Submit to FacebookSubmit to Google PlusSubmit to TwitterSubmit to LinkedIn

 

الدستور الالهي لمعاملة الزوجات ٢

بقلم: سامي يعقوب

 

للمزيد من هذه السلسلة:

 

الدستور الإلهي لمعاملة الزوجات ١         الدستور الإلهي لمعاملة الزوجات ٢     الدستور الإلهي لمعاملة الزوجات ٣

 

الدستور الإلهي لمعاملة الزوجات ٤         الدستور الإلهي لمعاملة الزوجات ٥    الدستور الإلهي لمعاملة الزوجات ٦

 

الدستور الإلهي لمعاملة الزوجات ٧


من أكثر الأسئلة غير المألوفة التي يمكن أن تُوجَّه لزوج، خاصة في الدوائر الكنسيّة: "هل تتحكم في زوجتك وتعاملها بأسلوب من خلاله تضغط عليها لتجعلها تتصرف وفقًا لإرادتك؟ هل تجبرها أحيانًا على فعل أو قول شيء ما ضد إرادتها؟ هل تستخدم معها أي عنف جسدي، أو ضغوط معنوية لترغمها على قبول ما ترفضه لأسباب لديها؟" لا شك أن الانكار، صدقًا أو تزويغًا، هو الإجابة الأغلب على مثل هذه الأسئلة الصعبة، والتي يهرب البعض من الإجابة عليها بسبب الحرج، وآخرون يرفضون الإجابة بحجة أنها تمثل تدخُّلاً في الحياة الشخصية!

 

قد يعتقد البعض أن الطريقة التي يتحدث أو يتعامل بها مع زوجته طبيعية ولا عيب فيها، بينما هي في الواقع تسيئ إليها وتؤذيها. والحديث هنا ليس فقط عن ضرورة المعاملة المتحضرة مع الزوجة، لكن بالأحرى عن المعاملة التي لا تتفق مع ما يريده الرب من كل زوج مسيحي. ولعله من الصعب على البعض معرفة ما إذا كانت طريقة معاملته مع شريكة حياته متحضرة ومسيحية أم لا بسبب قلة المعرفة أو البصيرة اللازمة لمعرفة ذلك. كما أن آخرين قد يعتقدون أن سلوكهم مع زوجاتهم "طبيعي" بسبب نشأتهم في بيئة تسودها معاملة الزوجات بقسوة، ومن هنا لا يرون عيبًا في معاملة زوجاتهم بنفس الأسلوب!

 

إن كنت زوجًا، قبل أن تغضب، أو تأخذ موقفًا دفاعيًا من الأسئلة التالية، أرجوك أن تتوقف أمامها بهدوء، وتفكر بصدق مع نفسك: أي منها يكشف لك عن سلوك تظنه طبيعيًا، مع أنه يهين زوجتك ويسيئ إليها، وفي نفس الوقت يسلب زواجك بهجة غائبة عنه تتمنى أن تتمتع بها في أسرتك؟ أما إذا كنتِ زوجة، وشعرتِ أن الأسئلة تُعبر عن بعض ما يحدث معك فأنتِ ضحية، ولا بد أن تطلبي المساعدة من متخصص.. وسأعود للحديث إليكِ في مرة قادمة.

 

هل تحدد لزوجتك مَنْ يمكنها أو لا يمكنها التحدث أو التواصل معه، وتمنعها من رؤية أحد أفراد العائلة المقربين، أو أصدقاء لها مَمْن لا يروقون لك؟ هل تطلب منها إخبارك عن كيفية قضاء وقتها، وفي ماذا فكرت، أو مع مَنْ تحدثت؟ هل تصرخ في وجهها بشكل متكرر، وتجبرها على الاستماع، بلا مقاطعة، إلى خطبك وقائمة تعليماتك؟ هل تنتقدها طوال الوقت.. تنتقد طريقة كلامها، أو اختيارها لملابسها؟ هل توبخها وتعنفها أمام أبنائك، و"تستخف بدمك" بإلقاء النكات التي تقلل من قيمتها أمام الآخرين؟ هل تتهمها دائمًا بالغباء، وتضخم من عيوبها، حتى لو كانت بسيطة؟ هل تغضب بشكل غير منطقي إذا لم ترد على هاتفك فورًا، وتتهمها بأنها بعيدة عن الحياة الواقعية؟

