Submit to FacebookSubmit to Google PlusSubmit to TwitterSubmit to LinkedIn

 

الدستور الالهي لمعاملة الزوجات ٥

بقلم: سامي يعقوب

 

للمزيد من هذه السلسلة:

 

الدستور الإلهي لمعاملة الزوجات ١      الدستور الإلهي لمعاملة الزوجات ٢      الدستور الإلهي لمعاملة الزوجات ٣

 

الدستور الإلهي لمعاملة الزوجات ٤        الدستور الإلهي لمعاملة الزوجات ٥      الدستور الإلهي لمعاملة الزوجات ٦

 

الدستور الإلهي لمعاملة الزوجات ٧

 


تحت عنوان «اتحدوا ضد العنف» يقود أنطونيو جوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة حملة منذ عام ٢٠٠٨ تهدف لإنهاء العنف المسلط على النساء بحلول عام ٢٠٣٠، وتمتد فعاليات هذه الحملة الأممية لمناهضة كل أشكال العنف ضد المرأة من ٢٥ نوفمبر وحتى ١٠ ديسمبر من كل عام، اليوم العالمي لحقوق الإنسان. وفي هذه المناسبة الأممية، قال: "إن العنف ضد النساء لا يزال من أكثر قضايا حقوق الإنسان انتشارًا، وهو جريمة بغيضة، وله عواقب بعيدة المدى على ملايين النساء في كل ركن من أركان العالم."

 

حول ظاهرة ممارسة العنف ضد المرأة في بلادنا، أجرى الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء دراسة، نشرتها «مجلة السكان» منذ فترة، جاءت فيها أرقام تبعث على الفزع. تقول الدراسة إن ٤٢٪ من النساء في مصر يتعرضن للعنف من قِبل أزواجهن، و٣٧٪ من إجمالي النساء اللاتي يتعرضن للعنف على يد الأزواج أُميات، و٣٥٪ من النساء يتعرضن للعنف البدني، و٤٧ ٪ يتعرضن للعنف النفسي، و١٤٪ يتعرضن للعنف الجنسي، و٨٦٪ من النساء اللاتي تعرَّضن للعنف يعانين مشكلات نفسية. في ضوء هذه التصريحات والإحصاءات، فإن العنف ضد المرأة مظلة واسعة تضم تحتها أشكالاً متنوعة من الممارسات غير الإنسانية أو المتحضرة، والتي لا تتفق بأي حال مع الكيفية التي يريدنا الله أن نعامل بها نساءنا.

 

سؤال صعب يتجنب الكثيرون إثارته، أو محاولة الإجابة عليه: "هل يوجد عنف ضد المرأة في المجتمعات الكنسيّة؟" ويتبعه تساؤل محرج آخر: "إن كان العالم اليوم يؤثم العنف ضد المرأة، ألا يجب أن تبادر الكنيسة بإعلان أن العنف الأسري خطية لا بد أن نعترف بها، ونتوب عنها؟" إن الصمت المحيط بالعنف الأسري يؤثر علينا جميعًا كمجتمع وكنيسة، لأنه يتسبب في الموت المعنوي لمن خلقهن الله على صورته، تمامًا مثلما خلق الرجال. نحن نجلس في الكنائس وبيننا أخوات ننكر أو نتجاهل حقيقة أنهن مصابات جسديًا، ومجروحات نفسيًا؛ ونادرًا ما نسمع عظة تفضح شر العنف ضدهن، وكأنه سر لا يريد أحد أن يتحدث عنه!

 

المرأة في الكنيسة هي نفسها المرأة التي في المجتمع، والأسباب التي تؤدي إلى التوجه الخاطئ للسيادة الذكورية على النساء، والإساءة إليهن، ومعاملتهن بقسوة وعنف، لا تختلف في داخل الكنيسة عما هي عليه خارجها.. إنها الخطية في أحد أبشع صورها التي تشوه حكمة وروعة القصد الإلهي لخلقه الإنسان ذكرًا وأنثى، دون أن يعطي أحقية هيمنة الواحد على الآخر.

