Submit to FacebookSubmit to Google PlusSubmit to TwitterSubmit to LinkedIn

 

الدستور الالهي لمعاملة الزوجات

 

بقلم: سامي يعقوب

 

للمزيد من هذه السلسلة:

الدستور الإلهي لمعاملة الزوجات ١          الدستور الإلهي لمعاملة الزوجات ٢     الدستور الإلهي لمعاملة الزوجات ٣

 

    الدستور الإلهي لمعاملة الزوجات ٤          الدستور الإلهي لمعاملة الزوجات ٥      الدستور الإلهي لمعاملة الزوجات ٦

 

الدستور الإلهي لمعاملة الزوجات ٧


     عندما نتحدث عن العلاقة بين الزوج والزوجة، لا بد أن نأخذ في الاعتبار المفاهيم السائدة عن الزواج في البيئة التي نعيش فيها. موقفنا وفهمنا لدور الزوج والزوجة في الزواج قد لا يتفق بالضرورة مع فكر الله عن هذه الأدوار.. فالكثيرون يقتصر انتماؤهم للإيمان المسيحي على المسجل في خانة الديانة ببطاقة الرقم القومي، وفي الواقع يعيشون بحسب هُوية الثقافة السائدة في المجتمع، أو العالم من حولنا.. وهم لا يدرون أن سبب افتقادهم للبهجة في زواجهم هو أن ما يحكم توجهاتهم الفكرية، وبالتالي أسلوب حياتهم، لا يتفق بأي حال مع المقاييس الكتابية للسعادة الزوجية. قال أحد آباء الكنيسة: "إذا سلك الزوجان في بيتهما وفقًا لكلمة الله فإن الملائكة إذا أتت وسكنت فيه فلن تجد الجو غريبًا عليها!"

     لقد أراد الله للزواج من البدء أن يكون من أجل الفرح والشبع المتبادل بين الزوجين، وعندما خلق المرأة قال إنها ستكون مُعينة لزوجها. كلمة «معين» هنا لا تعني بأي حال «الخدّامة المنزلية»، بل تعني «السند القوي»، «الرفيق»، «الشريك»، وبلغة العصر تعني «أنتيم الروح والجسد». وعندما أوصى الرسول بولس النساء بأن يخضعن لرجالهن كما للرب، لم يكن يقصد أن يهيمن الزوج على زوجته، أو يعاملها مثل العبد.. وبقية حديثه تؤكد ذلك؛ لأنه يطلب من الزوج أن يكون على استعداد للتضحية بحياته من أجلها، إذا لزم الأمر، كما فعل المسيح من أجل الكنيسة (عروسه). لم ينتظر المسيح من الكنيسة أن تقول له "أحبك" أولاً، بل أخذ هو زمام المبادرة وأحبها أولا!

 

     واحدة من أكبر المآسي في البيوت المسيحية اليوم هي فشل الرجل في التعبير عن محبته تجاه زوجته، وهذا الفشل غالبًا ما ينبع من افتقاره للعلاقة مع الكلمة المقدسة، والجهل بكيفية ممارسة الإيمان عمليًا في العلاقة مع زوجته. إن الفشل في العيش بحسب مقاييس كلمة الله يسلبنا فرصة أن نتمتع بزواج يفيض بالفرح والسعادة التي قصدها الله.

     لقد كان لدى الرسول بولس ما يقوله للأزواج أكثر من الزوجات.. في الإصحاح الخامس من رسالته إلى كنيسة أفسس، وضع أمام الرجال مقياسًا رفيعًا جدًا للمحبة: «أيها الرجال، أحبوا نساءكم كما أحب المسيح أيضًا الكنيسة وأسلم نفسه لأجلها» (ع ٢٥). لقد رفع مستوى المحبة في الزواج إلى أرفع مستوى ممكن من المحبة عندما شبَّه العلاقة بين الزوجين كالعلاقة بين المسيح والكنيسة. وإذا أخذنا وصية الرسول بولس في قرينتها التي قيلت فيها؛ يمكننا أن نطلق على الإصحاح في مجمله: «الدستور المسيحي لمعاملة الزوجات»!