 

هل تحاسبها بالمليم عن كل مبلغ من المال يصل إليها، وتحتفظ بجميع البطاقات المصرفية باسمك، ولا تترك معها أي مصروف؛ بل لا بد أن تطلب منك باستمرار أي نقود يحتاجها البيت أولاً بأول؟ هل تتخذ قرارات مهمة تخص تجارتك، وظيفتك، مدارس الأبناء، تغيير محل السكن، وما إلى ذلك من قرارات تتعلق بحياتكما معًا، دون أن تتحدث معها أو تستشيرها؟

 

هل تجعلها تعتقد أن كل شيء لم يسر بحسب ما تريد أو تتوقع هو خطأها، وتلقي باللوم عليها إذا حدث خطأ ما بسبب أشياء صغيرة لا علاقة لها بها؛ فهي دائمًا المسؤولة عن حدوث كل المشاكل، ولا تعترف أبدًا أنها تفعل شيئًا صحيحًا؟ هل تستخدم آيات من الكتاب المقدس لتقنعها أنها مخطئة، وأن اختلافها معك في الرأي يعني مخالفة إرادة الله؟!

 

هل تستخدم معها، ولو أحيانًا، أي شكل من أشكال الإيذاء الجسدي عندما تغضب منها؟ هل تستغلها جنسيًا دون مراعاة لمشاعرها، أو تضغط عليها لقبول أشياء في علاقتكما الحميمية لا تشعر هي بالراحة تجاهها، أو تعتقد أنها آثمة؟

 

إن شريكة حياتك تستحق منك التقدير والاحترام، والسلوك المسيء غير مقبول أو مبرر من كل زوج يريد أن يحيا حياة ترضي الرب، ويحرص على ألا تعاق صلواته. فإن كانت إجابتك على بعض هذه الأسئلة «نعم»، لا تنزعج أو تتضايق؛ فهذه دعوة لك اليوم أن تأتي بتواضع وتوبة أمام إلهك، وتسمح للروح القدس أن يُحدث تغييرًا في حياتك الشخصية، فتتوقف عن فعل ما يسيئ لزوجتك، فيعود السرور والسلام والمحبة إلى بيتك وزواجك.

 

أحد النصوص الكتابية التي تؤكد بشكل مباشر أن الله لم يقصد أبدًا أن يتحكم أي شخص في شخص آخر، بما في ذلك تسلط الزوج على زوجته وتحكمه فيها، هو ما قاله الرب يسوع لتلاميذه عندما أراد أن يعلّمهم أن المعنى الحقيقي للعظمة والقيادة ليس في السلطة التي تجعل الشخص يتحكم في الآخرين، بل في خدمتهم: «فدعاهم يسوع وقال لهم: أنتم تعلمون أن الذين يُحسبون رؤساء الأمم يسودونهم، وأن عظماءهم يتسلطون عليهم، فلا يكون هكذا فيكم. بل مَنْ أراد أن يصير فيكم عظيمًا، يكون لكم خادمًا، ومَنْ أراد أن يصير فيكم أولاً يكون للجميع عبدًا؛ لأن ابن الإنسان أيضا لم يأتِ ليُخدم، بل ليخدم وليبذل نفسه فدية عن كثيرين» (مرقس ١٠: ٤٢٤٥).

 

إن الإساءة للزوجة ليست محدودة فقط في نسختها الجسدية، لكنها قد تكون في صورة أسوأ أحيانًا إذا كانت معنوية ونفسية. الإيذاء الجسدي أكثر وضوحًا، لكن الأشكال الأخرى للإساءة لا تزال مدمرة جدًا لزواجك تمامًا مثل العنف البدني؛ لأنها تقوض الثقة والتواصل والرابطة التي توحدك في علاقة خاصة جدا مع زوجتك.. علاقة اسمها «الزواج».

 

وإلى بقية الحديث في المرات القادمة.

 


(نُشر بجريدة وطني بتاريخ ٥ سبتمبر/تشرين الأول ٢٠٢١)

 

Copyright © 2021 Focus on the Family Middle East. All rights reserved.