Submit to FacebookSubmit to Google PlusSubmit to TwitterSubmit to LinkedIn

 الدستور الالهي لمعاملة الزوجات ٦

بقلم: سامي يعقوب

للمزيد من هذه السلسلة:

الدستور الإلهي لمعاملة الزوجات ١        الدستور الإلهي لمعاملة الزوجات ٢     الدستور الإلهي لمعاملة الزوجات ٣

الدستور الإلهي لمعاملة الزوجات ٤         الدستور الإلهي لمعاملة الزوجات ٥     الدستور الإلهي لمعاملة الزوجات ٦

الدستور الإلهي لمعاملة الزوجات ٧

                        


تُرى ما هو المنظور المسيحي للاغتصاب الزوجي؟ قد يبدو هذا السؤال غريبًا؛ لأن الحديث عن هذا النوع من السلوك جديد نسبيًا في مجتمعنا، والبعض يظن أن الاغتصاب جريمة تقع خارج نطاق الزواج فقط، في حين أن ما يسمى الاغتصاب الزوجي هو ما يحدث أيضًا في الواقع كأحد أشكال العنف ضد المرأة داخل إطار الزواج. على أية حال، لقد أُثير النقاش حول الموضوع في وسائل الإعلام، وأعتقد أنه من الجيد طرحه للحوار في دوائرنا الكنسيَّة من أجل ترميم علاقات زوجية تحطمت، أو كادت أن تتحطم، بسبب تصرفات جنسية لم تقبلها الزوجة.

 

تاريخيًا، كان يُنظر إلى الجنس على أنه شيء يرغب فيه الأزواج كل الوقت، وعلى الزوجة الخضوع لرغبة رجلها دائمًا. ولعل هذا الاعتقاد لا يزال سائدًا في الكثير من المجتمعات الشرقية حتى الآن، وإن لم يصرح به علنًا. لكن هل عقد الزواج المسيحي يشمل موافقة ضمنية من الزوجة على ممارسة الجنس في أي وقت، وبالأسلوب الذي يريده الزوج؟! بالتأكيد لا!

 

الاغتصاب الزوجي يحدث عندما يُجبر الرجل زوجتهعلى الانخراط في نشاط جنسي غير راغبة فيه، أسلوبًا وتوقيتًا.. هو الجنس غير الرضائي الذي يحدث في إطار علاقة الزواج عن طريق العنف أو التهديد بالعنف، أو باستخدام أساليب أخرى من الإكراه. أحيانًا لا يتعلق الاغتصاب بالجنس في حد ذاته، بل يستخدم كوسيلة لقهر الآخر وإذلاله، خاصة عندمايتم على أنه "جنس للمصالحة" بعد عنف جسدي ضد الزوجة أو مشادة لفظية أهانتها. وعندما يتكرر هذا النوع من الاغتصاب الزوجي، من المرجح أن يتحول إلى نمط للعلاقة الحميمية بين الزوجين، وتكون نتيجته ضحية مغلوبة على أمرها تعاني من تحديات عاطفية ونفسية، تؤثر بالسلب ليس على الزوجين فقط، بل على الأسرة بأكملها.

 

في حين أن الكتاب المقدس لا يتناول بشكل مباشر هذه المشكلة، إلا إنه لديه الكثير ليقوله عن العلاقة بين الزوج والزوجة كما يريدها الله. ومع ذلك، بعض المقاطع الكتابية تستخدم خارج قرينتها لدعم وجهة النظر الخاطئة القائلة بأن الزوجة لا يمكنها أبدًا إخبار زوجها بأنها تريد تأجيل ممارسة الجنس معه لبعض الوقت؛ والزوجات لا بد أن يوافقن دائمًا على ممارسة الجنس، وخضوعهن لا يكتمل إلا في غرفة النوم!