     في الأعداد التي تسبق الوصية الذهبية لمحبة الزوج لزوجته، يطلب الله منا جميعًا أن نتمثل به في محبته لنا، فنسلك مع زوجاتنا على مثال محبته (ع ١ و٢)، وألا نخون عهد زواجنا؛ لأن الزنا بالجسد، وكذلك الفسق والفجور (كما في متابعة الميديا الإباحية) لا يليق بالرجل المسيحي (ع ٣). ثم ينتقل بولس إلى أسلوب الحديث عن الجنس والحميمية، فيقول: «لا تستخدم الكلام القبيح، وكلمات السفاهة والهزل (النكات القبيحة)؛ لأن هذا لا يليق بالرجل المحترم» (ع ٤). ثم يحذر من تأثير القيم والأفكار الدنيوية: «لا يخدعك أحد بكلام العالم الباطل (عن المرأة)» (ع ٦)، و«اسلك كابن للنور».. أي تعامل مع زوجتك بشفافية؛ لأن الذي يعمله المرء في الخفاء عادة يخجل حتى من ذكره (ع ٨- ١٢). «لتكن اختياراتك بتعقل، واغتنم الفرص المتاحة لدعم علاقتك مع شريكة حياتك قبل أن تمضي الأيام سريعًا؛ فهذه مشيئة الرب» (ع ١٥- ١٧).. «لا تسكر بالخمر لأنها تفقدك قدرتك على التمييز، وتخرب بيتك» (ع ١٨). عندئذ يمكنكما كزوجين أن «تعبدا الرب معًا يوميًا بقراءة الكلمة والتسبيح والصلاة، وهذه العادة تأتي بالسماء إلى بيتك» (ع ١٩- ٢١). وفي بقية النص يأمر الرسول الزوج بأن يحب زوجته ثلاث مرات (ع ٢٥، ٢٨، ٣٣).

 

     الملاحظ أن الرسول لا يقول أن يحب الرجل زوجته عندما تتحقق فيها شروط خاصة- ربما مرتبطة بالجمال الجسدي، أو عدم تكرار الطلبات، أو غيرها مما ترغب فيه كزوج! كلمة الحب المستخدمة هنا هي «آجابي»، وهي نفس الكلمة المستخدمة للتعبير عن محبة المسيح للكنيسة. الحب غير المشروط للزوجة هو الحب بغض النظر عن أي شيء.. نفس الحب الذي ملأ كيانك عندما انبهرت بها في بداية العلاقة. إنه الحب الذي يجعلك تعاملها اليوم بنفس الطريقة التي كنت تتعامل بها معها عندما شعرت بأنك محظوظ لأنها قبلتك زوجًا لها!

 

     تُحكى قصة عن زوج مستبد، اتفق مع زوجته عند زواجهما بالالتزام بمعايير صارمة في التعامل معه وخدمته.. فكان على المسكينة، لكي تتعايش معه، أن تفعل كل ما يأمرها به بدون اعتراض. ومع مرور الوقت، أصبحت تكرهه بقدر ما كانت تكره قائمة القواعد واللوائح الخاصة به. وفي يوم من الأيام، مات هذا الزوج بدون مقدمات. ومع أن وقع مفاجأة الموت كان صعبًا عليها كشابة في مقتبل العمر، إلا أنه كان رحمة بالنسبة لها!

 

     بعد فترة، تقدَّم للزواج منها رجل آخر أحبته وتزوجته، وعاشت معه في سعادة ورضا! كان زوجها الجديد يحبها بإنكار للذات، ويهتم بسعادتها، ويعمل على راحتها. أما هي فقد كرست نفسها بالكامل بفرح وبكل رضى لسعادته ورفاهيته.

     وذات يوم، بينما كانت هذه الزوجة ترتب بعض الأوراق، وجدت ورقة كان زوجها الأول قد سجَّل بها قائمة بالمسموحات والممنوعات التي كان يفرض عليها القيام بها في علاقتهما كزوجين. ولشدة دهشتها وجدت أنها تفعل من أجل زوجها الحالي كل الأشياء التي كان يطلبها زوجها الأول رغم أنه لم يسبق له أن اقترح أو طلب أيًا منها ولو مرة واحدة.. فهي تفعل كل هذا تعبيرًا عن حبها له، ولرغبتها في إسعاده. لقد كان يحبها بمقياس «آجابي»!

 

     اشكر الرب كل يوم على زوجتك؛ لأنها هديتك الخاصة التي أعطاها الله لك ليعطي معنى وبركة لحياتك ولحياة أبنائك.. «استيقظ أيها النائم (الزوج الغافل)، وقم من الأموات (انفض عنك غبار الثقافة المحيطة)، فيضيء لك المسيح (يبارك بيتك وحياتك)» (أفسس ٥: ١٤).     


 

(نُشر بجريدة وطني بتاريخ ٢٢ أغسطس/آب ٢٠٢١)

 

Copyright © 2021 Focus on the Family Middle East. All rights reserved.