 

إن حديث الرسول بولس عن أن الرجل رأس المرأة وعن خضوع الزوجة لرجلها (أفسس ٥: ٢٢- ٢٣) لا يقلل أبدًا من قدر المرأة، ولا يعني أن الخضوع يسمح بالقمع والظلم، بل يؤكد أنه على الزوج إدراك القيمة التي يعطيها الله للمرأة، ومسؤوليته أن يهتم بها، ويحترمها ليتمم مشيئة الله في حياته.

 

سألت العديد من الأشخاص عما إذا كانوا قد سمعوا عظة أو تعليمًا في كنائسهم يتناول بشكل مباشر قضية العنف الأسري، ولم أحصل على إجابة واحدة تقول إن أيًا منهم قد سمع بالقريب أو البعيد عن هذا الموضوع.. لا في العظات الأسبوعية، ولا في الخدمات التي تقدم في اجتماعات الأسرة، أو برامج إعداد المخطوبين للزواج!

 

ربما الاعتراف بأن الإساءة للمرأة تحدث داخل مجتمع الكنيسة يؤلمنا أكثر من ألم إدراكنا بوجود هذا السلوك في العالم. لكن العنف ضد المرأة حقيقة سائدة ومدمرة، ولا يمكننا أن نبقى صامتين أو غير مبالين بينما نعرف أن أخواتنا في جسد المسيح يُعتدى عليهن في السر، وأحيانًا في العلن. فهل حان الوقت لتتصدى الكنيسة لهذا الشر؟

 

إن تصميم الله للزواج هو اتحاد أساسه حب وتراحم غير محدودين بين زوج وزوجة تربطهما علاقة عهد يُلزم الرجل ليس فقط بتوفير الاحتياجات المادية لزوجته، بل بالأحرى أن يحترم آدميتها جسديًا، وعاطفيًا، ونفسيًا إلى أبعد الحدود. لذلك، فالرجل الذي يتجاهل احتياجات شريكة حياته، ويسيء معاملتها، ينقض عهد الزواج الذي قطعه على نفسه أمام الله، وبشهادة الأهل والأصدقاء في يوم زفافه.

 

«أريد أن يصلي الرجال في كل مكان، رافعين أيادي طاهرة، بدون غضب ولا جدال» (١تيموثاوس ٢: ٨).. لعل هذا النص يحذر الرجال الذين يؤذون زوجاتهم بأن أياديهم غير طاهرة، ولا يمكنهم أن يرفعوها في العبادة! بالتالي، ما دامت أياديهم غير طاهرة، وقلوبهم مملوءة بالغضب والجدال لا يمكنهم التقدم للتناول من الأسرار المقدسة.. «ليمتحن الإنسان نفسه، وهكذا يأكل من الخبز ويشرب من الكأس؛ لأن الذي يأكل ويشرب بدون استحقاق يأكل ويشرب دينونة لنفسه» (١كورنثوس ١١: ٢٨- ٢٩).

 

واضح أن التعدي بالضرب على الزوجة خطية مثل باقي الخطايا التي تعيق صاحبها عن التوحد بالرب يسوع بالتناول.. لكن على سبيل الاستثناء، إذا نصحت الكنيسة المتعبدين بالإعلان: "مَنْ أساء إلى زوجته لا يتقدم للتناول، بل عليه أن يذهب أولًا ويصطلح معها، ثم يأتي ليعترف بخطيته، ويتناول من جسد الرب ودمه"، قد تكون هذه النصيحة "نوبة صحيان" توقظ الضمير المسيحي لكل مسيء ليعبد الرب بأيدٍ طاهرة.

 

     يقول أمين عام الأمم المتحدة: "التغيير أمر مستطاع، وقد حان الوقت لمضاعفة جهودنا حتى نتمكن معًا من القضاء على العنف ضد النساء!" وتقول كلمة الله: «غير المستطاع عند الناس مستطاع عند الله» (لوقا ١٨: ٢٧)؛ لأن «الله هو العامل فيكم أن تريدوا وأن تعملوا من أجل المسرة» (فيلبي ٢: ١٣).

وإلى بقية الحديث في المرات القادمة.


(نُشر بجريدة وطني بتاريخ ١٢ ديسمبر/كانون الأول ٢٠٢١)

 

Copyright © 2021 Focus on the Family Middle East. All rights reserved.