 

من بين النصوص التي يُساء تفسيرها: «ليُوفِ الرجل المرأة حقها الواجب، وكذلك المرأة أيضًا. ليس للمرأة تسلط على جسدها، بل للرجل، وكذلك الرجل أيضًا ليس له تسلط على جسده، بل للمرأة. لا يسلب أحدكم الآخر، إلا أن يكون على موافقة، إلى حين، لكي تتفرغوا للصوم والصلاة، ثم تجتمعوا أيضًا معًا لكي لا يجربكم الشيطان لسبب عدم نزاهتكم» (١ كورنثوس ٧: ٣- ٥). يتحدث بولس الرسول بوضوح هنا عن علاقة تبادلية وليست سلطوية أو قهرية؛ فعلى الزوج والزوجة أن يعطيا كل منهما الآخر حقوقه الجنسية؛ ولا يجب لأحدهما أن يحرم شريك حياته جنسيًا لأنهما ينتميان إلى بعضهما البعض. ما يقوله بولس عن أن جسد الزوجة ملك للزوج، وجسد الزوج ملك للزوجة، في لغته الأصلية يشير إلى العطاء الإرادي للنفس وليس الأخذ بالقوة، الذي هو الاغتصاب. إن أخذ ما لا يُقدم طواعية بالقوة مخالف لأوامر الكتاب المقدس بشأن الحب والزواج، وهذا يعني أن الزوج لا يستطيع أن يفرض نفسه على زوجته في أي وقت يشاء.

 

كيف يمكنك أن تظل مخلصًا جنسيًا لزوجتك بينما لا تحصل على الاتصال الجنسي الذي تحتاجه؟ وكيف تتعامل مع مشاعر الرفض والإحباط؟ إذا كُسرت الثقة بينكما بسبب تصرفات جنسية رفضتها زوجتك، فأصبحت لا تبادلك الرغبة في العلاقة الحميمية، فأنت بحاجة لأن تراجع نفسك، وتقيِّم علاقتك مع شريكة حياتك لإعادة بناء ما قد هُدم. لا يقلل من قدرك أن تطلب المشورة من متخصص ليساعدك أن تتعرف على جذور المشكلة، ويأخذ بيدك للتغلب على مشكلتك؛ فلا شيء مستحيل لمن يتبع مشورة حكيمة وتفكير متأنٍ. لا تخجل من الإجابة على الأسئلة الصعبة التي قد يطرحها عليك المشير الذي تذهب إليه؛ فمواجهة النفس بصدق هي نصف الطريق للحل والشفاء.

 

قد يستغرق إصلاح العلاقة وقتًا طويلاً، فلا تستعجل التجاوب السريع منها؛ لأنها تحتاج أن تثق من جديد أنك تُقدرها كإنسانة بكامل شخصيتها، وليس للحصول عليها والتمتع بها جسديًا فقط. "الثقة تُبنى ببطء، وتهرب على ظهر حصان"؛ لذلك فإن استعادتها تتطلب صبرًا ومجهودًا، والأمر يستحق أن تعطيه الوقت والجهد حتى تتغير الأمور بينكما.

 

الاعتراف بالخطية لا يعني مجرد الإقرار بالخطأ، بل الرغبة بصدق في قبول عمل الله في حياتك لتتغير.. فالتوبة في أحد معانيها هي تغيير الاتجاه. بينما تصلي من أجل شفائك، وإصلاح علاقتك مع زوجتك، ثق في أن الله لا يخذل مَنْ يأتي إليه بقلب منكسر ومنسحق ليغفر خطيته؛ فهو بنعمته يشفي آلام الماضي، ويعطي الرجاء بمستقبل جديد.. «إن اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل، حتى يغفر لنا خطايانا ويُطهرنا من كل إثم» (١يوحنا ١: ٩).

 

الله لا يتغاضى عن الاغتصاب الزوجي؛ لأن قصده للجنس من البدء أن يكون نبعًا متجددًا للسعادة والشبع المتبادل بين الزوجين، وممارسة للتعبير الأعمق عن المحبة توحد بينهما، ولا ينبغي أبدًا أن يكون العنف أو الإكراه جزءًا منها.. «أيها الرجال، أحبوا نساءكم ولا تكونوا قُساة عليهن» (كولوسي ٣: ١٩).


(نُشر بجريدة وطني بتاريخ ٢٣ يناير/كانون الثاني ٢٠٢٢)

 

Copyright © 2022 Focus on the Family Middle East. All rights reserved.