاتنا تعيسات أحيانًا، وكأنهن لا يملكن شيئًا!

    لا يوجد ما يسبب التعاسة للزوجة أكثر من افتقادها لأحد أهم احتياجاتها كامرأة، وهو شعورها بأنك تراها بلا مثيل.. وأن كل امرأة سواها لا تعني لك شيئًا كرجل. هذا النوع من الاعتزاز بشريكة الحياة لا يمكن أن يُستعاض عنه برفاهية السكن أو وفرة المال.. وجود «الشاليه» أو فرص السفر متى أُتيحت.. الملابس الثمينة وحتى أغلى المجوهرات. ولعلي أظن أنه قد يُسهى علينا كرجال إدراك تأثير عدم إشباع هذا الاحتياج على زوجاتنا؛ لأننا بطبيعتنا نشعر بالاكتفاء فيما نحققه من إنجازات في المجالات المختلفة التي نعايشها. على أية حال هذا لا يقلل من حقيقة وجود هذا الاحتياج، بل وشرعيته.. فزوجتك وزوجتي بحاجة لأن تعرف أنها «رقم واحد» في حياتك.. ليس عن اضطرار، بل لأنك ترغب بصدق أن تكون لها هذه المكانة لديك.


    كم مرة تسمع زوجتك منك الكلمتين: ”أنا باحبك“؟ مرة كل حين ومين؟ أو مرات كثيرة؟ بعض الرجال لا يشعرون بأهمية التعبير عن محبتهم لزوجاتهم باستخدام هاتين الكلمتين، مع أن لهما تأثير السحر على نفسية الزوجة؛ خاصة إذا عبرتا عن أنك تفكر فيها سواء كنت معها أو بعيدًا عنها. تعبيرك العفوي عن حبك يمكن أن يجعل زوجتك تشعر أنها تملك العالم كله بين يديها.. «حُسن الجواب يُفرح الإنسان، والكلمة في وقتها ما أحلاها»، وكذلك يقول الحكيم: «الكلمة التي تقال في حينها تفاحة من ذهب في وعاء من فضة» (أمثال ١٥ : ٢٣؛ ٢٥ : ١١ ـ الترجمة العربية المشتركة). هل يعني هذا أنك لن تستمتع بمتابعة مباراة لكرة القدم، أو بقضاء بعض الوقت مع الأهل والأحباب، أو أنك تحتاج أن تُضحي بنجاحك في العمل حتى تؤكد لزوجتك أنها على قائمة أولوياتك؟ صدق أو لا تصدق، الإجابة على هذه التساؤلات: ”لا“! فعندما تطمئن الزوجة لحقيقة أن لها المكانة الأولى في قائمة اهتمامات وعلاقات زوجها، ستشعر بالحرية أن تشجعه تلقائيًا على ممارسة ما يستمتع به من أنشطة.. هذا أحد الأسرار التي تبني الشركة بين الزوجين، وتقلل من التوتر في علاقتهما إلى أبعد الحدود.
 

    ثم إن المرأة تحتاج للإحساس بكينونتها كإنسانة، وأهمية وجودها في الحياة بصفة عامة، وفي أسرتها على وجه الخصوص.. فهي تشعر بقيمتها عندما ترى أن مَنْ حولها يفهمونها، ويقدرون مشاعرها، ويقبلونها كشخص له طبيعة وأحاسيس خاصة، تختلف عن تلك التي خلق الله آدم عليها. المرأة تحتاج لزوج يصغي عندما تتحدث معه.. يتفهم أفكارها ويتجاوب مع ما تعبر عنه من انفعالات. بالمناسبة أغلب النساء يستطعن تمييز من يستمع إليهن متململاً، ويشعرن في أعماقهن بالرفض والدونية عندما يقتنص الزوج الفرصة للهروب من الاستماع لما تقول، عندما يقاطعها بمحاضرة من النصائح التي لا تخلو من لوم على التقصير، أو اتهام بالجهل! ”يا اخويا امسك لسانك واسمع شوية، وماتكونش دايمًا أبو العريف!“.. صرخة مكتومة لدى الكثيرات، لا يُنطق بها عادة علشان الأمور تعدي، ونخلص من المشاكل!
 

    ما يشبع هذا الاحتياج الحيوي لدى الزوجة هو الإصغاء باهتمام، والسؤال بدون سخرية، لفهم ما تقصد أن تعبر عنه، وقبول المشاعر وإن بدت مبالغ فيها. نصيحة جدتي زمان لهدوان السر بين الزوجين: "اعمل ودن من طين وودن من عجين" لم تعد تصلح في عالم اليوم .. نحن في زمن الحوار! زوجتك وزوجتي تحتاج  لأن نقترب منها لنعايش ما تختبره، ونراه كما تراه هي كامراة، بدلا من أن نتوقع منها أن تراه من وجهة نظرنا نحن كرجال. التعود على ممارسة هذا النوع من التقدير لزوجاتنا ليس بالأمر المعقد.. فإدراكك لوجود هذا الاحتياج لديها يأخذك إلى نصف الطريق لما تسعى إليه. ثم لابد من التركيز بوعي مع ردود أفعالك، ومراجعة نفسك في المواقف التي تفشل فيها.. هذا ما يجعل تقديرك لها سلوكًا تمارسه بتلقائية.
 

    أما ثالث ما تحتاج إليه زوجتك وزوجتي هو الاحترام.. أغلب الرجال غير مدركين لمدى احتياج زوجاتهم للشعور بأنهن موضع احترام.. لماذا؟ لأن رد فعل الرجل عندما لا يشعر بالاحترام يختلف تمامًا عن رد فعل المرأة.. فهو يعتد بذاته ويتعالى على الآخرين عندما يفتقد للشعور بالاستحقاق؛ ويُعبر عن ذلك أحيانًا بالغضب والهجوم اللفظي، كما قد يمتنع عن العطاء حتى يحصل على الاحترام الذي يشعر أنه يستحقه. أما هي فإنها تشعر بعدم الإمان، وتفقد إحساسها بقيمتها كإنسانة مع عدم الاحترام.. لذلك فالاحترام بالنسبة للمرأة مسألة حياة أو موت! والطرق التي يمكن أن نعبر بها عن الاحترام ليست بقليلة.. فأساس ما يؤكد احترامك لها هو عدم محاولتك لتغييرها، أو التلاعب لإجبارها على فعل شيء لا ترغب هي في فعله. على العكس من ذلك فهي تحتاج لمن يُقدر رغباتها، ويحترم ما تتبناه من قيم أخلاقية واجتماعية، بالإضافة إلى الإقرار بحقوقها كشريكة للحياة على قدم المساواة. احترام الزوجة يعني أن تأخذها دائمًا على محمل الجد، وأن تُشركها بلا استثناء في كل قرار يتعلق بحياتكما؛ فتتخذانه معًا. السلوك بالكياسة أو بحسب قواعد «الإتيكيت» مع الزوجة ليس "دقة قديمة" كما يدعي شباب اليوم؛ فتقديمك لزوجتك في الكرامة يُضيف مذاقًا خاصًا لعلاقتكما، ويعطيك الفرصة أن تشبع أحد أهم احتياجاتها كامرأة.. وهو الشعور بالاحترام.
 

هذا ما تتوقعه كل زوجة من رجلها.. وأيضًا ما يشرح عمليًا ما قصده الرسول بولس بوصيته: «أيها الرجال أحبوا نساءكم كما أحب المسيح الكنيسة» (أفسس ٥ : ٢٥).


 عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

(نشر بجريدة وطني بتاريخ ٧ ديسمبر/ كانون أول ٢٠١٤)

Copyright © 2014 Focus on the Family Middle East. All rights reserved